أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حمد الخالدي - المجتمع الدولي وظاهرة التغير المناخي















المزيد.....

المجتمع الدولي وظاهرة التغير المناخي


حمد الخالدي

الحوار المتمدن-العدد: 3095 - 2010 / 8 / 15 - 11:48
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


لا يمكننا التغافل عن أن قضية التغير المناخي قد استحوذت على اهتمام عالمي منقطع النظير خلال السنوات القليلة الماضية بعد التحذيرات التي أطلقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والأحزاب الخضر ومنظمات المجتمع المدني في الوقت الراهن، خاصة بعد توافر دليلا علميا دامغا يبرهن على أن التغير المناخي يشكل مسألة خطيرة وملحة ،وهو يتطلب إجراءات حازمة للحد من إنبعاثات غازات الدفيئة في جميع أرجاء العالم بغية الحد من خطر آثار مدمرة للغاية قد لا يمكن إصلاحها على النظم الإيكولوجية والمجتمعات والإقتصادات.
وعمليا يمكن التحدث وبصوت خافت على أن المجتمع الدولي قام ببعض الخطوات الشكلية البعيدة كل البعد عن الإلزامية الإنسانية والمسؤولية التاريخية في طريق التصدي لظاهرة التغير المناخي والتخفيض من مخاطره، بفعل إختلاف الرؤى والإستراتيجية بين ماهو براغماتي
وما هو إنساني بين القوى العالمية التقليدية والناشئة في ظل الأزمات الإقتصادية والمالية المتتالية التي تعصف العالم في وقتنا الحالي ،مما يجعل التخاذل أمام قضية محورية ومصيرية(التغير المناخي) مطلبا قوميا من أجل الحفاظ على مكتسبات الهيمنة والسطوة والنفوذ والفوقية البشرية.
ولو أردنا القيام بعملية حصر لما قدمه المجتمع الدولي حول ظاهرة التغير المناخي بقصد درء خطره ومحاولة تطويقه فيمكننا رصد بعض أهم المنجزات التي في غالبها لا تحقق أدنى درجات الطموح :
- بروتوكول مونتريال الخاص بحماية طبقة الأوزون ،حيث يعد هذا البروتوكول من أنصع صور التعاون الدولي المتعلق في قضايا البيئة والمناخ،وينص هذا البروتوكول الذي خرج للنور في 16 من سبتمبر 1986 بمشاركة 24 دولة على حظر إستخدام المواد الضارة وغازات الكلوروفلور كربون التي تدمر طبقة الأوزون الواقية للأرض ،وبالرغم من إنضمام 191 دولة للإتفاقية حتى وقتنا الراهن إلا أنها تبقى دفعة بطيئة ومتأخرة في الإتجاه الصحيح.
- بروتوكول كيوتو الموقع في اليابان عام 1997 برعاية الأمم المتحدة والذي يحظى حاليا بتواقيع 175 دولة إضافة للإتحاد الأوربي،حيث يلزم البروتوكول الذي دخل حيز التنفيذ 45 دولة صناعية منها الصناعية الكبرى (تشكل مصدر 30% من الغازات الضارة بيئيا) بأهداف ومحاذير محددة من شأنها خفض درجة الغازات الضارة بيئيا المنبعثة من إحتراق الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز والفحم الحجري وسواها،فالإستخدام الموسع للنفط ومشتقاته يمثل مانسبته ثلثي المشكل المناخي،وقد تكسرت طموحات وأهداف هذا البروتوكول على صخرة التعنت والإمتناع الأميركي الرافض لعملية التوقيع على المعاهدة، إذ ترى واشنطن أن الإنضمام للمعاهدة التوقيع سيجني خسائر فادحة لإقتصادياتها التي تبدو في حال يرثى لها حاليا إزاء الأزمة المالية العالمية الخانقة.
- إنشاء مجموعة الخبراء الحكوميين في التغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة عام 1988،حيث تعتبر أهم مجموعة علمية تدرس التقلبات المناخية في العالم ورصد تداعياتها بصورة دورية إضافة للدور المحوري والهام الذي تلعبه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في هذا الجانب .
- قمة دول آسيا والمحيط الهادي التي عقدت في 9/8/2007 بمدينة سيدني الأسترالية في إطار منتدى التعاون الإقتصادي لهذه الدول (إيبك)فقد نادت القمة بضرورة الإلتزام بالمسؤولية الإنسانية والحضارية من خلال تكثيف الجهود لدرء الخطر البيئي الراهن عبر خفض إستهلاك الطاقة في مجال تصنيع السلع والخدمات والإهتمام بمشكل التصحر لوقف الإرتفاع النسبي في
- مؤتمر البيئة العالمية الذي عقد في 8/11/2006 بنيروبي تحت إشراف الأمم المتحدة وبحضور أكثر من 6000 مندوب،فقد حذر المؤتمرون من مغبة وقوع كوارث طبيعية ذات صلة بظاهرة التغير المناخي علاوة على المآزق الإقتصادية والمالية .
- مؤتمر بالي للتغيرات المناخية 2007(خريطة طريق بالي):
حيث شاركت أكثر من 200 دولة في هذا المنتدى العالمي لإجراء محادثات حول إتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به عام 2012،وقد أصيب المؤتمر بإنتكاسة كبيرة جراء مطالبة الحكومة الأميركية بإسقاط أحد أهم أهداف المؤتمر والقاضي بتخفيض الإنبعاثات الحرارية للدول الصناعية الكبرى.
4- قمم مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى والتي كان آخرها في اليابان منتصف العالم الحالي،حيث تؤكد البيانات الختامية لإجتماعات الدول الأكثر تلويثا لبيئة الأرض على الحاجة الماسة للقيام بخفض كبير في إنبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الإحتباس الحراري،وقمم الأرض.
5- مساهمات الأحزاب وجماعات الخضر والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في التوعية بعواقب التغير البيئي والعمل على تجاوزه بأقل الأضرار ،فجميع هذه الأطر إضافة لدورها التوعوي بشأن قضايا الطاقة والمناخ فإنها تعمل على تشجيع ونشر مفهوم الطاقة البديلة بين الأفراد ،والتوسع في إستخدامها،والضغط على الحكومات والمؤسسات المعنية لتعزيز من مفهوم إستخدام الطاقة النظيفة والتحفيز على الإستثمار في مجال المشروعات المستفيدة من الطاقة المتجددة عبر التأثير على السياسات الوطنية والدولية المعنية والعمل على إقامة أحزمة خضراء للمناطق المعرضة للتغير المناخي في جميع دول العالم
وبعد هذا الاستعراض الموجز لطائفة من المحاولات التي يحاول عبرها المجتمع الدولي التصدي لظاهرة التغير المناخي، يبدو جليا لمتتبعي الملف البيئي الساخن ،أن محاولات المجتمع الدولي في التصدي للخطر البيئي المحدق بمليارات البشر تكاد تكون أقرب إلى محاولة ذر الرماد في العيون،فالمشكل البيئي آخذ بالتصاعد، والتكالب بين الدول الصناعية على تزعم القمة في مراحل الإزدياد دون الإكتراث بإنعكاسات هذا النشاط الصناعي على مستقبل الأرض، فالوضع الحالي لا يبعث السرور في نفوس المتفائلين بمعالجة المشكلة البيئية الطارئة، فهناك مجتمع استهلاكي مفرط، ونمو سكاني متزايد يهدد بتدمير الموارد، ولذا فإن التسابق المحموم والسريع والمستمرالذي يسود أجواء التنافس الراهنة بين إقتصاديات عمالقة الإقتصاد العالمي وما يصاحب هذا السباق من زيادة مضطردة في حجم الإنبعاثات الغازية قد يجعل أي خطوة تخفيضية لنسب الغازات في المستقبل ضمن الإتفاقات الدولية كبروتوكول كيوتو بمثابة خطوة قزمة لاتطال سقف الأمنيات ،مما قد يكلف البشرية أثمانا باهضة تتعدى حسابات المال والأرقام والسطوة والنفوذ لتصل إلى حقيقة إمكانية إستمرار العنصر البشري على هذه الأرض من عدمه،وعليه فإن ثمة اتفاق على أن نجاح أية جهود لحماية البيئة الدولية لابد وان تنطلق من العملاقات الصناعية العالمية فهي تتحمل المسؤولية العظمى لتفاقم وتعاظم الخطر البيئي ،فلوقتنا الراهن لم تبدي العديد من القوى الاقتصادية العالمية الجدية الواقعية في مداواة الجرح البيئي النازف ، بل قام البعض كالولايات المتحدة الأميركية بالإنسحاب من معاهدة كيوتو التي تشكل أبرز أوجه التعاون الدولي في هذا الصدد على الرغم من صدور العديد من التقارير والدراسات التي تؤكد على أن البيئة العالمية تعاني وضعا حرجا يتطلب سرعة التحرك من الدول الكبرى كواشنطن لإنقاذها .
كما أن العمل من أجل حماية البيئة يتضمن أيضا بعداً متعلقاً بـ "الشمال والجنوب"، لا ينبغي التغاضي عنه، فقليلاً ما كانت دول الشمال تكترث في الماضي لحماية البيئة، عندما كان الأمر يتعلق بحماية حركية تصنيعها، وهي اليوم أكثر البلدان استهلاكا للطاقة. فدول الشمال تستهلك نحو 60% من الطاقة، و75% من المعادن، و85% من الخشب، و60% من المواد الغذائية التي تنتجها الكرة الأرضية، فيما لا يمثل إجمالي سكانها سدس عدد سكان العالم. ومن المؤكد أن التنمية الاقتصادية في الجنوب، التي تمثل ضرورة على جميع المستويات، لن تتم من دون انعكاسات سلبية على التوازنات البيئية. لقد ضاعفت الصين إنتاجها من الفحم 20 مرة منذ عام 1949، وهي تمثل اليوم أحد المصادر الرئيسة لتلوث الكرة الأرضية. وفي نظر القادة الصينيين، كان ذلك هو الثمن الذي يتعين دفعه من أجل ضمان الانطلاقة الاقتصادية. وها هم اليوم يقررون التخفيض التدريجي من نصيب الفحم في إنتاج الطاقة، لتقل نسبته من 72% في عام 2000، إلى 60% عام 2010، ثم 50% عام 2050، كما تستهدف الخطط الصينية. وتبدو هذه الوتيرة بطيئة جداً لمكافحة الاحتباس الحراري ،إذا ماعلمنا أن تسعة من أصل عشرة مدن ملوثة في العالم هي مدن صينية، إلى درجة تجعل من رؤية الشمس في الصباح عملا شاقا.
إن معضلة المناخ الراهنة ،ومسؤولية البشر عنها لم تعد بحاجة نحو المزيد من المؤتمرات والإلتآمات ، بل هي تتطلب تغييرا جوهريا في أسلوب حياة وحضارة واقتصاد الإنسان الحديث لا سيما في جغرافيات الشمال الغني .
كونها تتميز عن سائر المعضلات البيئية الأخرى بأنها أضحت عالمية الطابع ومخترقة لحدود الدول والأوطان لتشكل خطرا يخيم على العالم برمته.

ختاما:

يجدر بنا القول "أن ظاهرة التغير المناخي هي "وزر الأغنياء الذي يدفع ثمنه الفقراء".

فالبلدان النامية أكثر عرضة لتغير المناخ من البلدان الغنية، حيث الفقراء هم أكثر من يتعرضون للمخاطر نتيجة زيادة التقلّبات السريعة والمفاجئة في الأحوال المناخية في ظل الغياب الكامل لرؤى وإستيراتيجات المقاومة والصمود لهذا الهجوم المناخي الشرس في تلك البقع الجغرافية المترنحة أساسا أمام ضربات العجز السياسي والوهن الإقتصادي والتخلف العلمي والإنحدار والتذبذب الإجتماعي ،وفي هذا الإطار اثبت دراسات عدة أن فقراء العالم هم أكثر ضحايا كوارث المناخ حيث يسقط في كل عام 250 مليون ضحية نتيجة للكوارث المرتبطة بحالة التغير المناخي مثل الفيضانات والجفاف ، وقد كشفت دراسة أجرتها منظمة اوكسفام الخيرية البريطانية أنه مع حلول العام 2015 سيرتفع أعداد ضحايا "المناخ" إلى ما يناهز 375 مليون شخص الأمر الذي من شأنه قوضنة النظام الدولي للمساعدات الإنسانية في ظل الصدمات والأزمات المالية العالمية المتلاحقة.
لقد بات واضحا للعيان أن ظاهرة التغير المناخي وما يصاحبها من ارتفاع في درجة حرارة الأرض أصبحت تشكل أحد أخطر التهديدات التي تواجه البشرية ودولها حيث يشكل نتاجه منزلقا جديدا نحو هاوية الصراع والوقوع في شرك الحروب ، متى ما ظل المجتمع البشري بدوله ومؤسساته ومنظوماته المختلفة عاجزا عن الإنصهار في بوتقة واحدة للدفاع عن الكيان المادي الجامع لملايين البشر،فالتغير المناخي فرصة مواتية وتاريخية لأن يتجمع البشر لأول مرة في تاريخهم المختلف المراحل للإندماج والتكتل صفا واحدا متراصا كأسنان المشط ضد عدو كان من صنع أيديهم والذي بدا شرسا للوهلة الأولى.



#حمد_الخالدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحضارات ومفهوم الصراع - إئئتلاف العروة الوثقى-
- ثنائية الإحتلال والطائفية
- التدخل العسكري الاميركي في العراق


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حمد الخالدي - المجتمع الدولي وظاهرة التغير المناخي