أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!















المزيد.....

تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3095 - 2010 / 8 / 15 - 07:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا التأمل جاءت بداياته الأولى فى المرحلة الأولى من العمر عندما إمتلك المرء القدرة على السؤال .. ليسأل فيما هو مطروح عليه ويجد إجابات باهتة تزيد من مساحة الأسئلة لتنشطر وتتناسل دون أن تتوقف .. لم يوجد حينها سوى السؤال الذى لم يتم وأده ليبحث له عن إجابة وسط غموض شديد فى معطيات غير متواجدة ولا محققة بل هى مُفترضة وظنية .. ولم تترك الأسئلة نفسها هكذا تمر دون أن تثير الريبة فى كثير مما هو معروض .
دعونا نخوض فى فكرة الشر هل هو كامن ومرتب أم أننا من نخلقه .

الزلازل والأعاصير والبراكين ظواهر طبيعية تضرب الأرض فتحيلها دمارا ً وخرابا ً..تحصد عشرات الآلاف والملايين من البشر , كما تنال من أمن الإنسان وسلامه ..فهل نعتبرها ظواهر طيبة وحسنة أم ظواهر قاسية ومُضرة لنا كبشر ..وما موقعها بين مفردتى الخير والشر .؟
هذه الكوارث التى تضرب الأرض فتحصد أرواح البشر لن نعتبرها عملا ً خَيّرا ً وجيدا ً بل ستكون عملا ً سيئا ً وشريرا ً لأنها تجلب لنا الألم والحزن والموت والخراب .

ماهو موقف الله من هذه الظواهر .. فهل الزلازل والأعاصير والبراكين تتم بإرادة الله وتخطيطه ..أم تتم رغما ً عنه وبدون إرادته ؟
حسب المفهوم الدينى فإن هذه الكوارث تتم بمشيئة الله وتدبيره ولا يوجد حدث فى الوجود يتم بدون إرادته فهوالقادر على معرفة مصير نملة فمن الأحرى أن يدرك هذه الأحداث ويرتبها بل وتتم عبر مشيئته وإرادته بالضرورة .
حسنا ً ..طالما هى من أعمال الله وتخطيطه وتدبيره فما الحكمة والفائدة من ورائها ؟!
إجابات المتحمسين لإنساب هذه الظواهر لله كفاعل ومخطط ومُدبر سيحاولون التبرير عبر النماذج التى تحفل بها الميثولوجيا الدينية بأن هذه الكوارث هى غضب وإنتقام إلهى من البشر الغارق فى الكفر والذنوب كما حدث فى قصة الطوفان وضرب مصر بالضربات العشر .
ولكن ماذا لو أصابت هذه الكوارث محبيه من المؤمنين ؟
الفكر الدينى لا يحتار أمام هذا السؤال فمن مميزاته انه فكر إلتوائى مطاط فلا يجد صعوبة أن يجيبك بأن هذه الكوارث هى إمتحان أيضا ً للصابرين ولقياس مدى إيمانهم عند الشدائد !! .. و تكون الكارثة الحاقة بالمؤمنين كونهم إبتعدوا عن طريق الله بإنجرافهم وراء حضارة الآخرين من ثقافة وفن وعلمانية .!!

كان يُحيرنى أيضا ً قضية أن الله كُُلىّ الخير فكيف يجتمع معه الشر وماذا ترك للشيطان ؟!!..وكيف هو كلىّ الرحمة ويكون بهذه القسوة المفرطة ؟!..وكيف تكون ضرباته عشوائية بلا تمييز ..ألن يذهب ضحايا من الأبرياء والأطفال والأتقياء فى هذه الضربات الإنتقامية ... ضربات لن تُغربل الطيب من الشرير فهى قوى غشيمة وغير دقيقة ...وعلى قدر عشوائيتها هذه فهى ستجرف فكرة الله العادل فى طريقها وتقوض من أركانها لتصيبها بالتناقض وتضعها على المحك لتنطلق أسئلة عن أى عدل فى هذا الحصاد العشوائى الإنتقامى .

إستهلكتنى هذه التساؤلات لفترة ليخرج من رحمها تأمل أخر يستوقفنى أكثر فيخوض فى مفهوم الشر ذاته ..فبغض النظر عن أن هذه الكوارث عقاب أو إختبار إلهى للإنسان ..فما معنى وجود زلازل وأعاصير وبراكين قبل وجود الإنسان ذاته على وجه الأرض ؟!!!... فقبل وجود أى مظهر للحياة كانت هناك زلازل وبراكين و أعاصير.!!

فما الحكمة والتخطيط والتدبير بوجودها قبل الوجود الإنسانى طالما لا يوجد مُستقبل لها يتأثر بها وتصله الرسالة الإلهية من الغضب أو الإختبار .؟!
هل الله غير قادر على السيطرة على هذه الظواهر الطبيعية وتتم بدون إرادته ؟!
وهل إذا كانت تتم بإرادته فماذا إستفاد من فعلها ؟ ..هل هو عمل جاد أم عبث .؟!
هل نعتبر الكوارث التى حلت على الأرض قبل وجودنا عملا ً شريرا ً أم خيرا ً أو بالأحرى عمل بلا معنى ..أو أن الأمر لا يهمنا ولا يعنينا .؟!!

كان هناك شئ أخر يثير مفارقة ما .. فإذا كنا نعتبر سقوط نيزك أوشهاب هو كارثة قد تصيبنا ..بل نخشى أيضا ًمن مجرد برق فى السماء ..وننظر إلى هذه الأحداث بأنها إرادة إلهية أيضا ً ..ولكننا فى نفس الوقت لا يهمنا ولا يعنينا تصادم مجرتين هائلتين بحجم مجرتنا أو إنفجار نجم يعادل الشمس فى حجمه وتأثيره .!
أسأل إذا كان البرق والنيزك والزلزال والإعصار ترتيبات وإرادات إلهية يقصد بها عقابنا أو إختبار مدى إيماننا .. فما معنى هذه الأحداث الفظيعة التى تتم فى الكون والتى تفوق مليارات المرات حجم كوارثنا .؟!!
هل هذه الكوارث الكونية خارج الإرادة والمشيئة الإلهية ..وهل تتم بدون إرادته .؟!

وإذا كانت تتم بإرادته فما مغزاها ؟..وما الحكمة فى هذه الألعاب النارية .؟!
هل نعتبرها نحن البشر أعمال شريرة بالرغم أنها تفوق حجم مصائبنا بمليارات المرات أم نعتبرها أعمال خَيرة أم هى أعمال عبثية بلا معنى ..أم أن الأمرلا يعنينا .!!..هو فى الحقيقة لا يعنينا .

عندما إمتلكت درجة من الوعى وجدت إجابات لأسئلتى الحائرة ووصلت لها ببعض الإستنتاجات .
فبداية الطبيعة غير معنية بنا ولا مهتمة لأنها غير عاقلة , لذا فهى غير مُدبرة ولا مُخططة ..فلا يعنيها وجودنا فى مشهد الزلزال والإعصار أم لا ..أى أنها تمارس فعلها سواء فى وجودنا الإنسانى على الأرض أو قبل وجودنا ..هى تتحرك وفق قوانينها المادية من الحركة والإتزان .
فستسقط قطرة الماء من الصنبور ولن تتعلق فى الهواء مهما تضرع العالم كله فى صلاة خاشعة أن تظل معلقة .
وسيحدث الزلزال رغما ً عن أنوفنا لأن الصفائح الأرضية فى حالة حركة .. وستنفجر النجوم فى السماء سواء حضرنا هذا المشهد أو لم نحضره .. سواء إهتممنا بهذا المشهد الجلل أو لم يُعنينا ..لأن العوامل الموضوعية المادية تحتم إنهياره .

لا يوجد شئ إسمه شر ولا ترتيبات تتم له .. بل يوجد ألم ناتج عن جهل معرفى أو ألم يتم بمعرفة ولم يتم تجاوزه فى الحالتين , وعندما نتجاوزه يسقط عنه صفة الشر التى حَملناه إياه .
نحن نتصور بأن المرض شر .. وسيكون شرا ً عندما نعجز عن مواجهته ..لكن الصداع لن يكون شرا ً لأن حبة إسبرين كفيلة بإنتهائه ..و سيكون السرطان والإيدز شرا ً طالما يسبب لنا الألم والموت ولا نستطيع تجاوزه .
سيكون الفيضان شرا ً طالما يزيح بيوتنا وقرانا فى ثورته ولكن عندما نبنى السدود ونسيطر على سريان النهر سيتحول الأمر لخير .
سيكون الزلزال شرا ً عندما يحطم قرانا ويحصد أرواحنا ولكن لو تعاملنا مع كود الزلازل فى تصميم مبانينا ومنشآتنا فلن يكون شرا ً .
نحن لا يعنينا تصادم مجرتين فهذا الأمر لا يهمنا بينما نخشى أن يسقط حجر من جبل فوق رؤوسنا .!
ما نعتبره شرا ً هو ما يمس دوائر الألم فى داخلنا وغير ذلك لا يعنينا فى شئ ولن نجهد أنفسنا فى محاولة تعريفه أو تبريره.

لا يوجد شئ إسمه شر فى كينونته ولا توجد أشياء شريرة فى ذاتها ..ولا يوجد من يرتب للشر ويخلقه ..فالشر هو تعريف إنسانى لما يؤلمه ويؤذيه .. وبدليل أن وجود الزلازل والأعاصير قبل الوجود الإنسانى من الخطأ أن نقول عنها شرا ً فهى لم تؤذينا بالرغم من ان المشهد واحدا ً..ولكن عدم وجودنا داخل المشهد أبطل الشر عنه .
الشر هو صدفة وجودنا أمام مشهد مؤلم لا نعرف كيف نتجاوزه وليس حدث مقدر ومرتب بأن نكون داخله .

الإنسان إنفصل عن الطبيعة بوعيه وأصبح راصدا ً لها ..وتحت وطأة جهله المعرفى وغروره تصور أن الوجود وُجد من أجله وأنه محور لهذا الوجود ..وأن كل الأمور تتم من أجله أو لأجله أو لغاية معينة تعنى بسعادته أو شقائه .
ومن منطلق أنه ككائن مشخصن واعى للوجود فبالضرورة يكون الوجود فى حوزة كائن مشخصن مثله ولكن يمتلك الكثيرمن القوة والعظمة ..فتصور أن الزلازل والأعاصير هى من فعله بغرض الإنتقام أو الإختبار ..وجعل ملايين النجوم التى تعادل حجم شمسنا او تزيد مجرد مصابيح لزينة السماء وتهدى اعرابى فى سيره وتجلب ليلة رومانسية للعشاق .!

الشر تصوره نتيجة جهله بأسبابه وعدم قدرته على تجاوز الألم الناتج منه أن هناك كائن مشخصن يتعمد هذا الأمر ..ولا يهم هنا أن يتجاور الخير النهائى مع الشر النهائى ..وليس من المهم التفكير فى أن مانراه شرا ً كان موجودا ً قبل وجودنا بلا معنى ... لقد أسقط الإنسان رؤيته ونظرته الذاتية على ذات هو من خلقها .

نحن نصف الأشياء بدرجة قربها من دوائر الألم فهذا الأمر مؤلما ً فلنسميه شرا ً.. ولكن فلنحاول تجاوزه بخلق أمل ورجاء بمن يستطيع أن يعبر بنا مخاض ألمنا , فوجوده هو من الأهمية بمكان لنفسية تخشى أن تترك نفسها فى العراء بلا أمل وتحت رحمة طبيعة جامدة غير عاقلة .

نحن من نرسم ملامح الشر والخير وفق تأرجحنا بين اللذة والألم ونحن أيضا ً من نخلق الخطيئة والذنب وفق مصالح وأهواء ولعل هذا يحتاج إلى تأمل آخر .

دمتم بخير ...



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 13 ) - إنهم يشوهون الطفولة ويم ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 8 ) - إستحضار العنف الكامن وتف ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 7 ) - ما بين وطأة الموت وما بي ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 12 ) - الأم ماتت والجنين مات و ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 6 ) - إشكاليات الفكر الدينى وك ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 6 )
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 2 ) - زهور الله المقطوفة ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 5 ) - الرضاعة الحسية والشعورية ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 11 ) - نحن نزرع الشوك والمُر و ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 9 ) - الله يكون حافظا ً وعليما ً وعادلا ً ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 1 ) - الصلاة كثقافة للبرم ...
- لماذا يؤمنون .. وكيف يعتقدون ( 4 ) - كيف تربح المليون دولار ...
- أنا والله ويدى اليسرى .
- نحن نخلق ألهتنا ( 8 ) - الله خالقا ً للوجود فى ستة أيام .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 10 ) _ همجيتهم وهمجيتنا .. ياق ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 10 ) _ همجيتهم وهمجيتنا .. ياق ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 7 ) - الله مُجيبا ً للدعاء .
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 4 )- حد الردة رغبة سياسى أم ر ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 9 ) - الخلوة الغيرالشرعية بين ...


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!