أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .















المزيد.....

الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3078 - 2010 / 7 / 29 - 09:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لعل أفضل ما يستدل به على دلالات الرسائل القديمة الثلاث التي توالى نشرها في الأسبوعين الأخيرين هو تساؤل يفترض ما لا يجوز افتراضه وهو .. ماذا لو كنت بمثل ما أنا اليوم بدلاً عني في ذلك الإحتفال بعيد العمال العالمي في الأول من أيار من العام 1964 وكنت في الثلاثين من العمر ؟ هل كنت سأتصرف بمثل ما تصرفت ؟ هل كنت سأخرج صامتاً من الإحتفال لآكتب في اليوم التالي رسالة إلى قيادة الحزب أحذر فيها من خطر انقسام الحركة الشيوعية في العالم ؟ جوابي " اليوم " هو قطعاً " لا "، ما كنت لأنسحب وما كانت هذه الرسائل الثلاث لتكون. والسبب في ذلك بصورة رئيسية بالإضافة إلى أسباب أخرى هو غياب ثلاث حقائق كبرى عن وعيي في ذلك العمر وفي تلك الأثناء وهي . .
الحقيقة الأولى ــ وهي وحدة الحركة الشيوعية التي لا تقبل الإنقسام. الحركة الشيوعية كما عرفها العالم خلال القرن المنصرم قامت بقيام مشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية القاضية بتفكيك النظام الرأسمالي العالمي، وما تبع ذلك في العام 1919 من قيام الأممية الثالثة وامتداداتها في مختلف أصقاع الأرض بشكل أحزاب شيوعية. إن وحدة الحركة الشيوعية هو الشرط الأساس لنجاحها وانقسامها بالمقابل هو الشرط الأساس لفشلها. ولذلك فالقول أن الأحزاب الشيوعية كانت تابعة لموسكو هو قول صحيح بامتياز لكن ليس بالمعنى السلبي الذي يقصده الأعداء حيث أن موسكو، مركز المشروع الشيوعي اللينيني، لم تكن تابعة لموسكو العاصمة التاريخية للأمة الروسية. كانت موسكو قد غدت في يناير 1919 مركز الثورة الاشتراكية العالمية التي تبناها ماركس وإنجلز في بيانهما الشيوعي العالمي 1848. المشروع الشيوعي اللينيني هو مشروع لكل العالم ولا ينتسب لقومية دون أخرى. إن تبعية الأحزاب الشيوعية لمركز الثورة، وقد صدف أن كان موسكو كما كان ماركس قد تنبأ، هي مسألة خارج كل سؤال طالما أن هذه " التبعية " هي التغبير غير الناسب للوحدة العضوية الحيوية للثورة كما لكل الأشياء الحيّة، فتلك هي علاقة الجزء بالكل.
الحقيقة الثانية ــ وهي أننا كنا في بداية تفتح وعينا الماركسي نفترض سلفاً أن قيادة الحزب تمتلك الوعي الماركسي الكامل؛ وما كان لشيوعي في القاعدة ليجرؤ على الخوض بأمور نظرية؛ وكانت قيادة الحزب تميل إلى منع ذلك ولو بصورة غير صريحة إذ كانت في العادة تسخر من الذين يتحدثون في النظرية وتصفهم بالغرور وبالمنظّرين وكان لي حصة من هذه الأوصاف. ليس ما هو أغرب من ذلك التصرف، في حين أن لينين وستالين ظلا يؤكدان على الدوام أن ليس شيوعياً من لا ينمي معلوماته العامة والماركسية بصورة خاصة بصورة حثيثة ودون انقطاع. قيادة الحزب كانت تتحدث دائماً عن فضيلة التواضع. التواضع هو دائماً أهم خصيصة من خصائص الشخصية الشيوعية باستناء استدراك العلوم الماركسية إذ بدون هذا الاستدراك لا تتكامل الشخصية الشيوعية. أنا لا أفهم كيف يكون المرء شيوعياً إن لم يكن ماركسياً حقيقياً خاصة إذا ما كان متحدراً من عير طبقة البروليتاريا تحديداً. كان القادة، وقلما جالسوا القواعد، يرددون بعض العبارات الماركسية بابتذال سوقي. لم أكن أعلم في العام 64 أن أحداً من أولئك القادة لم يكن قد قرأ صفحة واحدة لماركس أو لينين، مثلهم في ذلك مثل عرابهم خروشتشوف وقد سمعت شخصياً ابنه سيرجي بعد أن هاجر إلى الولايات المتحدة يقول .. " لا أدري كيف صنعوا من والدي منظّراً وهو الذي لم أشاهده طيلة حياتي يقرأ صفحة واحدة من ماركس أو لينين ". يبدو أن قيادات الحزب الشيوعي الأردني كما الأحزاب المماثلة في بلدان العالم الثالث كانت قد اختارت أن تكون شيوعية من خيارات أخرى مطروحة أمامها دون أن يكون ذلك لأسباب طبقية، وترتب عليها إذّاك أن تستمر في الدفاع عن خيارها دون أن يضطرها ذلك إلى التبصر في طبيعة خيارها الماركسي سواء في الأساس أو في حجارة العمارة الماركسية حتى أن المرء ليجد أن عامة قادة الأحزاب الشيوعية العربية لا يعرفون من الاشتراكية ألفباءها. تعرفت فيما بعد على الكثيرين منهم ووجدت معارفهم السياسية أقرب إلى أفكار البورجوازية الوضيعة ولذلك وجدت تنظيمات أخرى من مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية تتبنى الماركسية بغير أن تقترب من ماركس قيد أنملة. اليوم فقط عرفت أنهم كانوا يسخرون من الذين يتحدثون في النظرية الماركسية لا لشيء إلا ليغطوا على جهلهم فيها.
الحقيقة الثالثة ــ كنت قرأت كتاب ستالين " القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي " وتعلمت منه معلومات عظيمة الأهمية في علوم الماركسية. تعرفت على الطبقات الإجتماعية الثلاث في المجتمع السوفياتي وطبيعة التناقضات الفاعلة بين هذه الطبقات، وأن المتطرفين على يسار الحزب كانوا يطالبون بإلغاء طبقة الفلاحين عن طريق إصدار مرسوم رسمي، إلا أن ستالين اعترف صراحة بأن الدولة ليست بهذه القوة لتقوم بمثل هذا الإجراء الخطير على مصير الدولة والثورة. الخطأ الحدّي والحاسم الذي تسلل إلى طروحات ستالين دون أن يتحسب لخطورته هو تهوين تلك التناقضات. ما هو مستغرب حقاً في ذلك المقام هو أن ستالين نفسه الذي كان في العام 38 قد أكد قاعدة ذهبية في تاكتيك الثورة تقول أنه كلما تقدم البناء الاشتراكي كلما ازداد الصراع الطبقي حدة وخطورة، عاد ليقول في العام 51 عكس ذلك تاماً، عاد يقول أن الطبقات الثلاث في المجتمع السوفياتي هي طبقات متآخية وأن التناقضات بينها يمكن حلها بسهولة مع الزمن ولا تشكل خطورة على النظام الاشتراكي. كان ذلك الخطأ الجسيم الوحيد الذي اقترفه ستالين ولو أنني أعلم علم اليقين أن ستالين ما كان ليقول بهذا إلا ليهدئ من حدة موقف الذين أصرّوا على وجوب إلغاء طبقة الفلاحين في الحال ودفعة واحدة وعلى رأسهم مولوتوف. فبينما كان ستالين يقول بمثل هذا التهوين للصراع وبالتآخي الطبقي كانت بنفس الوقت شبكة من الأطباء اليهود في عقر داره، في الكرملين، تخطط لقتل قادة الحزب والدولة، ومنهم ستالين نفسه، ولعلها نجحت في مؤامرتها فرحل ستالين مبكراً. إن لم يكن لتلك الشبكة دور في قتله فلبيريا وزير الداخلية دور مؤكد حيث اعترف بهذا الدور وقد حال دون استدعاء الأطباء لإسعافه لأكثر من يوم كامل. في اليوم التالي لرحيل ستالين تفجر الصراع الطبقي حتى داخل قيادة الحزب الشيوعي، وفي المكتب السياسي للحزب. كان من سوء حظ البشرية جمعاء أن يتسلّم وريث الخائن بوخارين وابنه بالمعمودية نيكيتا خروشتشوف مركز الأمين العام المسؤول عن تنظيم الحزب؛ فتسنى له بهذه المسؤولية أن يعبث ببنية الحزب ويستجلب زبانيته ليسلمهم قيادة منظمات الحزب على مختلف مستوياتها وهم الذين بوساطتهم من جهة واتفاقه مع قادة العسكر وعلى رأسهم صديقه وزير الدفاع المارشال جوكوف من جهة أخرى تمكن خلال بضعة أشهر فقط من اسقاط خليفة ستالين الأمين العام للحزب، مالنكوف، واقتراف أفظع جريمة بحق الحزب والنظام والتي مثلت الرجوع عن الإشتراكية والطلاق البائن معها، ألا وهي إلغاء الخطة الخماسية التي كان الحزب بهيأته العامة قد أقرها في اكتوبر 52 أي قبل أحد عشر شهراً فقط، وتحويل الأموال المخصصة لتنفيذ تلك الخطة للصناعات العسكرية. لم يعد خافياً اليوم أن طبقة البورجوازية الوضيعة التي تضم العسكر والفلاحين كانت بقيادة رجلها خروشتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي كانت قد أنزلت بالقوى الاشتراكية وبالطبقة العاملة هزيمة ساحقة إبان عهد خروشتشوف وقبل الإنقلاب عليه في العام 64 من قبل ذات الجنرالات الذين كانوا قد أتوا به في العام 54 لكن هذه المرة مع متعاون جديد أكثر وضاعة وهو ليونيد بريجينيف.

وهكذا ففي الأول من أيار من العام 1964 كان الشاب الماركسي الثوري ذي الثلاثين عاماً، عضو الحزب السجين فؤاد النمري، الذي هدد حزبه بأنه لن يقف مكتوف اليدين إزاء الحملة على الحزب الشيوعي الصيني وجريمة شق الحركة الشيوعية، ذلك الشاب ورغم أنه الأوعى بين أقرانه، كان لا يعي ثلاث حقائق كبرى ومصيرية في المشروع اللينيني للثورة الاشتراكية العالمية. الحقيقة الأولى تقول أن وحدة الحركة الشيوعية هو شرط نجاحها والعكس بالعكس. والحقيقة الثانية أن قادة الحزب الشيوعي الأردني كانوا فقراء فقراً مدقعاً في العلوم الماركسية، بل أكثر من ذلك إذ أن جميع أعضاء القيادة لحزب لينين وستالين هم أيضاً لم يكونوا على قدر مقبول من المعرفة في العلوم الماركسية ولذلك تسلل المنحرفون بين صفوفهم. وثالثا أنه لم يكن يدور في خلده أو خلد أحد أن الصراع الطبقي كان قد احتدم داخل قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي وأخذ يهدد مصير الدولة، دولة دكتاتورية البروليتاريا، ومصير الثورة، الثورة الاشتراكية العالمية.

(سنكتب عن الدلالات بعد أيام)



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسالة الثانية . . ردٌّ على ردّ
- جواب قيادة الحزب الشيوعي الأردني على رسالتي
- رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
- مشروعية السؤال .. ما العمل؟
- ماركسية صدر القرن الحادي والعشرين
- البولشفية وضرورة إحيائها
- الماركسيون ليسوا يساريين
- سفر الخروج / 3
- ما بين الرأسمالية والإستهلاكية
- أزمة اليونان مرة أخرى
- ما تفسير الأزمة في اليونان؟
- سفر الخروج 2
- سفر الخروج
- حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ
- حميد كشكولي ضد الإشتراكية
- محطة الإنحطاط التي تحط فيها البشرية اليوم
- تاريخ الإنسان كتبته العبودية وليس الحرية
- تطوير العمل الفكري والثقافي للحزب الشيوعي العراقي
- هل الرأسمالية متقدمة على الإشتراكية !؟
- من يفتح ملف الإشتراكية !؟


المزيد.....




- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .