أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت عبد الحميد فهمي - الحكمة الكامنة وراء ثالوث الإنتحار والقتل والموت















المزيد.....

الحكمة الكامنة وراء ثالوث الإنتحار والقتل والموت


رأفت عبد الحميد فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 13:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تري ما هي الفروق والإختلافات الجوهرية بين دلالات ثالوث انهاء الحياة بالنسبة للكائن الإنساني وهي [القتل والإنتحار والموت] ؟ وعلى من تقع المسؤولية الجنائية في تلك الأفعال التي تهدف إلى القضاء على حق الحياة الممنوح من قبل الخالق منذ أن نفخ الروح في الجنين حتى حدوث لحظة الميلاد ؟ فيما يخصنا ويخص عالم الكائنات الأخري التي تشاركنا الحياة فوق هذا الكوكب . فيمكن توصيف فعل الإنتحار بأنه فعل ارادي واع يتميز بصفة الإصرار و التعمد من حيث تحقيق غاية محددة تروم انهاء كافة أنشطة الحياة الخاصة بمعرفة (صاحب الشأن ) وهو صاحب الجسد الإنساني ككائن يعي وجوده حين قرر وهو في كامل أهليته العقلية القضاء على مسار حياته وفق مبررات قد ارتأها وهو يائس أنها الأنسب فقرر ازهاق روحه لأنه يدرك امتلاكه الحرية الخالصة في جسده و إنهاء حياته . ثم تأتي الإدانةً الدينية على اعتبار أن فعل الإنتحار ظلم للنفس وبمثابة كفر معلن بالله لأن الله وحده هو الذي يحيي ويميت وليس للإنسان شأن في ازهاق روحه لأنها ليست ملكه فتقع المسؤلية كاملة على المنتحر ( صاحب الشأن ) ولكن ربما أدت الظروف المجتمعية بشكل ما إلى ممارسة بعضاً من الضغوط الإجتماعية والإقتصادية و العصبية التي تفاقم زخمها التحريضي على التعجيل بالإقدام على إنهاء حياته بهذا الشكل المأسوي إذن هنا المسؤلية إنسانية محضة وإن جاء فعل الإنتحار خروجاً عن المشيئة الإلهية وربما تحدياً للنص حين يؤكد " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا " (آل عمران – 145 ) و قوله : " وما تدري نفس بأي أرض تموت " ( لقمان – 34 ) وذلك بتدخل الإنسان السافر في اتمام فعلته . .
أما عن فعل القتل فهو انهاء حياة شخص ما يتمتع بكافة الإعتبارات الحقوقية والقانونية والمدنية بمعرفة كائن أخر ربما كان عاقلاً أو غير عاقل أو بمعرفة هيئة اعتبارية مثل تنفيذ عقوبات الإعدام التي تمارسها السلطات عبر المحاكمات بموجب قوانين إدانة الجرائم التي تتم ضد المجتمع . هذا التدخل الإنساني لممارسة القتل وازهاق الروح دائما ً ما يزخر بالحيثيات والتنظيرات سواء بتطبيق عقوبة الإعدام أو عند شن الحروب ضد طوائف الأقوام المعادية أو مع الدول التي دخلت في حومة الصراع من أجل البقاء . ومهما تنوعت الأسباب فهي في نهاية المطاف ازهاق لروح الإنسان بواسطة (آخرين ) تواطؤوا واتفقوا على الإجهاز على حياته وهنا نرى أن الله يبارك فعل القتل بشرط أن يكون ضد الكفار المناؤين جاحدي التوحيد بل ويتدخل الله بأعمال الدعم العسكري والمعنوي إذا اهتزت جماعة المؤمنين نحو الهزيمة وذلك بارسال الملائكة المسومين المشاركين في عمليات القتل والتقتيل .
أما عن مصطلح الموت فهو فعل غير ارادي يتساوى مع كلا الفعلين السابقين ( الإنتحار والقتل) من حيث النتيجة النهائية وهي ازهاق الروح لكن المسؤلية هنا غير انسانية يتحملها الله فقط حيث يطالعنا المأثور بما هو متعارف عليه قائلين قولتنا الشهيرة : توفاه الله أو تغمده الله بواسع رحمته أو المصطلحات الشعبية مثل[ الله افتكره ] و[ الراجل اتخطف خطف ] و[ الراجل أسلم الروح إلى بارئها ] وهكذا وفق منظومة القضاء والقدر أومنظومة الوفاة حتى يحين الأجل المسمى ويرث الله الأرض ومن عليها والأيات التي تؤكد تلك المسؤلية الإلهية كثيرة مثل قوله تعالى : " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " ( الزمر – 42 ) و قوله تعالى : " هو الذي يحيي ويميت " ( المؤمنون - 80 ) ووسائل الله عديدة في احداث الموت وسلب الحياة حيث يؤول الجسد إلى انحلال و تصدع البناء فتضمحل المناعة وتعطب الأجهزة عن القيام بوظائفها وتفسد المنظومة عند بلوغها أرذل العمر وتتسلل الهشاشة والأمراض وتتوالى الأعطاب حتى لحظة الوفاة سواء بالشيخوخة والهرم أو الضعف والمرض ولا ننسى ما للكوارث البيئية من عظيم البطش والإهلاك والنص القرأني يؤكد مسؤلية الله عن اماتة البشر مثل قوله تعالى : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ( الأنبياء -34 ) و " ونحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين " ( الواقعة -60 ) هذا التأكيد هو تقرير حقيقة واقعة واجهتها البشرية عبر العصور أي تقرير دون بيان الحكمة الكامنة خلف ذلك الإستلاب فإذا قال :" كل نفس ذائقة الموت " ( العنكبوت -57 ) فهذا تقرير من باب تحصيل الحاصل وليس بياناً للحكمة الخافية وراء ذلك .
هذا الغياب لتلك الحكمة الكامنة وراء الموت بالنسبة لجموع المؤمنين الموحدين لا تجد ما يسوغها إلا القبول والإذعان بأنها مشيئة الله الذي لا يسأل عما يفعل بعكس فعل الإنتحار الذي يحمل هدفاً وغاية مهما اختلفنا في تسويغه أو عدم قبوله لكنه فعل يحمل منطقاً ما بشأن التدخل الشخصي من صاحب الشأن مثله مثل فعل القتل بالتنظير والتسويغ لإباحتة في قتل الأخرين حيث أن المسألة بالغة النسبية في الأولويات والمبررات سواء جاء القتل وفق منظومة عادلة أو جائرة لكنه في التحليل الأخير تقع المسؤلية الجنائية فيه على الإنسان لكنا إذا انتقلنا إلى الموت بمعني التدخل الإلهي في ازهاق الروح واجهتنا معضلة الحكمة والهدف فإذا كان الهدف من إيجاد الإنسان أن يكون خليفة في الأرض للعبادة كقوله :" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ( الذاريات – 56 ) فبقاؤه خالداً عابداً أجدى من إماتته وإنهاء العبادة المنوط بإدائها وبتأمل الأيات وجدنا الحكمة الإلهية في قوله تعالى : " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " ( الملك – 2 ) هنا ظهر فعل الموت للمفاضلة بين الأعمال عكس ما أكدته التوراة في سفر التكوين :" وأما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تأكل منها فإنك يوم تأكل منها موتاً تموت "( الفصل الثاني -18 ) و" وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه كيلا تموتا " ( الفصل الثالث – 4 ) والتي تم تفسيرها بعدم رغبة الله في مشاركة الإنسان له في الخلود فحكم عليه بالموت إذا عصاه وتناول الشجرة المحرمة أو هكذا تبلورت الحكمة في النص التوراتي بأن الموت عقاب لمن تطاول لمعرفة الخير والشر كالرب وخشية الوصول إلى شجرة الخلد سارع الرب بطرد آدم وزوجه : " وقال الرب الإله هو ذا آدم قد صار كواحد منا يعرف الخير والشر والآن يمد يده فيأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل فيحيا إلى الدهر فأخرجه الرب الإله من جنة عدن "( الفصل الثالث – 23 و24 ) لكنا في النصوص القرآنية ظهرت الحكمة في " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " أي أن الموت هنا بمثابة اختبار لإظهار الأعمال الحسنة وتمحيصها من الأعمال غير الحسنة وإن بدا ذلك معارضاً لفكرة التدوين في اللوح المحفوظ الأزلي وما علاقة الموت وانهاء الحياة باختبار الأعمال ثم نتساءل إذا كانت حكمة الموت للكائنات البشرية باختبار الأعمال فما الحكمة في موت أمم الحيوانات أمثال التماسيح والجرذان والثعابين والضفادع والبراغيث والعقارب إلى آخر السلسلة ؟
ولأن الموت من الحقائق الجلية التي مازالت تواجه الإنسان فالعلم يبحث عن سر شيخوخة الخلية ويعمل على دراسة العوامل والتفاعلات المحايثة والمسببة لضعف الخلايا و تقاعسها عن القيام بوظائفها على أكمل وجه فهل سيجيبنا العلم يوماً عن معضلة الموت بإجابة منطقية ترضي العقل النقدي وليست اجابات الأساطير الدينية القاصرة عن الإقناع ...............



#رأفت_عبد_الحميد_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التزاوج الميمون بين الإستبداد والمشيخة الدينية
- الموسوعة الدينية لكشف الشياطين
- جدلية الجائز والضروري في الفكر الإنساني
- التشخصن الذكوري الغلاّب
- معضلة التعميم ( كل) معضلة مقدسة
- الإشكالية المنطقية في علة الخلق والخليقة
- أزمة السكن الإلهية
- طرائف عن مباهج العورة وهاجس السوءة
- الفضائل شأن إنساني محض
- باب تكليف الشياطين وحفظ أعمالهم
- هل للأصنام مسؤولية جنائية؟
- تأملات يوم الخندمة يوم فر صفوان وعكرمة
- عن التكتيك السماوي والتكتيك الأرضي
- البينة المفقودة والغائبة
- القضية المغلقة و الوقوع بين محالين
- الغيب المقروء هل يصمد الغيب طويلا
- اشكالية الصفات الحسنى والأسماء غير الحسنى
- بين مكة وجرينتش يا قلبي إحزن
- الأعتداد في أحكام المعتدات
- عن التصنت والإستماع سألوني


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت عبد الحميد فهمي - الحكمة الكامنة وراء ثالوث الإنتحار والقتل والموت