أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - زمن المُتعنونين!














المزيد.....

زمن المُتعنونين!


شريف حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3074 - 2010 / 7 / 25 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت أغلب أوقات الماضي هادئة. لم تنشب المشاكل الدينية، لأن كل شئ كان يمضي وفقا لمنظومة، إتفق عليها الجميع، وكأنها عقد إجتماعي ثابت، لا يخرج طرف من أطرافه عليه. كان الأمر يسير وفقا للمقدس عبر العقود والسنين وكان التغيير المتطور على هذا الماضي، يجري وفقا للإجتهاد الناظر إلى طبيعة المجتمعات، لإخراجها من قيودها والتوسيع عليها، حتى لا تترك الملل وتذهب إلى ساحة الكفر الواسعة. كانت تصرفات الإنسان غير مراقبة ولا مكبلة وفقا لمؤسسة دينية أو أفراد نصبوا أنفسهم آلهة فوق رؤوس العباد. والإنسان أينما كان يعرف، أنه طالما عاد إلى الماضي، عاد إلى الطُهر الإنساني، ولكن العودة إلى هذا الطُهر، يستلزم إعادة الظرف كما كان عليه وقت هذا النقاء. إلا أن العودة بالظرف يكاد يكون مستحيل، نظراً إلى ما آلت إليه حضارة الإنسان من سرعة الحركة وتطور المفاهيم، حتى أن المصطلحات المجردة جوهرها تطور، ليصبح الحق الإنساني مُتاح للجميع، بما في ذلك المنحرف والشاذ عن النمط البشري الطبيعي في بعض الحالات، وفي بعض المجتمعات وليس في كلها. إلا أن الأساس، أننا تغيرنا مع تغير مُعطيات العصور.

ويريد البعض اليوم "فرض" الطُهر الكامل علينا، غير عابئ بمعطيات الزمن وتغيراته. يريد ذلك، بينما لا يمشي في الشوارع والمدن وينظر داخل أوكار المرض الذي أصابنا. يريد أن يُملي إرادته وليس إرادة الدين، لأن الدين يطبق في أغلب بقاع العالم وفيه من المرونة، ما أدى إلى صلاح أكثر مما لدينا، لأن الحياة أكثر رغداً في أماكن أخرى ولأن الهدوء يعم بقاع أخرى، بينما نحيا في ظل فوضى في أغلب جوانب حياتنا. تلك الفوضى ليست وليدة بضعة سنوات ولت وإنما هي راسخة منذ ما يزيد عن الأربعين سنة. ربما منذ الهزيمة المدوية التي كفَرت الناس بأغلب علم الإنسان وتجربته وأججت مشاعر إستقاء كل شئ من الإله!

لم يكن الإسلام المتأثر الوحيد، بل تأثرت أغلب الأديان، حتى دين المنتصر، أصيب بالعنجهية، حتى أنه شعر بالفعل وكما ينطوي إسم "إسرائيل"، بأنه هزم الإله، فأصبح هو "يهوه" الإله، والعياذ بالله! أصبح لرجال الدين اليد العليا في تحريكنا ووضعنا مكان ما يريدون هم، لأن القدسية إنتقلت مع الوقت إليهم، فصاروا هم الآلهة! إنهم يريدون لنا أن نركع ونبيع دنيانا لهم وما أن نركع لهم، سيهبونا الجنة التي هم بها موعدون. إنهم أصبحوا أكثر قوة من الملوك والرؤساء، حتى إنضم الأخيرون إلى اللعبة، فصاروا يلعبونها أيضاً وأصبح النص المُرشد للصلاح هو سيف مسلط على العباد، فان لم يرضخوا له، وضعوا في زنازين الشك والإتهام بالكفر، بعيداً عن روح النصوص! إنه زمن تلقين الحروف وليس فقط كلمات النصوص، وإن أخطأت حرفاً أصبحت خارجاً عن ملة الآباء والأجداد، ولا يهم ما آلت إليه الحياة من حداثة!

ستُفهم كلماتي بمنطلقات مختلفة، لأن أغلب الناس، لا يجيدون القراءة، ولا تهمهم الصياغة، ولكن الحروف هم يعبدون! فأنا أعرف أن ما يدينون به ليس الدين، ولكن يعشقون الوقوف تحت العناوين، هذا مسلم وهذا مسيحي وهذا يهودي، إسماً وليس فعلاً، لأن الدين التسامح والتماشي مع التطور الحكيم، وليس العشوائي للحياة. فهو لا يسمح بالعهر ولكن بالفضيلة، إلا أنك طالما مارست العهر سراً وليس علناً، فان الواقفون تحت العنوان يُسلمون لك بعبادة الحروف، ولا يهم أن تعبد الله، فتلك ليست قضيتهم، ولكن "شكلك" وأنت واقف تدافع عن العنوان! قل علناً ما يريدون، وأفعل سراً ما تريد! هذا هو التعريف الجديد للدين، وإياك أن تطالب بحق الإنسان تحت "مظلة" دين غيرك، وإلا خرج عليك مشجعي "العنوان" وقالوا لك: تكلم عن عقيدتك! هذا فريقنا نحن وليس فريقك! وأتصور أن يخرج المشجعون يوماً هاتفون: بيب بيب إسلام أو بيب بيب مسيحية!

إنه منطق اللامنطق، ومعركة الإحتماء بالعنوان في زمن الفوضى! إنه منطق الخوف على الهوية المصطنعة، وليس الهوية الحقيقية المتمثلة في الإنسان! إنه الخروج للحرب من أجل الأجوف على حساب المضمون، لبناء مجتمع مفتت، كي تنتصر العناوين على حساب الإنسان! إنه زمن "المُتعنونين" وليس زمن الحقيقة! إنهم يريدون لنا أن ندحر الحق والعدل والخير في ظل تعريفات جديدة تبدو في النور بما لا تبديه في الظلام! كل هذا باسم الدين والدين براء، لأن الدين كان ولا زال، لإرشاد الإنسان إلى الصلاح وليس تفشي الظلم وإعلاء إنسان فوق آخر في الدنيا وفقاً لقواعد الخضوع!



#شريف_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصر حامد أبوزيد.. قلب ما يخافشى
- فلتؤمنوا بثقافة المربع!
- دولة -الطلاق- الدينية
- هل أصبح الشر هو الطريق الوحيد للخير؟
- الإسلاميون بين هوية القاتل والمقتول
- عزازيل وسعى المحتار فى ليل الأسرار
- متى تبلغ الدول العربية سلام وستفاليا؟
- العلمانية ليست ضد الدين
- كيف تدافع عن الإسلام؟
- لماذا تجديد الخطاب الدينى؟
- بين دولة طالبان وحماس والإخوان المسلمين
- العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد (2)
- العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد
- ما بين عشوائية القومية العربية وعلمية الصهيونية
- حروب الفتاوى من أجل الجدار؟!
- أحنا الخونة
- عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!
- حل عملى لإزالة الألغام من مصر
- ثقافة تنمية الإنسان المصرى
- فرشوط: معاداة الإنسانية والدين والدولة


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - زمن المُتعنونين!