أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء شوقي - حلم على غدير الشوق














المزيد.....

حلم على غدير الشوق


هناء شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3078 - 2010 / 7 / 29 - 15:58
المحور: الادب والفن
    


على اللوح الحجري المنغمس بتراب الطفولة، حفرتُ أمنيات... خبأته بين طيات الزمن، كان ناعم الملمس، رؤوف القلبِ لا يخدش .
كبرت وكبر الحلم معي، اللوح الحجري يستأنس الزاد راغبا ً بالمزيد .
قنوعُ البيان لا يكبر! كان الحي معطرا ً بألفة البشر، شذاه يصل بقاع الجوار، من بين أشجار التين وأكواز الصبّار وحر تموز، تعلمت التأني، وأتقنت الصبر، ومن بين أكواز الرمان ونوّار اللوز وحكايا الجدة حلّيتُ حلمي، فازدان ليعبق بين الروح والجسد.
لكن!!
كلما تعمقت بالروح أكثر، بات الحلم أغلى والجسد أكثر إيغالاً في الألم:
كعلاقة الشمس بالنبات الضوئي، ينحني لدفئها، ويبكي من لهيبها،
لو أثقلت على أطرافه أحرقت.
تبلور القوام، وعبير الأنوثة أخذ يفوح حتى تعطر به من استحقه. أخذ الحلم منحنى الإفلات من شدة العصيان، مصادر التقلب لم تكن بالحسبان، أصبح الحب منتهكا ً، حتى ابتلعه إغراء الرغبات فتلاشى الحلم.
كلما عطـّر الجسد أنف رغبته، ازداد نضوجه، لمع بريقا ً يخلب الأبصار، حتى ضُرب ضربة إغواء حينما هبّت رياحٌ لزجة أثقلت العبث، وألبست الجسد غواية ملتهبةً باعدت بين وترين على سلم موسيقي ليصبحا عازفين منفردين لآلتين مختلفتين.
كانت تئن حاجة الجسد للروح ، إلا أن ذيل الجسد تشعبَ ليصبح فارّا ً بدواخل مشروخة، من ضربة جاءته بنقي الدماغ، فأعادت صرحه القديم له: الحلم من جديد ، الذي أحاط أياما ً سالفة من كل جانب.
في غفوة من اليقظة تحول المكان إلى أثير مطرز بألوان تشبه الجنة التي وعد بها بنو البشر إذا استقاموا، أعاد المشهد تشكيل جراح الحلم الغارق في صقيع التمني.
حط ّ أقدامه على الأرض ِ كما لو كانت أول مرة، رويدا رويدا شقّ النعاس خيوط اليقظة. استقر الحلم بين الجفن والفؤاد، تلاشى الجسد، صخبت الروح كقرع طبول في أعراس. كان مارا ً من منطقة بعيدة في الذاكرة بظلام ٍ خال ٍ من مقصد، برق نجم المرور فأجفل الدماغ لينتفض الحلم. حدقت به من بعيد، خفق القلبُ وغمغم، باعد بين شفتيه لينطق، أغمضتُ عينيّ لأنصت، صمت من جديد ليهز البدن بعدما استولى على الحصن بكامل فتاته.
كانت الصرخة مدوية، أيقنت حينها أن أبعد الأمنيات قد تكون أقرب إلينا مما نتخيل، بالحلم التقيته، سأنام كلما دبّ الشوق في صدري، وسألقاه! على باب الحلم ينتظرني، كان كلما انزلق النهار أفيق بلا إرادة، أشكو صمتي الأخرس لمرآة نفسي، متمنية اللحاق بي في حلم مليء بالرجفات.

ذات حلمٍ كنتُ أداعب شعري، والاسترخاء يعلن الانتظار، اقترب مني وشقّ عتم الفؤاد. لفظت أنفاسي، استمد قوته من خجلي، كان الارتباك ينشط الرغبة ويزود الحلم بفخ الاستمرار. استسلم العناد برقة، وغفا الحلم برفقتنا. على ضفاف غدير الشوق بقي الصمت في الهواء! أبى التحرك وأخذ الغدير يبعث قطرةً قطرة ليروي القلب جفافه.
قصصت الأنفاس إلى الدماغ فصحوت من حلم رجوتُ ألا ينتهي.
قلت: ما أجملك يا ضعفي !

في غفوتي حلمي، وفي حلمي رغبة حياتي، سأغفو باستمرار لأعيش حلما ً بعيدا ً عن البشر والأنظار. سرقني اليوم كلص ٍ جائع، أغفل عني حلمي، أكلتني المسافات، مضغني الشوق، أقعدني كمن به جراح ٌعميقة، فلفظتُ أنفاسي ليلتصق الكلامُ في حنجرتي! عبسَ الحلم، امتشق الضياء وغاب. كجرداء بأرض قاحلة، جافاني النوم وهزّ أرضي لأقبع بذيل الزمن، لا أطال الحلم في نومي ولا الحياة في نهاري.
تاهت نفسي عن نفسي، انشطرت اللغة، تشوشت تراتيل القوام، فاتخذت النوم الأبدي قراري، ولأحلم به على الدوام.
كانت الغرفة بيضاء الجدران، فارغة ً الا من سرير. كان السرير بتولا ً بشرشفه الأبيض، كنت عروسا بملاءة ٍ بيضاء. تراخت القامة. ارتفعت الأكف تُسبحُ الخالق لتشحذ ابتسامة من عرس الرحيل، تاه الحلم عن الغفوة، أخذت أودع الجسد بالزهور. رششته حتى غرق بالألوان قبل البعث. ابتلعتُ سٌمّ الموت وغصصتُ في صدري حتى بدأ الدم يخفي تدفقه. أرخيت جثتي على ذاك السرير ليحملني عروسا في حلمي، أغمضتُ عينيّ، فشممتُ رائحته التي تطابق نومي، اقترب مني، نزع عني الملاءة البيضاء فحل الضياء. كنت أروي ذبوله، وكان يَسقي براعمي، أصبحنا راقصين على إيقاع منتظم ومنفرد بعالم أبدي.
الجسد راقد بغفوته، والحلم عروس أرضه الخصبة...



#هناء_شوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيوط حب
- غادة ٌ وقسيم
- كل ألف عام
- قصص قصيرة جدا
- خربشات في الحضور
- حبيبي
- الحال والترحال
- حوار الفراق
- كلمتني
- أنا النار
- حب ٍ يُدرك
- قانعة
- يا شام الارض
- بشراك مطرا ً
- غزيرة
- خالية المسار
- مهزومة في جولة إنتصار
- عش الرقاطي
- عاشقة الألف مستحيل
- بالأمس كنا


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء شوقي - حلم على غدير الشوق