أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - دعاء جمال الدين الجيلاني - قصة صحافية بعنوان -بنى قبره بيديه-














المزيد.....

قصة صحافية بعنوان -بنى قبره بيديه-


دعاء جمال الدين الجيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3068 - 2010 / 7 / 19 - 23:42
المحور: الصحافة والاعلام
    



مظاهر ذلك المكان تدفعك الى دخوله بكل فضول، فالارض الكبيرة التي تحيط منزل ذلك الرجل ستجذبك اليها باية وسيلة، فمن شجرة التين الضخمة المتشابكة الاوراق وما تحتها من فرش ووسادة توحي لك بعلاقة كبيرة تجمع ما بين صاحب الارض وتلك الشجرة، واشجار العنب والتوت، والبرقوق والدراق، والتفاح، والليمون، والبناء الحديدي الذي يضم مجموعة من الدجاج والبط، كل تلك الاشياء ستجعلك تشعر بالارتياح، لانك عندها ستعلم ان هذه الارض فلسطينية لرجل من اصل فلسطيني يعشق ارضه، ولكنك عندما تستمر بالسير فيها ستتفاجىء عندما تجد قبرا وضع عليه اكليل من الزهور، يحمل اسم المجاهد الفلسطيني "عبد الحليم الجيلاني" عندها ستعلم ان صاحب الارض تلك عاش فيها وابى ان يموت الا فيها...
"ولد عبد الحليم محمد الجيلاني عام 1908 في مدينة الخليل، ويعود نسبه الى الشيخ العالم عبد القادر الجيلاني، وارسل الى الكرك وعمره لا يتجاوز سبع سنوات، حيث اقام عند عمته لطيفة الجيلاني وزوجها يوسف، وهناك تعلم الكتاتيب ليتلقى علومه الاولية، كما تعلم الفروسية ... ومنذ ان تفتحت عيناه وهو يرى شعبه يذوق مرارة الاحتلال ويرى الانجليز وهم ينصبون الاعواد لشنق الرجال، ويمهدون الطريق لليهود لتأسيس وطن قومي لهم، فعندها اصبح يتوق الى الثورة، فحاول الحصول على سلاح احد الجنود الانجليز سنة 1931م الا انه فشل وحكم عليه بالسجن لمدة ستة اشهر. وشارك عبد الحليم الجيلاني في ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني حيث حمل سلاحه وبدأ يدعو الناس للالتحاق بالثورة، واشترك ايضا في معارك اخرى منها معركة الخضر، واحتلال بئر السبع، وجورة بحلص التي قتل فيها 70 جنديا بريطانيا، ومعركة خربة بيت خيران، ومعركة بني نعيم الكبرى، وخربة قلقس، وشعب الملح".
لم تكن حياة ذلك المجاهد حياة هادئة، فقد تعرض بعد انهاء الانتداب البريطاني الى ملاحقة اليهود، حتى تم اصدار حكما بالنفي الى الاردن تجاهه، فتم نفيه وعاش هناك فترة طويلة من الزمن، وبعد ان تجاوز مرحلة الشباب واصبح رجلا كهلا، سمح له بالعودة، ليبتعد عن كل ما يؤدي الى السياسة حيث اختار ان يعيش بهدوء وسط عائلته واولاده الذين شتتوا من بعده، وحرموا من الابوة الطبيعية التي ينعم بها غيرهم، فلم يكن عبد الحليم يرى اولاده الا مرة بالاسبوع واحيانا لا يراهم وذلك نتيجة المطاردة بشقيها من الانجليز ومن اليهود، يقول زيدان ابنه البكر:" لم اكن ارى ابي الا في اوقات قليلة، كان معظم الوقت يقضيه بين الجبال، وفي صحبة رفاقه المجاهدين، ولكنه رغم ذلك فقد كان رجلا حنونا يحب اولاده، ويعطف عليهم، وكان حريص علينا وعلى امي".
وبعد عودة عبد الحليم الى وطنه فلسطين والى المدينة التي ولد فيها "مدينة الخليل" حيث يسكن في منطقة "عقبة تفوح" بدأ بزراعة ارضه وحرص على اعمارها، بعد السنوات التي ظمأت فيها في فترة غيابه، وكان دائم الجلوس تحت شجرة التين حيث يجتمع مع احفاده فيغني لهم اغاني الثورة ويضرب الاشعار حيث كانت ذاكرته غنية بالاشعار والاغاني التراثية، كان يحيا دور الجد والاب التي حرم منها في فترة جهاده.
ولكن ما يدعو الى الدهشة هو انه قام بحفر قبره بيديه في اثناء حياته، فبني قبره والى جانبه قبرا لزوجته واوصى بأن يدفنا بهما، تقول زوجته بديعة القواسمي :" كان زوجي ينزل الى الارض كل صباح ليسقي الزرع ويطعم الدجاج ويبدأ عمله في بناء القبر، حيث بنى قبرين لي وله، لانه دوما كان يعشق ارضه، وخشي ان يبيع احد اولاده الارض عندما يموت، فقرر ان يدفن هناك، وهذا ما حدث فعلا حيث دفن هناك...".
وعن حادث وفاته تابعت زوجته:" لم يكن زوجي مريضا طيلة حياته، كان يكره المرض ويتحداه، ويرفض زيارة الطبيب، ولكن بعد هرمه بدأت عظام ظهره بالتقوس وكان يأبى ان يمشي متقوسا، وفي يوم ما اتصل بابنه منير الذي يعيش في السعودية وبعد ان انهى الاتصال بدت عليه علامات الفرح، حيث كان يحب اولاده رغم وجود بعضهم خارج البلاد، فلديه ستة اولاد وثلاثة بنات، ولا يعيش منهم هنا الا ثلاثة رجال، وهم اولاده من زوجته الاولى " لبيبة" التي توفيت في فترة جهاده، اما انا فلم انجب منه اطفال ولكن ابناءه من الزوجة الاولى بمثابة ابناءي... وتابعت:" وبعد ذلك اليوم الذي اجرى فيه زوجي اتصاله مع ابنه، ذهبت لاوقظه على صلاة الفجر لانني لاحظت انه لم يستيقظ وحده كعادته، فلم يتممكن من النهوض، فعرفت ان هناك شيء ما قد حل به، فطلب مني ان اصطحبه ليتوضأ، ثم جلس دون قدرة على الوقوف او الحركة، فاتصلت بابنه بدر حيث يسكن الى جانبنا، فاخذناه الى المشفى وهناك علمنا انه قد اصيب بجلطة دماغية، ودخل في حالة غيبوبة استمرت مدة اسبوعين، كان يستيقظ خلالها ليرى من تجمع حوله ممن يحبوه فيذكر اسماءهم، ثم يعود الى غيبوبته، الى ان فارق الحياة في عام 2003، وجرت مراسم تشييع جثمانه وسط جموع كبيرة من الناس الذين أحبوه... لقد كان رجل بما تحمله الكلمة من معنى ... لا زلت تحت تاثير الصدمة حتى الان، فعندما اخرج من البيت الى اي مكان انزل الى قبره لاخبره بوجهتي، ومتى ساعود الى البيت... لا زالت هيبته تعيش في كل مكان ..."
عبد الحليم الجيلاني ، ليس اول مجاهد ممن عاشوا معنا دون ان يعطيهم التاريخ حقهم كما يجب، فعاشوا في زاوية النسيان، الى ان رحلوا... مودعين ارضهم وهم غير مودعين لها، فيكفيهم ان تلتصق اجسادهم بها حتى يشعروا بأنهم لا زالوا على قيد الحياة، لازالوا يعيشون في ارضهم، لانهم يؤمنون بقضيتهم... ويؤمنون بما قاله الشاعر ابو القاسم الشابي:
"اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر" .



#دعاء_جمال_الدين_الجيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - دعاء جمال الدين الجيلاني - قصة صحافية بعنوان -بنى قبره بيديه-