أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - في وداع المفكر الدكتور أحمد البغدادي















المزيد.....

في وداع المفكر الدكتور أحمد البغدادي


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3090 - 2010 / 8 / 10 - 21:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقلت الوكالات النبأ الجلل برحيل الكاتب والمفكر الكويتي الكبير الدكتور احمد البغدادي إلى ذمة الخلود مساء الأحد 8/8/2010 في مستشفى خليفة في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث كان يُعالج فيها، بعد صراع طويل مع مرض القلب. وبرحيله فأن الحركة الليبرالية الكويتية والعربية فقدت فارساً آخر من فرسانها الشجعان بعد وفاة المفكر المصري الدكتور نصر حامد أبو زيد قبل أسابيع.

كان فقيدنا البغدادي يحارب على عدة جبهات، جبهة أمراضه البدنية التي كان يعاني منها لسنوات، وجبهة الأمراض الاجتماعية في مجتمعه الكويتي والعالم العربي. ولا شك أن صراعه مع الأمراض الاجتماعية ومواجهاته مع التيار الظلامي قد ساهم كثيراً في تأثير أمراضه البدنية على إيقاف قلبه المتعب، وإنهاء حياته هذا المفكر الكبير قبل الأوان وهو في أوج عطائه الفكري.

كان البغدادي معيناً لا ينضب للفكر التنويري العقلاني والتقدمي، محباً للحياة، فكما أبَّنه مركز "الحوار" للثقافة (تنوير) الذي كان الفقيد أحد مؤسيسه، في بيان بمناسبة رحيله، جاء فيه: "ويعتبر الراحل قدوة في شجاعة الرأي ومثالا في نزاهة الموقف، كما يعتبر أحد أبرز من سار في طريق الذود عن العقلانية والدفاع عن الحرية في مقابل ثقافة الخرافة والخنوع والإذعان، كما اتصف بحسن الخلق والالتزام بالقانون استنادا إلى اعتبارات حقوقية إنسانية دستورية."

أقول، ليس من الشجاعة أن نقارع التخلف وقوى الظلام ونحن مقيمون في الدول الغربية الديمقراطية التي ضمنت لنا أمننا وسلامتنا، ولكن من الشجاعة الفائقة أن تهاجم التخلف والسلفية والرجعية وقوى الظلام في عقر دارها، وأنت مهدَّد بالمخاطر من قبل الضباع الإرهابية الكاسرة، أعداء الحياة والحرية والعقلانية والفكر الليبرالي، خاصة وهذه القوى الرجعية متغلغلة في جميع أركان المجتمع، ولها نفوذ في مؤسسات الدولة، تتمتع بقدرات مالية وإعلامية كبيرة في الافتراء وتلفيق التهم ضد معارضيهم، وتشويه سمعتهم والانتقام منهم لتصفيتهم جسدياً واجتماعياً وسياسياً لإخلاء الساحة منهم. ففي مثل هذه الظروف كان الراحل أحمد البغدادي وزملاؤه من المفكرين التقدميين الكويتيين الأحرار يناضلون.
وقد تعرض البغدادي مراراً إلى هذا النوع من محاولات التصفية، وسيق إلى المحاكم بتهم شتى وعلى رأسها تهمة الإساءة إلى الدين، كما حصل له بعد نشره مقالاً في صحيفة «السياسة» الكويتية بعنوان «أما لهذا التخلف من نهاية؟» فأدانته محكمة الاستئناف الكويتية بتهمة «تحقير مبادئ الدين» وهكذا يربطون التخلف بمبادئ الدين. وقد حكم عليه بالسجن عدة مرات، منها مع التنفيذ ومنها مع وقف التنفيذ بعد ضغوط من جهات دولية.

فالمجتمع الكويتي، كغيره من المجتمعات الخليجية والعربية الأخرى، يمر بمرحلة التحولات الاجتماعية السريعة، ويقدم أوضح مثال في الصراع بين أنصار التقدم وأنصار التخلف، الفرضية التي وضعها عالم الاجتماع العراقي الراحل علي الوردي والتي أسماها بـ(التناشز الاجتماعي) ويقصد بها التنافر أي الصراع بين المجددين والمحافظين. فالتغيير سنة الحياة يحصل في كل وقت ولكن على وتيرة مختلفة، ففي الماضي كان يحصل التغيير في المجتمع ببطء ودون صراع لأن الناس لا يشعرون به، أما اليوم وبسبب الاحتكاك المتواصل بين الشعوب، والثورة المعلوماتية، فيحصل التطور السريع. ويقول الوردي: "فمن خصائص التغير البطيء أن المجتمع يتكيف له ويتلاءم معه بمرور الأيام، فلا يظهر فيه صراع عنيف أو تناقض بين القديم والجديد على منوال ما يظهر إثناء التغير السريع. ومن طبيعة التغير السريع أنه لا يؤثر في جميع أجزاء الكيان الاجتماعي على درجة واحدة، فكثيراً ما يكون هناك جزءان مترابطان ثم يحدث التغير في أحدهما دون أن يحدث في الآخر، أو هو قد يحدث في أحدهما أسرع مما يحدث في الآخر، فيؤدي ذلك إلى صراع أو توتر أو تناقض بينهما، وهذا هو ما أسميته بـ (التناشز الاجتماعي). (د. علي الوردي، لمحات اجتماعية ج1، ص 288).
كتب الوردي هذا الكلام في الخمسينات من القرن العشرين عما حصل في العراق من صراعات بعد الحرب العالمية الأولى والاحتلال البريطاني له، فماذا يقول لو رأى ما يجري في زماننا هذا، عصر العولمة، حيث صارت الدنيا قرية كونية صغيرة؟؟
أكاد أجزم أن (التناشز الاجتماعي) في الشعب الكويتي، هو على أشده، وذلك بسبب ما يجري فيه من تحولات اجتماعية سريعة نتيجة الموارد النفطية الهائلة التي جعلته في حالة احتكاك متواصل مع الشعوب الغربية المتحضرة ونقل الحضارة الحديثة إليه، وما فيه من تجديد في طريقة التفكير والوعي وأسلوب الحياة وما يواجهه من ممانعة لهذا التطور من قبل التيار المحافظ والظلامي. وما وصول أربع نساء دفعة واحدة إلى البرلمان في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلا دليل على هذه التحولات، والتي هي نقلة نوعية في الحياة السياسية والاجتماعية في المجتمع الكويتي.
لذلك ومع هذه التحولات السريعة لا بد وأن يحتدم الصراع بين قوى التجديد والقوى الدينية المحافظة، وما ينتج عنه من معاناة المفكرين الكويتيين العقلانيين في صراعهم مع أنصار التخلف. كان الدكتور أحمد البغدادي من مؤسسي الحركة التنويرية العقلانية الليبرالية، ولذلك فقد عانى كثيراً في مواجهة دعاة الخرافة وأعداء التغيير.
لقد رحل عنا المفكر الكبير الدكتور أحمد البغدادي، وبرحيله خسرت الحركة الليبرالية العقلانية، الكويتية خاصة، والعربية عامة، مفكراً كبيراً وشجاعاً، قدم للحركة الكثير، ولكن أفكاره التنويرية ستبقى معنا تواصل رسالتها التنويرية لتبث الوعي في الشباب والأجيال القادمة. لذا فأفضل طريقة يمكن أن يكافأ بها فقيدنا هو أن تقوم مؤسسة صحيفة السياسة الكويتية التي كان الفقيد ينشر فيها أفكاره من خلال عموده تحت عنوان (أوتاد)، بجمع مقالاته وإعادة نشرها في كتاب أو كتب، لإيصال أفكاره التنويرية إلى الشباب الذين كان الفقيد يخاطبهم.
وختاماً، نقدم أحر التعازي إلى أسرة الدكتور البغدادي، وكافة أصدقائه ومحبيه وقرائه وتلامذته، وله الذكر الطيب.
ــــــــــــــــ
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.abdulkhaliqhussein.com/



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل لأزمة تشكيل الحكومة
- هل من بديل للمالكي؟
- من وراء عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة؟
- من الأصلح لرئاسة الحكومة العراقية؟
- حوار مع القراء حول أزمة تشكيل الحكومة
- هل حقاً المالكي هو مرشح إيران؟
- الطائفية في عهد الاحتلال البريطاني وحرب الجهاد (الفصل الرابع ...
- حول حتمية ثورة 14 تموز
- جوانب من شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم
- الطائفية في العهد العثماني (الفصل الثالث)
- جذور الانقسام السني – الشيعي في الإسلام*
- حول أزمة الكهرباء
- الطائفية السياسية ومشكلة الحكم في العراق (مقدمة: لماذا هذا ا ...
- (القاعدة) تحتضر في العراق
- إسرائيل على نهج النازية الهتلرية
- انتصارات أمنية عراقية جديرة بالتثمين
- دروس من الانتخابات البريطانية
- لماذا أخفق التيار الديمقراطي واليساري في الانتخابات الأخيرة؟ ...
- لمصلحة مَنْ هستيريا المطالبة بتدويل تشكيل الحكومة؟؟
- حبل الكذب قصير يا صالح المطلك!!!


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - في وداع المفكر الدكتور أحمد البغدادي