أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد مسلم الحسيني - لماذا يصرّ المالكي على رئاسة الحكومة؟















المزيد.....

لماذا يصرّ المالكي على رئاسة الحكومة؟


محمد مسلم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 3083 - 2010 / 8 / 3 - 00:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



خمسة شهور مضت والمفاوضات الجارية بين السياسيين العراقيين، بشأن تشكيل حكومة جديدة، باقية تراوح في مكانها. فالكتل الكبرى الفائزة في الإنتخابات وهي القائمة العراقيّة بقيادة أياد علاوي وإئتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي والإئتلاف الوطني العراقي بقيادة الحكيم والصدر، تتنافس فيما بينها على كرسي رئاسة الوزراء. عدم حصول أيّ من هذه الكتل على الأغلبية البسيطة في البرلمان يدعو الى ضرورة تآلفها مع بعضها من أجل الوصول الى هذه الأغلبية، وهنا هو البيت القصيد وموقع المحنة.
فكلّ كتلة من هذه الكتل السياسيّة تطمح أن يكون المنصب الأوّل في الدولة لها وأعني منصب رئيس الوزراء، لما لهذا المنصب من أهمية كبرى حيث أن من يعتليه ربما سيلتصق فيه ولا يستطيع أن يزحزحه عن مكانه أحد في ظروف جديدة قادمة.

أهميّة وقوّة منصب رئيس الوزراء في العراق تحدده أمور كثيرة أهمها أن صاحب هذا المنصب يتمتع بصلاحيات واسعة ويسيطر على مراكز للقوة كونه القائد العام للقوات المسلحة والرقم الأوّل في السلطة التنفيذية، إضافة الى منافع مادية وسلطوية تخلق منه مركب هجين يقع بين الديمقراطية والدكتاتورية أي مركب "الدكتوقراطيّة". من الأدلة التي تدعم إزدواجية صلاحيات رئيس الوزراء بين الديمقراطية والدكتاتورية هو أنه يبقى بمنصبه حتى لو إنسحبت الكتل المتآلفة معه في الحكومة. فقد إنسحب ما يقارب من سبعة عشر وزيرا من حكومة المالكي في وقتها وبقي المالكي في منصبه دون أن يتزحزح، وهذا ما لا يحدث في العرف الديمقراطي العام وفي الحكومات الديمقراطية الأخرى ، لأن إنسحاب ما يقارب نصف أعضاء الحكومة يعني سقوط الحكومة حتما. بل إن إنسحاب أي كتلة تؤلف جزء من الحكومة يعني سقوطها في الديمقراطيات المعروفة، بينما إنسحبت من حكومة المالكي أكثر الكتل التي تآلفت معه في تشكيل الحكومة ومنها تكتل القائمة العراقية والتيار الصدري وحزب الفضيلة وجبهة التوافق وغيرها من الكتل والأحزاب، لكن المالكي بقى في مكانه يقود الوزارة دونما إهتزاز!

وجود مركّب "الدكتوقراطيّة" في اسلوب الحكم المتبّع في العراق جعل بعض السياسيين العراقيين يتشبث في منصبه ويصعب إزاحته عنه بالطرق الطبيعيّة، وهذه الظاهرة ستكون واضحة للعيان وجليّة عندما يغيب "راعي الديمقراطية" من الساحة العراقية وأعني بعدما ينسحب الأمريكيون من العراق. أي أن السياسي العراقي الذي بيده نواصي الأمور في تلك الساعة ربما لن يسلّم السلطة لغيره بسهولة ضمن نتائج إنتخابات جديدة، بل سيسلك طريقا موازيا لما يعمله أي دكتاتور آخر ويحاول عمل الممكن والمستحيل، المشروع وغير المشروع، من أجل البقاء في السلطة. من هذا المنطلق تكمن أهمية مقام رئيس الوزراء في الحكومة القادمة والذي ربما سيبقى في مكانه الى أجل غير مسمّى!

هذه الحقائق تجعل منصب رئيس الوزراء صفقة العمر بالنسبة للأحزاب السياسية، فمن يفقدها اليوم ربما لن يلقاها بعد، وهذا ما يفسّر سر صعوبة تشكيل الحكومة حيث أن كلّ طرف يعتقد بأنه سيكون جسرا للعبور لغيره إن هو لم يمسك بمنصب رئيس الوزراء في هذه الفرصة. لقد سعى التيار الصدري في الإنتخابات السابقة أن يكون جسرا يمر عليه المالكي من أجل الوصول الى السلطة، لكن سرعان ما تهشم هذا الجسر وبقي المالكي في السلطة وخرج التيار الصدري منها. هذه التجربة المريرة لا يريد أحد من الأحزاب أن ينتهجها مرّة أخرى، فالكل متيمّن بالقول المأثور " المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين". وهذا ما يفسّر الرفض القاطع بقبول تولي المالكي سدة الحكم مرة أخرى، خصوصا من قبل الإئتلاف الوطني العراقي الذي يشكل التيار الصدرى النسبة الكبرى منه.
إنطلاقا من هذه المفاهيم وغيرها فالمالكي يتشبث بالسلطة بل حتى لا يقبل ترشيح غيره ولو كان من حزبه، لأنه يدرك جيّدا بأن ترشيح غيره لمنصب رئاسة الوزراء تعني إنفراط السلطة منه ومن حزبه وذلك لأسباب عديدة أهمها : أن المالكي يدرك بأن إلحاح الكتل الأخرى على ترشيح شخصيّة أخرى من حزبه لمنصب رئاسة الوزراء هي مكيدة له ولحزبه. فهو يعتقد بأنه ليس هناك شخصيّة قويّة غيره لها الكارزما والقوة والسيطرة بحيث تلتف حولها أحزاب تآلف دولة القانون، كما أن أي شخصيّة أخرى من حزبه سوف لن تكون موازية للشخصيات المنافسة له من حيث الثقل والتأريخ السياسي. لأن المرشح الجديد عليه أن ينافس شخصيات لها باع طويل في المعترك السياسي العراقي كالسيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية الحالي والسيد إبراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق السابق والسيد أياد علاوي رئيس وزراء العراق الأسبق، فكلّهم من الفطاحل السياسية في عراق التغيير، بينما لا تعرف شخصيّة من حزب الدعوة تتمتع بنفس القدر من المكانة والشهرة.

عدم حصول المالكي على منصب رئاسة الوزراء في الحكومة الجديدة يعني فقدان مميزات ومصالح لحزب المالكي، فقد إستمتع أعضاء هذا الحزب بمناصب كبيرة ومراكز مرموقة في السلطة قد لا تتناسب مع مؤهلاتهم، كما توغلوا في أطراف الدولة ومؤسساتها وثناياها. هذه المناصب والألقاب سوف لن تحفظ لهم أمام أي تغيير في السلطة في ظل حكومة عراقية جديدة، بل ربما ستفتح قنوات تحقيق طويلة وعريضة لملاحقة ومعاقبة من أفسد من هؤلاء أو من يشك في فساده الإداري والمالي. وهذا يعني قلق مستمر وسهر طويل....فلا سبيل إذن أمام المالكي وحزبه إلاّ إستخدام الهجوم كأحسن وسيلة للدفاع ، والهجوم هنا هو التشبث بالسلطة.

تعنت المالكي وتشبثه بمنصب رئيس الوزراء يعتمد على حقيقة واضحة وهي أن أيّا من الكتل السياسية لا تستطيع أن تتآلف مع بعضها على أساس التنازل عن منصب رئاسة الوزراء. وهكذا فهو لا يشعر بتهديد حقيقي في أن تتآلف الكتلة العراقية مع الإئتلاف الوطني العراقي لتشكيل حكومة، لأن عقدة رئيس الوزراء ستبقى الحجر العثرة الذي يسقط عليها من يتخطاها. أما كلّ ما يقال من تقارب وتفاهم بين هاتين الكتلتين بصدد تشكيل الحكومة فما هو إلاّ ذر الرماد في العيون وورقة ضغط عليه وعلى حزبه. فهو يعلم بأن هناك أسباب عميقة تدعو الى عدم إئتلاف الكتلتين مع بعضهما لوجود ظروف خارجيّة وداخلية قد لا تسمح بمثل هذا التآلف، فإيران مثلا لا يروق لها أن يعتلي السيّد علاوي ناصية الحكم في العراق لعلمانيته من جهة ولإرتباطاته الستراتيجية مع الإدارة الأمريكية من جهة أخرى، فمن المرجح أن تضغط على مؤيديها في الإئتلاف الوطني بالتخلي عن هذه الفكرة إن أحست بجديّة هذا المسعى . كما أن غالبية الموالين للسيد الصدر والسيد الحكيم والذين يشكلون السواد الأعظم من الإئتلاف الوطني العراقي هم من الإسلاميين الشيعة الذين لا يؤنسهم تسليم مفاتيح السلطة لقائمة تضم أكثريّة سنيّة من جهة ويتهم الكثير من أعضائها بالبعثية من جهة أخرى.

كما يدرك المالكي أيضا بأن أزمة تشكيل الحكومة هي ليست أزمة ناتجة عن صراعات سياسيّة عراقية داخلية فحسب وإنما هي أزمة ناتجة عن صراعات بين قوى وأقطاب خارجيّة أيضا. فالإيرانيون يسعون لحكومة عراقية برئاسة الإئتلاف الوطني العراقي الذي توالي غالبية أحزابه النظام في إيران، بينما القطب الأمريكي يريد أن تكون ناصية الحكم بيد القائمة العراقية التي تبتعد في رؤاها وستراتيجياتها عن موالاة إيران. لكن أي من الطرفين لا يستطيع أن يحسم الموقف لصالحه مالم يتم إقناع المالكي بمد يد المساعدة والعون. كما أن أي طرف من الأطراف الخارجيّة لا يستطيع أن يسلط الضغط على المالكي، فإيران تخشى أن يتآلف هذا الرجل مع القائمة العراقية وأمريكا تخشى أن يتآلف مع الإئتلاف الوطني العراقي، فهو كالطفل المدلل يهدد أمّه تارة وتارة يهدد أباه والإثنان يطلبنا ودّه....! ومن هنا تنطلق مواقع القوة عند المالكي، فالذي يريد كسبه عليه أن يدفع الثمن غاليا، وهكذا سيبقى منصب رئيس وزراء العراق مطروحا في المزاد العلني العالمي يكسبه من يدفع الثمن الأكبر فيه....!

من نقاط القوة التي يستند عليها المالكي أيضا في منازلاته هو معرفته بعمق المأزق الحالي الذي يمسّ السياسيين الآخرين قبل ان يمسه أو يمس حزبه أو حكومته. فهو لا يزال قابع في سدّة الحكم على رأس هرم السلطة، يتمتع بما أسداه له هذا المنصب من أرزاق ونفوذ وهيمنة، فهو يقود ولا يقاد... يخشاه الناس ولا يخشى أحدا... بيده الأمر وبيده النهي.... وعجلة الزمن تمر من جانبه والى صالحه وليس في صالح غيره. فعلام هذا القلق ولماذا هذا الإستعجال! وهكذا فأن لسان حاله يقول وهو يخاطب غيره من الكتل والأحزاب والسياسيين : " فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون....."



#محمد_مسلم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورود في قائمة الانتخابات
- دموع تحت أغصان الصفصاف
- بواعث الإحساس عند الإنسان
- سيناريوهات تشكيل حكومة عراقية جديدة
- مذكرات رحلتي الى العراق
- أنصفونا قبل أن - تدمقرطونا-
- أوربا صار لها رئيسا ،فمن هو...؟
- تركيا والسلوك السياسي المزدوج.
- الإنتخابات العراقية وصراع الأقطاب
- عطش في وادي الرافدين!
- دكتوراه في سن السادسة والسبعين! : معاني ودلالات....
- أزمات العالم جذورها تكمن في فلسطين...
- جنون العظمة: مرض عقلي أم داء إجتماعي؟
- ماذا سيحصل لو هوجمت إيران؟
- السلم في الشرق الأوسط هدف من اهداف العالم المتحضر
- إنفلونزا الخنازير وباء جديد يدق ناقوس الخطر
- الأوربيون والملف النووي الإيراني
- لماذا يقتل الحاكم شعبه...!؟
- تركيا من غرب يرفضها الى شرق يصبو اليها..
- ابحث عن امرأة تكرهني اسمها دنيا....


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد مسلم الحسيني - لماذا يصرّ المالكي على رئاسة الحكومة؟