أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - دراسة علمية خطيرة تدق نواقيس الخطر















المزيد.....

دراسة علمية خطيرة تدق نواقيس الخطر


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 16:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ننكر أنه تم القيام بإصلاحات كثيرة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة، وأنه تم تحديث كثير من اللوائح والآليات العتيقة والبالية، لكن من الخطأ اعتبار أن كل ما تم إدخاله من إصلاحات هو »غاية المراد من رب العباد«، أو انه »ليس في الامكان أبدع مما كان«، فالشوط مازال طويلا والأعشاب السامة التي تتكاثر في مجال الاستثمار مازالت كثيرة وخطيرة.
وبعيدا عن الشعارات الوردية أو السوداوية علي حد سواء تعالوا نحتكم إلي النتائج والأرقام التي انتهي اليها مسح علمي عن بيئة أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وعلاقة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالإدارات الحكومية.
الدراسة المسحية التي نتحدث عنها شملت نحو 800 من المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتعرف علي تجربتها الفعلية مع الفساد أثناء أدائها للأعمال.
وقام بهذه الدراسة المهمة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في الفترة من 21 ابريل 2009 إلي 14 مايو ،2009 بمشاركة مركز المشروعات الدولية الخاصة وشركائه، واتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية، والجمعية المصرية لشباب الأعمال، ومنتدي ريادية الأعمال، التي ساعدت مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في الوصول إلي المشروعات الصغيرة والمتوسطة في عدد من المحافظات.
علما بأن اجراء هذه الدراسة المسحية المهمة لم يكن هدفا في حد ذاته، بل كان »وسيلة« اعتمد عليها مركز المشروعات الدولية الخاصة وشركاؤه لتعميم برنامج »مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية« لحشد التأييد من أجل رفع الوعي بمكافحة الفساد، والتوصية بتعديلات محددة في السياسات تهدف إلي الحد من مخاطره، وهو البرنامج الذي يسير بخطي حثيثة، بإشراف مجلس استشاري يتشرف كاتب هذه السطور بالمشاركة في عضويته جنبا إلي جنب مع عدد من الخبراء المرموقين الذين ينتمون إلي تخصصات متنوعة وخلفيات فكرية متعددة.
***
المحور الأول في الدراسة المسحية المشار اليها يتعلق بملاحظات عامة حول علاقة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالحكومة.
وبهذا الصدد.. وردا علي سؤال: كيف تصف خبرتك مع المؤسسات الحكومية أثناء عملية تأسيس المشروع »سهلة جدا، سهلة، عادية، صعبة، صعبة جدا« هل كانت الصعوبة التي واجهتها في عملية التأسيس »أصعب جدا مما توقعت، أصعب مما توقعت، مثلما توقعت، أسهل مما توقعت، أسهل جدا مما توقعت«؟!
أظهرت الإجابات أن هناك فجوة في مصر بين ما يتوقعه أصحاب الأعمال عند تعاملهم مع المكاتب الحكومية وتجربتهم الفعلية معها، واتضح أن 47% وجدوا أن تجربتهم الفعلية كانت صعبة علي الرغم من أن 36% فقط توقعوا تلك الصعوبة.
هذه الفجوة - في رأي الدراسة المشار اليها - تعكس التشوش الذي يعتري تصور أصحاب الأعمال، وان كان يعكس أيضا عدم الاتساق في أداء المكاتب الحكومية، وهو ما يضيف مستوي من عدم القدرة علي التوقع ليس في صالح أداء الأعمال.
***
وردا علي سؤال: هل اضطررت لدفع أموال أو تقديم هدايا للحصول علي الترخيصات اللازمة لتأسيس المشروع أو بدء ممارسة النشاط؟ وبعد الانتهاء من مرحلة تأسيس المشروع والانتقال لمرحلة التشغيل هل تضطر لدفع أموال أو تقديم هدايا بعد تأسيس المشروع لتسهيل وضمان استمراره؟
جاءت الاجابة مروعة بالفعل.. حيث قال 42% من أصحاب الأعمال إنهم دفعوا رشاوي أثناء تأسيس الأعمال، وقال 29% من أصحاب الأعمال أنهم دفعوا رشاوي خلال عملية التشغيل.
***
وفيما يتعلق بالمشتريات الحكومية جاءت النتائج والإجابات سلبية أيضا حيث قال 20% فقط من أصحاب الأعمال إن المشتريات الحكومية تجري وفقا القانون، وقال 33% إن القانون لا يتم احترامه، بينما اعرب 26% عن ضعف آليات الرقابة.
وأعرب 37% عن اعتقادهم بأن الرشاوي يتم دفعها للفوز بالمناقصات الحكومية، ولم ير سوي 9% فقط أنه لا تحدث عمليات رشوة بهذا الصدد.
***
وعندما سئل من شملهم الاستطلاع عن رأيهم في السبب الذي يدفع موظفي الحكومة لقبول الرشاوي كانت اختياراتهم كما يلي: تدني مرتبات الحكومة »44%«، الطمع وانعدام الضمير »29%«، انعدام الرقابة »24%«.
***
وفي تعليق اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية علي هذه الدراسة المسحية اتفق الاتحاد مع نتائج الدراسة التي أظهرت أن أكثر أشكال الفساد انتشارا بالنسبة لأصحاب الأعمال هو دفع مبالغ مالية بشكل غير مشروع للموظفين الحكوميين الذين يعملون في مكاتب المصالح الحكومية أو المجالس المحلية.
لكن الاتحاد لا يتفق مع نتائج الدراسة التي أظهرت أن 43% من العينة دفعت رشاوي أثناء عملية إنشاء الأعمال و20% من تلك العينة دفعت رشاوي للجهات المرتبطة بأداء العمل وإصدار التراخيص، ويري الاتحاد أن هذه النسبة تبدو متناقضة مع الوضع الحالي في مصر لأن عدد الهيئات الحكومية المرتبطة بأداء العمل أكثر ثلاث مرات من تلك المرتبطة بإنشاء الأعمال.
ويتفق الاتحاد علي نتائج الدراسة التي توصلت إلي أن بعض المواطنين يدفعون رشاوي، ليس فقط لاستخراج تصاريح وتراخيص، ولكن أيضا للحصول علي تصاريح أو أذونات لا حق لهم فيها، ومثل تلك الممارسات الفاسدة تشي بافتقار السلطات الحكومية للرقابة، حيث لم تهتم بالكثير من المتطلبات الضرورية لبدء الأعمال في مصر. وتؤكد هذه الدراسة أن القوانين واللوائح الحالية غير واضحة، وغير قابلة للتطبيق، ومعوقة لتحول مصر إلي اقتصاد حر.
فالقوانين واللوائح الغامضة تتيح الفرصة أمام المسئولين في السلطات المعنية لاستغلال مناصبهم للحصول علي رشاوي ولذلك يتفق الاتحاد مع الدراسة المشار إليها علي أن مكافحة الفساد ينبغي أن تتم وفق عدة مقاربات، من بينها التخلص من القوانين واللوائح الغامضة التي تهيمن علي الأعمال وأنشطتها.
ويتفق اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية مع نتائج الدراسة التي تقترح التوصيات التالية من أجل تقليص ممارسات الفساد في المعاملات الحكومية:
* نشر كل المعلومات المتعلقة بتأسيس الأعمال واستخراج التراخيص.
* وضع قانون إتاحة المعلومات علي قمة الأولويات.
* مراجعة وتحديث اللوائح القائمة المتعلقة بإصدار التراخيص للأعمال.
***
مما سبق.. يتضح من هذه الدراسة العلمية البالغة الأهمية التي يستحق كل المشاركين فيها جزيل الشكر، يتضح أن هناك فجوة شاسعة بين الخطاب الرسمي وبين الواقع الذي نعيشه.
وأن خطوات الإصلاح التي تم قطعها ـ والتي لا يجب التهوين من شأنها أيضا ـ مازالت غير كافية، بل إن المشوار مازال طويلا حتي تكون لدينا بيئة صحية لأعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولتعاملات هذه المشروعات مع الإدارات الحكومية.
علما بأن الحصول علي هذه البيئة »الصحية« غير ممكن التحقيق في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحده، بها هو لن يتحقق بكل تأكيد إذا استمر فساد بيئة عمل المشروعات الكبيرة.
وعلما بأن الفساد »الصغير« لا يمكن أن تؤتي مكافحته ثمارها المرجوة إذا استمر الفساد »الكبير«.
وعلما بأن الإصلاح الاقتصادي ـ ومن بين متطلباته إصلاح بيئة أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ـ لن يكون ناجزا وفعالا دون إصلاح سياسي واجتماعي وثقافي.
وعندما تقول لنا دراسة مسحية علمية محترمة إن 42% من أصحاب الأعمال يدفعون رشاوي أثناء تأسيس أعمالهم.. فإن لنا أن نضع أيدينا علي قلوبنا.. لأن هناك شيئا غلطا في المجتمع.. وهذا الشيء الغلط يضرب جذوره في جميع مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والقيم الاجتماعية.
إن هذه النسبة المخيفة هي جرس إنذار، يضاف إلي العديد من نواقيس الانذار الأخري، يجب أن ندرك مغزاه وأن ندفع استحقاقات تغييره.. قبل فوات الأوان.. وقبل أن تصبح الرشوة ـ في كل المجالات ـ هي القاعدة وليست الاستثناء.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعذيب .. بنظام »خدمة التوصيل إلى المنازل«!
- رسالة عاجلة للدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة .. هل وصل التمييز ...
- قمة -أهلية- .. دفاعاً عن وطن فى خطر
- نصر حامد أبوزيد.. والفيروس القاتل
- هل نقول للأوروبيين.. -اشمعني-؟!
- وراء كل -نصر- .. ابتهال
- فيلم الموسم وكل موسم: »الأرض«.. تراجيديا مصرية.. إخراج أمين ...
- احبس صحفياً.. نعفيك من الضريبة العقارية!
- حدث ثقافي وتنموي مهم لم يلتفت له أحد .. »وثيقة القاهرة«.. لح ...
- لماذا اشتعلت الفتنة فى عهد سيطرة محاسيب الحزب الوطنى على الم ...
- وصف سيناء »44« منير شاش يتكلم.. اسمعوا وعوا
- -تحسين مستوى العسل-.. مطلب من البرنامج الانتخابى للرئيس
- الغاز تحتاج إلي حل .. القمة الرابعة عشرة للمجموعة الخمسة عشر
- قمة مهمة.. لكن الكرة أهم (1)
- -تهميش- مصر فى أفريقيا وآسيا .. وبلاد كانت تركب الأفيال
- الفساد فى محاربة الفساد
- وصف سيناء : (1)
- وصف سيناء : (2)
- صرخة احتجاج من قلب الصعيد الجوانى
- اقتراح عملي للإبقاء علي »حرارة« المعدات التليفونية


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - دراسة علمية خطيرة تدق نواقيس الخطر