أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - البصرة بع 32 عاما.....(4) اين بصرتنا؟!














المزيد.....

البصرة بع 32 عاما.....(4) اين بصرتنا؟!


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 19:25
المحور: المجتمع المدني
    



"البصرة ليست كبقية المدن، البصرة لها طعم خاص" ، "البصرة اجمل مدينة زرتها في حياتي" "البصرة المدينة الوحيدة، التي لا تشعر فيها بالغربة". هذه نماذج بسيطة، مما استلمته من ردود فعل، وتعليقات على ما كتبته من مقالات عن البصرة.اناس زاروا البصرة، او مروا بها، درسوا فيها، او عملوا فيها، عاشو فيها، او ادوا الخدمة العسكرية فيها. صادفت احد العراقيين في الغربة. بعد ان ساعدته في الترجمة في احد مطارات العالم. جاء يركض بعدي يقول: "كل العالم تتغير الا اهل البصرة"! ماذا تقصد؟! لم يرد على سؤالي، بل اضاف: ليس هناك من يحب المكان الذي خدم فيه العسكرية، الا البصرة، فهي استثناء، حتى في زمن الحروب! اما صديقي، وزميلي السابق في العمل من حلبچة فقال لي بالحرف الواحد: "لو اقدم القوميون، والطائفيون، وعملاء اسرائيل على تقسيم العراق فسا ختار البصرة لاسكن فيها". قلت له مازحا: وهل تتحمل شرجي البصرة؟! رد بسرعة: "مثلما تحملنا صقيع السويد! في الاقل انا بين اهلي"! كل هذا، مر بخاطري، وانا اكتب الجزء الرابع من "البصرة بعد 32 عاما". احاول استعادة صورة البصرة التي تركتها. وصورتها بعد ان عدت اليها. حضرتني حسرة احدهم، وهو ينتحب في التلفون: عن أي بصرة تكتب يارزاق؟؟ بعد ان قرأ "البصرة وصورة الامس" الذي كتبته اعتمادا على الذاكرة.

" عن أي بصرة تكتب يا رزاق"؟! كان صدى التسائل الباكي يرن في راسي، وانا ادور في شوارع، محلات، اسواق، ازقة، ضفاف، شواهد البصرة. صوت الاذان يختلط مع نباح الكلاب السائبة ، ومنبهات السيارات، وصياح الباعة: ابو الغاز، ابو الخضرة، ابو السمك، ابو الرگي...الخ...ألخ صور ممزقة، ولافتات قذرة، وشعارات بائسة، وجداريات بدائية، وجدران تحولت الى لوحة اعلان تنضح بالطائفية، والعنصرية، والتعصب، والتخلف. ارصفة تحولت الى اسواق، واسواق تعمها الفوضى، وضفاف النزهات تحولت الى مزابل. شوارع محفرة، وكانها اعدت للزرع وليس للسير. الاخاديد في كل مكان، وكانهم يحفرون مواقع استعدادا للحرب. "السكراب" في كل مكان في الشوارع، في الحدائق، في بقايا الانهر، امام البيوت، عند المنعطفات. المدينة كلها عبارة عن مجمع سكراب. باعة لكل شئ، مخلفات العالم تحولت الى بضاعة مستوردة في اسواق البصرة. تربة ملوثة بكل انواع الصدأ، والسموم، وبقايا البارود، والاعتدة الممنوعة، والمحرمة دوليا.

سوق المغايز، سوق الصيادلة، سوق الهنود، سوق البنات. كل هذه التسميات المختلفة لشارع كان الانظف، الاجمل، الارقى، الاحدث، الاكثراناقة وترتيب، الاكثر اثرة، وشهرة عند البصريين، وزوار البصرة، وطلبة الجامعة. الشارع الوديع المكتظ، لا يتوقف، ويتأثر مجرى الناس فيه الا عند دخول "تومان" يسير امام لوحة اعلان كبيرة لاحد افلام سينما الحمراء الجديدة. وقتها يراقب، ويترقب الكل باعة، ومشترين، مسرعين، ومتمهلين ماذا سيعزف تومان؟ واي مقلب سيدبره؟ ومن هو/هي ضحية مشاكساته؟ واي مسكين ستطاله تحرشات ذاك المهرج البارع المحبوب الذي لا يزعل منه احد رغم كل تجاوزاته. سوق المغايز، الان، لم افهم بدايته من نهايته، لم اعرف بماذا يتخصص، وماذا يشمل سجل بضاعته! لا الصيدليات الانيقة، ولا احذية باتا الحديثة، ولا محلات القرطاسية، اوالاقمشة العالية الجودة. اين الهنود، واين بهاراتهم؟ اين مقاهي المثقفين، واغاني ام كلثوم؟ اين زكي زيتو(ابو الساعات) الرقيق المؤدب؟ سوق المغايز تحول الى علاوي لكل "ستوكات" العالم. تشعر وكانك تسير بين ركام حرب، او بقايا مدينة هدها الزلزال، او لكأن معسكر مهجرين زحفت عليه المدينة فتوسطها شاذا عن نظامها الخاص. لاجامع الامير، لا سوق التجار، لا جامع البصرة الكبير! كل شئ تغير ليس بسبب السنين بل بسبب الاهمال، والتخريب المتعمد، والجهل المستحكم. ان سالت عن القديم قالوا انك من اهل الكهف! وان سالت عن الجديد قالوا كان هنا! عربات متخلفة مبتكرة، وكانك في افلام الخيال العلمي، في كوكب اخر هده زلزال مدمر. تمشي، وكانك في حقل الغام من المزابل، والمياه الاسنه، والمجاري القذرة، ومياه الصرف الفائضة وجثث الكلاب، والقطط، والجرذان النافقة.

نهر العشار شريان المدينة بجسوره العديدة، وابلامه العشارية، وصفاء مياهه، وكثرة اسماكه، تحول الى ساقية مهملة قذرة تصب فيه كل مجاري الصرف الصحية، وفضلات المصانع البدائية، والمحلات، والبيوت، والبسطيات. اين اشجار اليوكالبتوس العملاقة؟ اين البلم عشاري؟ اين البسطات، والمصطبات، وجلسات المغربية، وبائعي البزر، والشاي، والشلغم، واللبلبي، والباقلاء على اضواء اللوكس؟ لن ترى غير اكوام من النفايات ومدينة تقطعت بالمهملات، بعد ان كان يقطعها ذلك النهر الجميل رابطا البصرة بالعشار ليعانق شط العرب في لقاء جميل بين المد والجزر يتكرر مع الايام!

فمتى متى يعود شط العشار ليعانق ابلامه، ويحمل عشاقة وينقل "عبريته" وتعود لجسوره الاثيرة قصص العبور والتلاقي بين الجديد، والاجدد، بين القديم والاثري، بين جانبين يحنان لبعضهما وكانهما تمرة انفلقت، او تفاحة قطعت الى نصفين.

للحديث صلة



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألبصرة بعد 32 عاما....(3) من بلد النخيل الى مقبرة النخيل
- البصرة بعد 32 عاما....2
- البصرة بعد 32 عاما! صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع!
- لمن صوت الشعب العراقي؟ ولماذا يعاقب على تصويته؟؟!
- فاجعة احمد مزبان... مصيبة صديق، ام مأساة وطن؟؟!
- محرقة المسيحيين في العراق! متى تتوقف؟؟!!
- 7 اذار انتخابات 8 اذار نساء معذبات
- عاهرة -الثورات- تلوث شوارع البصرة
- مسيحيو الموصل احق بالموصل، كل الموصل، من غيرهم
- اذا حكمت العمامة قامت القيامة (1)
- وداد سالم، واديب القليچي نجمان ساطعان في عالم النسيان
- اطفال ابو الخصيب في ضواحي ستوكهولم
- النبي الاثول
- برلمان الجوازات الديبلوماسية يمنح الفوضى والارهاب في العراق ...
- صداميون يتحدثون باسم الاكراد
- التيار الديمقراطي والاعصار الاسلامي القومي
- ابو اسراء خلصنا من هؤلاء العملاء
- من دولة ائتلاف القانون الى امارة التحاف الذقون
- هل حقا لا يعرف الصديق جاسم الحلفي من قتل وغيّب رفاقه؟!
- الكراسي الذهبية للوزراء وحال العراقيين الفقراء


المزيد.....




- بعد قانون ترحيل لاجئين إلى رواندا.. وزير داخلية بريطانيا يوج ...
- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - البصرة بع 32 عاما.....(4) اين بصرتنا؟!