أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - محمد الماغوط رائد قصيدة النثر ومبدعها الكبير :














المزيد.....

محمد الماغوط رائد قصيدة النثر ومبدعها الكبير :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 16:04
المحور: الادب والفن
    


يعتبر الشاعر السوري القومي العربي محمد الماغوط رائد قصيدة النثر العربية والتي كانت محط انتقادات كثيرة وواسعة وخاصة من لدن شعراء القصيدة التقليدية ونظرائهم في الشعر الحر الذين قللوا من قيمتها الإبداعية وحكموا عليها بالنقصان والتيهان والضعف والموت وقللوا أيضا من شأن شعرائها وكتابها وجعلوهم من الذين يجرون وراء وهم اسمه الشعر الحديث .

لم يتأثر الشاعر محمد الماغوط بكل تلك الانتقادات التي كانت تحكم على قصيدة النثر وكتابها دون دراسة وتحليل عميقين قادرين على وضع سكة النقد في طريقه السليم. ورغم أن شعر الماغوط كان فيه الكثير من سمات الشعر الحر، بل كان قادرا على كتابته والتفوق فيه ولكنه آثر أن يبدع على طريقته وأسلوبه الخاص ووفق رؤية أدبية وشعرية يتقنها ويقتنع بها، خاصة وأنه لم يلجأ إلى أي نظرية شعرية أو نقدية ترسم له منهجه الشعري الذي ارتأى التفوق فيه .

تفوق الشاعر محمد الماغوط في تجربته الشعرية وأصبح بعد مدة ليست بالطويلة رائدا في قصيدة النثر وشاعرا لا يشق له غبار فيها وفي صنعتها. بل أصبح أستاذا للعديد من الشعراء الشباب الذين قلدوه وأعجبوا بتجربته الشعرية وأسلوبه الشعري الرائع في كتابة قصيدة النثر. وبذلك خرجت قصيدة النثر عند الماغوط من النظام المعتمد في الشعر الحر، وأصبحت تبتديء من الشاعر نفسه، بما يعرضه ويقدمه لقرائه، وهذا ما أدخل قصيدة الماغوط في التنوع والتخالف والقدرة على تحديد الغاية والأهداف السياسية من كتابتها دون التقيد بشكليات وقواعد أصبحت متجاوزة في قصيدة النثر وفي تجربته .

نجد في شعر الماغوط رفض الاستبداد والإيمان بالقومية والوحدة والتكافل والصمود والدعوة إلى احترام المقومات الحضارية للأمة، يقول في قصيدة "حصار" :
دموعي زرقاء
من كثرةِ ما نظرتُ إلى السماءِ
وبكيتُ
دموعي صفراءُ
من طولِ ما حلمتُ بالسنابلِ الذهبيةِ
وبكيتُ
فليذهبْ القادةُ إلى الحروبِ
والعشاقُ إلى الغاباتِ
والعلماءُ إلى المختبراتِ
أما أنا سأبحثُ عن مسبحةٍ
وكرسيٍ عتيقٍ
لأعودَ كما كنتُ
حاجباً قديماً على بابِ الحزنْ .

يرفض الشاعر هنا الاستبداد وتأليه الحاكم وفرض الأمر الواقع على الشعوب الضعيفة ودفعها إلى الحروب للموت والبكاء وإنتاج الحزن داخل البلاد وبين الناس وازدياد عدد الثكالى والأرامل والأيتام والفقراء والضعفاء والذين لا قيمة لهم في المجتمع، بل يتمنى أن يعيش الكل في سلام وطمأنينة وأن يكون لكل واحد دوره الخاص. فالقادة للحروب، والعشاق للحب، والعلماء لأبحاثهم ودراساتهم، وبالتالي فالاستبداد هو أس المشاكل في أي مجتمع ومحاربته ورفضه طريق نحو الخلاص والأمان والحرية .

واستطاع محمد الماغوط بقصيدته وتجربته الشعرية أن يواكب تطورات المجتمع العربي عامة والسوري على الخصوص من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية تأثرا وتأثيرا. وأصبحت للشاعر القدرة على التحكم في إنتاج قصيدته التي صارت صنيعا بين يديه وجعلها شاعرنا موصولة وقائمة على التغير الزمني، وأخرجها من الواحدية إلى التمامية ووصلها بطاقته الإبداعية الخالصة .

بقول شاعرنا الكبير في قصيدة "خريف درع" :
اشتقت لحقدي النهمِ القديمِ
وزفيري الذي يخرجُ من سويداءِ القلبِ
لشهيقي الذي يعودُ مع غبارِ الشارعِ وأطفالهِ ومشرديهِ
...........
..........
والدموعُ الغريبةُ لا أصدها
بل أفتحُ لها عيني على اتساعهما
لتأخذَ المكانَ الذي تريدُ حتى الصباحِ
وبعد ذلك تمضي في حال سبيلها
فربما كانتْ لشاعرٍ آخرْ !!

وإذا ما تتبعنا مسار الكتابة في كل قصيدة من قصائد الشاعر فإننا نجده مسارا مبنيا على سرد تفاصيل مختلفة قادرة على إيصال فكرة معينة قد اقتنع بجدوى الكتابة عنها وحولها، فيكتب عن الدموع وعن الحزن والألم والاستبداد والحقد والحسد والكره... عناوين واقعنا العربي ثقافيا وسياسيا واجتماعيا. ولذلك فهذه جرأة كبيرة عند الشاعر ليفضح عوراتنا ويعري وقعنا المهتريء، ولن يكون هذا ممكنا إلا إذا اعتمد نوعا شعريا قادرا على إيصال كل هذه الأمور بحرية في الكتابة والإبداع ألا وهي قصيدة النثر القادرة على ترك تأثير قوي لدى القاريء .

إذن نجد أن قصيدة محمد الماغوط تبتدأ منه هو نفسه، أي أن شاعرنا كان يعرف قصيدته أنها قادرة على البوح بمكنوناته وهو ما كان يوضح بجلاء أن صوره وهيئاته المادية توجد بقصيدته وتنكتب فيها. وبالتالي كانت القصيدة عند الماغوط بمثابة "وحي صادق" حسب قول الشاعر المغربي محمد القري، وكانت تسعى إلى عقد علاقات مع خارجها الاجتماعي ومحيطها المتنوع .
تبقى تجربة محمد الماغوط الشعرية في قصيدة النثر تجربة رائدة في هذا النوع الشعري الذي أوجد لنفسه قدرة كبيرة على الانتشار والتوسع، بل أصبحت الملجأ الوحيد للعديد من الشعراء الشباب والمبتدئين للتعبير والكتابة والبوح وإيجاد مساحة للمساهمة في تطوير الثقافة والإبداع والأدب العربي .



عزيز العرباوي
كاتب وناقد من المغرب
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنسان = قصة قصيرة
- تداخل : قصة قصيرة
- انتظار : قصة قصيرة
- الحكامة في التربية والتكوين : الأسس والمعايير :
- المناهج الأدبية في خدمة التنمية : قراءة في كتاب الدكتور حسن ...
- المفاوضات غير المباشرة طريق نحو الهاوية :
- -منظومة التكوين في ضوء المخطط الاستعجالي- موضوع الندوة الوطن ...
- شهادة الشرف --- قصة قصيرة
- عبارة ....: قصة قصيرة جدا
- حوار مع الكاتب المغربي عزيز العرباوي :
- السراب .... : قصة قصيرة جدا
- التكوين الأساسي والمستمر والبعد عن الشفافية :
- جماليات القصة القصيرة : لإدريس الكريوي
- أجساد ....: قصة قصيرة
- المنظومة التربوية ومسألة حقوق الإنسان :
- الخسارة .... : قصة قصيرة
- أربع قصص قصيرة جدا :
- البرامج الجديدة والتغيير غير المعقلن :
- ثلاث قصص قصيرة جدا :
- الأدب الفارسي والحاجة إلى الترجمة :


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - محمد الماغوط رائد قصيدة النثر ومبدعها الكبير :