أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - المقدسات والعصابات الدينية















المزيد.....

المقدسات والعصابات الدينية


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 930 - 2004 / 8 / 19 - 10:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما قدم الجنود الامريكان الى مدينة النجف في بدايات الانهيار المخزي للنظام البعثي ،ونكسوا فوهات البنادق الى الارض ولم يقتربوا من ضريح الامام على ،كان ذلك تعبيرا عن احترامهم لمشاعر المسلميين الشيعة وعقائدهم ومسلماتهم وليس تقديسا للمكان او البناية نفسها.وعندما وقف الجنود الاسرائليون امام كنيسة المهد ولم يقتحموها بعد ان احتمى في داخلها الكثييرون من المقاوميين الفلسطينيين ،كان ذلك تعبيرا اخر ليس عن احترام الجندي الاسرائيلي للمقدس المسيحي بقدر ما هو خشية على مقدساتهم لئلا تدنس من قبل الاخرين الذين يجدون في البناية،الكنيسة ،محرم لا يجوز مسه باي شكل من الاشكال .
وفي البلدان الاوربية وعندما تقرر حكومة ما ،تسفير عدد من اللاجئين واعادتهم الى بلدانهم ،يلوذ هؤلاء بأحدى الكناس طلبا للحماية ونيل ما يسمى بالجوء الكنسي حيث لا يتجرأ العسكري على الدخول بسلاحه ولا تقدم السلطة على انتهاك هذا الحرم الذي يفرض احترامه الرمزي على الجميع بدون تشريع دستوري او قانون حكومي ولكن بتثقليد وعرف انساني فقط .
لقد كان هذا التقليد سائدا عند العرب قبل الاسلام الى ان اتت اية واقلتوهم حيث ثقفتموهم حيث اتاحت القتال حتى داخل المسجد الحرام ،وان اختلفت التفسيرات في سبب نزول هذه الاية وطرق تطبيقها الا انها يمكن ان تعني اذا فسرت وفق المصلحة الضرفية والسياسية امكانية جواز القتال داخل المكان المقدس الذي لا يجوز المساس به .
لذلك تجرؤ عدد من الخلفاء الامويين على رجم الكعبة وبيت الله الحرام اقدس اقداس المسلميين ولم ينهض المسلمون ضدهم او يفتي رجال الدين بابطال خلافتهم .لو فعلوا ذلك ضد يزيد عندما اجتاح المدينة ورجم الكعبة في عام 63 هجرية، لما تجرا هشام بن عبد الملك بعد ذلك ليرجم الكعبة بالمنجنيق مرة اخرى.
القدسية لا تكمن في البناية او الحجر او الورق اوالمكان او اي شيئ مادي منظوراو غير منظور ،بل هو قيمة ما يحمله الانسان تجاه هذا الشيئ نفسه ،هو القيمة الشعورية والدينية والتبجيل تجاه شيئ ما وهو ايضا احترام الانسان ومشاعره واعتقاداته.واول مظاهر التقديس هي الامتناع عن انتهاك قوانيين القداسة التي فرضتها عادات وتقاليد وعقود من الزمن تنائت بالشيئ عن الحدث وابقت على الرمز الذي لا يدل على الشيئ ولا على الحدث بل على ما اضافه الانسان عليه نتيجة التقادم الزمني وخصب الخيال الشعبي.
وفي العصر الحديث كثير من الحوادث التي تشير الى عدم احترام المقدسات أكانت اسلامية او تلك العائدة الى اديان وطوائف اخرى ولعل ابرزها هو الانزال المضلي على بيت الله التي اضطرت اليه القوات السعودية بمشاركة المضليين الفرنسيين والاردنيين لانهاء جهيمان اوتباعه عندما احتلوا الحرم المكي بقوة السلاح في عام 1979 وتم استسلام جهيمان وقدم هو واصحابه الى المحاكمة التي حكمت على جهيمان العتيبي و64 من اتباعه بالموت .وللتذكير وليس للمقارنة والتشابه ان جهيمان قد ادعى ان حركته هي مقدمة لظهور المهدي والذي لم يكن سوى زوج اخته المسمى محمد عبد الله القحطاني.
مقدار الاحترام والقيمة الشعورية والوجدانية اي التقديس تجاه المقدس يعبر عنها بمواقف محددة وقوانيين تضعها الناس وتتبعها بصرامة لتجسيد ذلك الاحترام بشكل عملي وعاطفي مؤثر يفرض على الاخريين احترام المقدس حتى وان لم يعتقدوا بذلك ،مثل الامتناع عن شرب الخمربقصد المتعة او الرقص الخليع او الغناء غير الديني او حمل الاسلحة او تحويل المقدس الى دعاية سياسية او وسيلة دنيوية لبلوغ طموح ما .وكلما اجاز الناس لانفسهم انتهاك هذه القواعد كلما قل تأثير المقدس وتأثيره على الناس من اتباعه ناهيك عن احترام الاخريين له.
ولكي نربط كل ما تقدم بموقف عصابات مقتدى بضريح الامام علي ،نجد ان اول من انتهك قداسة المكان هو مقتدى واتباعه ،فلقد اباحوا لانفسهم ما لا يُسمح للاخرين ممارسته ،وهم لم يطلبوا الحماية والحفاظ على النفس من موت قد يكون بانتظارهم ان غادروا المكان بل استخدموا المكان لانزال الموت بالاخرين .وادخلوا الاسلحة الى مكان يفترض ان تكون قدسيته هي الحامية والمدافعة والحارسة وليس السلاح .
وهم اذ يطالبون باحترام قدسية المكان واجلاله وطرد القوات المسلحة من المدينة ،يبيحون لانفسهم تدنيس المكان باسلحتهم وشعاراتهم وصور لاشخاص غير مقدسيين كثر الجدال حولهم وحول مواقفهم الى حد الاتهام في بعض الاحيان.
وعندما يسكت الناس والشخصيات الدينية والمدنية على تصرفات هؤلاء ولا يدينوهم ولا يستهجنون تصرفاتهم ،فان ذلك يعني مشاركة سلبية تقود الى التقليل من القدسية العامة التي تخص جميع العراقيين وليس الخاصة لطائفة او لدين . فاي مكان مقدس بالعراق يجب ان يكون محل تقديس جمييع الاطراف اكان معبد او كنيسة او جامع او ضريح او اثر.وأي انتهاك يعني انتهاك لجميع المقدسات الاخرى بغض النظر عن حجم او دور المقدس وعدد الناس الذين يؤمنون به ...
ان ما يحدث اليوم من احتلال الصحن الحيدري هو اشبه بما حدث في عام 1984 عندما تحصن المتمردون السيخ في داخل المعبد الذهبي المقدس لدى ملايين السيخ والهندوس ،وحاولت انديرا غاندي حل الامر بطريقة سلمية وتفاوضية ولكن لم تنجح مساعي الحكومة ولا الوساطات الدولية وبعدها اضطرت القوات الحكومية الى اقتحام المبنى بالقوة واسفر الامر عن حدوث مجزرة بشرية مروعة راح ضحيتها اكثر من 480 انسانا من السيخ واكثر من 83 من القوات الحكومية ..ولا احد يشك بديمقراطية الهند ولا باخلاص انديرا غاندي لبلدها ولم تكن تحب سفك الدماء وقتل الابرياء ..ولقد ذهبت هي نفسها ضحية لخيانة حارسها الشخصي السيخي الذي احنث بيمينه وقام باغتيالها.
يقول البعض ان الحل الافضل لمشكلة عصابات مقتدى يجب ان يكون سياسيا واخريين يقولون باستخدام القوة لانهاء التمرد وانتهاك المقدسات ،بينما يذهب الاخر الى شراء بنادق العصابات ورشوتها وتطميعها بمناصب سياسية ..كل الحلول يمكن ان تؤدي الى نتيجة تأجيل اندلاع الحريق ولكنها سوف لن تطفأه ولا تنهيه ...
الحل يجب ان يكون موقفا شعبيا صريحا وقاطعا ليس فيه مجاملة او متاجرة كما يفعل السياسيون اليوم الذين لا يجرؤون على فتح افواههم لقول كلمة الحق .الحل هو الرفض الشعبي العام لهذا الانتهاك للمقدسات سواء بتفجيرها او تحويلها الى قلاع عسكرية ومنع ان يُحول الدين ويستخدم كحصن للهجوم على المخالفيين والمغاييرين..ومع الاسف لم نشهد مثل هذا التحرك عندما تم تفجير الكنائس في بغداد والموصل واكتفى الناس ببيانات مرجعياتها الدينية والسياسية المقتصره على الادانة والشجب وليس الى دعوة الناس الى الرفض التام وتجسيد ذلك والتعبير عنه بكافة الفعاليات والمسيرات الشعبية التي تولد وعيا خاصا ووحدة عمل بوجه الارهاب ولا زالت الحكومة تراوح في مكانها وتعمل على اشراك المتطرفيين الدينيين مثل هيئة علماء المسلميين او مقتدى الصدر في الحركة السياسية ..ولكي نوقف المتاجرة بالدين وبالمقدسات وعدم تحويلهما الى واسطة لنيل المكاسب والارباح السياسية او اسلحة بوجه المغاييرين يجب تحشييد الناس وتعبأتهم لرفض هذه التجارة الخطرة وهذا الانتهاك الواضح لمشاعر الناس واشاعة ثقافة علمانية يحترم فيها الانسان ومقدساته وافكاره ومعتقداته ليس عن طريق الاجبار واستخدام القوة كما تفعل الاحزاب الاسلامية والدينية بل بتحويلهم الى معلم وطني وانساني للجميع وليس حكرا لحزب او طائفة او دين،فالدين لله والوطن للجميع



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسنا..لندعوها مقاومة
- شعوب تدافع عن الاستعمار
- عندما تغرق السفينة تهرب الفئران اولا
- برجيت باردو-الاسلام- والوهابية
- خادم الحرمين الديمقراطيين
- الحكومة الجديدة وتصوراتها الحمقاء
- الفلوجة تستسلم على الطريقة البعثية
- للننقذ النساء من براثن رجال الدين
- الاحزاب الشيعية بين التخبط واللعبة السياسية
- جيش لا يدين الاجرام ، جيش لا يستحق الاحترام
- احترام الانسان يعني احترام الاسلام
- هل لنا ان نتحرر من قيود ما يسمى بالامة
- اسوء امة اخرجت للناس
- ثقافة الانتحار الاستشهادي الاسلامية
- الدين جزء من المشكلة وليس من الحل
- فلسفة العمائم
- تشويه المفاهيم ..العلمانية نموذجا
- المرجعية الدينية والمرجعية السياسية
- اخطار لم تنتبه اليها المرجعية الدينية في دعوتها للانتخابات
- احترام الاسلام والانسان يعني العلمانية


المزيد.....




- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...
- فيديو/المقاومة ‏الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با ...
- -شبيبة التلال- مجموعات شبابية يهودية تهاجم الفلسطينيين وتسلب ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة الفرقة 91 الصهيونية في ث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - المقدسات والعصابات الدينية