أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هندي الهيتي - 14تموز والهوية الوطنية















المزيد.....

14تموز والهوية الوطنية


هندي الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3059 - 2010 / 7 / 10 - 15:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثير ما نقرأ ان العراقيين مجموعة غير متجانسة من قوميات واديان وطوائف متناحرة ومتصارعة على طول الخط ولا يوجد رابط يوحدهم تحت لافتة ما . وان هذه القوميات والاديان وتلك الطوائف ترتبط بهذا الشكل او ذاك مع امتداداتها المتمركزة خارج حدود ما يسمى العراق . تتصارع وتتحارب مع بعضها بتوجيه من تلك الامتدادات وحسب مصالحها لا مصالح المكونات العراقية . عند التمعن بهذه التقولات الان نجد لها ما يبررها ويؤكد صحتها الواقع العراقي الذي نعيشه.
لكن هل كل هذه الاقاويل هي حقيقة شعب اسمه العراق ؟
وهل هذه المجموعات من الناس والشعوب التي تقطن تلك الحدود التي تسمى جغرافيا العراق متناقضة ولا يربطها رابط رغم العمق التاريخي لهذه المجموعات ؟
وهل انتفى تأثير تاريخ عشرات ومئات بل الاف السنين ولم تحقق مجموعة متجانسة تربطها روابط تجعل منها شعب له ما يميزه عن باقي شعوب الارض ؟؟
الم يكن لكل تلك السنين بصمات واضحة وعلامات فارقة قادرة على خلق شعب له هوية واضحة ؟؟
هل بوتقة الاف السنين لم تستطع من صهر كل تلك المكونات وتنتج منها شعب واحد له هويته التي توحده وتميزه عن باقي شعوب العالم وتخلق رموز تتجمع حولها مكونات هذا الشعب الذي يوصف بفقدان الهوية ؟؟
وهل من الناحية العلمية يمكن ان تبقى مجموعات تعيش جغرافيا في منطقة واحدة وتحت مسمى واحد وتنتج كل هذا الانتاج الادبي والعلمي والثقافي والاسطوري وبالتالي نجدها مجموعات متشرذمه لا يجمعها جامع ؟؟؟
ان هذه التساؤلات والتقولات لا يمكن ان تصمد امام واقع تاريخي وعلمي ولا يمكن ان تنجح تحت اي امتحان يمكن ان تجابهه تلك المكونات . ويبقى هناك عوامل واسباب ادت الى تنشيط الهويات الفرعية على حساب الهوية الرئيسية .. الهوية الوطنية العراقية ...
قد تكون اسباب سياسية او اجتماعية وسوف نترك لذوي الاختصاص دراسة تلك الاسباب ونعود الى الذات العراقية التي احسبها واحدة فهي ذات عراقية خالصة عند كل المكونات على اختلاف اديانهم وقومياتهم وطوائفهم .. فما يفتخر به الشيعي من مفاخر ال البيت نجد افتخار السني بتلك المفاخر وما يذكره الاشوري عن تاريخ اشور بانيبال فهو مفخرة للعربي والكردي ..
تاريخيا فان هذه المساحة من الكرة الارضية التي اطلق عليها العراق لم تكن طارئة ولم يرسمها قلم سايكس بيكو ولا غيره من فناني شق الشعوب .. فالعراق عرف بهذا الاسم منذ الاف السنين الى جانب اسماء اخرى لازالت مستخدمة منها وادي الرافدين وارض ما بين النهرين (ميسوپوتاميا) وغيرها لكن كلمة عراق وبحروفه العربية وبحدوده الجغرافية المعروفة قد كان موجودا قبل الاف السنين . وهذا البلد بحدوده المعروفة وبشعبه بكل مكوناته الحالية قد فتح اول مدرسة في التاريخ تعلم بقية شعوب العالم في صفوف نظامية الابجدية الاولى في اللغات وتعلمهم اسرار الكون وفي حصص اخرى ادخلها العراقيون لطلبتهم شعوب العالم اسلوب بناء الحضارة فعلموهم اول قانون ينظم حياتهم واول قانون ينظم اسرهم وطرق زواجهم ومعيشتهم وعلموهم كيف يزرعوا ويحصدوا وفي درس اخر علموهم كيف يوزعوا ذلك الحاصل وكيف يتقاسموا الحصص المائية بينهم في قانون لا زال يستخدم لحد الان .. علموهم طرق الري والبزل وعلموهم نظم العمل وتقسيم العمل .. العراقيون اول من علم العالم ان الزمن يقسم الى ساعات ومجموع ساعات الى ايام والايام الى اسابيع ونهاية الاسبوع راحة واعادة تقييم ..
كل هذه الدروس الحياتية ابتكرها العراقيون .. لم يكن مكون واحد من مكونات العراق يتعلم ويعلم وبقية المكونات جالسة لا علم لها ... عندما نقول ان مسلة حمورابي عراقية فهي لكل العراقيين فهي ليست شيعية ولا سنية ولم تكن مسيحية ولا اسلامية ولا صابئية وهي لم تكن اشورية ولا كردية ولا عربية انها مسلة عراقية تعود شرعيتها لكل العراقيين ... وعندما تذكر الجنائن المعلقة فكل مكونات الشعب العراقي ستقول هذه لنا نحن العراقيون .. والمتنبي شاعرا عراقيا اتحدى من يعرف ان كان شيعيا او سنيا ؟ وابو نؤاس حين عشق الخمرة فقد عشقها من قنان هيت ومن بساتين الحلة وحين ارتشف اول فنجان قهوة فقد كانت قهوة بصراوية مصنوعة بدلال موصلية وشربها قهوة صهباء من هيت وعانات . عندما يذكر اسم الشاعر بلند الحيدري فكل عراقي سيفتخر به شاعرا عراقيا لا عربيا ولا كرديا ومسلما او مسيحيا والسياب هل كان شيعيا ام سنيا ؟؟؟ انه شاعر عراقي فقط والجميع يردد مطر مطر مطر .. ومن تذوق تفاحات يوسف الصائغ فلم يجد غير طعم العراق بلا اديان ولا قوميات وكذا يقال عن لميعة عباس عمارة وعبد الرزاق عبد الواحد والعالم عبد الجبار عبدالله عندما عين اول رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة تموز المجيدة .
مَن مِن العراقيين لم يحس ان كل ما ذكرت يخصه وهو جزء من تاريخه ؟ مَن مِنا نحن العراقيين لم يفتخر بالمسلة وبالجنائن المعلقة ؟ ومن منا لم يفتخر ببابل وسومر واشور ؟ من منا لم يعشق شعر المتنبي والجواهري ولميعة عباس عمارة ويفتخر بريادة نازك الملائكة والبياتي والسياب في تأسيس مدرسة الشعر الحديث . كما نفتخر بالمدارس الفكرية الاسلامية التي ظهرت وانتشرت في بغداد العباسية ؟؟
ان المشتركات اكثر بكثير مما يطفو على السطح ويحاول طمس كل هذا التاريخ العراقي الطويل القامة .. وان ما يوحد اكثر اصالة من موجات تهب من هنا او هناك وتحاول ان تخرج بعض الفرقة والعزلة التي طمست وسط كل هذا التاريخ .. ان احد اسباب تلك الموجات التي تحاول ان تمزقنا هي الصرعات السياسية بين دول مجاورة ارادت ان تحضى بكعكة العراق الغنية .. وان احد اسباب تلك التشرذمات خوف الجميع من تاريخ شعب حي اسمه العراق لو خرج من قمقمه لاطاح بكثير من اقوام وانظمة لا تملك شرعيتها التاريخية .. وهذا ما توحدت عليه كل دول المنطقة وبالتعاون مع دول استعمارية كبيرة عندما شاهدت هذا الشعب يشق طريقه نحو موقعه الحقيقي عبر التاريخ بعد ثورة 14 تموز 1958 حين استلم العراقيون بلدهم لاول مرة منذ نبوخذنصر .. كان حكام الثورة عراقيين حقيقيين وعملوا بروح عراقية فكان شعار الدولة مأخوذ من كل تاريخ العراق السومري والاشوري ويحمل رموز العراق البابلي والسومري والاشوري والاسلامي .. كان الشعار الذي وضعته الثورة يرمز الى كل مكونات الشعب بالتساوي دون طمس او تهميش فأحس الجميع بعراقيتهم ... كان الشرط الاول في توزير وزارة وتسليم مسؤولية لعراقي كفوء دون النظر الى مشاربه الثانوية وحين عين العالم عبد الجبار عبدالله رئاسة جامعة يغداد اعترض ذوي النفوس التي كانت تتفس هواء خارجي من هذا التعيين لكن رد الزعيم العراقي كان ردا عراقيا بكل تاريخ العراق (( انني عينته رئيس جامعة وليس خطيب جامع )) .. وحين وضعت اول خطة للتنمية بعد الثورة شملت كل بقاع العراق من الجبل الى الصحراء وحتى الهور ... احب العراقيون الثورة واحسوا لاول مرة بعراقيتهم وانهم ينتمون الى بلد عريق يمكن ان يأخذ موقعه الذي يستحق .. عمل الجميع كردا وعربا واشوريين وتركمان مسيحيين وصابئة ويهود ومسلمين ويزيديين وسنة وشيعة تحت مظلة العراق لا يميزهم غير حبهم واخلاصهم لهذا البلد .. فكان العراق يسير على طريق اخذ دوره في المسيرة العالمية نحو التقدم والسلم والاخوة .. اهتزت عروش وتجمعت كروش وارتعدت حكومات وتخوفت بلدان من هذا المارد العملاق الذي يخرج من عمق التاريخ ليأخذ بزمام الاصالة والانسانية تحت الهوية الوطنية التي اعادتهم الى توحدهم كشعب قدم للعالم اكثر ما قدمته شعوب العالم وشعب موحد قوي يحمل راية واحدة هي راية العراق التي رفعها عراقي قبل خمسة الاف سنة ولا زالت تتقدم هذا الشعب الذي تعاونت عليه كل الدنيا لكي تعيده الى قمقمه ولتطلق موجات صفراء تجذب هذا العراقي وتبعد ذاك وتمزق الراية وتدفن الشعار ولتحولهم الى كانتونات وقبائل وافخاذ تنهش بعضها البعض ونجحت في ذلك عندما اغتالت الرمز الذي اراد ان يعيدهم وان تفتك بالشعب بهجمة شرسة لم تشبهها في وحشيتها حتى هجوم التتر والمغول وراحت تعمل وتحت اشراف علماء وخبراء كي تبقي على هذا التشرذم .. وكان اول عمل توصي به مجموعة العلماء ان تقضي على كل شيء يوحد هؤلاء البشر وتزرع بدلا عنها مقومات الفرقة التي كان للقسوة والتسلط والاستبداد مع الزمن دورا في تثبيت جذورها في تربة العراق التي سترفضهم حتما لانها مالحة ولا تنبت فيها غير النبات العراقي الاصيل ..... ان موعد موت تلك الاحراش الضارة لقريب وسينبت القصب العراقي الحلو المذاق مع تموز آخر كتموز 1958 قادم لامحالة ......



#هندي_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كنا اكثر وعيا
- لو فازت اتحاد الشعب
- من اين لكم هذا ؟
- جولة في مصايف هيت
- لا تترحموا على سارقي الاكفان
- صباح الخير يا تموز
- الشاقوفة دراسة في المكان
- عالم بلا عراق


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هندي الهيتي - 14تموز والهوية الوطنية