أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان















المزيد.....

اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان


فيصل البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 22:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انهى حزبان أردنيان يساريان في فترة زمنيه متقاربه مؤتمريهما العامين، الشيوعي الأردني أنهى مؤتمره يوم 16/7 والشعب الديموقراطي ( حشد ) يوم 23/7 .
وما رشح عن مؤتمر الشيوعي، خصوصا من رسالة قطاع الشباب في الحزب، يشير إلى أن لا شيئ قد يتغير في مرحلة ما بعد المؤتمر بعيدا عما كان سائدا قبله، ولم يرشح عن مؤتمر " حشد " سوى مانشرته جريدته الرسميه " الأهالي " ، لكن ، ليس هناك ما يشير إلى تغييرات ما في طبيعة الخطاب المعتمد لدى الحزب في المرحلة القادمه .

لا شك أن المهمات الآنية الملقاه على عاتق اليسار الأردني وعلى الأخص الشيوعي وحشد، جسيمه وحيويه مع تردي الأوضاع الإقتصادية لغالبية طبقات الشعب الأردني وإزدياد تمركز الثروه بأيدي فئة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال مع تنامي حدة الفوارق الطبقيه، وهو اليسار ودون تجني أو مبالغه، الذي أدار ظهره تماما وعبر عقود عديده، لجملة المشاكل الإقتصادية والإجتماعيه التي عانى ومازال يعاني منها المجتمع الأردني وبوتيره متصاعده، وعلى وجه الخصوص، تلك الفئة من أصحاب الدخل المحدود والشرائح الواسعه التي تعاني من البطاله، إذ لم يول في الممارسة، أي إهتمام جدي لقضايا المجتمع، من إرتفاع تكاليف المعيشه، وتدني الأجور، والبطاله المتفشيه، والتسريح القسري من العمل، ومشاكل الخريجين والتعليم الجامعي باهظ الكلفه، والضمان الصحي الكامل للجميع، وبيع أصول الدولة لشركات غير وطنيه هدفها إمتصاص دماء الشعب وزيادة معاناته الإقتصاديه، والضرائب، ومنها ضريبة المبيعات التي يتساوى في دفعها أصحاب الثروات مع الكادحين المعدمين، وإستشراء الفساد، وجملة واسعه من الهموم المعيشية اليوميه التي كسرت ظهر غالبية طبقات المجتمع ودفعت بخمسه تقريبا نحو خط الفقر وما دونه، وما لكل هذا من تداعيات إجتماعيه قاسيه . سياسة اليسار هذه في إدارة الظهر ، هي بالظبط ، ما يفتح شهية الرأسمال الأردني والوافد لإستنزاف الطاقات الإقتصاديه للطبقه العامله الأردنية وحلفاءها من الكادحين، وهي التي تفسح المجال واسعا أمام الحكومات المتعاقبه للتغاضي عن معالجتها بشكل جذري وثابت .

إدارة اليسار الأردني ظهره لجملة مشاكل المجتمع ومعاناته، ليس جديدا، لكنه يتجلى على نحو صارخ منذ إشاعة بعض مناخات الديموقراطيه وإجازة الأحزاب الأردنيه قبل أكثر من عقدين، لتتحول أحزابه إلى أحزاب تبشيريه تجيد صناعة الكلام، تهتم بالبرامج وتوجيه النقد، ولاتسجل فيها أكثر من الإستنكار والمناشده، وربما تشخيص ظواهر الإستغلال ووضع الحلول لها، لكنها ستظل حبيسة برامجها وحواراتها الداخليه . أحزاب اليسار مقطوعة الصله بالكادحين وهمومهم، ولا تملك أية خطط لخلق آليات ودعم تحركاتهم، وهو ما يفسر محدودية إنتشارها وضعف نفوذها الجماهيري وإنحسارها عن معظم تشكيلات المجتمع الإقتصاديه، خصوصا الكادحه منها .

وفي هذا المكان، لا يكفي من اليسار الأردني تسجيل المواقف ضمن إطار لجنة تنسيق الأحزاب والتيار الوطني الديموقراطي، أو في برامج أحزابه، أو في الحوارات الداخليه لمؤتمراته العامه، واللجان المركزيه والمكاتب السياسيه والأطر التنظيميه ومن على صفحات الجرائد العلنيه، أو حتى مناشدة الحكومات المتعاقبه ومجالس النواب للتخفيف من هموم الشارع الأردني الإقتصاديه والإجتماعيه، كل هذا جيد، ومطلوب، وضروري، لكن، وحتى تتسم أطروحاته بالمصداقية والحرص على مصالح فقراء الوطن، وحتى تكون منتجه، عليها أن تقرنها بحراك في أوساط الكادحين وشرائح المجتمع الأخرى المتضررة، كون اليسار بقواه المختلفه، هو من يملك الرؤيا الواعيه والواقعيه لحقيقة وأشكال الإستغلال الذي يثقل كاهلهم، وهو المعني وحده وليس غيره، راهنا على أقل تقدير، بحل البعض من مشكلات الصراع مع رأس المال الوافد والمحلي والإجراءات المسانده له، وهو المعني بقيادة الطبقه العاملة الأردنيه وحلفاءها المرحليين في معارك رفع الظلم عنهم والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشيه بكل إتجاه . ولن تكفي بالطبع، بل ليس من المجدي، المناشدات الأخلاقيه، والمراهنه بثقل كامل على إجراءات حكوميه منتظره لن تأتي في غالب الأحوال، خاصة بالحد من سطوة أصحاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبيه وإيقاف إستنزاف جيوب المواطنين الفقراء على الأخص، فلا أحد يتخلى عن مصالحه الإقتصاديه طوعا .

التجمعات العمالية في المنشآت الصناعيه والخدميه والعمال الزراعيين وعمال المياومه، وجملة شرائح المجتمع من الكادحين والعاطلين عن العمل والطلبة والموظفين الصغار، هم من يقع عليهم بشكل رئيسي تبعات السياسه الإقتصاديه المعتمده، وإستغلال الرأسمال الأردني والأجنبي المالك لوسائل الإنتاج الوطنيه، وعليه، فإن من يمثل المادة الجاهزه والمؤهله لأشكال منوعه من التحركات الجماهيريه هم لا غيرهم، كونهم المتضررين الفعليين وأصحاب المصلحة في حل إشكالات الصراع الإقتصادي، وعلى أحزاب اليسار أن تتجه نحوهم لتبني مطالبهم الإقتصادية والإجتماعية المشروعه، والدفاع عنها، بتنظيم النشاطات السلميه كالإضرابات العامة والجزئيه والإعتصامات في مواقع العمل وتنظيم حملات المسانده لحقوقهم ورفع الدعاوى القانونيه ضد أصحاب العمل وكل ما من شأنه أن يعمل على تقدم أوضاعهم الإنسانية والمعيشيه .
لكن، في حالة اليسار الأردني، الشكل " النضالي " المعتمد لديه أشبه مايكون بالحوار مع الذات في الغرف المغلقه، دون أي فعل ملموس في أوساط فقراء الشعب ولا يحقق لهم أية مكاسب، ويُبقي أحزابه على هامش حركة المجتمع وتجلياته السياسيه والإقتصادية والإجتماعية . وقد اثبت تجربته، وعبر عقود من العمل العلني، محدودية نشاطه وإبتعاده طائعا عن أي حراك جماهيري، يفعّل دور، ويقود الفئات الواسعه من أبناء الشعب الأردني من المتضررين من السياسات الإقتصادية للحكومات المتعاقبه، بل أكثر من هذا، وفي حالات متعدده مؤخرا، وقفت عائقا أمام دعم وتطوير بعض التحركات الجماهيريه شبه المنظمه، والخاصه بمطالب مشروعه لها علاقة بسياسة رفع الأسعار وتحسين الأجور وظروف العمل، كما في حراك عمال الموانئ والمياومه والتجمعات الجماهيريه أمام جامع أبو درويش والجامع الحسيني على سبيل المثال .

إدارة الظهر لمثل هذه التحركات أو الدعم اللفظي مع وضع العوائق أمام تطورها، هو السائد لدى أحزاب اليسار ، وعوضا عن تبني قضايا المجتمع الملحه، الإقتصاديه والإجتماعيه، وعلى الأرض، يعمد للهروله إلى الأمام بتبني القضايا " القوميه "، معبرا عنها بنشاطات جماهيريه واسعة الحشد والتنظيم، وغالبا ضمن تصورات اليمين الأردني وتحت قيادته الفعليه ممثلا بالواجهه الرسميه لجماعة الإخوان المسلمين، حزب جبهة العمل الإسلامي، كما في التظاهر وتنظيم المهرجانات دعما لحزب الله في حربه عام 2006 ، تلك التي إستدعى بها إسرائيل لتدمير نصف لبنان، وكما في التظاهرات والمهرجانات وأشكال الدعم المختلفه لحركة حماس، إن في حرب صواريخها العبثيه التي قادت إلى تدمير قطاع غزه، أو في " معارك " كسر الحصار على القطاع عبر الدفاع عن أنفاق التهريب والقوافل الإعلاميه المسماه قوافل كسر الحصار وتحت شعارات مضلله تضع قطاع غزه وأهله بنفس المرتبة مع حركة حماس، وبشكل أصح، لا تميز بين حماس وكل أهل القطاع المسروقين بقوة السلاح والدين، وكما في تنظيم المسيرات ومهرجانات التضامن مع قتلة الشعب العراقي مما أسموه بالمقاومه العراقيه وهم من القتله البعثوتكفيريين، النسخه الجديده من الإرهاب الصدامي المتحالف مع الإسلام السياسي التكفيري، وكما في مسيرة إستنكار إعدام الطاغية " صدام حسين " جزار الشعب العراقي، وإقامة مجالس العزاء له في مجمع النقابات .

لا يحظى فقراء الوطن الأردني بإهتمام أحزاب اليسار فيما يخص أمور معيشتهم الصعبه، إن بتنظيم تحركات جماهيريه مطلبيه أو حتى في تقديم الدعم والمسانده الفعلية لتلك التي تظهر على السطح بشكل شبه عفوي بين آونة وأخرى، وواحده من الأسباب، هي تلك العلنية والمساحة الديموقراطيه التي حازت عليها بعد سنوات طويلة من العمل السري كنتيجه للإنتفاضة العفويه جنوب الأردن في نيسان 1989 . الخوف الدائم من فقدان مساحة الديموقراطيه وما تفرضه العلنية من قيود على حراك الأحزاب، تم الإثبات من خلال تحركاتهم " القوميه " ، إمكان تجاوزها وكسر قيودها دون خسائر تذكر، لكن هناك أسباب أخرى تعوق نشاطاتهم الجماهيرية لها علاقة بالبنية الطبقية لأحزابهم، والمركزية الشديده المتحكمة بالحياة الداخلية، والبيروقراطية التي تحكم عملها، وإسترخاء قياداتها التاريخيه، التي لا تتوانى عن قمع أية إتجاهات تهدد مواقعها التنظيمية، إن بحرمانها من الوصول لمواقع صنع القرار، أو حتى بالفصل من التنظيم، نعم، إجازة الإحزاب وعلنية نشاطها هو واحد مما تسعى له الأحزاب عموما، والديموقراطيه منها على وجه الخصوص، وهي واحده من المكاسب الجماهيرية، لكن ضمن شروط حرية الحركه كما في حالة الحزب الشيوعي العراقي الآن، وليس كما في حالة أحزاب اليسار السوريه أو الأردنيه .

اليسار الأردني يخدع فقراء الوطن بمعاركه القوميه وتشدقه على وجه الخصوص بشعارات التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنيه . هو الآن على أبواب خوض الإنتخابات التشريعيه، ويمهد لفشله، بقصور قانون الإنتخابات بنسخته الحاليه التي ترفض مبدأ التمثيل النسبي أو المزواجه بينه وبين صيغ إنتخابيه أخرى . بينما فشله القادم في الوصول للمجلس النيابي يتحمله بشكل أساسي جملة من السياسات الفوقيه البيروقراطيه والإعراض عن تبني قضايا الجماهير والدفاع عنها في مواقع العمل والدراسه وخلف البسطات والشوارع والمقاهي التي تزدحم بجيوش العاطلين عن العمل، ولن تفيده معاركه القوميه بشئ .

تحسين البنية الطبقيه لأحزاب اليسار، بالتركيز على تجنيد أبناء الطبقه العامله وتصدرها مواقع القياده داخلها، هي المهمه الآنيه والملحه أمامها، لكن هذا الأمر لن يتم دون التفاعل الحي مع قضاياها، هي مهمة جدلية إذا، وهي التي ستوصلنا في النهاية لحزب واحد للطبقه العاملة الأردنيه يتصدر النضال بعيدا عن هيمنة الإسلاميين وقيادتهم للعمل الوطني ولجنة التنسيق التي ينبغي مغادرتها فورا ودون تردد، مع الحفاظ على التيار الوطني الديموقراطي وتطوير آلية عمله الجماهيري بما يضمن تحقيق بعض المكاسب والإنجازات الوطنيه والطبقيه على طريق تحوله إلى حاله شعبيه ووطنيه تأخذ في الحسبان .



#فيصل_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديموقراطيه وديكتاتوريات .
- الحاله الفلسطينيه المستعصيه ... إلا بإنتفاضه جديده
- برمجة الجماهير ودور الأحزاب الدينيه
- رسائل المرمره التركيه ودرسها المستفاد
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ الأخير .
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ تابع ثان .
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ تابع أول .
- لِمَ نكتب ولمن وأين ؟
- الزنزانه رقم 62
- فاتنات وشهيرات وعشاق
- الإستراتيجي والراهن في الشأن العراقي
- تفجيرات اليوم واللجان المناطقيه من جديد .
- شهادات الزمن الأغبر .....
- تكتل أم قائمه عراقيه .. لايهم .
- محمد علي علوه جي ... وداعا
- اللجان الشعبيه المناطقيه هي الحل .
- هذه هي العصا ...
- اللهو والطرب في حياة العرب (2) .
- غطاء الرأس ... تاريخ ودين
- ما بعد الإنتخابات ... واقع الحال


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل البيطار - اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان