|
لست مع البابا و لست مع هؤلاء
مرثا بشارة
الحوار المتمدن-العدد: 3072 - 2010 / 7 / 23 - 22:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل الدين قيود و فروض وضعت لتُقيد حرية الإنسان و تُعكر صفو حياته ؟ سؤال كثيراً ما يتردد علي أذهان الكثيرين ، البعض قد يُؤِد السؤال داخل الذهن حتى لا يشعر الآخرين بتجرئه علي الدين ، و البعض قد يطلق السؤال من ذهنه ليتشارك و يتحاور به مع من حوله حتى يجد الإجابة ، أما البعض الأخر فقد يتجرا و يرفض بل و أيضا ربما يتطاول علي مبادئ الدين ، و هذا ما لمسناه مؤخرا بسبب الجدل الشديد حول قضية الطلاق و الزواج الثاني في المسيحية. فالتيار الأول و يمثله هؤلاء الذين يكتفون فقط بما يمليه عليهم رجال الدين من مبادئ و تشريعات وتحليل و تحريم دون الرجوع لما بأيديهم من كتب مقدسة لمراجعة ما يقدم لهم من تعاليم ، ظنا منهم بان رجال الدين هم الاعلي شانا و الأكثر علما و لا يجوز تحليل و تمحيص ما يعلّمون و ينادون به أو وضعه تحت مجهر الحق و الحقيقة ، و هؤلاء هم عميان لقادة عميان ، يعيشون و يموتون دون أن يدركوا ما هو الحق من الباطل ، و ما هو الغث من الثمين ، فلا يجهدون أنفسهم في استغلال طاقة العقل المعطلة عن التفكير ، إذ يسلمون تسليما كاملاً بأنها من اردة الله و احسانته أن يثبتوا حتى الموت علي ما ولدوا عليه ، أما التيار الثاني ، فهم أناس عاديون جدا ، لكنهم مفكرون ، إذ يستخدمون نعمة العقل في نقد و تحليل الأمور دون أن يأخذوها علي علتها دونما تفكير أو تدبير و كأنها مسلمات واجبة الطاعة و النفاذ ، فيشاركون و يتشاركون أفكارهم و آرائهم في كل ما تعج به الحياة من مشاكل و قضايا حتي و لو كانت في عمق الدين و ثوابت الأيمان ، و ذلك عملا بالقول الذهبي – فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة - و هؤلاء هم من يلتمسون الحق فيعرفونه و الحق يحررهم من عبودية الفكر المظلم لحرية اليقين ، أما التيار الثالث ، فهم من يظنون أن الدين بالضرورة هو ضد حرية الفرد ، و يؤثر بالسلب علي التعايش بين الإفراد ، لذا فيجب منعه من التواجد علي ارض الواقع الاجتماعي أو علي الأقل ترويضه حسبما مايوافق منطقهم و أفكارهم وأحيانا أهوائهم ، و هذا ما حدث فيما يتعلق بقضية الطلاق و الزواج الثاني ، فنتيجة لتمسك البابا بعدم التصريح بالزواج الثاني للمطلقين رغم إهماله لقضيتي التبني و الميراث - و لا ندري سببا لذلك سوي لأنهما يتعارضان مع الشريعة الإسلامية و هو لا يريد الدخول في صراع قضائي تشريعي جديد – كان رد هؤلاء ، هو المطالبة برفض سيطرة النصوص الدينية و التحرر من سجنها ، فلا يجب تقديس المسيحية علي حساب المسيحيين - علي حد تعبير احدهم – و كأن المسيحية تحمل سيفاَ لتطيح برقاب المعارضين و الضالين بعيدا عنها ، و نسي هؤلاء ، انه لولا ما تحمله المسيحية من قيم سامية تنشدها كل المجتمعات الباحثة عن التحضر و الرقي الإنساني ، لكان السيف في انتظار هذا أو ذاك ، و المشكلة الحقيقية لهؤلاء ، أنهم يُسقطون ما يُسيء به بعض المنتمين للمسيحية علي المسيحية نفسها ، أما المشكلة الأكبر فهي ، تبنيهم الخاطئ لمبدأ – السبت لأجل الإنسان ، لا الإنسان لأجل السبت – حتى يستبيحون هدم المثل و القيم المسيحية من منطلق أن المسيحية لا تشرع و إنما تقدم وصايا دون أن تكره أحدا علي العمل بها ، و هنا سؤال هام ، أليست شريعة الحب و السلام والمُثل ، أحب و أجدر بالإتباع لتكون منهج حياة ؟ و كيف للإنسان أن ينتمي لعقيدة و هو يريد التنصل من مبادئها ؟ ، ففي هذه القضية وجدت نفسي لست مع البابا لعدم مطالبته بالحق كاملاَ ، و لست مع هؤلاء لأنهم يريدون قلب الحق باطلاَ ، بدعوة التحرر من الدولة الدينية و المطالبة بدولة مدنية علمانية ، ناسيين أن المسيحية لم و لا و لن ترتبط بالسياسة أو الحكومات لان ذلك مبديء أصيل من مبادئها ، فهل ستكون العلمانية هي الدين الجديد الذي سيحارب كل الأديان ، الحق منها و الباطل ؟
#مرثا_بشارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيدان و الاديان
المزيد.....
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو
...
-
سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو
...
-
الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع
...
-
فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش
...
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية
...
-
رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
-
ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
-
استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا
...
-
-إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال
...
المزيد.....
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
المزيد.....
|