أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الأوّل)















المزيد.....

الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الأوّل)


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3073 - 2010 / 7 / 24 - 22:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما احترت في الأسباب الحقيقيّة و الجوهريّة التي تقف وراء تخلّف كلّ الدّول الّتي تُدين بدين الإسلام دون استثناء رغم إمكانياتها البشريّة و المادّية الكبيرة...الأسوأ و الأخطر أنّنا أمّة الإسلام بفضل التّركيبة الثّقافيّة الغريبة الّتي يعتبر فيها الدّين أحد أقوى و أهمّ عناصرها الأساسيّة تحوي داخلها ميكانيزم تخريبي يهدم التّفكير الإيجابي و العقلاني..معلوم أنّ هناك دول تدير المعرفة و دول أخرى توظّفها و دول تنتجها أمّا نحن دول المسلمين فلا زلنا نصرّ منذ مئات السّنين على رفض و معاداة المعرفة جملة و تفصيلا...لماذا..؟!

توصّلتُ خلال السّنوات الأخيرة إلى نتيجة شبه يقينيّة (و رأيي قد يكون خطأ و لكنّه يحتمل الصّواب) مفادها أنّ الإسلام لَعِبَ و لا زال يلعب الدور الأساس (في رأيي على الأقلّ) إلى جانب أسباب أخرى طبعا لكنّها ثانويّة (جغرافيّة، وراثيّة...إلخ) بالنّسبة لي في تدمير البنية الفكريّة و الإبداعيّة و الإنجازيّة للكيان الإجتماعي المسلم، بفضل مجموعة متراصّة متراكمة من التّعاليم و الآليات و المنظومات النّمطيّة الفكريّة و التّشريعيّة المستمدّة أو المستوحاة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من القرآن و من السنّة النبويّة بصيغ مختلقة، و بلغة فجّة تتراوح بين التّرهيب و التّرغيب تحاصر المسلم و تتركه بين خيارين لا ثالث لهما، إمّا رضى ربّاني وخلود في جنّة عرضها السّموات و الأرض، و إمّا غضب و سخط إلهي و من ثمّة عذاب سرمديّ في جحيم يشرف عليه زبانية غلاظ شداد...؟!



أوّلا أشير إلى أنّ الضّحية الأكثر تأثّرا و تمثّلا و انسياقا للفكر الدّيني فهو ذلك المسلم المتنطّع و الموصوف بالالتزام الّذي هيّأت له الأسباب و الأقدار الغوص في التّراث الدّيني و الاطّلاع على حقائقه و معرفة طرق و سنن النّبيّ و الخلفاء و الصّحابة في العيش و الاعتقاد و الإيمان...كلّما كان ذلك المسلم أكثر إلتزاما و ارتكاسا للوراء كلّما زادت وحشيته و همجيته و دمويته، على عكس المسلم العادي أو التّقليدي الّذي يبقى الوحش داخله ضعيفا خاملا و ناقص الاكتمال و غير واضع الملامح و الجهوزيّة...!

في الإسلام (حسب رأيي أيضا و أتمنّى أن أكون مخطئا) تكون العلاقة بين الالتزام الدّيني و بين الوحشيّة علاقة طرديّة، أي أنّ الوحش داخل خاصّة المسلم الملتزم يزيد فتكا و رعبا و يكبرأكثر و تطول مخالبه و أنيابه و يزداد وحشيّة و عنف كلّما زاد غوصه (المسلم) في التديّن و ثابرعلى التقيّد بالشّريعة و التّعاليم الإسلاميّة الأصليّة غير المعدّلة و غير المتصرّف فيها، بحيث يتحوّل الرجل المسلم الأكثر فالأكثر التزاما في النّهاية إلى مهووس باللّحية و التّقصيرو لابسا لقناع التجهّم و العبوس و الورع الكاذب و معاديا للمحبّة و الجمال و الآخر و سلبيّا إزاء الإبداع و العمل...ثمّ و إذا به فجأة و كأنّ شيطان الشرّ سكنه أو لبسه أو مسّا أو لوثة عقليّة أصابت عقله فيمسخه الدّين بضربة سحريّة و يتحوّل أشعرا أشعثا غوليّ المظهر يحمل الكلاشنكوف ينطّ و يجري كالوحش الجبلي المسعور مع نسخ من أشباهه في الوديان و داخل الجبال، أو يتمنطق بالأحزمة النّاسفة و يفجّر نفسه بلا تردّد و بكلّ راحة ضمير وسط جمع أو سوق أو باص أو مدرسة أو مسجد أو عرس أو أيّ تجمّع سكّاني من النّساء و الرّجال و الأطفال و كلّه يقين أنّ ثمن فعلته الدّمويّة اللاإنسانيّة هي سبعون حوريّة من حوريات الجنّة يجدهنّ في استقباله و استقبال جوعه و شبقه الجنسي على باب الفردوس الأعلى...! بالنّسبة له فإنّ ذلك يدخل في إطار إحياء فريضة الجهاد الغائبة (أكبر و أعظم طاعة في الإسلام) الّتي أهملها و غيّبها المسلمون في وقتنا الحالي في انحرافهم عن المحجّة البيضاء الّتي تركهم عليها نبيّهم، و في الوقت نفسه تجده موقنا بالحقّ الّذي أتى به كلام اللّه و سنّة النبيّ و الصّحابة في الاسترزاق من جهة و نشر الدّين الصّحيح من جهة أخرى...إقتداء بطريقة الرّسول و أصحابه في جمع الأموال و النّساء و نشر الدّعوة...إقتداءا بالرّعيل الأوّل في غزو و سبي و قتل المرتدّين و اليهود و و المخالفين و المشركين والكفّار و كلّ من لا يحكم بما أنزل اللّه...!

هنا يجب أن لا ننسى الدّور العظيم و المتعاظم لجيوش المشايخ و الأوصياء على الدّين الّذين صنعتهم و فرّختهم الآلة الجبّارة للبترودولار و الّذين ساندتهم و سهّلت مهمّتهم اليد الطّولى لتكنولوجيا وسائل الإعلام و الاتّصال الحديثة مثل المحطّات الفضائيّة و غيرها في إعادة نشر و إيصال الّدين الإسلامي إلى أكبرعدد غير مسبوق من المسلمين بنسخته المأخوذة و المستقاة مباشرة من مصادرها الأساسيّة بكلّ سهولة و يسر...و ما إن مرّت بضع سنوات من عشريّة التّسعينات حتّى كان قد اكتمل للشّيوخ بفضل الأموال الهائلة الّتي هبطت عليهم من السّماء دون أدنى تعب..اكتمل لهم تحقيق هدفين أساسيين/

1- تفريخ مجموعات أو جماعات إسلاميّة دمويّة مسلّحة هنا و هناك تربّعت على عرش صناعة الرّعب في عدد من الدّول العربيّة وحتّى الغربيّة و أعطت للمسلمين التّقليديين و هم الغالبيّة و للعالم كلّه لأوّل صورة حقيقيّة مقرّبة عن الإسلام الحقيقي بعيدا عن الزّيف و التّعتيم و اللّف و الدّوران الّذي اعتمده مشايخ الوسطيّة و التّرقيع في أساليبهم المعروفة بهدف تلميع الدّين و التّعمية عن حقائقه و محاولة موائمته مع معطيات العصر الحديث...!

2-نجاحهم (المشايخ) في تغطية أكثر من 95 في المائة من رؤوس الفتيات بما فيهم الطّفلات و تحويل الحجاب هو موضة و تقليعة المرأة المسلمة الأوّل بحيث سيطر تماما (الزيّ الإسلامي) على وعيها و عقلها الباطن فاصطبغت كلّ أزياءها و تفصيلاتها وتصميماتها و زينتها و اتّشحت بروح و شكل الحجاب بدءا بذلك الذي تعمّد الخيّاطون التّلاعب بضوابطه الشّرعيّة الّتي وضعها المشايخ خاصّة فيما يخصّ اللّون و نوعيّة القماش و الشّفافيّة لتلبية طلبات النّساء اللاّئي وقعن بين نداء الفرض الدّيني و بين ميل و حاجة طبيعيّة للزّينة و الظهور بمظهر جذّاب...إلى ما يسمّى بالنّقاب و الشّادور و تلك الخيمة السّوداء المخيفة و البشعة الّتي لا تنتشر بكثافة إلى حدّ الآن إلاّ في أكثر البلدان تخلّفا و التزاما بالدّين مثل اليمن و الصّومال و أفغانستان و بلدان الخليج العربي بينما يبقّع منظرها الكريه و يزيد انتشارها حثيثا في كلّ بلدان العالم مثل السّرطان رغم الاستهجان و الاستنكار الّذي تلاقيه و رغم قوانين المنع و التّحريم الّتي بدأت بعض الحكومات في عدد من الدّول الغربيّة تضعها ضدّه لما يلحقه من أذى بشخصيّة المرأة و من تشويه للمحيط و لما يسبّبه أيضا من تمايز عنصري ديني و إشكالات قانونيّة في تلك البلداتن العلمانيّة...!

لذلك أقول أنّ الضحيّة الأكبرجسديّا و فكريّا للفكر الدّيني الأصيل هي المرأة المسلمة و ليس أدلّ من تحويل الدّين لها (كما نرى في اليمن و أفغانستان و غيرهما من الدّول الإسلاميّة و حتّى الغربيّة) لكيس زبالة يتحرّك في ساحات و شوارع المدن أو غراب أسود بلا جناحين يتلمّس طريقه بوجل بين النّاس...!

لنركّز الآن على بعض الكلّيات الأساسيّة الّتي شكّلت و بلورت في إعتقادي شخصيّة المسلم العادي أو التّقليدي لأنّه هو الّذي تتكوّن منه الأكثريّة الغالبة في كلّ مجتمعاتنا الإسلاميّة، و أعني بالمسلم العادي ذلك الّذي لم تتح له فرصة التعمّق في حقيقة دينه بسبب الظّروف أو لأنّه اكتفى بقصد أو عن غير قصد بالنّسخة المنقّحة و المعدّلة الّتي ورثها من والديه و مجتمعه و نظام التّعليم في بلده...هذا المسلم العادي هو في الحقيقة فريسة سهلة و مستباحة للدّين بفعل الوراثة و التّلقين و الحشو في المدرسة و البيت و كلّ بيئته الّتي يعيش فيها...تلك الكّليات الأساسيّة التي بُرمج عليها منذ الولادة ألحقت بلا شكّ أضرارا بليغة بمنظومة التّفكير عنده مثل ما يفعله الفيروس المستعصي في جهاز الكمبيوتر بحيث يسيطر عليه و يخرجه عن سيطرة صاحبه و مع الوقت يصل التّخريب الوعي و العقل الباطن الّذي يحوي الخزّان الأساسي للدّوافع البشريّة فيعيد تركيبها و صياغتها خارج إرادة المسلم فيصبح هذا الأخير عبدا لها يعمل وفق إيحاءاتها و إيعازاتها بطريقة أتوماتيكيّة في ظلّ غياب المضادّ الفيروسي القويّ المتمثّل في التّفكير العلمي و الموضوعي....

يختلف المسلم الملتزم عن المسلم العادي كما قلت، أنّ الأوّل يؤدّي به التزامه إلى أن يكتمل داخله الوحش في مرحلة ما و ينمو و يكبر ثمّ يباشر أعماله الوحشيّة طبقا للقرآن و السنّة على أرض الواقع، أمّا الثّاني أي المسلم العادي فإنّ جهله بالدّين لا يمكّن الوحش عنده حتّى من بلوغ مرحلة الميلاد و يقتصر فعل الفيروس الدّيني على تلويث الفكر و الشّخصيّة و تشويه الثّقافة عنده بحيث يتحوّل هذا المسلم العادي و الّذي هو كما قلنا تتكوّن منه أكثريّة المسلمين لحسن الحظّ (!!) إلى سلبيّ في تعاطيه مع الأداء و البعد الإنساني و تُصبح له شخصيّة متوتّرة إنفعاليّة تعادي أشياء أساسيّة في الحياة و معان سامية تميّز الإنسان و تصنع كينونته في هذا الكون و هي الحبّ و الجمال و الحرّية و الإبداع...؟!

لتتشكّل لدينا في النّهاية مجتمعات إسلاميّة غدت مضحكة و مضربا للأمثال في التخلّف و العدائيّة لكلّ إبداع و حرّية و حبّ و لكلّ شيء جميل...!

تقول لي كيف ذلك..؟!

أستطيع إجمال الأذى و الآثار التّخربيّة لعقل الإنسان المسلم في النّقاط التّالية/

أوّلا/ الإسلام و البعد الإنساني
ثانيا/ الإسلام و العلم
ثالثا/ الإسلام و المرأة
رابعا/ القرآن و السّنة
خامسا/ أفعال و حياة الرسول و أصحابه (كقدوة لأتباعه من بعدهم).
سادسا/ الأداء و الإبداع

نبدأ بالبعد الإنساني و العلاقة الّتي بناها دين الإسلام مع الآخر و أعني به غير المسلم...

الدّين الإسلامي يقوم على كلّية مفادها دار الإسلام و دار الكفر، أي أنّ جوهر فلسفته نشأت أساسا على التّمييز بين المسلم و غير المسلم....!
أبرز ما يُفسّر و يبرّر النّظرة الاستعلائيّة و الفوقيّة للآخر أي الكفّار و اليهود و الملحدين و غيرهم هي عقيدة الولاء و البراء في الإسلام هذه العقيدة العنصريّة و الغبيّة و الشّائكة بالّنسبة لأئمّة و مشايخ الإسلام...هؤلاء ما فتئوا يتعمّدون التّعتيم عليها و تجنّب الخوض فيها بالمراوغة و الالتفاف حولها و حول معانيها الحقيقيّة في محاولات يائسة لإخفائها أو لتكييفها مع طغيان البعد الإنساني في العصر الحالي...

" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" الآية رقم 4 من سورة الممتحنة

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين" الآية 51 من سورة المائدة

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون" الآية 23 من سورة التوبةَ

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" الآيتين 55 و 56 من سورة المائدة

إلى آخره من ألآيات
و هناك أحاديث نبويّة كثيرة تؤكّد على عقيدة الحبّ في اللّه و البغض في اللّه...
قال الشّيخ صالح بن فوزان الفوزان في كتابه (محاضرات في العقيدة والدّعوة) وهو يتكلّم عن الولاء والبراء: « فمن أصول العقيدة الإسلاميّة أنّه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، فيحبّ أهل التّوحيد والإخلاص ويواليهم ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم وذلك من ملّة إبراهيم والذين معه..و يواصل قائلا/
فهذا أصل عظيم من أصول الإسلام عمل به الأنبياء والمرسلون من لدن نوح عليه السلام إلى أخرهم وخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم- , وما قصّه الله علينا في سورة يونس وغيرها من السور عن حال الأنبياء والمرسلين مع أممهم من أهل الشرك من البراءة منهم, وعدم الركون إليهم وبغضهم ومعاداتهم وعدم موالاتهم, لهو أكبر دليل على هذا الأصل العظيم. ولذلك كان من شروط لا إله إلاّ الله البراءة من الشرك والبدع وأهلها. ولقد قام نبينا محمد بهذا الأصل خير قيام اقتداءا بإخوانه الأنبياء والمرسلين
قال الإمام الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ –رحمه الله- : « وأما الموالاة والمعاداة فهي من أوجب الواجبات. وفي الحديث: « أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ». وأصل الموالاة الحب وأصل المعاداة البغض, وينشأ عنها من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة, كالنصرة والأنس والمعاونة, وكالجهاد والهجرة ونحو ذلك من الأعمال. والولي ضد العدو ّ» (عيون الرسائل- 576-577) ويدخل في هذا كله - أيضا- معاداة البدعة وأهلها وموالاة السنّة وأهلها, وكما قيل: " البدع بريد الكفر". فلا بد من قيام هذا الأصل العظيم في قلوب أهل التوحيد والسنّة المحضة؛ فالواجب عليهم بغض أهل البدع بشتى صنوفها وأنواعها وعدم لين الجانب لهم وعدم مماشاتهم ومصاحبتهم وترك التبسم في وجوههم ومن المؤسف له أن تسمع - من ينتسب إلى أهل السنة- من ينادي بهذه الأمور التي تنافي مبدأ الولاء والبراء، كل هذا بزعم المصلحة أو مصلحة الدعوة أو عدم تنفير الناس "وما تركتم أحدا" وغير ذلك من أقوال" أهل التمييع المثلّجين", وبذلك يضيع المنهج السلفي منهج التوحيد الحق والإتباع السليم فالسكون والمعاشرة لأهل البدع مع القدرة على الإنكار هي عين المداهنة. وليعلموا أنّ هذا الولاء والبراء الذي فرضه الله على أهل طاعته هو الذيأوجب الإفتراق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
حتّى التّبسّم في وجه غير المسلم ممنوع بل أنّ الغلظة له في كلّ شيء مطلوبة و مستحبّة للآخر أي للكافر و غير المسلم عموما..؟!!
هذا بين الدّولة الإسلاميّة إن وُجدت و غيرها من دول العالم، أمّا غير المسلم أو الأقلّية الّتي تعيش بين المسلمين فإنّ الفقه الإسلامي يقسّم كفّارها إلى فئتين : الكتابيين والمشركين ، و يفرّق بينهما (الفقه الإسلامي) بتساهل نسبي و بصيغة المنّ و الإذلال أو الإخضاع، بفرض الجزية على الكتابيين ( أي المسيحيين واليهود ) حقنا لدمائهم و بدل قتلهم، أمّا المشركين فليس أمامهم الا أحد خيارين : الاسلام .... أو السيف، و يُستثنى مشركي العرب الذين لا يُقبل منهم الاّ الإسلام أو القتل...؟!
و نلخّص في الآتي قانون أو فلسفة عقيدة الولاء و البراء كما فهمها و فسّرها علماء و مشايخ الإسلام من القرآن و السّنة/
- يُنهى المسلم عن المبادأة بإلقاء السّلام على اليهود أو النّصارى على حدّ قول النّووي ( و نحن مأمورون بالإغلاظ عليهم و منهيّون عن ودّهم فلا نظهرهم كنوع من الامتهان و الاذلال لهم..؟!
- لا تُقبل شهادته (غير المسلم) إتّفاقا لأنّه متّهم في حقّه بل لقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم قبول شهادة الكفّار بعضهم على بعض لأنّ الكافر ليس بذي عدل حسب أحكام أهل الذمّة !!
- اذا قتل الكافر مسلما فالجزاء هو القصاص بلا خلاف .. ولكن .. ماذا لو قتل المسلم كافرا ؟؟؟ الحكم عند جمهور الفقهاء : لا يُطبّق القصاص في هذه الحالة اعمالا لرواية البخاري ( لا يُقتل مسلم بكافر ) ربما لأن الكافر نصف مواطن أو ادنى درجة من المسلم !!
- عدم جواز تولّي الكافر الخلافة و الامارة..!
- عدم الاستعانة بالكافر وتوليته الوظائف العامة العادية أو الحكوميّة فقد منعها جمهور الفقهاء ( وذهب البعض الي التّحريم صراحة )؟!!
- لا حدّ على من قذف كافرا بل يُعزّر فقط !! لأنه يُشترط في القذف ان يكون المقذوف مسلما باتّفاق الفقهاء.

راجع عزيزي القارئ وثيقة الإذلال العمريّة المقنّنة لأهل الذّمة من اليهود و المسيحيين عندما دخل بيت المقدس فاتحا..؟!

أي أنّ المسلم الّذي تشرّب الوعي و اللاّوعي عنده بهذه الفلسفة منذ ولادته لا محالة سيعيش طول حياته بمشكلة نفسيّة تجاه غير المسلم حتىّ و لو كان مواطنه أو جاره...لماذا...؟ لأنّ عقيدة الولاء و البراء تُعلّم المسلم منذ طفولته و تزرع فيه عقيدة الحبّ في اللّه و البغض في اللّه، حبّ اللّه و أولياءه و بغض أعداءه على اختلاف مشاربهم و مناهجهم، لذلك لا نعجب أن تُلازم حتّى المسلم الموصوف بالاعتدال حالة خاصة تتّصف بدرجة معيّنة حتّى و لو كانت خافية من مشاعر النّفور و الحساسيّة تجاه كلمة الآخر و الّتي تعني غير المسلم أي الكافر و اليهودي و الملحد و المرتدّ...ممّا نجم عنه بالضّرورة خلل واضح في التّواصل بين المجتمعات الإسلاميّة و غيرها من المجتمعات الأخرى.....!

و لنا بقيّة....



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت مسعود ( قصّة قصيرة)
- الإنسان و الأديان...!
- قيمة الانضباط في مجتمعاتنا...!
- الجزائريّون و المصريّون في مسرح الدّيكة...!
- وافق الحاكم المحكوم...!
- الخمار و اللّحية قضيّتا الجزائريين الأساسيّتين...!
- العصفور الحزين
- حكاية قبيلة بني لاهيه
- زنزانتي الخوف
- مدينتي العربيّة المسلمة....؟!
- كان لي رأي حين أبديته، ساقوا عليّ الملامة و قالوا أنت حمارُ. ...
- عقيدة الولاء و البراء هل تصلح للعصر الحالي....؟
- تيسون....
- رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل ...
- مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
- هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل ...
- خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأ ...
- لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
- سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
- هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الأوّل)