أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - لا وجود لداخلٍ أو خارج بشكلٍ مطلق















المزيد.....

لا وجود لداخلٍ أو خارج بشكلٍ مطلق


عبدالكريم كاصد

الحوار المتمدن-العدد: 3095 - 2010 / 8 / 15 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


أجرى االحوار: عبدالعزيز لازم- طريق الشعب

ما بين الشعر والفلسفة يتمثل الشاعر نفسه، يقطن بيت العقل ليؤسس البنية التحتية للحقيقة، ثم ينطلق الشعر، يرتجل النبوءة، يمارس حرفة انتقاء الحقائق الخلابة ليمنحها الحياة والتمدد في جوف الحكمة. إنه صوت ملون موجه للآتين من (سامعي الصوت). حين ساح عبد الكريم كاصد مع ناقته في قفر البادية الجنوبية مطلوبا من الطغيان عام 1979، تأبط شط العرب واختزن الضوع المجيد تحت جناحيه، ثم ترسّم خطا سلفه امريء القيس حين انطلق نحو البلاط البعيد باحثا عن اداة التغيير بعد أن اودع ذخيرته لدى يد تمثلتها الأساطير.
لكن عبد الكريم كاصد لم يبك بين (الدخول فحومل) بل بكى بين الخروج وروح النخيل بعد أن اودع (النقرعلى ابواب الطفولة) لعدد من مريديه مناشدا الحفاظ على الشغف العميق الذي هو من أوتاد الشعر، الطفولة ساحرة الشاعر ومرتكن اسراره والمتمسك بأوتارها بقيت ساخنة في جوانحه وبقي هو يتغذى منها كي يكون قادرا على رؤية الضوء خلف التلال رغم الضباب ويحث من غشيهم ظلام القهر على مشاركته تلك الرؤية. عبد الكريم كاصد ابن البصرة الجريحة المنتظرة على حافة الخليج قد عاد من بلاد المنفى ضيفا على دكته في (صبخة العرب) كي يواصل التبشير برؤيته في حلول موسم الربيع في جميع تضاريس بلاد النهرين. سعينا الى لقائه هناك على هامش المربد الأخير وكان كريما كعادته وكان لنا معه الحوار التالي:

1- الوطن، هل يمكن أن ينقسم من حيث المعنى؟ العديد ممن عادوا من المنفى شعروا بنوع من الغربة في وطنهم، حتى أنتم أشرتم في إحدى المناسبات إلى تجربة شخصية مماثلة حول وجود تنافر متبادل بين المدينة الأولى والمنفى؟ كيف تنظرون إلى المشكلة؟

* لا أدري إن كان الوطن قابلاً للانقسام ، ولكن ما أعرفه أن الوطن قد يكون غربة لا للمنفيين وحدهم وإنما للمقيمين فيه أيضاً حين يكون مكاناً محضاً.. مكاناً مكروراً بلا تاريخ ولا علاقات يكون فيها المواطن فاعلاً مؤثّراً، إن لم نقل، مغيّرا لمصيره ومصير المكان ذاته. لم تعد تعنيني غربتي وحدها بل غربة الآخر المقيم الذي لا أعتقد أنّه يتقبّل واقعاً يشهد الآن تراكماً في كلّ شئ ابتداءاً بالمزابل التي تكاد تلتهم المدن ذاتها وانتهاءً بتراكم البشر والأشياء حيث الحاضرٍ لا يشير إلى أيّ تغييرفعليّ غير ما تفرضه الضرورة التاريخية لمسيرة مجتمع ما.
مَنْ لا يشعر بالغربة إزاء واقع كهذا يتذمر منه حتى المنتفعون؟
صحيح ثمة تحسن في أحوال بعض فئات المجتمع، الوسطية منها خاصة، غير أنّ هذا التحسن يبقى محدوداً إن لم يشمل المجتمع والمدينة معاً باعتبارهما تجلياً لوعيٍ حضاريّ قائم. يخيّل لي كأن بعض المدن العراقية، ومثالها البصرة، مقبلة على كارثة بيئية .. مدن تحتضر .. تموت ببطء ، وحين تمتدّ فكأنها المريض يمتدّ على سريره.
أين ترى يفضي بنا مثل هذا الوضع؟
ليس ما أطرحه غربة ذاتية وإنما هي غربة جماعية لا أتخيل هناك من هو مسرور في داخل هذه المآتم إلاّ المنتفع البليد الأعمى.
ليس غربة ما أحس بها حين أزور وطني فأنا محاط بمحبة الآخرين وصحبتهم الدائمة، ولكن غربتي الحقيقية هي إحساسي بغربة مواطنيّ أنفسهم... غربة لا فكاك منها في هذا الواقع المريع الذي لا يشهد تبديلاً، إن لم نقل إنه واقع مهدّد ومن يهدده برابرة ليسوا بعيدين عنّا، وإن قدموا فلن يأتوا من مكان آخر بل من المكان ذاته ... شعور مريع باعث على التوجس في أية لحظة.


2- كيف تنعكس تجربة المنفى على الإبداع والشعر بخاصة؟ وهل هذا الواقع التاريخي يشكّل منطلقاً للحديث عن أدب الداخل وأدب الخارج؟

* لا أجد علاقة وثيقة بين شقّي السؤال، فكلّ غربة حقيقية في المنفى أو غير المنفى لابدّ أن تنعكس في الفن بشكل أو بآخر. وهذا لا علاقة له بما تردّد من مصطلح (أدب الداخل وأدب الخارج) حيث أصبح الداخل والخارج من التداخل أو التخارج ما يجعل استخدام المصطلح نافلاً (وهذا ما أشارت إليه دراسات عديدة منها دراسة شهيرة لدريدا)، فما معنى الداخل لأدباء منفى يتنقلون بين عمان وبغداد؟ وما معنى الخارج لأدباء منفى جاءوا موظفين ليقيموا أشهراً أو سنوات في وطنهم؟ بل ماذا يعني الداخل لأدباء لا علاقة لهم بالداخل إلا عبر ارتباطهم بمؤسسات رسمية هي ذاتها عاطلة أو شبه عاطلة؟.
لا وجود لداخل أو خارج في الأدب بشكل مطلق، وإذا ما تناولنا هذا المصطلح في حدود تجربتنا فإننا سنجد أن الوطن قد يحضر لدى المنفيّ بوتيرة أشدّ مما لدى المقيم، وقد يكون العكس وهذه المسألة نسبية تماماً وذات علاقة بما هو خاص وليس بما يتضمنه المصطلح من عام.
هل كان بعثيو النظام السابق أشدّ ارتباطاً منا، نحن المنفيين، بالوطن بسبب إقامتهم في الداخل؟ وهل كان الوطن بعيداً عنّا يوماً ما ؟ كيف نقتنع بأن الوطن أصبح أقرب إلى المقاولين من الأدباء ومقاولي المشاريع الثقافية الأخرى ممن وجدوا مواقع لهم في هذا الوطن الذي يتسع لكلّ سماسرة السياسة إلاّ للمنفيين من شعرائه وفنانيه ومواطنيه البسطاء الذين توزعتهم المنافي دون أن يستطيعوا أن يتكيفوا معها طوال هذه السنوات؟


3- إضافة إلى الفلسفة التي تخصصت بها نعلم أنك أبحرت بعيدا في التاريخ العراقي والعربي وكذا العالمي، فهل تعتبر الفلسفة والتاريخ بيئتين ضروريتين لتعميق شواغل الشعر؟

* بلا شك إن للفلسفة والتاريخ أثراً في تعميق شواغل الشعر.
لا يمكن لمحتوى أيّ قصيدة جيدة الاّ يكون ذا أبعادٍ سيكولوجية وتاريخية وفلسفية. حتى في القصيدة الغنائية الجيدة لا نعدم وجود الدراما التي تتضمن بالضرورة رؤية معينة هي نتاج ثقافة الشاعر الفلسفية والجمالية وخبرته الطويلة في الحياة والشعر. وهذا ينطبق على الشكل أيضاً فهو تاريخ وسيكولوجيا وفلسفة، من خلاله نستطيع أن نحدس هوية الشاعر وعصره، وسمات أخرى قد لا تكون مرئية للوهلة الأولى.


4- في قصائدك الاثنتي عشرة تعرض نظرات فلسفية بإسلوب قصيدة الومضة وقد دفعت عنها صفة الوعظ الذي يقدمه أدب الحكمة في مقابلتكم للشاعرة الهندية (يفابريا بانجيري) وأنت محق في ذلك، فهل تقدمون شكلاً جديداً للتعبير الشعري يقوم على تكثيف المنظور وتفعيل الصورة؟

* سؤالك هذا يذكرني بحادثتين: الأولى أمسية شعرية جمعتني بشعراء إنجليز آخرين قرأت فيها هذه القصائد، وحين انتهيت من قراءتها تقدمت مني سيّدة انجليزية هي خريجة أدب انجليزي كما علمت فيما بعد مبدية استغرابها من هذا الشعر الذي تسمعه لاوّل مرة، معتبرة أياه شيئا جديدا في الشعر رغم اعتراضي على مثل هذا التوصيف وحرجي . والثانية في أمسية في ألمانيا في ميونخ قرأت فيها قصيدة بعنوان (ساحة) تتضمن مشهداً تأتي فيه إلى الساحة امرأة تمرق كالطيف وتدخل كشك الهاتف الذي يتحول إلى تابوت تخرج منه المرأة شبحاً بغدائر بيضاء:

تأتيها امرأة
تمرق كالطيف وتدخل كشك الهاتف
تابوت الهاتف
تخرج شبحاً بغدائر بيضاء
وأصواتٍ لا تفهمها حتى الأشباح

بعد الأمسية علقت إحدى الحاضرات مبدية انطباعاً شبيهاً بالانطباع الأول الذي أبدته المستمعة الانجليزية مبعثه صورة الكشك الذي تحول إلى تابوت.
هل هو شكل جديد للتعبير؟ حقّاً لا أعرف ذلك، وهذا أتركه لتقدير القراء ونقاد الشعر.
لم تشغلني الأشكال الشعرية يوماً، على الرغم من حرصي الشديد على شكل القصيدة النابع من داخلها ذاته. قد يفاجئني الشكل أحياناً مثلما يفاجئ القارئ تماماً. وقد يمرّ بأطوارٍ لا أتوقعها عبر لفظة أو عبارة أو مقطع أو تفصيل وربما عبر مشهد أو إطار عام للقصيدة، وهو من المرونة ما يجعل تنقلي بين الأشكال الشعرية تصحبه المتعة دوماً.


5- ترجمة عبدالكريم كاصد وغيره من الشعراء العراقيين إلى لغات العالم وسعي النقاد العرب وشعراء العالم إلى لقائهم ألا يؤشر عالمية الشعر العراقي؟ هل من معيار أو معايير محددة للعالمية برأيكم؟


* لا معايير للعالمية .. ثمة شعراء عاديّون تُرجم لهم أضعاف ما ترجم لبدر شاكر السياب . ثمة تداخلات وعلاقات تتخللها مصادفات ربما، ومؤسسات تجارية لها مصلحة في تقديم هذا الأديب أو ذاك، ويبقى المقياس الحقيقي لعالمية أيّ أدب هو تأثيره في واقعه ذاته، وامتداد هذا التأثير إلى الواقع الآخر والآداب الأخرى، غير أن هذا غير ممكن إن لم تتوفر الشروط الملائمة لذلك. وهذا ما لا يستطيعه الشاعر وحده في ظلّ المؤسسات العربية المشتراة التي كثيراً ما تخلّف وراء ضجيجها الإعلاميّ العديد من الفضائح.
أشرتِ في سؤالك السابق إلى مقابلة الشاعرة الهندية (يفابريا بانجيري) التي أود أن أشير إليها ثانية هنا . لقد اتصلت بي هذه الشاعرة من مقرها في الهند إثر قراءتها قصائدي التي استوقفتها من بين مئات القصائد المنشورة في المجلة ذاتها في أعدادها المختلفة. وظلت تبحث عن عنواني لفترة أكثر من شهر مصرّة على الاتصال بي، عبر محرري المجلة ذاتها، لإجراء مقابلتها التي ذكرتها مع العلم أني لم أنشر غير هذه القصائد في واحدٍ من أعداد هذه المجلة. ثمة إذن ما هو غير الانتشار الواسع الذي لا يعني شيئا أحياناً.

6- ذكرتم في تلك المقابلة أنَ ما غيّر حياتكم هي الأحداث السيئة في الوطن وليس الكتب وهذا يعني أن شدّة التحام الشاعر بقضايا وطنه تتجاوز الهمّ الثقافي نفسه، أو أنّ التطور النوعي للمنتج الشعري مشروط بالتزام الشاعر بقضايا وطنه، هل تحدّثونا عن تجربتكم في ذلك؟

* عادة ما يذكر في اللقاءات والأحاديث الصحافية أن ثمة كتاباً أو عبارة غيّرت كاتباً. لم يحدث لي مثل هذا على شغفي بالكثير من الكتب والعبارات التي لم أشعر أنها استطاعت أن تستغرقني لتغير حياتي تماماً. ولعل في دراستي الفلسفة في وقت مبكرما جعلني أطيل التأمل في الاشياء والكتب ولا انجرف معها موازنا بينها في مساحة واسعة من القراءات المتنوعة، لكن ما غيّر حياتي حقّاً هو الأحداث الكبرى التي مرّت بوطني والتي اضطرتني أن أغادر العراق مرتين مرة بعد انقلاب شباط الأسود سنة 1963 إلى سوريا والأخرى سنة 1978 على جمل عبر الصحراء إثر مجازر كان من الممكن ان أكون واحداً من ضحاياها. أتساءل أحيانا ماذا ستكون عليه حياتي لولا هذه المجازر؟ وأي مصيرآخر سيطالعني؟
هل كان هذا يعني أنّ شدّة التحام الشاعرتجاوزت الهمّ الثقافيّ؟ لا أعتقد ذلك لانّ الاثنين لم يكونا بذلك الانفصال للتحدث عنهما منفردين. كذلك ليس هناك من مشروطية للتطور النوعي للمنتج الشعريّ بالتزام الشاعر بقضايا وطنه، لأنّ كلمة التزام لا موضع لها هنا وقد خضنا تجارب الوطن لا بصفتنا مثقفين متفرجين وإنما بصفتنا جزءاً من الصراع الدائر. لم نكن نكتب عن أفكار وقضايا من مسافة وبقصدٍ مسبّق. كتبنا عن تجارب حقيقية لم يكن الآخر غائباً عنها تضمنت قضايا وأفكاراً انعكست فيها لا بشكلها العام وإنما بشكلها المشخص الذاتيّ متجاوزة شرطها إلى ماهو أرحب إنسانياً أي إلى جوهر الفنّ الحقيقيّ.
ما من توجّه هناك لأننا كنا في قلب حركة الواقع الذي لم يعد قضية عامة بل مصيراً شخصيّاً.


7- ألا يسع المجال للحديث عن مشاريع ثقافية أو إعلامية بالتنسيق مع المثقفين العراقيين من زملائك القدماء والمعاصرين؟ ما هي الصعوبات؟

* ما من إمكانات لدى المنفيّ الآن لإقامة مثل هذه المشاريع التي يمكن أن نسميها ثقافية، وهو المشغول بتدبيرحياته الخاصة في المنفى، وإذا كان ثمة مشاريع فهي صغيرة معزولة ذات طابع اجتماعي وليست ذات طابع ثقافيّ، لما يتطلبه ذلك من تفرغ وإمكانات مادية يعجز المنفيّ عن توفيرها إلا إذا كان مرتبطاً بأحزاب أو مؤسسات معينة. وأغلب هذه المشاريع التابعة تعاني من فقر ثقافي وذات طابع سياسي بدائيّ ينتمي إلى أحقاب ماضية، وهي بالتالي غير قادرة على جذب المثقفين الحقيقيين للمشاركة فيها أو حتى إقامة علاقة عادية معها.
لا يمكن إقامة مشاريع ثقافية حقيقية من دون أن يكون هناك وضع صحّي في علاقة الوطن بالمنفى من خلال مؤسسات مدنية حقّاً، ومن خلال وجود اتحاد أدباء فعال يمثل الأدباء عامة من هم في الوطن أو في الخارج الذي يمكن تسميته حتى الآن بالمنفى ما دام الناس يقيمون فيه ليس بإرادتهم وإنما مرغمين بسبب سوء الوضع في بلادهم.



8- أ لم يحن بعد أوان عودتكم النهائية إلى الوطن؟ هل هناك عقبات شخصية؟ أم صعوبات المواءمة بين الأجيال؟

* لم تعد العودة اختياراً ذاتياً وإنما هي مرهونة بعوامل شتى : سياسية وغير سياسية لا مجال لطرحها الآن في ظلّ هذا الوضع الهش الذي يشهد من التناقضات ما لا قدرة لأحزاب الطوائف على علاجها إلا عبر الكلمات المعسولة التي فقدت طعمها بالنسبة للمواطن البسيط ، غير أن هذه العوامل لا تحول دون زيارتنا المتكررة إلى وطننا والتي آمل أن تكون أكثر تكرارا في السنوات القادمة.


9- أنتم من روّاد المربد شبه الدائميين. هل ترون تطوراً إيجابياً في مهرجان المربد أو المهرجانات الشعرية الأخرى في العراق يعكس عافية واضحة للثقافة العراقية؟

* من الصعب الحديث عن تطور إيجابيّ إذا كان هناك الكثير من السلبيات المرافقة له. نعم يمكن القول أن مجئ شعراء عرب وأجانب هو تطور إيجابيّ واضح ولكن ما فائدة هذا إذا كان الشعراء معزولين في فندق خاص بعيد لم يتح لهم الاختلاط بغيرهم من شعراء وأدباء وصحفيين ولم يتم التعرف على نتاجاتهم من خلال صحيفة أو لقاء سوى قصائد عابرة قرأوها في المهرجان وهي نصوص أغلبها عاديّ وبعضها مكتوب للمناسبة. حضرت مهرجانات عربية ناجحة اكتفى مقيموها بدعوة شاعرين أو ثلاثة لكي يتم التعرف عليهم بشكل أفضل وإلا سيصبح المهرجان عندئذٍ تظاهرة إعلامية لا ثقافية. وإذا تغاضينا عن كلّ هذه التحفظات واعتبرنا حضور الشعراء الأجانب تطورا إيجابياً فإنّ السلبيات كثيرة.. كثيرة جدّاً.
مئات المدعوين الذي غصّت بهم الفنادق بلا أدنى سبب؟ لم كلّ هذه الدعوات لأدباء لم يقدّموا أساساً لا شعراً ولا دراسات حتى ولا متابعات صحفية وهذا أقل ما يمكن أن يفعلوه.
أتساءل أيضاً كيف يُراد لمهرجان يُقام لثلاثة أيام فقط أن يستوعب كلّ هؤلاء المشاركين من الشعراء والنقاد؟ ... ثلاثة أيام علينا أن نطرح منها يوماً كُرّس للخطب التي استغرقت صبيحة الافتتاح ومساء الاختتام.
وبعد هذا وذاك يطلب من الشاعر أن يقرأ لمدة خمس دقائق بينما استغرقت بعض كلمات المسؤولين أكثر من نصف ساعة رافقت بعضها ترجمة لسرد إنجازات يجهلها الأدباء أنفسهم.
لم كلّ هذا؟
ثمّ يأتي من يطالب بالشراكة مع وزارة الثقافة بعد أن رفعت يدها عن مهرجان المربد الذي يمكن إقامته بإبسط الإمكانات كما حدث في السنتين اللتين أعقبتا سقوط النظام السابق.
إن دعوة شاعر أجنبيّ واحد مهمّ مع بعض الشعراء العرب هو أجدى من هذا الضجيج الإعلاميّ وهذا الركام الذي يشهده واقعنا في كلّ شئ.
إنّ قيام أمسيات نقدية على هامش الأمسيات الشعرية المحدودة لشعراء معينين وطبعها فيما بعد هو أجدى بكثير من كلّ هذا الزعيق ومحاصصة الأصوات.
إنّ اختيار صالات صغيرة بعيداً عن القاعات الكبرى هو أجدى للمربد وأهله من الاحتفالات الرسمية المقيتة.
وأخيراً أتساءل أيحقّ لمسؤولي وزارة الثقافة الآن أن يتخذوا قرارات صائبة أم خاطئة بحق المربد أو غيره من المهرجانات الأخرى وهم العابرون غير الشرعيين الآن بحكم الانتخابات الأخيرة؟
إن ما يجري في العراق غير قابل للتصديق على الإطلاق.



#عبدالكريم_كاصد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باتجاه الجنوب.. باتجاه لوركا
- مختارات شعرية: نوافذ
- عن المسرح الشعريّ
- ديوان: وردة البيكاجي
- عن الملائكة- رافائيل ألبرتي
- ديوان الأخطاء
- ديوان : ولائم الحداد
- قصيدة طائفية
- مقاهٍ لم يرها أحدٌ
- هايكو: جاك كيرواك
- لعبة واحدة، اثنتاعشرة قصيدة، والشاعر العربيّ في المنفى
- من مختارات هارولد بنتر الشعرية
- الشاعر خارج النص: قصائد مختارة
- الشاعر خارج النص:الفصل الخامس
- الشاعر خارج النص: الفصل الرابع
- الشاعر خارج النص: الفصل الثالث
- الشاعر خارج النص: الفصل الثاني
- الشاعر خارج النص: المقدمة والفصل الأوّل
- غابات الماء أم غابات الأخطاء؟
- الأيديولوجيا لا تأسرني - حوار: عدنان البابليي


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - لا وجود لداخلٍ أو خارج بشكلٍ مطلق