أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نقولا الزهر - نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء














المزيد.....

نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 18:56
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



حين تلقيت نبأ وفاة المفكر المصري الكبير نصر حامد أبو زيد، لا أعرف لماذا ذهب ذهني مباشرة إلى فيلم (تراب الغرباء) للمخرج السينمائي السوري الحلبي سمير ذكرى، الذي يحكي قصة النهضوي الكبير عبد الرحمن الكواكبي صاحب (أم القرى) و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)..
سألت مرة صديقي سمير ذكرى مخرج الفلم وكاتب السيناريو: لماذا أعطيت لفلمك اسم تراب الغرباء. فقال: لقد عنيت بهذه التسمية غربة هذا الكاتب الكبير في وطنه في ظل الاستبداد العثماني، وكذلك غربته بعد مماته في تربة الغرباء التي دفن فيها في القاهرة".
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان الصحفيون والكتاب والمثقفون المعارضون في كل من سورية ولبنان وفلسطين يهاجرون إلى مصر، حين تشتد حولهم حلقة الحصار السلطاني بسبب أفكارهم وآرائهم ومواقفهم السياسية. ففي تلك الأيام كان مصر تعيش هامشاً واسعاً نسبياً لحرية الرأي والتعبير والكتابة..
يبدو أن عبد الرحمن الكواكبي كان لا يطيق ترك مدينة حلب لمدة طويلة، لكنه جاء وقت لم يعد قادراً فيه أن يعبر عن رأيه، وفي آن لم يكن بقادرٍ على حمل مدينته الحبيبة على ظهره. لكن زوجته فكَّت له عقدة تردده بآية كريمة من سورة النساء(96): " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا". اقتنع الكواكبي بالهجرة وترك حلب. هاجر إلى القاهرة، ولكن الباب العالي لم يتحمل قلمه ونشاطه في مصر. ويقال أن الشيخ المتنفذ في القصر العثماني (أبو الهدى الصيادي) وهو سوري من خان شيخون، أخذ على عاتقه أمر هذا المثقف الذي كان يدعو إلى التمدن ويقارع الظلم والقمع والجهل، وهو الذي قال أن الاستبداد الديني هو أسوا أنواع الاستبداد. مات عبد الرحمن الكواكبي مسموماً في ظروف غامضة ومريبة؛ ودفن في مقبرة للغرباء. ولم يكن الاهتداء إلى قبره يسيراً خلال تصوير الفيلم، لولا وجود بيتين مكتوبين على شاهدته للشاعر المصري حافظ ابراهيم...
مضت مائة عام على مصر وقد تراجع فيها هامش الحرية إلى حد كبير. ويصعد إلى ساحة الفكر مثقف من نمط عبد الرحمن الكواكبي وهو نصر حامد أبو زيد الذي يرفض أن يكون من المثقفين "المُمَجِّدين" أومن ذوي العقل المستقيل. ويشرع في معركة تكريس مشروعية نقد النص، وعدم تقديسه وعبادته. لم يتحمل التماميون منهجه فرفعوا عليه دعوة حسبة وكفَّروه وطلَّقوه من زوجته وتواطئت السلطة في مصر مع هذا الحكم. اضطر لترك وطنه فاستقبلته هولندا بالترحاب في مدينة ليدن ومنحته كل الإمكانيات ليواصل أبحاثه ونقده في أجواء مفعمة بالحرية.
لكن يبدو أن الوطن الأول، ومهما طالت الغربة، لا يخرج من النفس الإنسانية وتبقى العودة إليه توقَ المهاجر وأمنيتَه على الدوام . وكنا قد رأينا الأديب الروسي سولجينيتسن صاحب (ارخبيل الكولاغ) الذي ترك روسيا بسبب فقدان الحرية ولكنه حين وصل إلى أميركا بدأ ينخر فيه الحنين إلى روسيا، وهو نوع خاص من الحنين أكثر شدة من (النوستالجيا) يقال له بالروسية(توسكا/tocka ). وربما نصر حامد أبو زيد أصيب بهذا النوع من الحنين إلى مصر.
كان موت نصر حامد أبو زيد في أحد مشافي القاهرة مفاجئاً للجميع وقد قيل انه أصيب بفيروس غريب أودى بحياته؟... مات نصر في أوج نضاله الفكري وفي عز نضاله من أجل الحرية.. وهو يقول بأعلى صوته إن "المثقف حارسَ قيم وليس كلب حراسة". دربه كان درب آلام المثقفين الحقيقيين "الأمجاد"....
نقولا الزهر
دمشق في 11/7/2010



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خنق إسرائيل للسلام واحتدام الصراع على تعبئة الفراغ العربي
- حجر الزاوية لدى نصر حامد أبوزيد الحرية وفتح الشبابيك
- كل تحديد نفي
- من حكايا الطب
- قُرَنٌ شهيدة
- عن السادس من أيار وخابية النبيذ واستطرادات من الذاكرة
- ثقافة الكم والحجوم
- التنوع الديموغرافي موضوعة اجتماعية والطائفية موضوعة سياسية؟. ...
- ايديولوجيا اليونيفورم تحيل إلى التفكك والتأخر
- الوضع في اليمن بين مسؤولية النظام والتدخل الإقليمي
- هل من فرق بين الأصولية والتمامية؟
- الحوار المتمدن إناء فسيح للثقافة والتقدم
- بقايا صور من الحياة اليومية 3/النول
- إلغاء الآخر... لا يقتصر على دين أو مذهب بعينه
- قراءة في رواية أسلاف/لزميل السجن الدكتور خالد الناصر
- حول العودات الفكرية وإعادة التأسيس ونفي النفي
- الحريات والحقوق حجر الزاوية في احتجاجات طهران
- مداخلة في العامية السورية(1)
- لمحة عما بين الفصحى والعامية في بلاد الشام
- استطرادات لغوية وفكرية


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - نقولا الزهر - نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء