أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - صادق رشيد التميمي - دور المحاكم العليا في حماية حرية التعبير و الصحافة















المزيد.....


دور المحاكم العليا في حماية حرية التعبير و الصحافة


صادق رشيد التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 3083 - 2010 / 8 / 3 - 09:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تبقى حرية التعبير من القضايا الصعبة والمعقدة جدا حتى في اكثر المجتمعات تسامحا وهي تتعلق بقدرة الافراد والجماعات على التعبير عن افكارهم او ارائهم من دون اي مخاوف او تبعات من الاجهزة الرقابية السياسية وتمتد حرية التعبير لتشمل مجالات متعددة كالصحافة والتخاطب والتظاهر سلميا وحرية الاجتماع كما انها تشمل مجالات حديثة كالفضائيات وشبكات الانترنت وتحقق حرية التعبير والصحافة الكثير من الاغراض منها كف سلطة الحكومة للتدخل في الحريات الشخصية للافراد وحماية حقوقهم لاختيار نهج حياتهم كما ان حق التعبير يطور الممارسة السياسية وتعددية المشاركة الديمقراطية لانه يسمح برصد الاخلاق السياسية للاخر كما ان وجود مؤسسات الصحافة والاذاعات ودور النشر القادرة على اداء مهامها بحرية واستقلالية يساهم بشكل فعال بالكشف عن فساد الحكومات كما انها تساعد على ضمان حماية استمرارية الديمقراطية واذا كان مجرد النص في الدستور على حق الرأي والتعبير لايعني انه حق مفتوح بشكل مطلق فالسؤال الذي يثار وفق اية رؤية ثقافية وفلسفية يجري فيها تفسير او تاويل النص الدستوري الخاص بحرية التعبير والصحافة؟ وماهي افضل الوسائل لحماية حرية الافراد وتشجيع التعبير عن الاراء والافكار السياسية في مدارلايقلل قيد حماية الامن العام او القيم الاجتماعية الهامة من شأن مبدأ الالتزام بالحرية والديمقراطية وبالتاكيد ان اسس النظام السياسي والاقتصادي وماهية القيم والاخلاق الاجتماعية السائدة والمتصارعة في المجتمع هي التي تتحكم بالمسارات النهائية لمضمون حرية التعبيراذ من المستحيل وضع بيان نهائي ثابت ومحدد ومنصوص عليه تفصيلا لماتشتمل عليه حرية التعبير والصحافة بحسب الطبيعة المتغيرة والمتحولة للعلاقات الاجتماعية وهناك مبادئ وقواعد عامة تكون بمثابة مرجعيات للمحاكم في التصدي لمفهوم حرية التعبير من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ملزم للمحاكم لتوقيع الدول عليه والتي تنص على :1- لكل انسان حق في اعتناق اراء دون مضايقة 2- لكل انسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضرب المعلومات والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين دون اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب او مطبوع او في قالب فني او باية وسيلة اخرى يختارها 3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من المادة واجبات ومسؤوليات خاصة وعلى ذلك يجوز اخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة ان تكون محددة بنص القانون وان تكون ضرورية لاحترام حقوق الاخرين او سمعتهم او لحماية الامن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الاداب العامة. اذا وفقا لهذا النص فان القيود المفروضة على حرية التعبير والتماس المعلومات والافكار هو ان تكون هذه القيود محددة في نص القانون اي ان يتم ذكرها وان تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لاتمس جوهر الحرية وفي النهاية فان المحاكم العليا هي التي تحدد فيما اذا كانت حرية التعبير تنتهك قيدا ما او لا عبر تأويلها لجوهر القيد ومداه، كما تعتمد المحاكم المعايير الدولية لحرية الصحافة عند تصديها لقضايا حرية التعبير وهي حظر الرقابة المسبقة وحق الوصول الى المعلومات ومبدأ الكشف الاقصى وحق النقد مكفول للصحافة وعدم جواز التوقيف(الحبس الاحتياطي) ويكتفى بالغرامات المالية فقط والحفاظ على سرية مصدر المعلومات.وبتصورنا ان فحص مضمون حرية التعبير بموجب الاعلام والتقاريرالاخبارية قضائيا يرتبط بحق الوصول للمعلومات والحصول عليها وشفافية الهيئات الحكومية بالكشف عنها .لكن متى يكون التعبير قد انتهك الحماية القانونية؟ هناك ثلاثة اساليب عن كيفية تعامل الدساتير مع مايمكن ان يصنف انه تعبير هدام الاول قد يرد نص في الدستور يمكن استخدامه لتقويض حرية التعبير المعترف بها قانونا (تنص المادة 13) من الدستور اللبناني بانه يتكفل القانون بحرية التعبير عن الرأي سواء كان شفويا او كتابيا وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية وحرية التجمعات ) إحدى مشاكل هذا الاسلوب انه يعطي لاصحاب السلطة الذريعة والمرونة القصوى لقمع المعارضين السياسيين باعتبارهم اعداء للدولة وبالتالي يقوض حرية التعبير ومن اجل نجاح هذا الاسلوب يجب ان تكون للبلاد ثقافة سياسية ومؤسسات قادرة على السيطرة على انتهاكات الحكومة وقد اخذ الدستور العراقي بهذا الاسلوب. والاسلوب الثاني الذي يسمح بتحديد حرية التعبير اذا ماكان هذا التحديد قائما على اسس الحرية والديمقراطية كما هو الحال بالتحديد الوارد في المادة (10) من الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية للدول (النص على القيود في القانون وتعد جزءاً ضرورياً في مجتمع ديمقراطي) ويحدد دستور جنوب افريقيا مبررات معقولة للتحكم بالخطاب في القسم (36) وتشمل (1) اهمية الغرض من تحديد حرية التعبير (2) طبيعة ومدى تحديد حرية التعبير (3) الصلة بين التحديد للحرية وغرضها (4) اجراءات شبه تقيدية لانجاز هذا الغرض هذا المعيار الواضح والمحدد سيساعد على منع الحكومة من انتهاك حق التعبير وسوء التصرف فيها. الاسلوب الثالث الدستور الامريكي الذي لاينص على اية قيود على حرية التعبير وبذلك لايصرح عن طبيعة القيود التي يمكن قبولها وتقوم المحاكم بتحقيق تكافؤ بين النظام العام وحرية التعبير.وتتباين احكام المحاكم العليا طبقا لاعتبارات سياسية واجتماعيةوالاتفاقيات الدولية والرؤية الفلسفية المتحولة لمفهوم الاخلاق والقيم في حماية الخطب واشكال اخرى من نظم التعبير العامة فيما اذا كانت مؤذية او تسيء الى السمعة او تدعو الى اثارة الفتن والضغائن .في البلدان التي عانت من جراء تزايد العنف الديني والتطهير العرقي تتشدد في تحريم الخطب الدينية التي تدعو الى الاثارة والتحريض وتضع عواقب وخيمة لمن يقوم بها وعلى سبيل المثال اعتبرت المحكمة الدستورية الاتحادية الالمانية ان الخطاب الذي ينكر مذابح اليهود على يد النازيين هو محضور ويعد عنصرياً ومن ثم ان الحكومة تمتلك سلطة تحريم القاء مثل هذه الخطب .ورأت المحكمة العليا في كندا ان الخطاب الباعث على اثارة القلاقل لايحميه الدستور شرعا وساقت في حجتها إن القضاء على العنصرية امر بالغ الاهمية لتحقيق الديمقراطية والحرية وعلى النقيض من ذلك فان المحاكم في الولايات المتحدة لها رؤية مغايرة من حبس الخطاب العنصري الى التصريح فيه اذ اعتبرت الخطب الهادفة الى اثارة الدعاية العنصرية هي محمية من قبل الدستور كوسيلة من وسائل التعبير عن حرية الخطاب واقرت المحاكم بان قيمة حرية التعبير عن الرأي تفوق حجم الضرر الواقع على المجتمع لكن السؤال وفق اي رؤية يمكن تحديد مفهوم الخطر الكامن كما ان السياق الذي تأتي به كلمة (الويل لكم) مهم جدا لتحديد المفهوم طبقا لهذه الرؤية اذ إن ورود هذه العبارة في حشد ضد فرض قيود على الزواج المثلي يختلف عنه في ورودها في حشد يدين سياسة الحروب اواحتجاج على طغيان نظام الملكية المطلق دون قيود عليها تحد من التفاوت الطبقي باعتبارها وظيفة اجتماعية. وفي تتبع تطور احكام المحكمة الاتحادية الاميركية نجد انها تتباين بين وضع قيد نسبي على حرية التعبير ودعم مبدأ الاطلاق الواسع لها الذي اصبح مبدأ مستقراً في احكامها في الفترات الاخيرة. في عام 1798 وبسب خشية الكونغرس الاميركي من تطاير شرار الثورة الفرنسية الى الولايات المتحدة اصدر الكونغرس بالاغلبية قانون التشهير الذي جرم كل من كتب وطبع ولفظ ونشر اي كتابات كاذبة او افترائية او خبيثة ضد الحكومة وحوكم عدد من الافراد والصحف بموجب هذا القانون وكان احدهم الناشر جيمس طومسون الذي وجهت اليه تهمة التشهير الجنائي لاشارته الى الرئيس جون ادمز عام 1800 على انه ( رأس اشيب مثير للفتن يداه ملطختان بالدم) سجن لعدة سنوات واصدر توماس جفرسون العفو عنه بعد وقت قصير من وصوله الى الرئاسة عام 1801 الذي اعتبر ان مثل هذه الصحافة هي الضامن الافضل للحرية وكان يريد التغاضي عن تجاوزاتها بغية كسب منافع النقد المستمر الذي يستطيع ان يسلط الضوء على الانشطة الحكومية ومع بداية القرن التاسع عشر اصبحت تهمة التشهير تدريجيا مادة تتعلق بالقانون المدني اكثر من كونها موضوع محاكمات جنائية. وطالما تحكمت الرؤى السياسية التي تتبناها الطبقات المتنفذة بتأويل مفهوم حرية التعبير قضائيا طبقا لمصالح تنسجم مع اسسس النظام السياسي والاقتصادي على سبيل المثال اصدرت المحكمة العليا الاميركية قرارا بادانة جاكوب ابرامزعام 1919 لاتهامه بالتحريض على الفتنة طبقا للقانون الذي اصدره الكونغرس عام 1919 لانه كتب ووزع نشرتين ينتقد فيها الرئيس ودرو ولسون والحكومة الاميركية لتزويدها الدعم العسكري لمحاولة القيصر الروسي الهادفة الى القضاء على الثورة البلشفية وجاء في قرار المحكمة ان سلوك ابرامز اوجد خطراً واضحا وقائما للسلم المدني وبذلك يمكن للحكومة ان تعاقب عليه غير ان اهم قرار اتخذته المحكمة العليا والذي يعزز حرية الصحافة القرار الذي اصدرته في قضية رفعت اليها عام 1931 تتعلق بحق الولاية بتقييد نشر صحيفة فضائح مشهورة بسوء سمعتها هي صحيفة ساترداي نشرها جاي ام نير الذي عبر بقوة عن أسوأ مشاعر التعصب الاهلي والعرقي في العشرينيات من القرن الماضي اصدرالمجلس التشريعي لولاية منسيوتا عام 1925 قانون ازالة الاقلاق العام والذي سمح للقاضي بان يأمر باغلاق صحيفة يعتبرها بذيئة وفاسقة ومتهتكة او خبيثة وفاضحة وتشهيرية بعد فترة قصيرة على تشريع القانون اغلق قاضي في الولاية الصحيفة وعند استئناف القرار امام المحكمة العليا اعلنت المحكمة باغلبية اربعة قضاة من اصل خمس دفاعا دستوريا لموقف اميركي بقي متبعا لفترة طويلة استند على القانون العام الانكليزي ووافق عليه الاباء المؤسسون ويقول بعدم جواز وجود تقييد مسبق للصحافة قررت المحكمة انه في حين قد يكون مقبولا من وقت لاخر معاقبة شخص لمنشور فاسد او خبيث او تشهيري بدرجة خاصة يجب ان تكون القضية بالغة الاهمية مثل مسألة تتعلق بالامن القومي للمنع المسبق لصحيفة من نشر مقال مثير للجدل ويرى القاضي هولمز احد قضاة المحكمة الاتحادية العليا في الولايات المتحدة عام 1919ان حرية التعبير جيدة لانها تؤمن الظروف التي تنبثق منها الحقيقة حتى حرية الافكار التي نكرها ويرى ان الدستور صمم لوجهات نظر مختلفة ومتعددة. ومن اجل ان يعد المجتمع بانه ديمقراطي حقيقي عليه ان يؤمن درجة عالية من الحماية للتعبير عن الافكار المنشورة يقول القاضي هولمز: ( عندما يدرك الناس ان الزمن قلب مفاهيم العديد من المعتقدات المتناحرة فقد يتوصلون الى الاقتناع بان الخير المطلق المرغوب يتحقق بصورة افضل من خلال تجارة الافكار الحرة وان افضل اختبار للحقيقة هو قدرة الفكر في ان يصبح مقبولا لدى تنافسه في السوق هذه هي حال نظرية دستورنا ) اذ يعرف الحق هو مجرد فرضية جدلية لتحقيق نبوءة ما.وفي احد القرارت التي اصدرتها المحكمة العليا هي قضية ( جيتلو ضد نيويورك ) والتي ادانت فيها جيتلو باعتباره يبشر بافكار شيوعية تعتبر تهديداً للنظام السياسي ودعوة لاسقاطه خالف القاضي هولمز وحده قرار المحكمة بالقول: ( ان قدر للمعتقدات المعبر عنها في دكتاتورية البروليتاريا على المدى الطويل ان تكون مقبولة من قوى المجتمع المسيطرة فان المعنى الوحيد لحرية الكلام هو ان تتاح لها الفرصة وان يفسح لها الطريق ) وقد علق احدهم على هذا الرأي بانه(ليس تعبيراً عن الثقة في قوة الحقيقة على الفوز في ميدان المنافسة بل هو بيان يعبر عن اللامبالاة في اي المذاهب يفوز في السوق وهذا يعني ان الدستور محايد من الناحية السياسية ) وقد وصف هولمز بانه يمتلك حدس فيلسوف وخيال شاعر.واذ كان ليس هناك مواصفات لضمان حرية التعبير فان حرية التعبير تعد بالنسبة للبعض عنصرا حيويا للبحث عن الحقيقة ولاسيما الحقيقة السياسية فالمبدأ ( ان الدولة لابد ان تسمح للحوار بان يستمر مهما بدا هذا الحوار بغيضا ولايسمح للحكومة بان تعاقب المتحدث الا عندما يكون النظام الاجتماعي في خطر شديد ) وبالنسبة للشخصيات العامة وقانون التشهير طورت المحكمة الاتحادية مبدأ في قضايامثيرة للاهتمام وكالاتي ان فردا عاديا اي فرد غير مشهور او لايكون اسمه متداولا على السنة الناس يتمتع بحرية من الانتقاد من وسائل الاعلام اكبر مما يتمتع به شخصية عامة من جهة اخرى على الشخصية العامة ان تتحمل التعليقات المحرجة والانتقادية لوسائل الاعلام حتى ولو كانت خاطئة مالم يثبت بان ناشر هذا الكلام او محرره او مذيعه عمل عن خبث لهذا الغرض وعرفت المحكمة كلمة (خبث) بانها تعني اصدار منشور يعرف كاتبه او محرره او مذيعه بانه خاطى عندما تم نشره. ان معظم القضايا التي نظرت المحاكم فيها استنادا الى مبدأ الشخصية العامة توجهت نحومااذا كان يدعي التشهيراو التحقير هو في الواقع شخصية عامة حسب راي المحكمة اذا تم اعتبار الفرد بانه شخصية عامة يصبح من الصعب للغاية الاثبات بانه تم التشهير به ومن القضايا بهذا الصدد الاعلان الذي نشر في اوائل الستينيات اشار الاعلان الى ان مارتن لوثر كنغ داعية الحقوق المدنية قد تعرض للمضايقة من مسؤوليين حكوميين عند تطبيق احد القوانين في جميع المناطق الجنوبية بضمنها مدينة مونتغومري في ولاية الاباما رفع مفوض الامن العام في مونتغومري سوليفان قضية على صحيفة النيويورك تايمز بدعوى التشهير مدعيا بان الاعلان احتوى بعض النصوص المغالية والخاطئة واقعيا التي قد تجعل الناس يظنون به بصورة انتقادية قررت المحكمة ان صحيفة التايمز ارتكبت اخطاء بريئة غير خبيثة في الاعلان وان سوليفان كونه شخصية عامة لايستطيع طلب التعويضات من صحيفة التايمز وفي قضية اخرى ( كان جيري فالدويل وزير محافظ واسع الشهرة موضوع اعلان ساخر في مجلة جنسية بوضوح كانت الوقائع حول فالدويل في الاعلان خاطئة بشكل غريب ونتيجة لذلك ادعى فالدويل ان سمعته اصيبت بضرر بالغ لكن المحكمة رأت لصالح المجلة ان المحافظة على حرية الصحافة يسمح بمجال واسع من الحرية لرسامي الكاريكاتور وللذين ينتجون رسوماً كاريكاتورية .ان الصحافة الحرة حتى تلك التي تتخطى احيانا حدود الذوق السليم هي اساس للمحافظة على مجتمع ديمقراطي وان الصحافة مهما كان نقدها قاسيا فيجب ان لاتمنع. وبتصورنا لن تكون هناك حرية تعبير حقيقة دون الحق في الوصول للمعلومات والكشف عنها من قبل الهيئات الحكومية اذ افترض احد قضاة المحكمة الاتحادية وهو الكسندر مايكل جون اساساً منطقياً لحرية التعبير عندما قال (ان واضعي الدستور كانوا مهتمين بالحرية السياسية وبنجاح الديمقراطية والمواطن الذي ينتقد الحكومة يجب ان تتاح له المعلومات التي تمكنه من القيام بواجبه السياسي وبغير ذلك فانه لن يستطيع ان يمارس حقه في مراقبة حكامه) وتمارس المحاكم عملية موازنة للمصالح المتنافسة لكي تقرر ما اذا كان التنظيم الحكومي معقولا وفق المبدأ الاتي ( ان اي تنظيم حكومي يمكن تبريره بدرجة مقبولة اذا عزز مصلحة حكومية مهمة او اساسية واذا كانت المصلحة الحكومية لاصلة لها بقمع حرية التعبير والا يكون القيد العارض على حرية مدعاة غير متجاوز لما هو ضروري لتعزيز المصلحة .على سبيل المثال فان امرا بلديا واسعا ينظم اصوات الشاحنات ويمنح حرية تصرف واسعة لمسوؤلي البوليس اعتبر غير دستوري ( قضية ساسيا ضد نيويورك) وفيما يتعلق بحرية التعبير من خلال التعبير الرمزي قيام احد المتظاهرين كوسيلة احتجاج سياسي بحرق العلم الاميركي في المؤتمر الجمهوري القومي في تكساس فان ادانته بمقتضى احد قوانين تكساس الذي يمنع تدنيس شيء مبجل اعتبرت المحكمة ان الطبيعة السياسية الصريحة والمعبرة لسلوك حارق العلم في المؤتمر كانت واضحة (ليس للولاية ان تفترض ان الكلمات الاستفزازية او العدوانية سوف تؤدي الى فوضى وان حرق العلم لايشكل كلمات قتال (تكساس ضد جونسون) ذلك انه كانت هناك نية لتوصيل رسالة سياسية وسوف يتلقى الاخرون الرسالة ويفهمونها. ويمكن القول ان المحاكم الاتحادية العليا هي في النهاية تمارس وظيفة سياسيةعبر تفسير او تأويل النصوص الدستورية اي انها تدعم وجهة نظر سياسية بطريقة قانونية وهذا امر حتمي ومنطقي في ظل الاجراءات الديمقراطية لكن السؤال الذي يبرز هنا ماهي المعايير التي تحدد او تتحكم بعملية تفسير او تأويل النص لصالح وجهة نظر سياسية دون اخرى ؟ ان تأويل النصوص الدستورية يخضع لمصالح الطبقات الحاكمة والمتنفذة في اغلب الاحيان. وفي العراق ستواجه المحكمة الاتحادية العليا قضايا متعددة مثيرة ومعقدة ترفع لها للبت فيها وسيتطلب منها تحديد وتعريف او شرح او تفسير او تأويل بعض النصوص الدستورية والتي لها علاقة بحرية التعبير على سبيل المثال المادة 38 مفهوم النظام العام والاداب باعتبارها قيداً على حرية الراي والتعبيروفي ما اذ كانت نتاجات فنية وادبية او افكاراً نقدية تتحرى حقيقة ما يتم استهدافها تحت هذه الحجة وكذلك نص المادة 42 ماهي الافكار الحرة طبقا للقانون وماهو مفهوم العقيدة وايضا نص المادة 7 ماهو تعريف النهج العنصري والتكفير وكذلك مفهوم الارهاب وكذلك نص المادة 37 ماهو مفهوم الاكراه الفكري والسياسي والديني وعلاقته بالممارسات السياسية للسلطة او الاحزاب وكذلك الطقوس الدينية ماهي حدودها ومتى تنقلب الى اكراه تخرج عن نطاق ثوابت احكام الاسلام في المادة (2)وكذلك مفهوم الخصوصية الشخصية ومفهوم الاداب العامة الوارد في المادة 11 كما ان المحكمة الاتحادية العليا سيتطلب منها ايضا وعند نشوء نزاع مرفوع لها بصدد حرية التظاهر السلمي والاجتماع ان تدقق ماهي الحدود التنظيمية المعقولة التي يتظمنها القانون باعتبارها حريات سيفرض عليها القانون تنظيماً ما طبقا لنص المادة 38 ثالثا وفي ما اذ كانت هذه القيود ضرورية لتحقيق مصلحة حكومية دون ان تضربجوهر هذه الحقوق او تفرغها من محتواها والتحكم بها لصالح طبقات السلطة ضد المعارضة بحجة الامن العام وعلى ان لاتكون هناك بدائل لتحقيق المصلحة الحكومية. كما ان المفاهيم الواردة في نص المادة 2 سيتطلب ايضا من المحكمة الاتحادية ان تحدد ماهية ثوابت الاسلام ومبادئ الديمقراطية وكذلك الفقرة ثانيا من المادة اعلاه قد تستخدم لتقويض ظهورافكار لاتروق للاخرين بحجة حماية الهوية الاسلامية وكذلك تحديد مفهوم الحريات الدينية باعتبارها حقوقاً لم يرد الدستور عليها اي قيود تنظيمية وهناك خشية من ان تستخدم الممارسات والطقوس الدينية لتهديد حقوق الاخرين طالما كانت هي مطلقة دون قيود تنظيمية وعند ذاك يصعب التميز بين الاكراه الديني الوارد في المادة 37 وبين ممارسة الشعائر والطقوس الدينية. ان تحديد مفاهيم النصوص الواردة وشرحها وتفسيرها هو الذي سيخلق المدارات النهائية التي تتحرك بها حرية التعبير والراي وهذا كفيل بالتجربة والممارسة والتصدي القضائي وعلى المحكمة الاتحادية ان تعتمد التفسير المرن وان تفسر الحقوق بتسامح وبموازنة بين مختلف التوجهات الفكرية من جهة ومن جهة مع مفهوم النظام العام بمعنى تفسير مفهوم النظام العام ليس لصالح وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر السلطة خشية من تيارات اجتماعية لاتومن بالتجديداو افكار الاخرين وانما لصالح تنمية المجتمع باتجاه الديمقراطية الحقيقة وليس الشكلية او الالية على صعيد الحكم السياسي كما على المحكمة الاتحادية اعتماد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقع عليها العراق كالعهدين الدوليين واتفاقية منع اشكال التمييز ضد المراة وان تعتمدها في عملية تفسير النصوص الدستورية باعتبارها مرجعيات ملزمة وان تعتمد التفسيرات المرنة والمتسامحة بالاستناد الى المذاهب السياسية والاجتماعية الحديثة والتي تعزز التيارات الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية في المجتمع ودعم حرية التعبير مهما كان النقد قاسيا والحق في الوصول للمعلومات والتي لم ترد في الدستور لكنها وردت في الاتفاقيات المذكورة كما ان المحكمة عليها ان لاتتوقف عند التحفظات الواردة في الاتفاقيات اعلاه ذلك انه وطبقا لاتفاقية فيينا للمعاهدات يتم تنفيذ المعاهدة طبقا لحسن النية على ان لايتم تفريغ الحقوق الواردة من محتواها ولايسمح باي تحفظ يكون منافيا لموضوع الاتفاقية ومقصدها ولايجوز لاي طرف ان يستظهر باحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذ معاهدة ما.



#صادق_رشيد_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اين يجئي الدكتاتور
- هيئة النزاهة ملزمة بالكشف للجمهور عن تفاصيل المصالح المالية ...


المزيد.....




- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام واشنطن -الفيتو- لمنع حصول فل ...
- فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - صادق رشيد التميمي - دور المحاكم العليا في حماية حرية التعبير و الصحافة