أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - الاعلام الاسود















المزيد.....

الاعلام الاسود


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول ألفريد براود وهو محلل إعلامي في المؤسسة البريطانية لميديا الاختلاف عن الإعلام الأسود:
أنه نوع جديد من الإعلام ظهر بعد أحداث 11 سبتمبر وموقعة الخرطوم ( ويقصد تأثيرات الاعلام في احداث الشغب بعد مباراة مصر والجزائر في العاصمة السودانية )، حيث استعمل البلدان عن قصد كل ما أوتي لهما من أسلحة إعلامية ليس فقط لتحريض الطرفين بل لتحويل مباراة كرة قدم إلى ساحة للتنفيس عن غضبهم من الأزمات التي يعيشونها في بلدان تعيش على القمع والديكتاتورية، هذا الاستعمال متعمد من طرف القائمين على البلدين فمن خلاله يتم قياس سلوك المواطن وتحدد الأساليب التي سيعتمدها القادة في تعاملهم معه مستقبلا، لذلك وللأسف الشديد الخاسر الوحيد في كل هذا هو الشعب وخاصة الفئة التي لا حول لها ولا قوة!

ويبدو لي ان الفريد براود لو كان قد عاصر او اطلع على اداء الاعلام وما رافق الاحداث في كثير من دول الشرق الاوسط منذ بدايات القرن الماضي وربما قبله بسنوات في عمليات الابادة الجماعية للارمن والكرد وما حصل في فلسطين ثلاثينات القرن الماضي وحملات الهليكوست في المانيا وصولا الى ما كان يرافق ويعقب الانقلابات العسكرية في المنطقة ويرى تلك المشاهد الدموية التي اعقبت ثورة 14 تموز 1958م وما حصل في العراق منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، والتي لعب فيها الاعلام الاسود دورا رئيسيا في كثير من الاحداث والمآسي ودوامة العنف وإشاعة ثقافة القتل والموت والإقصاء من خلال طبع ونشر وبث تلك المشاهد على آلاف النسخ من الصحف والمجلات وشاشات التلفاز، لأدرك إن هذا النوع من الإعلام الأسود إنما جاء قبل ما يذهب اليه بعقود كثيرة حيث مورست هنا عمليات الاغتيال والتصفية امام انظار الناس، وما تلى ذلك من عمليات قتل بشعة في شوارع الموصل وكركوك وبغداد التي شهدنا الكثير منها خلال تلك السنوات العجاف التي استمرت حتى سقوط الحرس القومي الذي تفنن في اشاعة وممارسة تلك الانماط من السلوكيات السادية السوداء، حيث كان الاعلام يفعل فعلته الكارثية في زرع مفاهيم خطيرة لدى المجتمع عموما والاطفال والشبيبة بشكل خاص عندما كان يظهر عمليات القتل والاعدام في الساحات العامة ويكررها على شاشات التلفزيون لأيام طويلة حتى غدت صور مقبولة من الاهالي عامة بل واخذت مجاميع من الاطفال تقليدها وتمثيلها في العابهم البريئة؟

وما كاد عقد الستينات ان ينتهي حتى عاد ذلك الاعلام المتوحش اثر انقلاب تموز 1968م لكي تعود ثانية مظاهر تعليق الناس على المشانق في الساحات العامة بالعاصمة والمحافظات تحت مسميات كثيرة وتبريرات لا يقبلها العقل او المنطق، مهما كانت المبررات أو نوع الجريمة المقترفة من قبل الجناة، لما ستتركه هذه العملية الاعلانية والاعلامية من آثار سلبية حادة على النظام النفسي للفرد والمجتمع، وربما الى درجة التضامن مع الضحية حتى وان كان مجرما حقيقيا، اضافة الى انطباعات الاطفال والشبيبة عن تلك الصور ومدى تاثيرها على تكوين الشخصية في جانبيها النفسي والاجتماعي، حيث تم توظيف الجريمة كأداة لأشاعة الخوف والاذعان والاستكانة لدى الاهالي من خلال مجموعة الجرائم التي تم تنفيذها من قبل ما سمي في حينه بـ ( ابو طبر ) ونشر واظهار صور الضحايا على الشاشات والصحف، مما خلق اجواءً مرعبة وشعور بفقدان الامن والسلم الاجتماعيين وذلك ما كان يريده النظام واعلامه لتوجيه ( القطيع ) الى ملاذه الامن وربطه نهائيا بمقدراته وبرامجه، وهي ذاتها النظرية التي تستخدم منذ نهاية 2003م وحتى يومنا هذا على ايدي ذات التنظيمات العسكرية والاعلامية التي أسسها النظام ويتعاون من خلالها مع تنظيمات القاعدة وغيرها من مافيا الجريمة المنظمة في المنطقة؟

ومع مطلع الثمانينات من القرن الماضي ابان الحرب العراقية الايرانية بدأت عملية عسكرة المجتمع بكل مفاصله وفعالياته بما يخدم تطلعات النظام بما في ذلك نمط الاعلام الموجه للاهالي من كافة وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة وبالذات الى شريحة الشباب والمراهقين من خلال توجيههم للمؤسسات العسكرية باشكالها المختلفة وتصوير الضباط وكأنهم ملوك وأمراء في امتيازاتهم وصلاحياتهم، تلك الوسائل التي لا تتوانى عن استخدام اي شكل من اشكال الاساليب والغرائز لتحقيق اهداف النظام السياسي وهي جميعا ذات اتجاه واحد ومكثفة في قنوات معدودة سواء في الراديو او التلفزيون ولا يكاد المرء يفرق بينهم جميعا الى درجة انهماك المذيعين مثلا بالانتقال من استوديو الى آخر بين قناتي التلفزيون وإذاعتي بغداد وصوت الجماهير ناهيك عن ذات المواضيع المكررة هنا وهناك، ذلك النمط المصمم لإشاعة أجواء الحرب الدائمة ليل نهار في داخل الأسرة، وجعل المتلقي صغيرا كان أم كبيرا في شد عصبي وعاطفي مستمر ومتناغم مع طبيعة البيانات التي كانت تصدر يوميا، إضافة الى البلاغات وتصريحات الناطق العسكري وهي مصاغة بشكل دقيق لكي تعطي النتائج المرجوة لتحقيق اهداف النظام السياسي آنذاك في تكثيف كل إنتاج الفرد والمجتمع من اجل الحرب والطاعة العمياء، وإبقاء المزاج العام متشنجا باتجاه الأحداث اليومية المرتبطة بشاشة التلفزيون وبرامج الاذاعة.

لقد تم توظيف الاعلام والمسرح والغناء بشكل كبير لتحقيق تلك الاغراض وغدت كل الاغاني والاناشيد تمجد الرئيس الذي اختزل البلاد والعباد بشخصه فقط حتى دون حزبه او رفاقه، مما كرس نزعة انفرادية نرجسية لدى شرائح كبيرة من الشباب والمراهقين تتقمص تلك الشخصية وتقلدها في سلوكها اليومي بشكل ارادي او غير ارادي، وقد رافق ذلك مجموعة من البرامج التي تظهر لقطات حقيقية من مجازر الحرب واكداس الجثث التي تدفن بشكل جماعي*، اضافة الى حفلات الاعدام رميا بالرصاص لمئات الشباب امام ذويهم وعشرات من المسؤولين المدنيين والعسكريين وشيوخ العشائر في كافة المحافظات والمدن العراقية على خلفية الهروب او التخلف من الخدمة العسكرية ومثلها ما كان يحدث في الوحدات العسكرية امام الجنود والضباط، مما اشاع اشكالا من النظم النفسية في تلك الشخصيات التي شاهدت وعايشت تلك الاحداث والممارسات ميدانيا او اعلاميا، وزرعت انماطا من بذور تلك السلوكيات التي بانت للوجود بعد سقوط النظام وظهور مجاميع من الشباب على شكل عصابات تجتمع حول شخص من ضحايا ذلك الاعلام الاسود وتمارس الجريمة على ذات الخلفية التي كان يستخدمها النظام السابق في الشعارات الوطنية والقومية مستسهلة الموت والقتل والتدمير والتلذذ بايذاء الاخرين وتصفيتهم او تعذيبهم حتى الموت كما ظهر خلال السنوات الاخيرة من الصراع الطائفي والجرائم التي اقترفت من كل الاطراف المتصارعة على ايدي شباب لا تتجاوز اعمارهم سنوات الحكم البعثي للعراق.



* برنامج صور من المعركة الذي كان يقدم من على شاشة التلفاز العراقي طيلة سنوات الحرب 1980-1988م.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقليم كُردستان والمحيط العربي
- إنهم يتسلقون الجدران؟
- من يحمي كُردستان العراق؟
- اقليم كُردستان والصحافة العربية؟
- كاظم حبيب يلمع نجما في سماء كردستان
- سلالات الفساد والافساد؟
- اقليم كُردستان والتحديات الاعلامية؟
- الصراع على كرسي الحلاق؟
- العراق وعملية ترييف المدن؟ 2-2
- العراق وعملية ترييف المدن؟ 1-2
- المرأة في البرلمان العراقي؟
- حكايات واسرار؟
- لكي لا يفسد الملح؟
- تضاريس الثلج والنار؟
- احذروا هؤلاء.. انهم يتسلقون السلطة؟
- الامية الوطنية
- هذا المطر من ذاك الغيم؟
- الانتخابات والدروع البشرية
- الدبابة الامريكية وقطار 63 ؟
- هل حقا يستحقون اصواتنا؟


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كفاح محمود كريم - الاعلام الاسود