أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - السر-قصة قصيرة















المزيد.....

السر-قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 18:54
المحور: الادب والفن
    


الســــــــر- قصة قصيرة

عصرا عندما يلقي بجسده المشدود في أحضان بيته المتواضع، يأخذ قسطا من الراحةعلى أريكته الوحيدة في منتصف غرفة الجلوس المفروشة على الطريقة العربية، يمدد ساقيه و يرتشف شايه ببطيء، مطلقا العنان لشرطيه الداخلي الصارم ليجري دورة تفتيشية دقيقة يتفقد خلالها أدوات صبره و تحمله ، يتحسس شرطيه الداخلي كل مكامن الخلل المحتملة و عندما يتأكد أن كل شيء في مكانه و إن التحصينات الكثيرة التي ترادفت كمتوالية من الجدران في فضاء نفسه المغلق ، أنها لا زالت صامدة يواصل ارتشافه لشايه ببطيء ثم يتناول كتابا عن العشق كان قد أهداه له صديقه قبل أن يختفي ذلك الصديق في فجوة زمنية ليس لها مكان ، ذلك لأنه يعرف جيدا يوم اختفائه و لكنه يجهل مكان ذلك الإختفاء وهذا عادة يشمل جميع المختفين هذه الأيام، ينام مرخيا عضلات جسمه المشدودة طوال اليوم.
صباحا يتفقد عدة صبره سريعا ثم ينظر إلى سحنته التي تظهر في المرآة المعلقة على الحائط جنب الباب الموارب قليلا، يقذف جسده إلى الشارع و قد عقد العزم على أن لا يُستفز أو ينهار إلا في بيته و في حمامه الذي أطلق عليه اسم حمام الإنهيار ، لذلك عندما قرر قبل أربعة أشهر تشييده في الزاوية البعيدة من حديقة بيته الصغيرة حرص على أن يكون حماما مريحا يصلح للجلوس الطويل في حالة أزماته النفسية الحادةو حرص أن تكون نافذته الصغيرة محكمة الغلق و كذلك بابه الخشبي المؤطر بشريط من المطاط لمنع خروج أي صوت في حالة انهياره و هياجه المفاجيء الذي ربما تتخلله بعض كلمات اللعن و الشتيمة الصريحة، أنتم لا تعرفون أسباب تحمله لنفقات مكلفة لمجرد بناء حمام إضافي في بيته لكنه فعل ذلك دون أن يتردد عندما شاهد التلفاز يعرض مراهقا ضئيلا يعترف أمام المحقق اللبق و يقول إن أباه كان يشتم الحزب و الرئيس عندما يشاهده على الشاشة الصغيرة في البيت و في نهاية كلام المراهق انبرى المحقق اللبيب يبين للشعب الع..ظيم كيف إن هذا الشعب الكر..يم بأطفاله و شيوخه و شبابه و نساءه يضحي بالغالي و الرخيص من أجل سيادة الرئيس و ذكّر المواطنين ب (حسن كرمود) الرجل الذي سلم ابنه للسلطات لكي تعدمه لهروبه من الخدمة العسكرية، لحظتها أصيب برعب شديد وأعطى لنفسه الحق ببناء حمامه الجديد ،كان الرجل محقا في تحمل تكاليف بناء حمامه المريح الذي يصلح للجلوس طويلا يصرخ كيف يشاء بعيدا عن آذان أولاده الصغار،استمر هذا المونولوج الداخلي طوال الطريق إلى دائرته ، اعتاد أن يسلم على بواب الدائرة بهدوء شديد يصطنعه اصطناعا و هو يلاحظ قبل عشرين خطوة من الباب كيف إن بواب الدائرة يتفحصه بدقة ، يفتش عن ثغرة أو حجر قد انهار من جدران صموده ،كان بواب الدائرة رفيقا حزبيا من النوع الإستثنائي لم يألف الصلح مع ذاته رغم انتسابه لسلك الحزب من مدة قصيرة ، يصل قريبا من البواب الجالس على كرسيه البلاستيكي ،
- السلام عليكم .... يرد عليه البواب
- ..كمُ.. السلا....و هو يلصق عينيه الفاحصتين على قفا الرجل ،
- كالعادة اتجه الىمنضدته مباشرة و التي كانت تتوسط الغرفة العارية من الستائر و المغطاة زجاجات نافذتها بورق جريدة الثورة المائل للصفرة والذي لا يحجب شيئا من نور الشمس، قرر هذا اليوم أن لا يستجيب
لاستفزازات المدير المتكررة مهما قال و مهما فعل خصوصا تلك الكلمات الخبيثة التي تحمل المعاني الخبيئة بين طياتها، تفقد دفاعاته النفسية مجددا، راح يقلب بعض الأوراق من تلك الكومة أمامه التي عليه أن يصنفها حسب مواضيعها و مرجعياتها، سمع طرقا خفيفا على الباب، مد البواب رأسه بعينيه الجاحظتين قائلا
-المدير يريدك...
-ها المدير ، نعم ...نعم
وقف على قدميه تفقد رباط حذائه، طرق الباب ،
-تفضل استريح أستاذ
أصابه الذهول لم يحصل أن عامله المدير بهذا اللطف
-شكرا سيدي المدير.
دخل البواب حاملا صينية الشاي ، قال المدير؛
-تفضل اشرب شايك و بعد إن فرغ من شرب الشاي قال له المدير
-هذا طلب استدعاء من مديرية الأمن
- الأمن؟
-نعم الموضوع بسيط ، استفسار و ترجع
-همم...هممممم، أأذهب اليهم الآن؟
-لالا غدا الساعة الثامنة و النصف صباحا ، أمام الملازم غازي ضابط أمن
المنشئات.
-حسنا سيدي، ودع المدير بابتسامة وادعة والتي تخفي ألما مريعا في أعماق روحه الوجلة و المتوجسة، راحت الأفكار تتساقط عليه كأحجار ثقيلة، الأمر انتهى، فكر إنهم ربما كشفوا سره ، آه اللعنه ، رغم كل احتياطاته هاهم يكشفون سره ، جلس على كرسيه واضعا رأسه بين راحتيه، راحت أفكاره تتناسل بشكل شيطاني عبر تلافيف مخه أيمكن إنهم قد سمعوا أفكاره أيعقل أن تسمع الأفكار ، كانت حرارة الغرفة لا تطاق في هذا اليوم التموزي المتطرف، شعر أن نعاسا يهوم على عينيه، آه يا إلهي، أنا نعسان، و تثائب بقوة ،في اللحظة ذاتها كان بواب الدائرة في غرفة المدير
-لقد وضعت له حبة المنوم في الشاي سيدي المدير تماما كما أمرت وقد شربه أمامك
- حسنا عندما ينام على طاولته إعلمني.
راح الرجل يغط في نوم عميق ، رأى نفسه و هو موثق على كرسي في دائرة الأمن و رأى الملازم غازي و هو يكشف له أسراره واحدا ، واحدا يستلها خيطا ، خيطا من داخل روحه ، في تلك اللحظة تحسس جدران صموده فوجد أنها قد انهارت ، جأر صارخا،فليسقط الحزب ، ليسقط الرئيس ، أنا ...أنا ، وراح يصرخ، أحس أن سائلا باردا قد بلل وجهه المتغضن، فتح عينيه ، كان المدير بقف أمامه شامخا متطاولا،
- ها أستاذ؟ ، فكر إنهم ربما سمعوا صراخه بشتم الرئيس وهو نائم ، بقي حائرا،
- هي دائره، لو مستشفى ، ( ليش نايم؟)، كان تقريع المدير قد نزل عليه كالماء البارد، آه الحمد لله لم يسمعوا
- أنا تعب ياسيادة المدير.
-تعبان( تروح تنام في بيتكم) هل فهمت ، إنت مطرود ، إيا ك أن تأتي للدائرة، هيا اذهب.
قذف بجسمه الى الشارع مهرولا الى بيته حيث حمامه المريح ، غير مصدق إنهم لم يسمعوه وهو يشتم الرئيس في النوم، و في غرفة المدير ضحك البواب عاليامع الرفيق المدير،
- الم اقل لك؟ الأمر بسيط للغاية، كان علينا فعل لاذلك منذ زمن بعيد، شكرا لأفكارك ، سأكافئك.
- لا ياسيادة المدير ، أنا بخدمة الحزب



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاما لبغداد- قصيدة
- صديقي فارع الطول-قصة قصيرة
- رهاب- قصة قصيرة
- وظيفة محترمة - قصة قصيرة
- حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة
- مياه ضحلة- قصة قصيرة
- ريب الضباب-قصيدة
- الفقاعة-قصة قصيرة
- يوميات
- سل الفؤاد-قصيدة
- مولعون بالوهم
- مسامير الأوغاد - شعر
- احلام
- السيدة ذات الوردة البيضاء
- الطبول
- الحصن
- المهمة
- إغتيال الحمامة
- الدغل
- ميسان


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - السر-قصة قصيرة