أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة















المزيد.....

يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 929 - 2004 / 8 / 18 - 13:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


من الطبيعي أن تتباين وجهات نظر ملايين المصريين في تقييم »التعديل« الوزاري الأخير، بما اشتمل عليه من وجوه قديمة كثيرة ووجوه جديدة قليلة.
ومن الطبيعي أن يصفق البعض لهذا التغيير المحدود في الأسماء بينما يري فيه البعض ضحكاً علي الذقون واستمراراً لنفس السياسات القديمة واغتيالا لاشواق الناس في التغيير الشامل.
ومن الطبيعي أن يختلف تقييم المحللين والمراقبين لشخصية هذا الوزير أو ذاك، سواء كان من الوافدين الجدد أو من المتربعين علي كراسي الحكم منذ سنوات طويلة أطول من ليل المريض.
لكن غير الطبيعي أن يخرج علينا بعض أساتذة الأزهر الأجلاء بفتوي غريبة تنتقد إسناد حقيبة المالية للدكتور يوسف بطرس غالي. والأكثر غرابة أن يستهجن هؤلاء المشايخ الأجلاء تولي الدكتور »يوسف« منصب وزير المالية لا لاعتراضهم علي مدرسته الفكرية والاقتصادية ولا بسبب ملاحظات لهم علي كفاءته أو عدم كفاءته، وإنما بسبب »ديانته«!
والأكثر مدعاة للدهشة والاستغراب أن يبرر هؤلاء المشايخ الأجلاء هذه الفتوي المذهلة بأن وزارة المالية هي بمثابة بيت مال المسلمين، وأنه لايجوز لغير المسلمين توليها.
وأوجه الاستغراب لهذه »الفتوي« متعددة.
أولها.. تهافتها الفقهي وتناقضها الصارخ مع وقائع دامغة في التاريخ الاسلامي.
وثانيها.. افتقارها للحساسية في التعامل مع أتباع الديانات الأخري، حيث لا نحتاج إلي دليل علي أن مثل هذا الهراء من شأنه ترويع المسيحيين وتسميم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين أبناء الوطن الواحد.
وثالثها.. تعارضها مع الدستور الذي ينتصر لمبدأ »المواطنة«، ويرفض بالتالى رفضاً قاطعاً التمييز بين أبناء الوطن الواحد بسبب الدين أو الجنس أو اللون. ومع احترامنا لشيوخنا الأجلاء فإنهم ليسوا فوق الدستور.
ورابعها.. احتقارها للهموم الحقيقية للمسلمين، والتحديات الخطيرة التي تهدد وجودهم ومصيرهم، وصرف الانظار عن هذه الهموم وتلك التحديات الحقيقية والخطيرة وإشغال الناس بسفاسف الأمور، بل وتأليب أبناء الوطن ضد بعضهم البعض، بينما قوات الاحتلال الأمريكية تجثم علي أنفاس الشعب العراقي وتنتهك المقدسات الاسلامية في النجف الاشرف والفلوجة وبغداد وتستبيح أعراض المسلمين والمسلمات في سجن أبو غريب وغيره من المعتقلات المنتشرة في بلاد الرافدين، وبينما القوات الإسرائيلية تشن حرب إبادة جماعية للشعب الفلسطيني وتهدد المسجد الأقصي، وبينما باقي البلدان العربية والاسلامية أصبحت في مرمي النيران الأمريكية والصهيونية، وبينما الجزء الناطق من الأمة العربية يناضل باستماتة لدفع عجلة الاصلاح السياسي والاقتصادي ونبذ ميراث الاستبداد والتخلف واللحاق بركب الديمقراطية والحداثة والتقدم والمشاركة في صنع الحضارة.
كل هذه القضايا الحقيقية لاتهم شيوخنا الأجلاء، ولاتلفت نظرهم ولا تؤرق ضمائرهم ولاتعنيهم في شيء.
كل ما يشغلهم هو هذا الهراء الذي لاينفع الناس بل يضرهم ويصيبهم في مقتل ويشعل نيران الفتنة في نسيج الوحدة الوطنية التي هي قارب نجاتنا الوحيد في هذا اليم المتلاطم الأمواج!
لكن مما يقلل الشعور بالفجيعة والصدمة من هذه الفتوي المدمرة والهدامة أنها قوبلت بالاستنكار من المصريين المسلمين قبل إخوانهم الأقباط، حيث استهجنها كل من يمتلك الحد الأدني من الحس السليم.
بيد أنه من الضرورة بمكان الاعتراف بأن القضية أكبر من عدد يزيد أو يقل من مشايخنا الأجلاء الذين خانهم التوفيق في التعامل مع احدي الظواهر أو الوقائع.
فالملحوظ أن المجتمع كله ــ أو علي الأقل قطاعات واسعة منه ــ هو الذي أعطي الفرصة لاستشراء هذا النوع من الفتاوي الضارة، وذلك بتهافته علي طلب رأي رجال الدين في كل كبيرة وصغيرة، بما في ذلك أدق التفاصيل في العلاقة بين الزوج وزوجته، وإلحاحه علي أن يدلي مشايخنا الأجلاء بدلوهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم، بما في ذلك الأمور الدنيوية بالغة التخصص والتي لا يفهمها سوي الخبراء. وعلي سبيل المثال فإن الاقتصاد الحديث يتضمن مجالات وادوات معقدة جداً ومركبة بصورة كبيرة وتستعصي علي فهم الدارسين »العموميين«،ومع ذلك فإن بعض المشايخ الذين ليس لهم ناقة ولا جمل في الشئون الاقتصادية لا يتورعون عن الافتاء في هذه الامور دون أن يهتز لهم جفن. وهو الأمر الذى يتكرر مع مجالات علمية وثقافية وأدبية وسياسسية
وهذا الافتاء بدون علم، في أمور دنيوية بحتة، لا يستقيم مع روح الاسلام الذي يطالب المسلم بالتسلح بالعلم، والذي يقرر أن الناس »أدري بشئون دنياهم«.
ثم ان هذا الافتاء بدون علم ليس مجرد كلام في الهواء، وإنما تكون له نتائج مضرة في كثير من الاحيان. واحد أمثلة ذلك أن الفتاوي المتسرعة، والمتناقضة، فيما يتعلق ببعض الممارسات المصرفية كانت من بين أسباب تراجع تعامل المصريين مع البنوك كما أوضح ذلك تحقيق صحفي ممتاز تناول هذه القضية علي صفحات جريدة »العالم اليوم« مؤخراً. وغنى عن البيان ان هذا التراجع جاء فى صالح شركات توظيف الأموال إياها التى استحلت أموال المسلمين ونهبتها بعد ان خدعت الناس بلحى طويلة.
وكان تزايد طلب المجتمع علي فتاوي رجال الدين، فيما يدخل وما لا يدخل في نطاق اختصاصهم، هو الذي شجع فريقاً من مشايخنا الأجلاء في السعي إلي فرض وصايته علي عقل الأمة وعلي كل شئونها. ولم تتوقف هذه الوصاية عند حدود إصدار الفتاوي ــ النافعة وغير النافعة ــ وإنما وصل إلي محاولة مصادرة القوانين وفرض الرأي بالقوة. وساعد هذا الفريق علي المضى قدما فى ذلك سلبية الناس وتواطؤ البعض وجبن البعض الآخر الذي يؤثر مداهنة هذا الفريق بدلاً من مواجهة تسلطه ومحاولاته المستميتة لفرض وصايته علي البلاد والعباد.
وإلي جانب هذه الظاهرة المجتمعية السلبية المشجعة لفرض حجاب علي عقل الأمة، يوجد عامل آخر لا يقل سلبية هو تقاعس التيار المستنير في المؤسسة الدينية الرسمية، والمجتمع عموما، عن القيام بمهمة »الاصلاح الديني« وفتح باب الاجتهاد. وهي المهمة التي ما كان ممكنا لأوربا أن تنفض عن كاهلها غبار التخلف وان تخرج من خلف قضبان العصور الوسطي إلي رحاب عصر النهضة دون إنجازها.
والمفارقة المذهلة أن أوروبا استعانت بمؤلفات وأفكار فيلسوفنا الكبير ابن رشد للخروج من عصور الظلام إلي عصر التنوير، بينما قام نفر منا نحن بإحراق كتبه!!
وكانت نتيجة هذا المنهج الظلامي.. أن بعض شيوخناً الأجلاء ترك كل المصائب الجاثمة علي صدور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. ولم يجد ما يشغل به نفسه، وشعبه، سوي الاحتجاج علي تعيين قبطي وزيراً للمالية!!
أليس هذا من علامات ساعة زمن الانحطاط؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
- !بلد المليون شهيد .. ومعتقل
- ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله
- مـجمــوعـة الـ 15 تستـعـد لإحيــاء روح بانــدونــج
- النـكــوص الـديمقــراطي
- مؤتمر طهران يفتح النار على منظمة التجارة العالمية
- حكاية الصحفيين مع وزارة نظيف.. وكل حكومة
- صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين
- لماذا هذا التلذذ بحبس الصحفيين؟!
- الـــوفــــد
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل
- مهرجان »كان« السينمائي أهم من قمة تونس العربية
- يحيا العدل.. الأمريكي !


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - يوسف بطرس غالي.. وفتوي الفتنة