أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الديمقراطية والعصيان المسلح















المزيد.....

الديمقراطية والعصيان المسلح


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 929 - 2004 / 8 / 18 - 13:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"أيتها الحرية! كم من جرائم ارتكبت باسمك!"

مدام رولاند (1712-78)

هناك تصور خاطئ لدى البعض حول مفهوم الحرية والديمقراطية، إذ يعتقد هؤلاء أن كل فرد أو مجموعة من الأفراد لهم حق التصرف كما يشاءون دون حدود حتى ولو تجاوزوا على حريات وأمن الآخرين. الحرية بهذا المعنى هي الفوضى بعينها. كما ويعتقد هؤلاء أن الحكومة الديمقراطية يجب أن لا تستخدم السلاح في مواجهة العصيان المسلح لردع العصابات المنفلتة والجريمة المنظمة التي تنشر الرعب في صفوف المواطنين، لأن ذلك يتناقض مع الديمقراطية، على حد قولهم!! وإذا قبلنا بهذا المفهوم فالبلاد ستتحول إلى ساحة تحتلها لوردات الحروب وعصاباتهم وترك الحبل على الغارب، لنعود إلى الوراء وإلى ما قبل التاريخ وحتى قبل تأسيس الدولة وبذلك تعم شريعة الغاب والله في عون الأبرياء الذين يريدون العيش بسلام. وأنا إذ أسأل هؤلاء: كيف تتعامل الدول الديمقراطية العريقة مع العصيان المسلح، مثل أسبانيا مع منظمة أيتا الانفصالية وبريطانيا مع المتمردين الأيرلنديين في شمال ايرلندا ؟



إن أحد أهم أسباب قيام الدولة في التاريخ هو بروز الحاجة لتنظيم حياة الناس والحفاظ على الأمن ومنع الفوضى. ولا تستطيع الدولة تحقيق ذلك ما لم تحتكر حق الامتلاك للقوات المسلحة ومنع العبث بأمن البلاد. كذلك هناك خلط لدى البعض حول الحرية والديمقراطية، فالمفردتان ليستا مترادفتين. الحرية هي حق الناس بالتفكير والتعبير والتصرف بشؤون حياتهم كما يشاءون وفق قواعد يضعها القانون. أما الديمقراطية فهي الآلية التي تحدد فسحة هذه الحرية للأفراد والجماعات إلى حدود عدم التجاوز على حريات الآخرين، أي تحقيق التوازن بين الحرية والمساواة في معاملة المواطنين في الحقوق والواجبات وفرض حكم القانون. ولذلك فالديمقراطية لا تعني ترك العصابات المسلحة تعيث في الأرض فساداً ولا يمكن السماح لأية جهة (غير حكومية) بامتلاك وسائل العنف المسلح. والدولة تتحمل مسؤولية مواجهة العنف غير المشروع لحماية المواطنين.



أقول هذا لأننا نقرأ ونسمع هذه الأيام من بعض الكتاب والمعلقين السياسيين الذين تزدحم بهم مواقع الإنترنت والصحف والفضائيات، يوجهون نقداً شديداً للحكومة العراقية المؤقتة ويؤاخذون عليها في مواجهة الإرهابيين في الفلوجة والنجف وسامراء وغيرها من المدن العراقية، ويطالبونها بعدم مواجهة الخارجين على القانون بالسلاح، بل استخدام الحوار.



أذكر لهؤلاء السادة ما حصل قبل يومين (14 آب الجاري) في مدينة الحلة، كمثال على ما يجري في العراق من ترويع الناس باسم "الديمقراطية". أفادت الأنباء أن سطت على مدينة الحلة (المركز الإداري لمحافظة بابل) عصابات مسلحة، ليسوا من أهل المدينة، يقدر عددهم ب250 شخصاً، وقاموا بنهب المحال التجارية والصياغة والبنوك. فكيف تتعامل الحكومة الديمقراطية في هذه الحالة؟ الواقع هو الذي يفرض الحل المناسب ودون الحاجة إلى نصائح "العقلاء" من الذين يطالبون بالديمقراطية المنفلتة في العراق. حيث هرعت قوات الشرطة ومعهم سكان المدينة فأغلقوا منافذ الأسواق وحاصروا اللصوص من جميع الجهات وحصلت مصادمات فقتلوا أربعين منهم وألقوا القبض على 150 آخرين واسترجعوا المنهوبات. هذا هو الحل الصحيح. كما وتفيد الأنباء أن الصدر أحل لأنصاره النهب طالما يدفعون له خمس المنهوبات عملاً بالآية الكريمة (ولله الخمس مما غنمتم) وهذا ما يتبعه الزرقاوي أيضاً.



الحوار مع من؟

نعود إلى موضوع الحوار. والسؤال هو: الحوار مع من؟ الحوار مع جماعة الزرقاوي أم مع فلول البعث أم مع عصابات الجريمة المنظمة الذين أطلق صدام سراحهم من السجون قبل سقوطه؟ فهؤلاء أساساً يرفضون أي شكل من أشكال المفاوضة والحلول السلمية. فالزرقاوي لا يقبل بأقل من قيام إمارة طالبانية يكون هو أو بن لادن "أمير المؤمنين" فيها وعندها اقرأ على شيعة العراق الذين يشكلون 60 بالمائة من الشعب العراقي وعتباتهم المقدسة السلام . وفلول البعث لا يرضون بأقل من عودة نظامهم الفاشي وعلى رأسه صدام حسين لينشروا المزيد من المقابر الجماعية لا سيما وهناك ملايين جديدة برزت على الساحة "تستحق" الإبادة حسب آيدولوجية البعث، ليهلكوا الحرث والنسل. إذن، الحوار مع هؤلاء أمر مستحيل.



بقي التيار الصدري المتمثل بجيش المهدي المسلح وبقيادة مقتدى الصدر. طيب، ونحن نؤكد أن التفاوض مع هذا التيار مرغوب بل واجب كمحاولة رغم تسبب هؤلاء بقتل الألوف من الأبرياء وقيامهم بتفجير أنابيب النفط وخطف الأجانب. ولكننا نعلم أن الحكومة لم تترك أية وسيلة سلمية إلا واتبعتها مع أنصار مقتدى الصدر وحتى سمحت له بإصدار جريدته رغم أنها تحرض على العنف والقتل. ولكن كانت النتيجة الرفض والتمادي في الخروج على القانون. فكلما أبدت الحكومة ليناً وتساهلاً مع أنصار الصدر تمادى هؤلاء أكثر فأكثر في نشر الفوضى ودفع البلاد إلى حافة الإنهيار. وأخيراً اعتصموا بالعتبات المقدسة واحتلوا المساجد والمدارس وحولّوها إلى ترسانات أسلحة ومواقع مواجهة مع قوات الحكومة وحتى لم يسلم منهم ضريح الإمام علي(ع) حيث تعمدوا ضرب قبة الضريح ومناراته لإلقاء التهمة على الشرطة العراقية وقوات متعددة الجنسيات بغية إثارة سخط الشيعة في العراق والعالم على الحكومة العراقية والأمريكان.

وكانت آخر هذه المحاولات لحل الصراع سلمياً قبل يومين حيث عمل أنصار مقتدى بإفشالها عندما طرحوا شروطهم العشرة ومعظمها تعجيزية لا يمكن لأية حكومة ذات سيادة وتحترم نفسها القبول بها. يقول ويليم رالف أنج: "إن أعداء الحرية لا يحاورون، بل يصرخون ويرمون". لذا لا تنجح لغة الحوار مع هؤلاء. وسبب آخر لفشل الحوار مع أنصار مقتدى، كما ذكرنا مراراً وتكراراً، هو أن الأمور ليست بأيدهم، بل بأيدي التيار الديني المتشدد في إيران الذين يسعون لتحويل العراق إلى "فيتنام جديدة" كما دعا الحرس الثوري الإيراني. كذلك آية الله المشكيني رئيس مجلس تنصيب القائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دعا الشعب العراقي إلى مقاومة الإحتلال حتى ولو لم يبقى منه غير عشرة ملايين فقط!! ولهذه الأسباب، أعتقد أن مقتدى الصدر وأنصاره لا يستجيبون لأي نداء أو حوار ما لم يوافق الإيرانيون على ذلك. والقيادة الإيرانية الدينية المتشددة تستخدم ورقة مقتدى الصدر لفرض الضغوط على أمريكا من أجل أن يكون لها دور فعال في الحكومة العراقية ومستقبل العراق.



إذن، ما العمل:

سبق وأن ذكرنا، كما ذكر غيرنا من الكتاب الشرفاء، مثل الدكتور عزيز الحاج والأستاذ عبدالرحمن الراشد، أن الحكومة العراقية الآن أمام خيارين لا ثالثة لهما: إما النجاح وسينهض الشعب العراقي لبناء دولته الديمقراطية المزدهرة ويكون قدوة لنشر الديمقراطية في المنطقة، أو الفشل الذي سيحرق الأخضر واليابس.

ويمكن تحقيق النصر على جيش المهدي بأقل خسائر وذلك طالما تحصن هؤلاء في صحن الإمام علي (ع)، أشير على الحكومة عدم قصفهم بل فرض الحصار عليهم، إذ لا يمكن لهذا العدد الكبير من أنصار الصدر البقاء في هذا الحصار بدون طعام وشراب ومرافق صحية لمدة طويلة، فلا بد وأن يستسلموا وعلى مقتدى الصدر أن يصدر تعليماته إلى أنصاره بتسليم أسلحتهم وحل مليشياته والتعهد باحترام القانون.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغامرون بمصير العراق وموقف الشياطين الخرس
- من المسؤول عن الانتحار الجماعي في العراق؟
- تفجير الكنائس دليل آخر على إفلاس -المقاومة- الاخلاقي والسياس ...
- لماذا التساهل مع الإرهاب، يا حكومتنا الرشيدة؟
- هل حقاً فشلت أمريكا في العراق؟
- مرحى لقانون السلامة الوطنية
- أين حقوق الكرد الفيلية في محاكمة صدام؟
- إيران وسياسة اللعب بالنار
- نقل السلطة إلى العراق انتصار آخر على أعدائه
- الإرهاب في العراق.. الأسباب والإجراءات المقترحة لمواجهته
- المنظمات الإنسانية.. بين حقوق الضحايا وحقوق المجرمين؟؟
- هل تحول اليسار إلى حركة رجعية ؟؟
- هل حقا حتى الزهور محرمة في الإسلام؟
- أي نظام رئاسي يصلح للعراق
- أي نظام انتخابي يلائم للعراق؟
- مقترحات حول الإحصاء السكاني القادم في العراق
- مؤتمر باريس للتضامن مع -المقاومة- العراقية
- لا لتدمير سجن -أبو غريب-!!
- حبل الكذب قصير
- سجن -أبو غريب- فضيحة عربية أكثر منها أمريكية


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الديمقراطية والعصيان المسلح