أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - من أجل أن تبقى رؤوسنا مرفوعة نحلم بغدٍ أفضل وحياة أسعد!















المزيد.....

من أجل أن تبقى رؤوسنا مرفوعة نحلم بغدٍ أفضل وحياة أسعد!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 14:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يقرأ الإنسان ما يجري في البصرة من ردة فكرية وسياسية واجتماعية وثقافية من جانب المحافظ ومن لف لفه بالمقارنة مع ما كانت عليه البصرة قبل خمسين عاماً حتى في أصعب أيامها اللاحقة, يصاب بالدوار ويسأل نفسه, لِمً هذه الردة الاجتماعية لدى الحكام بشكل خاص وفي المجتمع بحدود اقل كثيراً؟
وحين يتابع الإنسان ما يجري في المدن العراقية الأخرى حيث يترك الناس أعمالهم لعدة أيام متجهين صوب الكاظمية أو كربلاء أو النجف أو سامراء, ويجبر آخرون على ترك أعمالهم وغلق محلاتهم بسبب الوضع الأمني, وتنشغل أجهزة الأمن والشرطة والدولة لثلاثة أو عشرة أو أكثر من الأيام تحت وطأة الأمن الهش ومحاولة تأمينه, وحين يسقط العشرات شهداء من أجل لا شيء على أيدي إرهابيين, يسأل الإنسان نفسه لِمَ كل هذه الأعمال التي لم تكن قائمة قبل أربعين أو خمسين عاماً؟ لِمَ هذه الردة الفكرية والاجتماعية, لِمَ هذا التخلف في الوعي الديني, لِمَ هذا التطرف الذي لم يكن موجوداً؟ وحين يعزي رئيس الوزراء عائلات الضحايا ويرجو للضحايا دخول الجنة, ولكنه لم يجرأ ليقول لهم: لا تقوموا بمثل هذه التجمعات المليونية, بهذه التظاهرة غير المطلوبة, لكي لا تتعرضوا لخطر الموت على أيدي الإرهابيين الذين يسعون لإثارة الصراع الطائفي الذي لم يختف بعد من المجتمع ما دام هناك من يدعو له ويؤججه, كما لن يختفي بسبب سيادة الأجواء الطائفية في العمل السياسي العراقي.
وحين يرى المتتبع للوضع السياسي في العراق أن ديمقراطيين وتقدميين واشتراكيين وشيوعيين, جدد وقدامى, يشاركون في الانتخابات لا من أجل انتخاب قوائم ديمقراطية علمانية أو قائمة اتحاد الشعب, بل يصوتون لقوائم إسلامية سياسية, سواء أكانت شيعية أم سنية, أو أن بعض القوى الديمقراطية دخلت حتى في قوائم طائفية وانتهت بالصفر من المندوبين, حين يرى كل ذلك يسال نفسه: هل نحن في العراق, في هذا البلد الذي كان يناضل من أجل الديمقراطية والحياة الحرة والكريمة على مدى قيام الدولة العراقية الملكية الحديثة؟ هل هذا هو البلد الذي أنجب الحلي والزهاوي والرصافي والجواهري والسياب والبياتي والملائكة ومردان ورشدي العامل والنواب وشعراء وكتاب الحلة والسماوة والموصل والبصرة والناصرية والنجف, الأحياء منهم والأموات, إضافة إلى شعراء كرد مثل گوران ودلزار وبه كس ومئات من الشعراء والكتاب المتحررين القدامى منهم والجدد من محافظات السليمانية وأربيل ودهوك وكركوك؟
وحين يلقي المتتبع نظرة إلى الوزارات العراقية الحالية سيجد العجب العجاب: هذه وزارة مليئة بالشيعة من أحزاب دينية, كل مسؤوليها لهم لحى لا يعلم الإنسان مدى صدقها, وتلك وزارة سنية لا تجد فيها سوى السنة ...الخ, وكلهم لهم جباه وكأنها محروقة من كثرة السجود!, فهي موزعة بين سنة وشيعة, ولم يعد للمسيحيين أو الصابئة المندائيين أي مكان يذكر في الوزارات أو في هذا البلد, وهم من أصل أهل هذا الوطن, بل نجدهم يجبرون على مغادرة العراق والخلاص بجلدهم تاركين خلفهم ذكريات أليمة وحنين لا ينقطع. إنهم مبعثرون في الشتات العراقي, في الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا وأوروبا على نحو خاص.
ويتساءل الإنسان العراقي: هل هذا هو العراق, عراق السومريين والأكديين والبابليين, عراق الآشوريين والميديين والگوتيين, عراق العرب والكرد والتركمان والكلدان والآشوريين, عراق أتباع مختلف الأديان والمذاهب والأفكار, العراق الذي يعتبر أحد مهود الحضارة العالمية القديمة, هل هذا الذي يتحدث عنه التاريخ هو نفس العراق الذي يغوص اليوم في أجواء الطائفية السياسية المقيتة والخانقة, [ وهنا لا يجري الحديث عن المذاهب الدينية في الإسلام التي تجسد التنوع في الاجتهاد والاختلاف في الرؤية والتفسير ], بل عن الطائفية التي تميز بين الأديان والمذاهب الدينية والتي تشدد الخناق على حرية الإنسان بتحريماتها الاجتماعية وممنوعاتها "الدينية" اليومية التي تريد بذلك تحويل العراق إلى جحيم اجتماعي وسياسي لا يطاق؟
هل نحن في البلد الذي كان شعبه لا يقبل بالضيم والقهر, الشعب الذي أُطلق عليه بالمتمرد والذي تساقط شعر المستبد بأمره الحجاج بن يوسف الثقفي بسببه. هذا ما يذكره الأستاذ والكاتب المتميز الدكتور قاسم حسين صالح في مقاله الممتع الموسوم "غضب العراقيين .. وصناعة الحكم", حيث كتب يقول: "... وكان أقسى طاغيتين حكما العراق هما الحجاج(عشرون سنة) وصدّام (ربع قرن)..وكلاهما عاش قلقا" ومنزعجا" من العراقيين. فالحجاج اعترف بأن العراقيين أتعبوه وأصلعوا رأسه (يا أهل العراق، جئتكم وأنا ذو لّمة وافره ارفل بها فما زال بي شقاقكم وعصيانكم حتى حصّ شعري). وصدّام أرعبه العراقيون من قبل أن تندلع في البصرة شرارة انتفاضة آذار (92) التي امتدت إلى الناصرية فالمحافظات الأخرى وكادت أن تطيح بنظامه لولا حماية أمريكا له." (راجع: الحوار المتمدن, العدد 2010 / 7 / 4 3053 ).
التاريخ يعرف التقدم نحو الأمام, لا يعرف الارتداد على الصعيد العالمي, لا يعرف خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء, ولكن هذا الشعب أو ذاك, هذه المنطقة أو تلك, يمكن أن يعيش أو تعيش التراجع والتقهقر أو الارتداد عما حققه هذا الشعب أو تلك المنطقة قبل ذاك من حضارة متقدمة, إنها الحركة الزگزاگية المحتملة في تاريخ هذا الشعب او تلك المنطقة. هذا هو الوضع الذي تعيش فيه الكثير من شعوب منطقة الشرق الأوسط. هذا هو حال إيران التي تعيش في ظلمات القرون الوسطى من حيث طبيعة الحكم السياسي والديني والمذهبي والاستبداد المريع الذي يئن تحت وطأته الشعب الإيراني بمكوناته القومية العديدة وكذا المرأة الإيرانية, ونعرف جميعاً حجم قرف الناس من هذا النظام الديني والطائفي المتخلف. وهذا هو شعب لبنان الذي يعاني من حزب الله الأمرين ويمرغ جبين الدولة اللبنانية بالتراب بحكم ارتباطه الكلي بولي الفقه وتبعيته السياسية والمالية لإيران, وهذا هو شعب السودان الذي يعيش الفرقة والانقسام تحت وطأة سياسات رئيسها "الإسلامي" الأهوج والمستبد بأمره. وها هي فلسطين تئن تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وغزاة غزة من منظمة حماس المتطرفة الخاضعة للسياسات الإيرانية في المنطقة مرة وللوهابيين مرة أخرى. وهذا هو العراق الذي يعيش مرحلة جديدة من صراع طائفي مقيت لا يدري الإنسان متى يكون الخلاص منه لتكريس مبادئ المواطنة المتساوية والهوية الوطنية العراقية ومكوناته القومية, لصالح تكريس مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة الاعتيادية وفصل الدين عن الدولة لا عن المجتمع, فهي قضية خاصة بالفرد أو بالجماعات.
لا يمكن أن تستمر هذه الحالة, فالشعب في العراق يعيش في أزمات مستمرة, منها سياسية ومنها اقتصادية ومنها اجتماعية وثقافية, وهي كلها مقترنة بأوضاع أمنية وسياسية هشة, فالموت يومي وعدد الجرحى والمعوقين في تكاثر, ثم يسأل البعض: لِمَ لا يجري الحديث عن المنجزات؟ هل أصبح الأمن منجزاً؟ هل أصبح الوضع في البصرة منجزاً؟ وهل أصبح انقطاع الكهرباء ووصوله المستحيل لمستهلكيه من الناس الاعتياديين في فصل الصيف, وليس للحكام الذين يتمتعون به ليل نهار, منجزاً؟ هل قتل أحد المتظاهرين في البصرة بسبب مطالبته بالكهرباء وسقوط عدد من الجرحى في مظاهرة رفض المسؤولون إجازتها منجزاً؟ وهل ممارسة التعذيب في السجون والمعتقلات مهما كان سبب السجن أو الاعتقال منجزاً؟ وهل تفاقم عدد المشردين من الأطفال في المدن العراقية, كما هو حال مدينة الحلة على وفق ما جاء في مقال مها الخطيب ومقالات لكتاب آخرين منجزاً؟ وهل امتلاء هذه الوزارة أو تلك بالطائفيين أو من بنات وأبناء طائفة معينة, ووزارة أخرى من طائفة أخرى منجزاً؟ هل الصراع على من يكون رئيساً للوزراء وبالطريقة الجارية حالياً منجزاً؟ وهل تدخل الجيران في الشأن العراقي بسبب ضعف العراق السياسي والأمني منجزاً؟
أنا لا أطالب أن تكون في العراق ديمقراطية شبيهة بديمقراطية السويد أو ألمانيا أو بريطانيا العظمى, فهذا كما يقول المثل العراقي (( بعيد اللبن عن وجه الفگر!)), إذ أن هذا محال ولفترة غير قصيرة, فأنا أدرك الفارق بين واقع العراق وواقع هذه الدول من حيث المرحلة التاريخية التي يمر بها العراق وتلك التي تمر بها تلك الدول, وأنا أعرف الأسباب الكامنة وراء هذه الحقيقة المرة, ولكني أطالب من يتحدث عن سيادة الحرية والديمقراطية في العراق أن يفكر ويرى أبعد من أرنبة أنفه, ليرى ما يجري في العراق ولكي يدرك أن الطائفية السائدة مرض اجتماعي يرتبط بالواقع الاقتصادي والاجتماعي المريض الذي يستوجب معالجته والشفاء منه, وهذا يعني ضرورة التركيز على تغيير البنية الاقتصادية والبنية الاجتماعية بدلاً من التخفيف عما يجري في العراق من طائفية مسمومة, سنية كانت أم شيعية. لا يمكن الحديث عن الحرية الفكرية والسياسية وعن الديمقراطية والبلد يعيش في أجواء العشائرية وفي وعي ديني ومذهبي مزيف ومع من يريد التشبث بالسلطة بأسنانه أو "أخذناها وبعد ما ننطيها" في حين أن الدستور ذاته, رغم ضعفه, يتحدث عن التداول الديمقراطي للسلطة وعبر الانتخابات.
الوضع الأمني والسياسي في العراق هش وفراغ السلطة شديد, ونحن بحاجة إلى حلول سريعة للأزمة السياسية الراهنة, وبحاجة إلى معارضة ديمقراطية جادة أعضائها في الملمات لا يصوتون للقوائم الطائفية بل لما يمليه عليهم ضميرهم للخلاص من الوضع الطائفي السياسي السائد لصالح عراق المواطنة المتساوية, عراق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية, عراق الحضارة الحديثة ولو تدريجاً.9/7/2010 كاظم حبيب





#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزيارات المليونية والموت في العراق!
- تقرير عن احتفالية اليوبيل الماسي لصديق الكورد البروفيسور كاظ ...
- خلوة مع النفس .. الصداقة كنز.. وخيانة الأمانة والصداقة رجس ش ...
- لنعمل من أجل بناء الديمقراطية الغائبة في العراق؟
- كاظم حبيب: الاعلام الكردي لا يزال ضعيفا وبحاجة إلى موضوعية
- هل من علاقة جدلية بين النضال المطلبي للشعب والنضال في سبيل ا ...
- ثورة العشرين (1920) في العراق
- إسرائيل ... إلى أين؟
- هل ينفع حكام إيران ترحيل مشكلاتهم الداخلية صوب الخارج؟
- كلمة كاظم حبيب في احتفالية تكريمه في أربيل
- إيران تواصل سياستها العدوانية إزاء العراق!
- متى يمكن تطبيق مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة في العراق؟
- خلوة مع النفس: هل القسوة وعدم التسامح يشكلان جزءاً من سلوكنا ...
- حول صياغة مشروع مدني ووطني ديمقراطي حديث للعراق الاتحادي
- العراق والسرقة الأدبية... !
- في الذكرى العاشرة لوفاة عامر عبد الله / عامر عبد الله الكاتب ...
- مات صديقنا العزيز أبو عشتار ... مات عبد الرحمن الجابري..
- أصوات الشهداء تتصاعد من مقابرنا الجماعية, فهل نحن صاغون لها؟
- جريمتان ترتكبان في العراق , فما هما؟
- هل ناضلنا حقاً من أجل هذا الواقع التعليمي المزري في العراق؟


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - من أجل أن تبقى رؤوسنا مرفوعة نحلم بغدٍ أفضل وحياة أسعد!