أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رويدة سالم - القطيع العربي : كرة القدم نموذجا















المزيد.....

القطيع العربي : كرة القدم نموذجا


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3064 - 2010 / 7 / 15 - 04:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القطيع العربي : كرة القدم نموذجا

الانسان إجتماعي بطبعه و لا يمكن للفرد الحياة بمعزل عن المجموعة ، هذه المنظومة التي تحدد ملامح شخصيتنا و نحدد بدورنا ملامحها متفاعلين معها في علاقة تأثير و تأثُّـر متبادل في كل مظاهر الحياة المادية و الروحية. و يحتل اللعب كشكل من اشكال التفاعل حيزاً مهماً في هذه العلاقة فهو يمثل حاجة مُلحّة لا غنى عنها في حياة الانسان كما في حياة العديد من الحيوانات الاخرى . ويمثل أيضا مدخلاً مهماً في التكوين الجسماني و النفسي و المعرفي للفرد مهما كان سنه كما يساهم بتحديد علاقاته بباقي إفراد الجماعة التي ينتمي إليها. يتعلم الإنسان من خلاله التحكم الذاتي بنفسه و التنظيم الذاتي تمشياً مع المجموعة و تبعا للأدوار المتبادلة التي يمارسها ضمنها. تقول مدرسة التحليل النفسي الفرويدي أن اللعب تعبير رمزي عن رغبات محبطة او متاعب لا شعورية و بالتالي فهو يساعد على خفض مستوى التوتر و القلق و يضيف فولكييه // لايزول اللعب بزوال الطفولة فالراشد نفسه لا يمكن ان يقوم بفاعلية هائلة الا اذا إشتغل و كأنه يلعب.//
كرة القدم كلعبة جماعية تجمع ما بين الممارسة و ما توفره من متعة و من قيم إنسانية كالمشاركة و التضامن إلى جانب ما تضمنه من فرص المنافسة و إبراز الكفاءة الفردية و ما تحققه من تشويق و إثارة و تفاعل للجماهير بمشاهدة مبارياتها. و هي ككل الألعاب تساهم في رفاهية المجتمع بما توفره من توازن نفسي للفرد و للجماعة ، يُقال:- أن العقل السليم في الجسم السليم ، و الشخصية المتوازنة التي يساهم اللعب في تكوينها هي أساس العلاقات الطيبة مع الأخر و سر سعادة الإنسان و سعيه للعيش في مجموعات لأنها توفر فرصة للتقارب و التعارف و تنمي العلاقات الإنسانية الجميلة و الصداقة و الانسجام. يقال أن الصينيين مارسوها قبل أكثر من 2500 سنة قبل الميلاد كما عرفها و مارسها اليونانيون و اليابانيون و المصريون و يقول البعض أن العرب ما قبل الإسلام مارسوها أيضا و أنها مذكورة في ما يسمى بالشعر الجاهلي.
لعبة كرة القدم كما هي معروفة في يومنا هذا ظهرت في إنگلترا سنة 1016 خلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن أراضيهم و قد لعبوا كرة القدم ببقايا الجثث. و بين المنع بمراسيم مَلَكية لأسباب متعددة و إعادة الظهور و الانتشار استمرت هذه اللعبة إلى حدود سنة 1710 عندما ظهرت رسميا في المدارس الانگليزية ثم تأسس نادي شيفيلد كأقدم نادٍ سنة 1857 و من ثم توالى ظهور التشريعات و نظمت الدورات العالمية كل أربع سنوات كما أُنشئت الجامعة الدولية لكرة القدم و التي بدأت سنة 1903 بسبع دول .
لكن الواقع المعاصر لمجتمعاتنا العربية التي تعاني على كل الاصعدة من شتى المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية يجعل هذه الرياضة تخرج عن دورها الطبيعي لتصبح مرآة للعديد من التجاوزات و التعدي السافر على حقوق الفرد و المجموعة كما انها تعكس واقع الانسان العربي المقهور و المُغَيَّب غصباً عنه.
من أهم المشاكل الاجتماعية التي يجب التوقف عندها و محاولة إجاد حلول لها ظاهرة التسرب من مقاعد الدرس و الثقافة في سبيل التخصص في هذه الرياضة الأكثر شعبية في عصرنا الحديث كسبيل أسهل للإثراء و وسيلة وردية لتحقيق الأحلام و الشهرة .
استغلالها إقتصاديا و سياسيا، هذا الأمر الذي يمثل معضلة تزيد وضعنا العربي سوءا. كرة القدم التي تحتاج في مبارياتها لملاعب واسعة المساحة مما يترتب عليه وفرة أكبر عدد ممكن من المشجعين و المتفرجين الذين تسعى الحكومات لزيادة أعدادهم بإنشاء ملاعب تتسع لمئات الآلاف تعطي صورةً واضحة عن ذلك لأن الساسة بالأساس مع استغلالهم للدين و الواقع الاقتصادي المُزري و التخلف الذي تُعاني منه شعوبهم يستغلون في لعبة السيطرة هذه الرياضة لخدمة مصالحهم لأن كل ما كان القطيع المُنقاد بشكلٍ أعمى كبيراً تضيع فيه أصوات المُجددين و المثقفين الذين يحاولون النهوض بالشعب هذا فعلاً ما تطمح له كل الحكومات حتى التي تدعى الديمقراطية ويشمل ذلك بقية حكومات العالم وخاصةً الرأسمالية منها. و خير دليل على أهتمام الحكومات وأستقتالها على استنفار طاقات الشباب وتوجيهها لكرة القدم هو تعبير الحكومة الفرنسية الدولة الغربية الرائدة في الحريات و حقوق الانسان عن سخطها من منتخبها واستجواب البرلمان الفرنسي و الجمعية الوطنية لوزيرة الرياضة ومدرب المنتخب بعد الفشل الذريع في المونديال الأخير.
كذلك قرار حكومة نيجيريا توقيف نشاط المنتخب الوطني مدة سنتين لنفس السبب ، رغم تراجعها عن هذا القرار لاحقا.
إنتقلت كرة القدم من مجرد لعبة شعبية ترفيهية إلى مجال للاستغلال و الاستبداد. إستغلال مُنظَّم من طرف رؤوس الأموال و الساسة العرب و الذين طبعا يمثلون الأقلية الثرية و المتحكمة بمصادر الإنتاج عبر شركاتهم الخاصة. حولوا الجمعيات الرياضية التي تنتمي لحي او مدينة إلى شركات كبرى تستغل اللاعبين و الملاعب و المشجعين على وجه سواء عبر أنظمة الاحتراف و إحتضان اللاعبين و تسويقهم كما المناسبات الرياضية المحلية و العالمية جعلت من هذه الرياضة منتوجا مربحا. كل طرف في هذه اللعبة لا يعدوا أن يكون سوى رقما في منظومة الربح و الخسارة. هم جميعا بوعي او بدونه ليسوا سوى سلع و لوحات اشهارية متنقلة. يقتطع الجمهور ثمن التذكر من قوت يومه ليسلمها عن طواعية و طيب خاطر للاعبه المفضل أو ناديه و من ورائهما للشركات المتعاقدة معهما.
لا ريب أن جل اللاعبين / طبعا بإسثناء اللاعبين الذين يغرر بهم بشكل أو بآخر أو يستغلون ثم يرمى بهم كالنوى/ رابحون مادياً و معنوياً, يتحرك المشجعون على اختلاف انتماءاتهم ( وهم عادةً شريحة الشباب المُعَوَّل عليهم بالتغيير) بخيوط لا مرئية و يغرقون في برك آسنة للتقليد و المحاكاة متشبهين بهذا اللاعب المتميز أو ذاك متناسين حياتهم الواقعية و دورهم في تغيير أوضاعها المتأزمة و منشغلين بجزئيات حياة مالك نادي مرسيليا أو لاعب انگليزي أو برازيلي موهوب ، وهذا جُل ما تسعى لكسبه الحكومات على اختلاف أشكالها ومسمَّياتِها لأبعاد أنظار الجيل الفاعل عنها ..
يدّعي البعض أن كرة القدم كما كل الرياضات الأخرى مُناسَبات لإبراز الإخاء و المحبة و السلام لا فقط على النطاق المحلي بل و العربي و العالمي لكن في الواقع هي سوق استغلال من طرف محترفين يبرعون في التلاعب باللاعبين المبتدئين و مشاعر الجماهير الرياضية و الرهانات و الاستثمارات كما يعملون على تغييب عقول شابة من المفروض أنها من يصنع المستقبل و يغير الأوضاع الراهنة. لا أنادي بالانتقام و الوقوف بعدائية ضد الأخر لكن ألا ترون معي أن الانتصار للفرق الانگليزية و الألمانية و الايطالية و الفرنسية و الموت عشقا في سبيلها يعتبر خيانة عظمى لقضايانا المحلية ؟؟؟ ألا يوجد من بين النوادي و اللاعبين الذين نُجلُهم و نفتديهم بأرواحنا من صفق بكل حرارة للاعتداء على العراق ؟؟؟ ألا يوجد من بين رؤساء الجمعيات الكبرى التي نتغنى بها و نحارب من أجلها من يدعم مادياً و نفسياً الصهيونية كالمالك السابق لفريق مرسيليا الفرنسي الذي بكاه بعضهم عند وفاته ؟؟؟
السياسة تتدخل بشكل كبير في هذه الرياضة و تستغلها على أكمل الوجوه لخدمة مصالحها الخاصة و برامجها السياسية الطويلة المدى. ففي مجتمعاتنا العربية طبعا من يختار رؤساء الجمعيات و من ينتخب المُسَيِّرين و المُنظمين للدورات هم الساسة مما يجعل كل إدعاء بأن الرياضة محايدة و فوق كل الخلافات الاجتماعية و السياسية و الإيديولوجية باطل و مجرد ذر للرماد على العيون. هذه الرياضة لا تخدر الشباب فقط بل الشعوب عامة و تُغذي الإقليمية و الشوفينية و العنصرية و التعصب الأعمى و النزعات الفردية و ما حدث في فترة سابقة في المباريات التي جمعت الجزائر و مصر خير دليل على أنها لم تكن يوماً وسيلة لتقريب الشعوب كما ان الصراعات التي تصل الى حد الموت بين فرق محلية تنتمي لذات المدينة كما الأهلي و الزمالك او الترجي و الإفريقي ابلغ دليل على الدور المُسيء للكل و الذي لا يخدم سوى مصالح الساسة و يمنحهم الفرصة للمزيد من التسلط و الاستبداد في غياب أي دور فاعل لمواطنين يعلمون حدود حقوقهم و واجباتهم و يطالبون بها لأن جُل وقتهم مشغول بالتشجيع و الانتصار لهذا الفريق او ذاك و الصراع الدموي أحيانا لمجرد إختلاف في تقييم فريق أو لاعب. لكن ما أسباب كل هذا العنف و لماذا كل هذه الدموية ؟؟
تغذي هذه اللعبة لغة الصراع بمصطلحات كالهجوم و الدفاع و التصدي و إصابة المرمى. كما أنها تمثل مجالا للتعبير عن السخط و الرفض الذي تعوّد العربي بحكم الخنوع و الاستسلام و المراقبة عن كثب من طرف السلطة الحاكمة كبته في أعماقه. لذا نسمع في الملاعب تشكيلات من الكلمات النابية و التجاوزات الأخلاقية و الاشتباكات الجسدية التي تنتهي أحيانا بالموت. هذا العنف اللاإرادي ناتج عن الكبت الذي يعيشه العربي الى جانب كل الموروث العدائي الذي نختزنه في أعماقنا. إحباطنا السياسي و ظرفنا الاقتصادي و طبيعة علاقاتنا الاجتماعية تجعل المشجعين يُصَعّدون قهرهم اللاواعي في العنف الذي يظهر أثناء المباريات أو بعد الربح أو الخسارة.
إنها بعض من سياسة القطيع التي ينخرط فيها الكل بالتسيير من طرف المستغل الرأسمالي و المستبد السياسي و الجمهور المشجع التابع المكبوت الذي يبحث عن مجال للتعبير عن سخطه و أحلامه الموءودة مسبقا.
مطلقا لست اسعى الى مقاطعتها فهي نشاط فعال و ذو فوائد عدة لكني احب الأستمتاع بها كأي رياضه أخرى دون الأنجرار لرغبات الحكومات و برامجها المدروسة للتحكم بحرفية و فاعلية بالقطيع العربي



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام رهن الاعتقال/ الحرية شمس يجب ان تشرق
- القطيع العربي و ثور الدالية
- أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه
- شفير الهاوية [الجزء 3 و الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 3 الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 2]
- شفير الهاوية [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 6 ] 
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 3]
- ضحايا [ الجزء 5]
- ضحايا [ الجزء 4 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 2 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 3]
- ضحايا [الجزء 2 ]
- ضحايا [الجزء 1 ]
- الذكورة البدائية و السوط المقدس
- عندما تؤمن النساء بأمجاد -ذكورة- مقدسة


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رويدة سالم - القطيع العربي : كرة القدم نموذجا