أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد مهدي - العِلموية والإسلام (3)















المزيد.....

العِلموية والإسلام (3)


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أزمة الإسلام ُ .. بين الهيكل الاقتصادي و الثقافة

ينطلق منهجنا كما قدمناه في المقالين السابقين من تسليط الضوء على الجانب المخفي من الدين ، البعد الانثروبولوجي بصرف النظر عن قداسة الدين وفيما إذا كان رباني المصدر أم بشري ..

فالإسلام كواقع حال اجتماعي تاريخي من هذه الزاوية يرتكز على ركن أساسي أولي :

تعزيز العلاقات الإجتماعية عبر منظومة خاصة معززة للسلوك الجماعي الكلي بالدرجة الأساس ، فالإسلام ثار على بعض المواريث لكنه أبقى على الأخرى ...

المواريث التي ثار عليها الإسلام كثير ٌ منها مواريث دافعة ومعززة لروح الفرادة والنفعية اللا عقائدية ( ديدن الرأسمالية ) مع إنه لم يحارب راس المال بمواجهة ٍ مباشرة إذ لم يكن بمقدوره ذلك في تلك المرحلة من مسار حركة التاريخ ..!

إذ تهادن مع راس المال بما يشبه الهدنة الصينية الحالية مع الرأسمالية التي تسميها الحد الأدنى من الاشتراكية ..

من خلال تحليلنا للإسلام كهوية وثقافة حاثة على الجماعية بالمقام الأول نجد بأنه تشكل تراكمي قيمي تاريخي موروث قائم على تذويب الفردية تدريجياً ومنهجياً في الكلية الجماعية ، ما يعني توصلنا إلى صورة ٍ مقاربة في شكلها الظاهري العام للمجتمعات الآسيوية في الشرق الأقصى كالصين واليابان مع إن المجتمعات الإسلامية تحتفظ بخصوصيتها العميقة ضمن منظومة علاقاتها الاجتماعية الطوعية ( المدرسة والمسجد ) والإلزامية ( القبيلة والدولة ) ..

الفرد والجماعة

يتحكم النظام الانثروبولوجي الإسلامي بالمجتمع وفق آلية تعبوية قائمة على تذويب الفردية في الجماعة ، على العكس من النظام الانثروبولوجي الليبرالي الغربي الذي يخلق النظام الجماعي من إفراط تركيز الفردية التي تنتج في النهاية شكل النظام الرأسمالي – الليبرالي الشائع بما يعرف بأسم " العالم المتحضر " مع التحفظ الشديد على المصطلح ..

فالتعبوية الجمعية ترجح الجماعية على الفرادة ( تشبه إلى حد كبير الاشتراكية ) ، لكن في الإسلام فرق جوهري :

لا يسعى الإسلام بتغيير واقع المجتمع الرأسمالي بصورة إلزامية كما تفعل الاشتراكيات ، بل يتبنى خلق روح الجماعة في صميم " الأنا " المميزة للفردية ، ويحاول عن طريق تضخيم هذه الروح في أفراد المجتمع دفع الأخير وبصورة طوعية إلى تبني .. الجماعية .. وخلق منظومة جمعية سياسية اقتصادية ( غير واضحة الملامح ) ، بمعنى إن الإسلام يخلي مسؤوليته عن إلزام المجتمع بتبني الاشتراكية ، لكنه وعبر منهجه التعبوي الجمعي يقود المجتمع إليها بصورة طوعية .. فتكون عندئذ ٍ : حتمية تاريخية في سياق تطور المجتمع الإسلامي !!!!

كيف للاشتراكية أن تكون قدرا لتحول المجتمع الرأسمالي الإسلامي ؟؟

أولا ً : التعبوية الإقتصادية الطوعية

لا يخفى على الباحثين حرص الإسلام كموروث على البذل والعطاء ، واعتبار المشاركة الجماعية قمة الإيمان و أعلى مراتبه رغم حثه في حالات أخرى على التزام الوسطية في الإنفاق كما ورد في القرآن : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا

لكن بصورة عامة ، مثلما لم يحرم الإسلام الملكية في حدها الأبعد من حدود الاشتراكية ، كذلك لم يقف بالضد من تطبيق المشاركة الجماعية بالممتلكات خصوصا في ظروف الحروب والأزمات ، فالنفس البشرية ميالة بطبيعتها للنظام " الرأسمالي " .. فلم يحارب الإسلام ميلها هذا وإنما وضع له بعض المحددات ( على استحياء )
، لكنه رغم ذلك ، أبقى الآفاق مفتوحة للسمو بالنفس البشرية نحو التوحد الجمعي في الملكية وابسط هذه الأمثلة المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار ..

ثانياً : التعبوية الإلزامية الثقافية

أ – طقوس العبادة

بما إن الإسلام لم يلزم النفس البشرية بالاشتراكية ، إلا إنه ألزم " الروح " بالاشتراكية !!!

فالجسد وما يتطلبه وكذلك ميوله الغرائزية التملكية لم يدخل الإسلام معها في مواجهة ٍ مباشرة ، لكن المسائل الروحية التعبدية و الطقسية ... فقد استغلها الإسلام لبث رسالته الجمعية الكلية ..!

فالصلاة ، على سبيل المثال ، لا تصح فردية في حالة وجود مجموعة في مكان واحد وقت أداءها المحدد ، فإمام الجماعة يقود الجموع بحركة واحدة .. وقراءة واحدة ... وركوع واحد .. وحتى إتمام باقي أجزاء حركات وقراءات الصلاة .. بما يحاكي حركة الكراديس العسكرية وقت الاستعراض ..!!

في دراستنا للباراسايكولوجي بينا بأن " النسقية coherency " التي تتميز بها حركة الكردوس العسكري أثناء الاستعراض تقابلها أشعة الليزر المكونة من فوتونات موحدة الإنطلاق والتردد ..

هكذا يفعل جموع المصلين في صلاة الجماعة ، فيما مويجات الضوء الاعتيادي فوضوية مختلفة الترددات وزمن الانطلاقة بما يناظر سباق الماراثون ...!!

هكذا ببساطة يمكننا تصوير الفرق بين الاشتراكية و الرأسمالية من كافة الوجهات الاقتصادية والثقافية :

الرأسمالية ماراثون ... والاشتراكية كراديس عسكرية ..!!!

الإسلام ماراثون اقتصادي و استعراض عسكري ثقافي ، وهنا علته .. وبؤرة أزمته ..!!؟؟

هو يحمل تناقض التاريخ بأسره ، ويكرس مسار التطور الاقتصادي والصراع الطبقي في تركيبة متناقضة ... " لو " انقلبت يصبح الإسلام دين الاشتراكية ، لهذا السبب ، الانتهازيون يستغلون من الإسلام تسامحه في بلورة المجتمع الطبقي ، أما الفقراء المعدمين المنسحقين فيجدون عزائهم في الثقافة الجمعية التي تجعل صلاتهم جماعة .. وحجهم جماعة .. و أزيائهم جمعية موحدة ..

فالسياق التاريخي للتطور الانثروبولوجي للمجتمع يفرز الاتجاهين الفرداني و الكلاني ، و الأخير ملجأ للمعدومين الذين تشعرهم فرديتهم بالدونية ، لأن الفردية تبدأ من الجسد ومتطلباته ومظهره ، والفقر يحط من قيمته الظاهرية كثيراً ... لذا فإن المجتمعات المسحوقة تلجأ للدين بصورة عامة لتذويب الفردية الهابطة في " كلية " المجتمع المثالية المقدسة ..

فيما العكس يحدث في الشرائح الغنية لنفس المجتمع ، حيث الفردية ذات شأن عال ٍ والدين لا يكون إلا مكملا للشخصية لو دعت الظرورة ، وفي الغالب ، لا تلتزم الفردانية العالية بالدين الكلي كثقافة ، بل تعبر عن نفسها وفق سياق ميولها ورغباتها الطبيعية " الثقافية – الغريزية ".


وعليه يتضح لنا بأن الإسلام كدين قام بحل المشاكل المرحلية للمجتمع بواسطة قوانينه الإلزامية و الطوعية ومنظومته الرأسمالية الرحيمة عبر :

إبقاء ذوي رؤوس الأموال وجعلهم فاعلين في تطوير وبناء المجتمع وفي نفس الوقت تذويب الفقراء في كلية جمعية واستثمارهم في بناء الجيوش الإسلامية " النسقية الكلية " في مراحل تطور الحضارة الإسلامية بالفتوح عبر التاريخ ..!!

هو نموذج متكامل ٌ إذن بالنسبة لمرحلة التمدد والفتوح ، لكن ، اليوم .. حيث لا يمكن التخلص من التبعية للهيمنة الغربية ، هل ينفع النموذج الإسلامي وفق نسقه هذا ؟؟

هذا ما سوف نناقشه بعد استكمال موضوع التعبوية الثقافية في مقالنا القادم العـِـلموية والإسلام (4 ).

ب – الزي العربـــي

الزي العربي ومن بين كل التناقضات الفردية الجمعية في الإسلام ، إلا إنه يتخذ لنفسه حالة من التوحيد الإلزامي في مجتمعات الصحراء الفقيرة نسبياً سواء في أزياء الرجال أو النساء .. نحو الكلية وتذويب أهم مظاهر الفردانية عبر ستر الجسد بصورة شبه كاملة ..

فهو ساتر للجسد بصورة كلية إلا الوجه ، سواء للرجال أو للنساء ...!

فالمظهر الإلزامي للدين كشريعة يبدو إنه يلزم النساء بالحجاب دون الرجال ، لكن ، الموروث الإنثروبولوجي الجمعي في مجتمعات الصحراء يلزم الرجال والنساء على حد ٍ سواء بستر غالب الجسد عدا أجزائه المستعملة ( الوجه والكفين والقدمين ) إلى درجة إن مجتمعات الخليج لا تزال حتى اليوم تلتزم بهذا الزي للرجال وزادت عليه بالنسبة للنساء بغطاء الوجه ( البرقع ) لتتميز المرأة بحجاب أكثر تشددا عن الرجل ..!

فمجتمعات الخليج ورغم الرخاء الاقتصادي إلا إنها لا تزال تميل إلى تذويب الفردية مسحوبة بأصداء " الجدب " الذي عانته في تطورها في أزمان طويلة ، مع هذا ، هناك تفجر رأسمالي ونزوع تدريجي نحو قيم الفرادة مع إنه نزوع بطيء جدا بسبب الثقل " التاريخي " للجمعية والكلية في الموروث الثقافي الإلزامي لمجتمعات أبوية محافظة بدرجة عالية ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العِلموية والإسلام (2)
- العِلموية والإسلام (1)
- العراق : هرم الحضارات والتأريخ في الذكرى التسعين لثورة العشر ...
- لكتاب - اليسار - في الحوار المتمدن مع التقدير
- تكنولوجيا التخاطر Telepathy technology
- السحر السياسي الأسود
- حادثة اسطول الحرية و الدور التركي - الأطلسي - في المنطقة
- رجل ٌ .. وإيمانٌ عظيم
- سياسة بريطانيا و أميركا : تراكمات أخطاء حررت المارد الشيعي م ...
- مورفين ٌ .. و ابتسامة
- سقوطُ بغداد : مدرسة ُ الحرب الجديدة وكلمة ٌ أخرى سيقولها الت ...
- لماذا نعتقد ؟ .. الإيديولوجيا من منظور عصبي
- العقل والدين Mind And Religin
- العقل ُ : آلة ُ بناء ِ الحضارة
- الوعي والزمن
- الباراسايكولوجي بين نظريتي الكم و النسبية
- نظرية - عربية - في علم الاقتصاد
- كيف أدرك الشرق الوعي الكلي ؟
- الآلة الواعية .. بين الوهم ِ والحقيقة
- الروبوت الواعي المفكر_فكرة الوعي الآلي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد مهدي - العِلموية والإسلام (3)