أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - المغربي.. في »وادي كركر«















المزيد.....

المغربي.. في »وادي كركر«


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3093 - 2010 / 8 / 13 - 17:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أن يتبدد غبار الحملة التي صاحبت كشف النقاب عن تفاصيل وملابسات صفقة بيع قرية »توت آمون« السياحية بأسوان، والتي وضعت وزير الإسكان المهندس أحمد المغربي تحت وابل من التساؤلات نظراً لكونه أحد ملاك الشركة المشترية للقرية السياحية المشار إليها.
شاء نفس الوزير »أحمد المغربي« أن يرافق عدداً من القيادات الصحفية والإعلامية يوم الاثنين الماضي إلي نفس المكان »أسوان«.. لكن ليس إلي القرية السياحية إياها التي تدخل الرئيس حسني مبارك لإصدار تعليماته بإلغاء صفقة بيعها، وإنما إلي قرية.. من نوع آخر.
أو بالأحري مجموعة من القري الجديدة التي يجري إنشاؤها لتوطين أهالي النوبة بوادي كركر علي بعد 20 كيلومتراً من مدينة أسوان و5.3 كيلو متر من بحيرة ناصر »السد العالي«.
وهي بالتحديد ثماني قري تضم 5221 مسكناً بتكلفة 600 مليون جنيه.
ورغم حرارة الشمس الحارقة، وهو أمر غير مفاجئ علي الإطلاق في شهر أغسطس، فإن المناسبة كانت تستحق تحمل هذا الطقس القائظ، لأن مشكلة أبناء النوبة مشكلة مزمنة مضت عليها سنوات وعقود دون أن تري بارقة من الأمل في الحل رغم تكرار وعود الحكومات المتعاقبة.. فهل يكتاب لها أحد المغربي النهاية السعيدة؟!
من مطار أسوان ركبنا الأتوبيس وتوجهنا رأساً إلي موقع »البيت النوبي« الجديد، وأصر الوزير المغربي علي ركوب الأتوبيس مع الصحفيين والإعلاميين بدلاً من السيارة المرسيدس السوداء التي كانت في انتظاره هو والمحافظ اللواء مصطفي السيد.
قبل تفقد القري النوبية الجديدة توجهنا إلي خيمة بسيطة اجتمعت تحت سقفها كوكبة من القيادات المحلية وأعضاء مجلسي الشعب والشوري من أبناء الدائرة.. وبعد شرح هندسي لشتي أبعاد المشروع تسابق قادة المنطقة في كيل المديح للوزير والمحافظ.. ومدير الأمن.. كالعادة..
لكن كلمة الوزير أحمد المغربي ــ تعليقاً علي هذه المدائح ــ احتوت علي فقرة بالغة الأهمية وسط هذا الطوفان من معلقات المديح التي وصلت مع النائب محمد العمدة ــ مع أنه أصبح نائباً وفدياً ــ إلي درجة مطالبته بإبقاء اللواء مصطفي السيد محافظاً لأسوان مدي الحياة!
أما الفقرة اللافتة للنظر في كلام الوزير المغربي فهي قوله »إن ما يتم إنشاؤه من قري لأهل النوبة هو اعتراف ضمني بأننا تأخرنا باستيفاء حقوقهم ولكن الحمد لله.. الدنيا تحركت«.
مضيفاً أن أهل النوبة قد »صبروا علي حقهم«.. بل إنهم »أظهرو امتنانهم لحصولهم علي حقهم«.. ولو بعد حين!!
والاعتراف الصريح، بالاعتراف الضمني المشار إليه، موقف يستحق عليه المغربي التحية والتقدير، لأن الاعتراف بالحق فضيلة.
وهذا الاعتراف يعيدنا إلي جذر المشكلة النوبية التي بدأت منذ أكثر من قرن من الزمان، وبالتحديد منذ 108 أعوام، مع بناء خزان أسوان عام ،1902 التي شهدت أول »تهجير« لأهالي النوبة عن أراضيهم، حيث تمت هجرة داخلية لست قري نوبية إلي الجبل، ومع التعلية الأولي للخزان بعد ذلك بعشرة أعوام أجبر النوبيون علي »الهجرة الداخلية« الثانية عام ،1912 وتكرر ذلك عام 1933 مع التعلية الثانية للخزان.. ثم جاءت عملية التهجير الكبري إلي »نصر النوبة« عام 1964 مع بناء السد العالي.
ولهذا يطلق الأديب والناشط النوبي المعروف حجاج أدول علي العملية التي يرعاها أحمد المغربي اسم »التهجير الخامس للنوبيين«.
>>>
وخلاصة ما سبق أن أهل النوبة قدموا تضحية عظيمة من أجل مصر بأسرها، عندما قدموا أرضهم وقراهم قرباناً لحماية مصر »الغرق« و»الشرق« وترويض نهر النيل والسيطرة علي جموع فيضاناته العالية التي تهدد البلاد بالغرق، وشح فيضاناته المنخفضة التي تهدد البلاد بالشرق والعطش.
ورغم أن هذه التضحيات العظمي كانت تستحق التقدير فإن البيروقراطية المصرية أبت لا أن تسمم الآبار، حيث دأبت علي وضع العراقيل أمام منح أشقائنا من أهل النوبة التعويضات التي يستحقون أكثر منها.. بل دأبت أكثر من ذلك علي نفي وإنكار مشكلة لهم من الأصل!
وزاد الطين بلة أنه عندما جري تخصيص الأراضي المحيطة ببحيرة السد العالي، والتي هي جزء من الموطن الأصلي لأهلنا النوبيين، ثم تفضيل رجال الأعمال والأثرياء العرب علي أصحاب البلد النوبيين!!
كما أن خطط توطين النوبيين »المهجرين« اتسمت بالعشوائية والسطحية.
وإزاء ذلك.. كان طبيعياً أن ترتفع أصوات بعض أبناء النوبة بالشكوي، وان يتجه بعض هؤلاء إلي المحافل الأجنبية لعرض قضيتهم بعد أن صممت البيروقراطية المصرية البليدة علي أن تصنع أذناً من طين وأخري من عجين.
ورغم أن هذه الأصوات كانت قليلة نسبياً.. فإنها كانت كافية لتنبيه كل من لديه الحد الأدني من الحس السليم إلي أن هناك مشكلة يجب التعامل معها بجدية، ونزاهة، قبل أن تستفحل ويصبح حلها أكثر صعوبة وبتكلفة أكبر وأفدح.
ورغم أن القضية اتخذت منحني أكثر هدوءاً بعد إعلان الرئيس مبارك تفهمه لمطالب أبناء النوبة وإصداره توجيهات للتجاوب معها، فإن البيروقراطية التي التفت حول الوعد الرئاسي بإلغاء التشريعات التي تجيز حبس الصحفيين وغير الصحفيين في قضايا النشر، التفت أيضاً حول الوعد الرئاسي بالاستجابة لمطالب أهل النوبة سنوات وسنوات.
إلي أن جاء التحرك الأخير ببناء القري الثماني التي تتكفل وزارة الإسكان ببناء نصفها بينما تنوي القوات المسلحة بناء النصف الآخر.
>>>
ورغم أن هذا تحرك يمثل خطوة إلي الأمام بلاشك فإنه لا يعني أنه غاية المراد من رب العباد، ولعل الأجهزة الرسمية المتعددة أن تكمل ما بدأه الوزير أحمد المغربي.
وعلي سبيل المثال.. فإن إحدي النقاط المهمة التي أثيرت في اللقاء »الاحتفالي« بموقع البيت النوبي الجديد هي أن هذه قري جيدة للسكن.. ولكن ماذا عن العمل؟ لأن تعمير هذه القري يمكن أن ينجح فقط في حالة إنشاء مشروعات واستثمارات تخلق فرص عمل لسكان هذه القري.. وبدون ذلك ستصبح مجرد »قري أشباح«.. وكأنك يا أبوزيد.. ما غزيت!!
النقطة الثانية هي موقع هذه القري.. حيث أكد المغربي في كلمته أن اختيار الموقع جاء بناء علي توافق آراء مختلف الأطراف ما في ذلك أبناء النوبة بالطبع.
لكن هناك تفاصيل معاكسة لذلك علي طول الخط، فهذا حجاج أدول يقول إن »الدولة تضعنا في منطقة وادي كركر وهي تعلم تماماً أنها غير صالحة للزراعة لكي ننسحب وتفشل عملية إعادة توطيننا مرة أخري، وتبرئ الحكومة ذمتها أمام الرأي العام«.
وإذا كان البعض يمكن أن يري في كلام حجاج أدول شكلاً من أشكال »نظرية المؤامرة«.. فها هو الدكتور كمال أبوالمجد علي الأستاذ المساعد بكلية العلوم ــ جامعة جنوب الوادي يكتب تقريراً علمياً يؤكد فيه عدم صلاحية الأرض الجديدة، للزراعة وخطورتها علي بحيرة ناصر، بالإضافة إلي أنها منطقة نشاط زلزالي.
وهو التقرير الذي أصدرت كلية العلوم بنفس الجامعة تقريراً مضاداً له يؤكد صلاحية المنطقة للزراعة وبعدها عن مناطق النشاط الزلزالي وأنها آمنة علي بحيرة ناصر ولن تلوثها.
وإزاء الحيرة التي يخلقها هذا التضارب من التقارير »العلمية« وجد حجاج أدول وجها للتشابه بين تقرير كلية العلوم وبين تقرير اللجنة الثلاثية الذي أكد وفاة خالد سعيد باسفكسيا الخنق.. واستنتج من ذلك استنتاجاً قاسياً خلاصته أن »الدولة تفكر في عملية تطهير عرفي للنوبيين بحشرهم بصحراء وادي كركر«.
>>>
ومن السهل بالطبع تسفيه هذا التصريح أو ذاك.. لكن الحكمة تقتضي إجراء حوار ديمقراطي حر بين الرأي والرأي الآخر.. وليس في هذا إفساد لـ »الفرح« الذي شهده وادي كركر وإنما ضمان لاستمراره، وألا ننام ونصحو علي كابوس.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتقى الجونة (2)
- ملتقي الجونة (1)
- رغم تقرير الانجازات: الممارسات الاحتكارية.. تخرج لسانها للمن ...
- تسويق جمال مبارك .. ب -الكردى-!
- -التميمى- فى النار سبعين خريفاً
- دراسة علمية خطيرة تدق نواقيس الخطر
- التعذيب .. بنظام »خدمة التوصيل إلى المنازل«!
- رسالة عاجلة للدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة .. هل وصل التمييز ...
- قمة -أهلية- .. دفاعاً عن وطن فى خطر
- نصر حامد أبوزيد.. والفيروس القاتل
- هل نقول للأوروبيين.. -اشمعني-؟!
- وراء كل -نصر- .. ابتهال
- فيلم الموسم وكل موسم: »الأرض«.. تراجيديا مصرية.. إخراج أمين ...
- احبس صحفياً.. نعفيك من الضريبة العقارية!
- حدث ثقافي وتنموي مهم لم يلتفت له أحد .. »وثيقة القاهرة«.. لح ...
- لماذا اشتعلت الفتنة فى عهد سيطرة محاسيب الحزب الوطنى على الم ...
- وصف سيناء »44« منير شاش يتكلم.. اسمعوا وعوا
- -تحسين مستوى العسل-.. مطلب من البرنامج الانتخابى للرئيس
- الغاز تحتاج إلي حل .. القمة الرابعة عشرة للمجموعة الخمسة عشر
- قمة مهمة.. لكن الكرة أهم (1)


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - المغربي.. في »وادي كركر«