أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - تعال نحلق فوق عش الوقواق














المزيد.....

تعال نحلق فوق عش الوقواق


حيدر الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3074 - 2010 / 7 / 25 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


تعال نحلق فوق عش الوقواق


"يا رفيقَ المجاعةِ، ما كان لي أن أَهَـبْ
جنونَكَ غيرَ الوصايا التي أسْـقَطَتْني إليك،
أن أحطَّ تطلُّـعَ عينينِ فيكَ،
وأن أنتهي حيث تبدأُ أنت."

مهدي طه
(1953 – 1975)



تبّـاً لمسـوخ الطيرِ هذه !
ثيـابٌ ذابـلة، وشــمّـاعاتٌ عرجاء،
وسـائدُ تُنَطْنِط، وقفّازاتٌ تصفّق.


إليكِ عني، أيتها الغرانيق
ذواتُ الرقابِ الثعبانيّـة.
إفسحْنَ الطريق. لستُ مسليّاً.


علامَ ترمُقُني شَـزْراً بزجاجِ عينكَ الدامع
أيها اللقلقُ العجوز، يا كرةً من ضباب؟


وأنتَ أيها الغطّاسُ الوسيم،
بعينيكَ الياقوتيّـتين، وخِصْـلتَي لهبٍ فوق أذنيك،
هلا جرّبتَ الغوصَ في الخرسانة،
بدلَ أن تحشرَ منقارَكَ في منخري؟
تبّـاً!


طيورٌ ولا سـماء ؟
هذا، بالضبط، ما لستُ أنوي فهمه.



تحت الأقدام الحديدية
عبثاً أطالوا التفتيش عن الأمل.
فلئنْ تكن السقوفُ الواطئة
أشد دفئاً
فلطالما حالتْ دونَ رفعِ الرؤوس.
تحت مطرقة اضطرارهم العتيق لأن ينحنوا
ما عاد في ظَهْر أحد
موطيءٌ سليم
لقدمٍ حديديّةٍ أخرى.


وها قد نشرتَ جناحيكَ أمامَ دهشتهم.
آه ! يا للسماء في عينيه!
يا لحقول الشذر المترامية!
ليستْ خِلْواً من الغيوم،

لكنْ فسيحة وجامحة.
وأيُّ بأسٍ في نُدَفِ الثلج عبْر طوفان اللازورد؟
أتَرى تلك المستديرة؟
أُراهنُ أنها الشمس.


ربّـاه!!
ما ذاك الشبح ُ المداهم؟
أنظرْ هناك، هناك، فوق.
أيُّ طائرٍ هذا؟
إنه يقطع السـبيلَ على النور
بأجنحة من القطران
ولسـانٍ من الدم
بطولِ الشَّـلال.


أيها الطائر الياقوتيّ العينين، اللهبيّ الشعر،
ياصديقي،
ما الذي يبقيكَ هنا؟
وبين قلبكَ وجناحيك تتعثر الأمنيات
وتترنح الأحلام؟


مادمتَ لا تجيب
فسيمكنني أن أسـألك،
أفي وُسْـعِ الأشجار، أيها اللبيب،
أن تحْجُبَ الغابة؟

هكذا، فأنتَ لا تسـتطيع أن تتقدمَ السِّـرْب
أكثرَ مما يَسَـع المنقارَ ان يتقدمَ الطير.


أيها الطائر، أيها الطائر، أيها الــطَّـائـِـر،
تعال معي نحلق فوق عش الوقواق،
فكونُـكَ أجملَ طيورِ الدنيا
لا يُنْـجيك
من فوهات البنادق.


آه، إلي أيِّ الآذانِ الصـمّاء
يتوجَّـه بأغنيته؟
آه، في أيِّ الصدور الخَـرِبة
يضَـعُ عشَّـه؟


إنه لمنْ فصيلةٍ لعينـة
عصفور الحب هذا.
أنه أوفرُ الحمقى نصيباً من الجمال،
وهو يحاولُ النَّفاذَ بقلبه
عبرَ سقوفِ الحِراب،
تاركاً جناحينِ شهيدين
يرفرفان
على بلاطٍ بارد.


هذا كلُّ ما في حوصلتي من جنون.


أيها اللقلقُ العجوز،
ضعْ جناحيَّ على مِشْـجَب حِكْمتِك
تلك التي هَوَتْ بـكَ من علياءِ منائرك
الى ظُلمة الأنفاقِ هذه.
وأنتِ أيتها النحامة،
إلتقطي لسانيَ المقتلَع،
فهو ربطة عنق صالحة،
إنّ جِيْـدَكِ الرشـيق
لَـهْـوَ أجملُ من أن يكونَ عاطلاً.


يا صديقي الغطّاس،
يا قاتلي بِبَـكَـمِك وصَمَمِِكَ الأبلهين،
لمَ تركْـتَني أشرب الكأس وحدي؟


لِـتَسـْـكبْ عيناكَ عقيقَهما المصهورَ على طللي،
لكنْ لا تمدُدْ الى هزيمتي يدَ السوء.

يا للطيور من كائناتٍ رعناء!!
ها هي ذي تعجز عن مواصلة الهرب
من ذواتها،
ها هي ذي تصغي للجرح الوحيد في الصمت.

الغطَّاس الكتوم
المقتبس عينيه وخصلات شعره من الجحيم
ينفض عن ريشه الغبار،
ويدشِّـنُ عهدَهُ بالكلام:
"مادمتَ قد أطلقتَ لسـاني
فلن يتمكنَ الصمتُ منك.


آه، لو أمكنك أن تواصل الرهان!!


سأقول لهؤلاء: امنعوا الحياة من أن تكونَ جميلةً كلَّ هذا الجمال،
فعسى أن يمكنَني حينذاك
أن أكنسَ بجناحيَّ الأرضَ أمام خطواتكم
وأنتم تتقدمون لافتراسي،
وإلا،
فسأحلق في أوعر السـماوات، رغم كلِّ شيء.


هاتِ، أيها الصديق.
لقد أنهيتَ شوطك.


ويحَ الظلمات! كيف تبتلعك
ولا تغصُّ بمِشْـعلِك؟"


ألا فلـتَـقَـرَّ عينُ الحريّــة!
تلك العروس الباهضة المَهْـر،
بإكليلها الأرجوانيّ وموكبها العاصف.


طائرٌ ناريُّ العينين
يطفيءُ ذبالةَ الشَّـمْـع.
أضرى عناق في أقتل حب.
التلميذ يُجْهِز على المعلم،
حاجباً عينيه بجنحيه،
مجهضاً الشـماتة،
ومتيحاً للأِشداق الدامية
أن تكسر أنيابها على صخر الخيبة.


وها هو الآن يَـفْـرِدُ جناحيه،
مُـفْـلِـتاً شـرارةَ دمع
على حطامِ صديق.


لقد انطلقَ فعلاً،
أوه،
ليس بلا جراح، بالطبع،
لكنْ، رغمَ كلِّ شيْ،
فقد حلَّـقَ بجنـاحٍ طليــق،
عالياً، فوقَ عُشِّ الوقواق.


حيدر الكعبي
1990 ؟



#حيدر_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الحسن الشذر
- الخَلْق
- صور عائمة
- محمود البريكان ومسألة النَّشْر*
- أسطورة الغريق
- الكل لا يساوي مجموع الأجزاء
- أتَحَدَّثُ عنِ المدينة
- إلى من ينشرون باسم حيدر الكعبي


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - تعال نحلق فوق عش الوقواق