|
حكايات قاسم حسين
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 08:51
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
استمتعت بقراءة حكايات الكاتب الصحافي قاسم حسين عن طفولته وصباه التي جمعها كتاب صغير، تضمن أيضاً مجموعة من الصور العائدة للمؤلف في تلك المرحلة المبكرة من حياته، عنّونه باسم «روافد من بلادي». وقاسم حسين من الكتاب الذين تحظى مقالاتهم بمتابعة القراء، لحرصه على أن يكون قريباً من معطيات الحراك السياسي في البحرين في هذه المرحلة. أكثر ما أمتعني في الكتاب هو حديث الكاتب عن أماكن أعرفها حق المعرفة، فرغم أني أكبره سناً، ولكن بأقل مما كنت أتوقع من السنوات، حين اكتشفت أننا كنا في مدرسة واحدة في الآن ذاته، هي مدرسة الخميس الابتدائية الإعدادية يومذاك، رغم أني كنت، بحكم السن، في صفوف أعلى، ولكن يبدو أن الفترة كانت متقاربة لدرجة انه يتحدث عن معلميه الذين كان بعضهم قد علموني قبله في الصفوف الأولى من المدرسة إياها. بعين الطفل الراصدة وبذاكرته اليقظة يروي قاسم حسين حكايات عن مدرسته وعن قريته بلاد القديم، التي أعرفها بعض الشيء، لا لكون المدرسة قريبة منها فقط، وإنما لأنها القرية التي عاشت فيها إحدى خالاتي رحمها الله، ومازال أبناؤها الأحياء يقيمون فيها. ويرصد الكاتب ذكرياته عن مواقع أثيرة في القلب كمسجد الخميس، وسوق الخميس قبل أن تندثر، والعيون المحيطة بالمدرسة أو القريبة منها مثل عين عذاري وعين قصاري وعين أبوزيدان، وهي مرابع ذكريات حميمة فقدناها تباعاً، فلم يعد سوى الحنين إلى أيامها سلوى تعوض بعض ما فات. سيقطع قاسم حسين في تدرجه الدراسي نفس المسار الذي اجتزته، فيذهب إلى مدرسة النعيم ليجتاز فيها الصف الأول من الثانوية، قبل أن ينتقل مثلي إلى مدرسة الحورة الثانوية، لذا وجدت في حكاياته ما يلامس مناطق مؤثرة في نفسي، خاصة وانه روى تلك الحكايات بأسلوب يجمع بين البساطة والتشويق. إلى ذلك سيأخذنا قاسم إلى مذاق تلك السنوات المفتقد، إلى لياليها الرطبة وأيامها المليئة بمتعة الاكتشاف، وتلمس الخطوات الأولى على طريق الحياة، بكل ما في ذلك من متعة، يوم كانت بحرين الستينات والسبعينات تعاين نفسها بوعي وهي تزج نفسها بجسارة في مسار الحداثة والتغيير. مازلت أذكر مقالاً كتبه قاسم حسين عن الشهيد سعيد العويناتي، رفيقي وصديقي الحميم، ابن بلاد القديم قرية قاسم، كتبه أيضاً بعين الصبي الذي يتذكر ذلك الشاب الوسيم بخصلات شعره الكثيفة المنحدرة على جبهته، تتحرك كلما استدار بوجهه. في ذاكرة قاسم برزت صورة سعيد الشاب الذي يحمل بين يديه كتاباً، وهو يقف بانتظار باص النقل العام. لقد رحل سعيد باكراً بالشكل الفاجع الذي يعرفه الوطن، ولو انه عاش أكثر يا قاسم، وقدر لك أن تقترب منه بعد أن تكون قد كبرت قليلاً، لاكتشفت أن من الكتب التي يحملها بين يديه، والتي لن يتردد في إهداء بعضها إليك سيطل وجه بابلو نيرودا وناظم حكمت ولوركا، حيث بهجة الشعر وثورته. ربما كانت الأقدار ستضيف إلى حكاياتك الجميلة التي جمعتها في روافدك، حكاية أخرى عن سعيد الذي مررت بجواره، ولكن خطاه إلى الموت المبكر كانت أسرع، لأن الوطن ساعتها ضاق حتى على الشعر والشاعر.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل علينا أن ننسحب من المشهد السياسي؟
-
خليجنا بلا نفط
-
إدوارد سعيد والجامعة
-
رافعة الوحدة الوطنية
-
أطفال أذكياء.. مجتمعات غبية
-
لتفادي المجلس الطائفي
-
فارس آخر يترجل
-
البحرين بحاجة إلى الصوت الآخر
-
قافلة الحرية وبلاغة الرسالة
-
ديمقراطية 1973 في صور
-
ديمقراطية 1973 في صور
-
إعادة الجمال المفتقد لبيئة البحرين
-
أطروحات أحمد زويل
-
حملة «أنا مو طائفي»
-
لكي لا تسرقنا التفاصيل
-
عبد الواحد عبد الرحمن ورفاقه
-
الأصل في البحرين هو التنوع
-
البروليتاري الآتي من الحورة
-
البروليتاري الآتي من الحورة
-
ليس للاحتيال من مذهب
المزيد.....
-
الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب
...
-
الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
-
طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
-
تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في
...
-
عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً
...
-
قول في الثقافة والمثقف
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
-
بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|