أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهران موشيخ - قراءة الوجه المخفي لازمة الكهرباء















المزيد.....


قراءة الوجه المخفي لازمة الكهرباء


مهران موشيخ
كاتب و باحث

(Muhran Muhran Dr.)


الحوار المتمدن-العدد: 3068 - 2010 / 7 / 19 - 06:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



المدخل
لقد سبق لنا وان اعددنا بحثا موسعا حول “ النفط وازمة الطاقة المرتقبة في القرن الواحد والعشرين” ونشر البحث قبل اكثر من عامين في صحف عربية في لندن والعاصمة الاردنية عمان والعديد من المواقع الالكترونية http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=125697
وقد تناولنا في البحث ازمة الطاقة المرتقبة عالميا ، اسبابها وسبل تخفيفها على المدى القريب ومن ثم تجاوزها كليا على المدى البعيد ، وقدمنا في نهاية البحث حزمة من المقترحات الى الحكومة العراقية للتحصن امام الازمة القادمة وضمان العيش الرغيد للاجيال القادمة في العراق . توصلنا في البحث من ان النفط والغاز لم يعودا مجرد مادة طاقوية ثمينة للمحروقات كما كانت في القرن الماضي وانما اصبحا منذ اواخر القرن الماضي مادة ذات اهمية متميزة في ميادين الاقتصاد والمال والصناعة والتنمية والتسلح ومشاريع اكتشاف الفضاء الخارجي ، مادة تمثل العصب الرئيسي في معادلة الطاقة بالمفهوم الواسع والشامل ، وبالنتيجة النفط والغاز اصبحا اداة احتكارية بدون منازع لفرض السيطرة السياسية “ الاستعمارية “ في عصر العولمة ، مادة ستستمر اهميتهما الاستراتيجية لحين ايجاد بديل او بدائل مكافئة لها بعد نصف قرن على اقل تقدير ، مادة قيمتها المطلقة اليوم اغلى من الامس وغدا اغلى من اليوم . من هذه الثوابت العلمية انطلق امراء العولمة ، متحالفين ومتصارعين اكثر من اي وقت مضى، لاحكام السيطرة وامتلاك منابع ومصادر الطاقة الهيدروكاربونية . نحن لا زلنا على موقفنا كالسابق من ان الهدف المركزي من التخطيط لغزو العراق ،عشية انهيار مجموعة الدول الاشتراكية في اواخر ثمانينات القرن الماضي ، كان بالاساس استحواذ الثروة الهيدروكاربونية باعتبارها مفصل اساسي من مفاصل التحكم بانتاج الطاقة في القرن الواحد والعشرين .

مما سبق اعلاه نقول ان الغوص في الاعماق لاكتشاف الحقائق الكامنة وراء الشحة المستديمة للكهرباء في عراق اليوم ، يتطلب دراسة وتحليل بنية منظومة الكهرباء ضمن مجموعة الطاقة عموما، بدءً من المفاعلات النووية مرورا بالنفط والغاز والشمس والمياه وانتهاءً بالرياح . وللوصول الى معرفة الاسباب الكامنة وراء استمرارية شحة الكهرباء وتشخيص العوامل ان كانت ذاتية ام موضوعية يتطلب دراسة وتحليل واقع منظومة الكهرباء في العراق ببنيتيها الفوقية والتحتية ومن ثم تشخيص مدى تاثير وعلاقة ازمة الطاقة المرتقبة عالميا مع استفحال ازمة الكهرباء في العراق منذ نيسان 2003

تقييم اسباب الازمة على الصعيد الوطني
ان محطات توليد التيار الكهربائي وخارطة انتشارابراج الضغط العالي والاعمدة الناقلة للتيار الكهربائي داخل المدن وشيكة الاسلاك التي تجهز الوحدات السكنية والمؤسسات الصناعية كانت عشية 9 نيسان في حالة سيئة لعدة اسباب منها قدم العهد و غياب الصيانة والحروب والحصار الناجم عن السياسة الدموية العدوانية للنظام الدكتاتوري البائد … الا ان هذه الحالة المزرية وبعد 7 سنوات من سقوط النظام لم تتحسن قيد شعرة لا بل ازدادت سؤءً كما ونوعا ، وسيل التبريرات التي قدمتها وزارة الكهرباء والحكومة كانت غير واقعية وسطحية لدرجة لا تستحق الذكر والنقاش من قبلنا … منها مثلا قيام الارهاب في ضرب ابراج الضغط العالي والنمو الديمغرافي للسكان وغيرها ، متناسية هجرة الملايين الى الخارج وقرابة مليون اخر مهاجر يعيشون في حاويات حديدية او ماوئ من الطين يعجز التيار الكهربائي ان ينزل ضيفا عليهم ، متناسية توقف مئات المنشئات والمعامل الصناعية عن العمل التي كانت تستهلك يوميا وعلى مدار الساعة كم هائل من التيار الكهربائي. ان سعي وزارة الكهرباء و مجلس الوزراء في زمن الجعفري والمالكي في ايجاد حل للازمة اقتصرعلى زيارات الى تركيا وايران وتوقيع عقود رسمية مع الدولتين لمد العراق بكذا مئات ميكاواط ، ومع شركات عالمية لبناء محطات توليد الكهرباء وشراء العدة اللازمة لانشاء محطة كهربائية في هذه المحافظة وتلك و... و.. .و... وتم صرف مبلغ 17 مليار دولار في قطاع الكهرباء الا ان التيار الكهربائي ما زال لحد اليوم وبعد 5 سنوات حضوره الدائم مقتصرا فقط في معقل امراء المنطقة الخضراء ، مقابل ذلك شبكة الاسلاك الكهربائية في الاحياء السكنية نجدها اليوم داخل العاصمة بغداد اسوء من السابق وتبدوشبيهة بشبكة خيوط العنكبوت في الدهاليز، وهي لا تنقل من التيار الكهربائي غبر العتمة . اما مهمة الانارة انيطت من قبل حكومة المالكي الى ما يسمى بالمولدات الكهربائية حيث بلغ تعدادها بالملايين في العراق وهي تنتج الى جانب الكهرباء عشرات الاطنان من الغازات السامة في بغداد لوحدها ، تنفثها المولدات يوميا ويستنشقها حتى سكان المنطقة الخضراء . ترى اين كان وما هو دور وموقف وزارة البيئة ووزارة الصحة ووزارة حقوق الانسان ووزارة العلوم والتكنولوجيا ورئيس الوزراء المالكي من هذا الوضع الكارثي المزري ؟ ، وهل قبول المالكي لاستقالة وزير الكهرباء سيوفر التيار الكهربائي وسينهي تلوث الهواء والبيئة ؟... قطعا كلا .

حالة البنية الفوقية
الادارة المنهجية لاية موئسسة ، بما فيها روضة اطفال ، لا يمكن ان يكتب لها النجاح بدون التخطيط المبرمج وبرؤية مستقبلية طويلة الامد... ، حكومتا الجعفري والمالكي اللتان تحملتا مسئولية بناء الدولة العراقية وفق منظور ومقاييس قرن الواحد والعشرين افتقرت بالمطلق الى يومنا هذا لكل شئ يحمل اسم التخطيط الستراتيجي سواء كان ذلك في قطاع الخدمات الاجتماعية اوالاقتصادية او الثقافية والخ، وبقدر ما يخصنا في هذا المقال موضوعة ازمة التيار الكهربائي نتسائل:ــ هل قامت وزارة التخطيط بدراسة الواقع الاجتماعي والصناعي وافاق تطوره لعشرين سنة القادمة واعدت تباعا لذلك مخططات بيانية لحاجة البلاد من الكهرباء والنفط ومشتقاته الان وبعد 20 عاما؟ ، هل اجرت وزارتي الكهرباء اوالنفط هذه الاحصاءات او انهما طالبوا وزارة التخطيط بذلك ؟ ، هل طرحت حكومة المالكي في الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء ، والتي فاق عددها الـ 200 اجتماع على امتداد السنوات الاربع الماضية ، مسالة التخطيط الاستراتيجي لحاجة البلاد من الكهرباء وسبل تجاوز الازمة ؟، هل ناقشت الحكومة طبيعة المنشئات والمنابع والمصادر الكفيلة لتغطية حاجة البلاد من الكهرباء لا بل تصديره بدل استيراده من تركيا على سبيل المثال ؟، هل من المعقول ان ينسئ اعضاء مجلس الوزراء واعضاء لجنة الطاقة ورئيس الحكومة وعلى امتداد اربع سنوات من تخصيص اجتماع لدراسة واقع ازمة الكهرباء ووضع برنامج لتجاوزه خاصة بعد ان اعلن وزير المالية عام 2007 من ان الوزارات لم تنفذ 5% من مشاريعها الاستثمارية ! ؟... الاجابة على جميع هذه الاسئلة باقتظاب وبوضوح تام هو كلا . من جانب اخر نتسائل :ــ هل لاحظ السيد الجعفري والمالكي ان الوعود التي اطلقوها غداة زياراتهم واعضاء حكومتهم الى دول الجوار وتوقيعهم عقود لاستيراد وتوليد مئات والاف الميكاواطات لم تخفف من الازمة بل تفاقمت شحة التيار الكهربائي ؟ . نقول ، حتما رؤساء الحكومتين كانواعلى يقين تام بكل تفاصيل ودقائق معاناة الجماهير من شحة الكهرباء طيلة السنين الخمسة الماضية ، فالازمة ليست وليدة الاسابيع الاخيرة وغير مرتبطة بالارتفتع الشديد لدرجات الحرارة عالميا في اسابيع الصيف الحالي ، ترئ اين يكمن الخلل اذن في هذه المعادلة ؟ ، ان الاسباب الكامنة وراء فشل الجعفري والمالكي في ايجاد حلول لازمة الطاقة هي داخلية وخارجية

ذاتية … سببها وجود فصائل من الجهلة ، اميين في ميادين العلم والتكنولوجيا والمعرفة الاكاديمية ، تسلقوا الى مواقع اتخاذ القرارات على قاعدة المحاصصة الطائفية وعلى حساب التكنوقراط المختص الكفوء ، ثم ، الفساد المالي وسرقة المال العام المخصص لمعالجة الازمة ونشاط مظلة الفساد الاداري الحكومي التي تغطي كل الانتهاكات الادارية والشلل في الاداء الوظيفي واخيرا اللاابالية التي انتعشت عند النواب في ظل غياب جدية دورالرقابة الفعلية للبرلمان . كان بامكان معالجة شحة الكهرباء جذريا ومنعها من التطورالى ازمة ما انفكت مستمرة الى يومنا هذا منذ 5 سنوات رغم صرف مبلغ فاق الـ 15 مليار دولار لو ، توفرت الحد الادنى من الارادة الوطنية الصادقة عند الحكومتين السابقتين. ولاثبات كلامنا هذا سنكتفي بذكر المعلومة التالية الغنية عن التعليق “ وقعت الجارة كويت في العام الماضي سبتمبر - 2009 عقد مع شركة جنرال الكتريك وهونداي لانشاء محطة لانتاج 2000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية خلال عامين ونصف ، منها 1320 ميكاواط تسلم في حزيران 2011 والباقي اي 680 ميكاواط تسلم في حزيران 2012 ،كلفة العقد هو 2،7 مليار دولار ! „ . يستنتج من هذه الحقيقة ان الحكومتين العراقيتين السابقتين كان بامكانهما مضاعفة انتاج الطاقة الكهربائية الحالية والبالغة بحدود 8000 ميكاواط قبل سنة او سنتين من الان ، ولكان انتاجنا للكهرباء الان تفوق كثيرا حاجتنا ولكان بامكاننا تصدير الكهرباء … وبمبلغ يقل بالمليارات عن تلك التي
خصصت لها ويجهل لحد الان اين ذهبت وكيف استثمرت ومن المسئول عنها

خارجية… هناك طرف اخر غير مرئي في هذه المعادلة … طرف بيديه ملف الطاقة وهو الذي يتحكم بها . هناك ايادي خفية لدائرة لوجيستية تتحكم وتشرف على ملف الكهرباء في العراق ، مهمتها خدمة مشروع استراتيجي لصالح امراء العولمة !. هذه الايادي تتعامل مع موضوعة الطاقة في العراق بشمولية وبمنظور استراتيجي من مصادرها المختلفة النووية منها والكهربائية والهيدروكاربونية والشمسية وغيرها ، لضمان تزويد اوربا بالطاقة وخاصة الكهربائية قبل استفحال الازمة بعد عقدين من الزمن . لهذا السبب نقول وبكل ثقة ان قبول استقالة وزير الكهرباء واستبداله بوزيراخر تعاني وزارته ايضا من عجز واخفاقات في العديد من المجالات الخدمية لن ينهي ازمة الكهرباء ولن يخفف الشحة لان مشاكل الوزارتين كانت ولا تزال متداخلة ومترابطة مع بعضها البعض … ان قرار المالكي بقبول الاستقالة واناطة الوزارة الى الشهرستاني هو هروب الى الامام ... نعم الوزير تغير، اما شحة الكهرباء قائمة وستستمر لحين… المباريات القادمة لكاس العالم لكرة الفدم على اقل تقدير


ازمة الكهرباء هي نتاج طبخة سياسية ستراتيجية للطاقة يخطط لها خلف الكواليس

جميع الدراسات النظرية والمسوحات الميدانية وعمليات التنقيب الجيولوجية لمعاهد البحوث الاكاديمية وابحاث شركات النفط العالمية العملاقة توصلت اواخر القرن الماضي الى استنتاج واحد مفاده نفاذ امكانية اكتشاف حقول جديدة للنفط او الغاز باحتياطيات جبارة ( باستثناء العراق ) . وقد اثبتت السنين اللاحقة ( تسعينات القرن الماضي والى يومنا هذا ) صحة استنتاجات و توقعات الخبراء الجيولوجيين ، حيث بدا العد التنازلي في احتياطيات العالم من النفط والغاز يلاحظ بكل وضوح من خلال مقارنة حجم المكتشف سنويا مع حجم المستهلك سنويا على النطاق العالمي ، معنى ذلك في نهاية القرن الحالي سيكون الوصول الى نجوم السماء اسهل من اكتشاف حقول جديدة للنفط والغاز. حكومات الدول الغربية ( دول الاتحاد الاوربي وامريكا وكندا وروسيا واليابان والصين ) باشرت باتخاذ الوسائل الكفيلة في تفادي الوقوع في ازمة الطاقة المتوقعة عام 2025 ـ 2030 واتخذت الاجراءات الملائمة ووضعت خططا ستراتيجية لضمان تحقيق اجندنها في هذا الميدان الحيوي . الازمة المتوقعة اصبحت الشغل الشاغل لمنظري استراتيج الطاقة لدول المجموعة الاوربية لكون القسم الاعظم من مواد الطاقة الهيدروكاربونية التي تستهلكها هذه الدول هي مستوردة . سنتناول بالتفصيل الاجراءات الاحترازية التي اتخذته الاتحاد الاوربي لمواجهة الازمة لما لهذه المسالة من علاقة مباشرة مع ازمة الكهرباء في العراق

الاجراءات الفورية
تم الغاء انتاج مصابيح الانارة الكلاسيكية بدءً من 1/1/2010 واستقر الانتاج فقط على مصابيح انارة جديدة ذات مواصفات ضوئية خاصة تدخر 30% من الطاقة الكهربائية التي كانت تستهلكها مصابيح الانارة الكلاسيكية القديمة والمستعملة في كل انحاء العالم . تشجيع ودعم كل من يرغب افرادا او موئسسات في استغلال مصادر الطاقة المتجددة منها الشمسية لغرض انارة المساكن والتدفئة وتسخين المياه وتسيير المعامل واخيرا، زيادة ميزانية البحوث المخصصة لايجاد بدائل جديدة لطاقة النفط والغاز ، بدائل رخيصة متجددة وتحافظ على سلامة البيئة والمحيط

اجرائات استراتيجية
ان محطات توليد الطاقة الكهربائية في دول الاتحاد الاوروبي تعتمد بالاساس على الغاز المستورد من روسيا منذ عشرات السنين الا ان الاستعدادات لمواجهة الازمة المرتقبة عالميا الى جانب ازمة التزود بالغاز التي كانت دول الاتحاد الاوربي على وشك معاناتها في شتاء عام 2008 دفعت قادة دول الاتحاد الاوربي الى بحث مصادراخرى بالاضافة الى روسيا للتزود بالغاز، خاصة وان العقد الطويل المدى الموقع مع روسيا على وشك انتهاء مدته قريبا. توصل قادة الاتحاد الاوربي الى اتفاق انشاء خط لانبوب غاز يعرف بخط نابوكو الذي سينقل الغاز من روسيا واذربيجان وايران الى تركيا وفي تركيا سيلتحق به خط غاز عربي الى المحطة النهائية ــ النمسا حيث من هناك سيجري توزيع الغاز داخل منظومة الاتحاد الاوربي . الجديد والمهم لنا كعراقيين هو خط الغاز العربي الذي سينقل الغاز المصري عبر سوريا الى تركيا وسيلتحق بهذا الخط انبوب غازي ينقل الغازمن العراق ويرتبط بخط نابوكو في تركيا عبر سوريا ، وهكذا تكون اوربا قد تحصنت من ازمة الطاقة لعشرات السنين بعد ضمان حصولها على الحجم اللازم من الغاز لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية . الجدير بالاهتمام هنا هو خط الغاز العربي الى اوربا وانضمام العراق اليه علما ان العراق ( لحد الان ) ليست دولة غازية ! وهي تعاني من عجزواضح في الاكتفاء الذاتي ، ان المشهد يبدو في الوهلة الاولى مدهشا بل وحتى مضحكا... ترى كيف يستطيع العراق اذن في المساهمة بتزويد اوربا بالغاز ووزارة النفط العراقية عاجزة عن توفير كميات الغاز اللازمة لتشغيل بعض المحطات الصغيرة لتوليد الطاقة الكهربائية في بغداد والمحافظات ؟ ! . الاجابة على هذا السؤال الجوهري تكمن في

اولا: ذكرنا اعلاه قرب نفاذ الاكتشافات العملاقة لحقول النفط والغاز في العالم باستثناء العراق لان الحروب والحصارالاقتصادي ادى الى توقف عمليات التنقيب والتطوير والاكتشافات الجديدة في العراق منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ولحد الان . بعد 2003 اصبحت هذه الحقول في متناول اليد وتوفرت امكانيات انطلاق عمليات التنقيب والتطوير والاكتشاف وبقدرات ذاتية مع حاجة بسيطة للاختصاصات وللخبرة الاجنبية ، الا ان وزارة النفط لم تتحرك ساكنا في هذا الميدان وانما ركزت جهودها في استيراد المشتفات النفطية من الخارج !. ان الحقيقة العلمية التي تؤكد حتمية اكتشاف مكامن غازية ستنقل العراق الى واجهة الدول الرائدة في امتلاك خزين من الغازالى جانب النفط ، وبالتالي سيمتلك العراق قدرة هائلة في تزويد السوق العالمي بالغازايضا، هذه الحقيقة دفعت بدول الاتحاد الاوربي الاسراع في استيراد الغاز العراقي الذي سيكتشف وسيستخرج لاحقا عبر الخط العربي الذي سيرتبط مع خط نابوكو المزمع تنفيذه خلال 4 ـ 5 سنوات من الان ؟ ارتباطا بهذه الحقيقة العلمية الساطعة قدم وزير النفط الشهرستاني وبمباركة حكومة المالكي ثروتنا النفطية والغازية على صحن من ذهب الى امراء العولمة ، الى قادة شركات النفط العالمية الجبارة في اطار مهرجانات جولة التراخيص الاولى والثانية ( والثالثة غير مستثناة) . وزارة النفط وعدت ارتفاع الانتاج النفط الى 5 ـ 7 مليار برميل/ يوميا عام 2015 دون الاشارة الى الغاز، عام 2015 هو عام انجاز خط نابوكو! . وهنا بالذات يكمن السبب في عدم اتخاذ اي اجراء جذري من قبل حكومة المالكي لتحسين او تخفيف وطاة ازمة الكهرباء وفوضى الوقود اواية محاولة جدية لمعالجة ازمة الطاقة المستشرية في البلاد بشكل مخزي منذ 5 سنوات ، ولم تقم حتى بدراسات اولية وخطط لاحتياجات البلاد من منشئات البنية التحتية في مجال الكهرباء ووقود المحروقات ، وانما اكتفت بغرق العراق بالمولدات النفطية وهي ما زالت مستمرة على هذا النهج حتى بعد انتفاضة الكهرباء ووعدت بتجاوز الازمة الحالية باستيراد مولدات نفطية كبيرة بمبلغ 15 مليار دولار! ، انه تاكيد على ان وجهة الحكومة والمتنفذين في البلاد هو ترسيخ الاعتماد على المولدات وجعله واقع معاشي ستستمر لسنين طوال حتى بعد عام 2020 انه تاكيد على الغياب المطلق للكفائة والاختصاص والمهنية والنزاهة عند المكلفين بملف الطاقة ناهيك هن الفساد المالي . السبب واضح ومؤلم ويكمن في انتظارالانتهاء من استكمال الاجرائات المتعلقة بجولة التراخيص الاولى والثانية ودخولها مرحلة التطبيق ، وثم المباشرة بالتنسيق بينها ( شركة شيل واكسون وبتروناس والصينية والروسية والشركات العملاقة الاخرى ) مع دول الاتحاد الاوربي بخصوص ربط خط انبوب غاز عربي مع خط نابوكو وعلى ضوئها المباشرة بوضع خطة لارساء البنية التحتية لانتاج الطاقة الكهربائية في العراق . ما يؤكد تحليلنا هذا هو تشكيل لجنة طاقة رباعية باشرت باجتماعات لدراسة التعاون في مجال الطاقة تضم عراق وسوريا وتركيا وايران ، باعتقادنا المسالة لن تتوقف عند المساهمة بخط نابوكو فقط وانما المباحثات ستشمل ايضا مسالة توزيع واستثمار الموارد المائية المشتركة بين بلدان اللجنة الرباعية لبناء منظومة محطات مائية لتوليد الكهرباء . اذن كل ما نسمعه من تصريحات المسئولين في الحكومة والوزراء حول ازمة الكهرباء لا تعكس الوجه الحقيقي للازمة فالشحة ستستمر لسنوات طوال وحلها محكوم بالمحورين التاليين …
المحورالاول هو الانتهاء من خط نابوكو ومشروع خط الغاز العربي وعندها فقط ستتمكن الجهة المتنفذة والمسيطرة على ملف الثروة النفطية ــ الغازية في البلاد من وضع خطة لانجاز منشئات البنية التحتية ( الاف الكيلومترات من انابيب نقل الغاز ومحطات ضخ النفط والغاز وزيادة قدرة الشحن من موانئ البصرة لثلاث واربع اضعاف وانشاء محطات توليد الكهرباء وخارطة جديدة لتوزيع ابراج الضغط العالي وشبكة جديدة لتوزيع الكهرباء داخل المحافظات ناهيك عن منظومة جديدة لنقل التيار الكهربائي داخل المدن والاقضية والنواحي ) . تركيبة البنية التحتية هذه ستستجيب بالضرورة الى متطلبات الخارطة السياسية لتزويد اوربا بالغاز وبالطاقة الكهربائية ايضا ، كما سنرى ذلك لاحقا !. ان احدى الخلافات الرئيسية بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية متمثلة بشخص وزير النفط والمالكي في ميدان ما يعرف بقانون النفط
والغاز هو من له الحق في تغذية خط نابوكو بالغاز أربيل ام بغداد ؟، عبر تركيا ام سوريا ؟ ، وتجد انعكاسات هذه الخلافات بين الحكومتين في التفجير المستمر لخطوط نقل النفط للتصدير الى ميناء جيهان في تركيا ، هذه الموضوع بالذات يشكل حاليا احدى نقاط الخلاف الرئيسية مع التحالف الكردستاني في تشكيل الحكومة الجديدة

المحور الثاني على اثرالكارثة البشرية والبيئية التي نتجت عن انفجار المفاعل النووي السوفيتي تشيرنوبل عام 1984 قررت دول العالم الامتناع عن بناء مفاعل نووي مستفبلا لانتاج الطاقة الكهربائية ، وعليه ومنذ ذلك الحين لم يبنى في العالم اي مفاعل نووي جديد للاغراض السلمية . الا ان دول الاتحاد الاوربي قد تراجعت عن موقفها هذا بعد ان اقتنعت عام 2007 بنفاذ امكانية اكتشافات جديدة لمكامن هيدروكاربونية عملاقة وتاكدت من التراجع المستمر لاحتياطيات العالم من النفط والغاز لذلك اسرعت( بعد انفطاع دام 30 عاما ) في وضع مشروع ستراتيجي لبناء مفاعلات نووية جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية ، مشروع مواز في الاهداف لمشروع خط نابوكو والمتضمن الاحتراز من ازمة الغازالمرتقبة وضمان امتلاك طاقة كهربائية . المشروع يتضمن انشاء المفاعلات النووية خارج مساحة قارة اوربا حفاظا على سلامة وصحة المواطن والبيئة ، وتحديدا في الدول التي تقع على امتداد الساحل الجنوبي لبحر الابيض المتوسط، دول شمال المغرب العربي ومصروتركيا . من شان المفاعلات هذه ان تستكمل حاجة دول الاتحاد الاوربي من التيارالكهربائي حيث سيتم استيرادها عبر البحر الابيض المتوسط ، والكمية “المتبقية” من التيارالكهربائي ستخصص لتزويد الدول العربية . لقد قطعت دول الاتحاد الاوربي اشواطا كبيرة لتنفيذ المشروع ، حيث اتفقت فرنسا في بناء المفاعلات في دول المغرب العربي. روسيا وقعت الاتفاقية مع تركيا ، ملك الاردن اعلن في الشهر الماضي عن رغبة المملكة ايضا في انشاء مفاعل نووي في الاردن وقد سبق لبحرين ان اعلنت في مطلع العام الحالي عن مشروع لبناء مفاعل نووي . مايهمنا هنا هو تصريحات متكررة منذ عام تقريبا جاءت على لسان مسئولين كبار في الحكومة منهم وزير العلوم والتكنولوجية حول حاجة العراق الى مفاعل نووي جديد للاغراض السلمية !. نحن مقتنعون بان الشكل النهائي لخارطة توزيع المفاعلات النووية في منطقتنا العربية، جنبا الى جنب مع خط نابوكو الستراتيجي هما العاملان الاساسيان وربما الوحيدان في تاجيل انطلاقة انشاء البنى التحتية للطاقة الكهربائية والهيدروكاربونية في العراق ، وبالتالي ازمة الكهرباء في العراق لن تجد لها حلا جذريا قبل الانتهاء من ملف الضمان الاستراتيجي لتزويد اوربا بالطاقة الكهربائية. وما الاجراءات السابقة والوعود الحالية من الخروج من الازمة قريبا وخاصة بعد انتهاء موجة الحر في المنطقة ما هي الا عمليات ترقيع ومحاولة امتصاص نقمة الشارع المنتفض وكسب الوقت وليس الا

لقد صرح المالكي غداة انتفاضة الكهرباء قبل اسابيع من ان ازمة الكهرباء ستنتهي سنة 2012 ! ، بينما تحدث مستشاره لشؤون الطاقة عن خطة ستحقق فائض في الكهرباء عام 2017!. في هذا السياق تم في مطلع الشهر الحالي توقيع عقد حكومي مع البنك الدولي يهدف الى” اتاحة فرص التخطيط الاستراتيجي لمستقبل الطاقة على مدى السنوات العشرين المقبلة “ وستنتهي الدراسة في شباط عام 2012 ، وعلى ضوء نتائجها سيصبح بالامكان المباشرة بتنفيذ المشروع حيث يتطلب انجازه 2 الى 3 سنوات اخرى، معنى ذلك عام 2015 ! . من المفيد هنا الاشارة الى ما صرح به قبل ايام نائب وزير الاقتصاد الامريكي “ ازمة الكهرباء في العراق ستنتهي عام 2015 !...“ . اما نحن وفي ختام قراءتنا للوجه الاخر لازمة الكهرباء نقول ... ان الازمة لن تجد حلا لها قبل حلول سنة 2015 لان عام 2015 هو….. عام الانتهاء من تنفيذ خط نابوكو



#مهران_موشيخ (هاشتاغ)       Muhran_Muhran_Dr.#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مديرة مركز النمسا للمفوضية فسادها الاداري والمالي انطلق من ...
- احتلال بئر نفط عراقي هل هو غزو ام فتح اسلامي
- الحوار المتمدن فضاء اوسع واعمق من عبارة حوار
- لا للاستغلال المشترك للحقول النفطية المشتركة بين العراق والك ...
- ماراثون المالكي الى المحكمة الدولية هروب الى الامام
- مذبحة الزوية ومجزرة الصالحية جرائم انساتية وفساد سياسي
- عقود جولة التراخيص الاولى... ثروتنا الوطنية مهددة بالكساد
- الحزب الشيوعي العراقي الى اين يسير ؟ القيادة تسير بخطى ثابتة ...
- الى الرئيس السابق المشهداني نقول للمقارنة احكام وللقيم مقايي ...
- الحزب الشيوعي العراقي الى اين يسير؟ مركز الاعلام وصحافة الحز ...
- الحزب الشيوعي العراقي الى اين يسير ؟ حضور غائب في مجلس النوا ...
- الحزب الشيوعي العراقي الى اين يسير ؟ فازالعراق... فاليشعر ال ...
- كيف نحمي ثروتنا النفطية من الازمة المالية العالمية والافلاس ...
- المعاهدة العراقية الامريكية غاية ام ضرورة ؟
- دور النفط والغاز في توفير الطاقة في القرن ال 21
- قانون النفط والغاز متى سيخترق الكواليس ويبصر النور في مجلس ا ...
- علم جمهورية العراق نقطة نظام
- التهديدات التركية وقانون النفط والغاز والاقاليم
- لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد
- اطروحة التقسيم ..لا فرق بين عراقي وعراقي الا بقدر الخوف على ...


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهران موشيخ - قراءة الوجه المخفي لازمة الكهرباء