أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - مرة أخرى من المسئول عن تخلفنا؟؟















المزيد.....

مرة أخرى من المسئول عن تخلفنا؟؟


عهد صوفان

الحوار المتمدن-العدد: 3078 - 2010 / 7 / 29 - 17:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأنا نقرأ مؤخراً كتابات كثيرة لكتاب كبار حفروا أسماءهم عميقاً في عالم الكتابة والتنوّر. كتابات تنتقد علناً أو مبطناً الكتابات التي تنتقد النصوص الدينية وخاصة الموجهة للعقيدة الإسلامية. بحجة أنّها انتقادات سطحية شاتمة بعيدة عن العمق والتوازن. وأن نتائجها لن تكون إلا هباباً وتفرقة وكرهاً..
كتبوا وحاولوا التحليل واستخدموا حرفية الكتابة التي امتلكوها, وأحياناً اتكأوا على ثقافتهم لطرح نموذجهم الجديد لإحباط النموذج الآخر من جهة ولتأليب القراء على هؤلاء الكتاب الذين تناولوا موضوعات المقدّس بعفوية صادقة بعيداً عن التكلّف والمواربة... فالنصوص المقدسة كتبت بلغة عربية واضحة ومفهومة من الجميع.. وفعلها بين البشر واضح أيضاً وباعتراف الأصدقاء والأعداء..
إذاً لماذا هذه المحاولة لتبرئة النصوص المقدسة مما حلّ بنا من تخلّف وانهزام أمام الحضارة؟. وترحيل كلّ الأسباب باتجاه الإنسان ( رجل الدين ) وتحميله هذه الأخطاء الجسيمة؟؟.

صحيح أنّ الإنسان مسئول عن أعماله وأفعاله ولكن وحسب علوم النفس فإن الإنسان صناعة بيئته, هو ابن البيئة التي أنتجته وبرمجت عقله ورسمت ملامحه.. الإنسان مصنوع والصانع ثقافة المجتمع والبيئة المحيطة.. أليس رجل الدين ناتج هذا الدين؟؟. لماذا القفز خارج السياق وخارج العلم وخارج المنطق العلمي والفلسفي وتبرئة الدين من كلّ موبقات حياتنا وفشلها؟؟..

لماذا يطلع بين الفينة والأخرى كاتب كبير ليقدّم صكّ براءة مجاني للدين الإسلامي, يبرئه فيه من كلّ تخلفنا وفشلنا؟.. هل هم على خطأ؟؟ أم نحن على خطأ في طريقة تناولنا للنص الديني؟.هل يفتقر العلم لأدنى قواعد البحث والتحليل للوصول إلى المعرفة؟؟ وهل توقف العلم عند حدود معرفتهم؟؟.. شيء يجعلنا أحياناً نتوه ونحن ننظر ونراقب هذا المشهد الغريب. كنت أعتقد أننا العون لهم وأننا السند الحقيقي الذي يقف معهم. لكن البعض رفض إلاّ أن يكون علماً ظاهراً وحيداً يشار إليه بالبنان. هم وحدهم من يعرف ويعلم والحياة ربما تتوقف من بعدهم...

وبالعودة إلى الموضوع وطريقة التحليل المعتمدة من قبل البعض ممن يبرؤون النصّ المقدس أقول:

الإنسان الأول ولد ببرامج بدائية في عقله . وبدأ يتفاعل مع الحياة ويطورها بدافع الحاجة والاستمرار فيها .. تطور الإنسان وتطورت الحياة بتطوره وتراكمت التطورات جيلا بعد جيل , حتى صارت حضارات وثقافات وإبداعات كثيرة وكبيرة. هذه التراكمات مكنت الإنسان من أن يفهم ذاته ونفسه وجسده ونزواته وإحساساته . بدأنا نفهم كيف نسيطر على أمراضنا وعلى عقولنا . بدأنا نعرف كيف نبرمج عقولنا وبماذا نبرمجها حتى وصلنا حاليا إلى الفهم شبه الكامل لذاتنا واندفاعاتنا ...صرنا نعرف كيف نصنع الإنسان وبالمواصفات التي نريد . وصار أكثر من بديهي أن مصانع صناعة الإنسان هي البيئة بكل ما تعنيه كلمة البيئة (الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية ..)
والأديان جميع الأديان هي
مكون ثقافي في الأساس ,لها دورها كجزء من البيئة وإن تفاوتت في تأثيرها حسب تعدد المناحي التي طالها هذا الدين أو ذاك ..
فالأديان التي اقتصرت على بعض العبادات والطقوس الخاصة كان أثرها غير تلك التي أقحمت نفسها بكل شيء ..وهنا إذا ما أسقطنا ذلك على الإسلام الذي قال بأنه دين ودنيا , صالح لكل زمان ومكان , دين أتى بشريعة وأتبعها بكتب التفسير والأحاديث وكتب الفقه يقول لنا بأن الشريعة تتدخل وتحدد كل سلوك نسلكه . نحن نلبس ونأكل حسب الشريعة . نتكلم ونتحدث ننام ونصحوا نصلي ونصوم حسب الشريعة. علوم الفضاء والفيزياء والكيمياء والهندسة وو ... من الشريعة وحسب الشريعة . الشريعة الإسلامية تدخلت في كل شيء وصرنا نراها في كل شيء حتى أحلامنا تفسرها الشريعة . نعمل ونسير نحب ونكره نقتل ونحارب نتزوج ونطلق حسب الشريعة . كل الحدود وكل الواجبات فقط من الشريعة . كل القوانين مستمدة بل مطابقة للشريعة . الصداقات والعلاقات ترسمها الشريعة ...

إذا كانت الشرائع الإسلامية متغولة ومتغلغلة بهذا الشكل وهي نصوص مكتوبة محفوظة عند الله فكيف نعفيها من فشلنا وننسب لها فقط نجاحنا .
المسئول الذي يفشل أحد موظفيه في عمل مكلف فيه يستقيل ويتحمل مسؤولية فشل الموظف . الرئيس الذي تفشل حكومتها في جزء بسيط من خطتها يستقيل ويتحمل كامل التبعات . فكيف بالشريعة التي طوقت أعناقنا وكبلت أيدينا ورسمت لنا كل الطرق وحددت كل الاتجاهات . كيف نعفيها من الفشل الفاضح الواضح الذي وضعنا ذيلا للأمم من تاريخ نزول هذه الشرائع؟ ..

كيف نبرئ هذه النصوص ؟ والعلم واضح للطفل الصغير قبل الكبير أن الفشل هو فشل البيئة التي أعدت وصنعت الإنسان . النصوص المقدسة صنعت بشرا مشوهين خارج السياق الحضاري .. هؤلاء المشوهون هم من يقودنا . هم نحن جميعا .. نحن نلوم المشوهين أم نلوم الذي شوه الإنسان وعطل عقله وفكره .. عندما نلوم النص المقدس لأنه الأساس في المشكلة. ولأنه دعا إلى قيم لا تمت للإنسانية بصلة , لا تحترم الإنسان ولا تؤمن بعقله وبدوره ..النصوص المقدسة أطرت وسجنت الإنسان في الماضي البعيد , هي عطلت عقلنا بتقديسها للماضي ورجال الماضي وبمنعنا من القراءة والتحليل والتفكير , علينا القبول والخضوع لها .

نحن نتاجها وليست هي نتاجنا .. صحيح أنها نتاج الإنسان الذي ألفها وكتبها حبا بالسيطرة والتملك ولكن نحن الذين وقع عليهم تأثيرها . نحن من احترق بنارها وطغيانها .. رجال الدين الذين يحمّلهم البعض تبعات تخلفنا هم أصلا ضحاياها . عقولهم تشكلت من عمق نصوصها . هم تتلمذوا وتتدربوا على هذه النصوص وحفظوها وتمسكوا بها وحاولوا أن يعطونا ما يعتقدون أنه الصلاح . ولكن النتيجة البينة هي أننا في ذيل قائمة الأمم, لأننا نملك أفكارا وتراثا عفنا لا يؤمن بالإنسان القادر الحرّ, بل بالإنسان المنقاد , الإنسان الخنوع القابل والمطيع للأوامر القادمة من السماء عن طريق رجاله المغيبين عن الوعي والذين سرهم هذا الوضع الذي يقدم لهم السلطة والجاه والمال .

انظروا إلى فتاويهم المتناقضة التي لم يقبلها بعضهم .. هم في حالة صراع مع نصوصهم الّلا منطقية . كيف يبررون الغزوات الإسلامية والسبايا وملكات اليمين ؟؟ كيف يبررون قتل الآخر المختلف ؟ كيف يوفقون بين الحرية والإكراه ..الدين عند الله الإسلام – قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ورسوله .. هذه التساؤلات هي من عمق النصوص المقدسة وليست من بنات أفكارهم ..

في مجتمعنا الدين بنصوصه المقدسة يقود البشر ويحدد شخصياتهم بدقة متناهية وبأوامر إلهية صارمة . نحن ضحايا الدين وليس الدين ضحيتنا نحن . الدين أسر الجميع وكبل الجميع هو الحصان ونحن العربة التي تسير خلف الحصان .. كيف يضع بعض كتابنا العربة أمام الحصان؟؟ كيف يبرؤون الدين ويدينون البشر الذين ولدوا دون أن يختاروا دينهم وهم غير قادرين على التغيير خوفا من حد الردة وسيوف الله المسلولة ..
نحن متخلفون لأن الدين الذي ولد منذ ألف وخمسمائة سنة يقود الحاضر والمستقبل . لأن أموات الماضي يعيشون بيننا ويشرعون لنا ويحددون لنا كل شيء بنصوصهم التي لا تقبل التعديل ولا تقبل النقاش .. فكيف لرجل الدين أن يغير النصوص التي كتبها الله بالخط العربي ؟ كيف له أن يبدل حرفا واحدا أو كلمة واحدة من نص منزل ومكتوب .
ومن يستطيع أن يجرؤ أن يبدل فيه . حتى الأحاديث الضعيفة لم يقدر أحد أن يزيلها من صفحات الكتب أو يعطلها ..
أما أن يستنتج البعض أن سبب تطور المسيحيين هو أن اختلافهم كان يدفعهم إلى فتح النقاش والجدال الذي أدى إلى إيجاد الحلول لهذه الاختلافات فكل اختلاف يواجه بنقاش جديد وحل جديد مما فتح لهم آفاق التطور ,على عكس المسلمين الذين حافظوا على كل اختلافاتهم لتكبر وتحد من تطورهم .ولكن فات على القائلين بذلك أن النقاش

في المسيحية سببه هو النص الديني نفسه الذي فصل الدين عن الدولة . (أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله ) .
في المسيحية لا يوجد دولة ونظام ( مملكتي ليست من هذا العالم ) .
في المسيحية الديّان هو الله فقط ( من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر ) .
في المسيحية أحبوا أعداءكم ..

فالمسيحية لم تأت بشريعة للطعام واللباس والشراب والنوم والعمل ... لم تلزم أحدا بصوم أو صلاة أو عبادات أو طقوس أو تصرفات .لذلك كان سهلا على رجال الكنيسة أن يسايروا العصر ويواكبوا الحضارة حتى أن معظم علماء عصر الثورة الصناعية كانوا رهبانا في الأديرة يجرون تجاربهم العلمية وفي ذات الوقت أقاموا صلواتهم وعباداتهم المطلوبة .

لو كان النص المسيحي حاد وقاطع ومرفق بشرائع مادية, لكبل المسيحيين كما بقية الأديان . ولكن بالرغم من ذلك عندما تجاوزت الكنيسة حدود النص المقدس لديها وأقامت دولة السلطة والسلطان في فترة سابقة ,ارتكبت كل الحماقات والسيئات التي كانت عارا على جبينها .. إذ سرعان ما سقطت دولتها أمام العلم والديمقراطية لأنها دولة مبنية على كذب خارج سياق النص المقدس ..لأن النص المسيحي يرفض أن يكون دولة, ولا يعتبر نفسه أكثر من رسالة محبة بين البشر . أما النص الإسلامي وكما النص اليهودي فهو حاضر في كل شيء ومسيطر على كل شيء ومتدخل في كل شيء . إذا عليه أن يتحمل الفشل قبل النجاح . هذا الفشل الذي تجلى هزائم أخلاقية واقتصادية واجتماعية وعلمية ووو.

لن نشفى منه ولا من أمراضنا تلك إلا بالمواجهة الحقيقة وبتوصيف المرض بشكل دقيق حتى نعرف العلاج المناسب
لن ينفع اللف والدوران والالتفاف على الكلمات والعبارات في مواجهة تخلفنا . فالزمن يمضي والأيام تذوب في هذا الزمن وقد يأتي وقت نكون فيه سطرا مكتوبا للذكرى فقط .. علينا أن ننظر بجرأة ونقول عن الخطأ أنه الخطأ وعندها قد نفلح في إصلاح ما تبقى لنا من دور في هذه الحياة ....................................



#عهد_صوفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحب فلسطين يوحد الفلسطينيين
- القلمُ جريمته كبرى
- عصر الدولة الدينية انتهى
- المرأة في الحديث والسيرة الإسلامية
- كيف نقاوم الإرهاب والتطرف؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدّس - القضاء والقدر في القرآن 6
- ترانيم دول العبيد
- أساطير الخلق والتكوين في منطقة الشرق الأدنى القديم
- القتل في التوراة والقتل في القرآن
- هل الإله في التوراة هو نفس الإله في الإنجيل؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – النحو في القرآن
- لماذا نقد النص الديني؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – البلاغة في القرآن 4
- الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في القرآن 3
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 2
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 1
- النظام عندما يعتدي على الدولة
- الناطقون بالعربية صاروا عبئا عليها
- متى نسقط الأوهام التي تقول: أنّ الله كتب وقدّر؟


المزيد.....




- باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع لتعجيل ظهور المسي ...
- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - مرة أخرى من المسئول عن تخلفنا؟؟