أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - العرب وإيران النجادية: غياب أسس الشراكة















المزيد.....

العرب وإيران النجادية: غياب أسس الشراكة


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 00:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تفيدنا التجربة التاريخية المعاصرة أيضاً بأن المنظومات والكتل الإقليمية تنشأ إما لتعزيز التعاون أو تخفيض مستويات المخاطر والتهديدات أو كليهما. وليس ثمة حاجة ملحة هنا لإثبات أطروحة تحقيق المصالح التي تعود على الدول المنخرطة في أشكال التعاون الإقليمي المختلفة، فهذا أمر متفق عليه. لكن من المفيد الإشارة إلى بعض الملاحظات ذات الدلالة الخاصة والتي قد تلقي بعض الضوء على الحالة العربية وجوارها، وخاصة الإيراني. في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية يُنظر دوماً إلى الاتحاد الأوروبي والصيغ التي تطور عبرها على مدار أزيد من ستين سنة على أنه النموذج الأكثر نجاحاً والأكثف غنى بالتجربة والدروس المُستفادة. وفي كل حالة من حالات التكتل الإقليمي في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية هناك دوماً استئناس وتمثل بالنموذج الأوروبي الذي أثبت نجاحاً كبيراً. وجوهر التحدي الذي يواجه المشروعات الاتحادية والتعاونية يكمن في كيفية ترويض المصالح المختلفة والمتناقضة للدول والوصول إلى صيغ مشتركة، تأخذ بالتوسع التدريجي على حساب المصالح المتناقضة، وكل ذلك في ظل التقديس الدولتي والنخبوي المدهش والصلد لفكرة السيادة وعدم التنازل عنها لأي صيغة من الصيغ.
في الحالة الأوروبية هناك دوافع عديدة وراء تطور ونجاح صيغتها الاتحادية، بعضها خاص بالسياق الأوروبي والتجربة التاريخية التي مرت بها القارة، وبعضها الآخر عام يمكن أن يُستفاد منه ويتكرر في مناطق أخرى. أول وأهم الدوافع التي ضغطت على الأوروبيين والأميركيين لإقامة تكتل اوروبي قوي كان الخوف الغربي العام من الاتحاد السوفياتي الصاعد ونموذجه الاشتراكي الجذاب. يلي ذلك الحاجة الماسة إلى بناء سوق كبير يستوعب إنتاجات الرأسمال الأميركي. ومن تلك الدوافع أيضاً، وهو الأمر الذي يهمنا التوقف عنده هنا، مسألة ضرورة احتواء ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وقطع الطريق على أية إمكانية لعودة التوجهات النازية التوسعية التي ترى في الجوار الأوروبي ساحات معارك وغزو ليس إلا.
احتواء ألمانيا لم يكن رغبة خارجية فحسب، أي عند الأطراف الأوروبية أولاً، والأميركيين ثانياً. بل سيطرت تلك الرغبة وبقوة كبيرة على النخب الألمانية نفسها التي رأت كيف قاد الطموح النازي والجنون الهتلري إلى تحطيم ألمانيا ودمارها. كانت نخب ألمانيا ما بعد الهزيمة تريد من العالم الخارجي أن يُساعدها على أن تدجن نفسها، وعلى إعادة تأهيل البلد نحو مستقبل مختلف، سلامي غير عسكريتاري، متصالح مع جواره وليس مستعدياً له. وبشكل من الأشكال، ورغم التبسيط الذي قد يبدو مخلاً، أرادت ألمانيا ما بعد الحرب أن تصرف كل طاقتها القادمة في مشروع الوحدة الأوروبية، حتى لا يتم تفريغ تلك الطاقة في مشروع حربي متجدد مع أوروبا.
نعلم جميعاً كيف أن ذلك التفكير وما انبنى عليه من سياسات جعل من ألمانيا في سنوات لاحقة حجر الزاوية في مشروع الاتحاد الأوروبي، والراعية الرئيسة له. أصبحت ألمانيا مثقلة بمسؤوليات قيادة القارة، بعد أن كانت مثقلة بشهوات شن الحرب عليها.
في نفس الوقت كانت هناك عوامل مهمة ساعد غيابها على نجاح مشروع الاتحاد الأوروبي، وأحد أهم العوامل هنا كان غياب أية أيديولوجيات بينية متناقضة داخل البيت الأوروبي. كانت هناك بطبيعة الحال الأيديولوجية الرأسمالية التي خاضت حربها العقائدية ضد الاشتراكية، لكنها كانت خياراً أيديولوجياً متوافقاً عليه اوروبياً وغربياً. لم تتبن الدول الأوروبية القيادية، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا وخلفها الولايات المتحدة، أيديولوجيات حادة مختلفة تكاد احداها أن تنزع الشرعية عن وجود الشركاء الآخرين. معنى ذلك واستفادة من التجربة الأوروبية يمكن أن نقول إن نجاح التكتل الإقليمي يحتاج إلى درجة عالية من تكثف العوامل والدوافع الضاغطة على الأطراف المرشحة للانخراط فيه وتحقيقه: خطر مشترك خارجي، مصالح داخلية لا تتحقق إلا به، لجم نزوات التوسع لدى البعض، وجود نواة أولية صلبة من الدول التي تشكل قاعدة ذلك التكتل، وتوفر انسجاما أيديولوجيا عاما أو على الأقل انتفاء التناقضات الأيديولوجية الحادة، وهكذا.
في حالة النظام العربي وجواره تبرز إيران بكونها الهاجس والطرف الأهم الذي يستدعي النقاش والتفكير واجتراح الصيغ المختلفة. وهنا وبالتأمل في وجود أو غياب الأسس الأولية للشراكة الإقليمية ندرك صعوبة تحقيق صيغة تعاونية حقيقية ومعقولة. يمكن بطبيعة الحال صوغ شكل فوق تحاوري واسمي، لكن من ناحية جوهرية هناك افتراقات حادة وكبيرة. ففي علاقة إيران مع العرب هناك عملياً ندرة للأرضيات المشتركة، ووفرة في الشكوك المتبادلة، وهو تقرير واقع مُشاهد من قبل الجميع. ومن المفيد التوقف هنا، وفيما خص احتمالات تطور صيغ إقليمية عربية - إيرانية، عند مسألتي استمرار أو كبح السياسة التوسعية، والحمولة الأيديولوجية للمشروع الإيراني، وخاصة بطبعته النجادية.
إيران الحالية ترى نفسها ومستقبلها كقوة عظمى، إن لم تكن عالمية فأقله إقليمية، وهي تريد من الآخرين القبول بهذا الطموح. في الجوار العربي يتجسد هذا الطموح على شكل سياسات متنوعة، بعضها احتلالي كما الحال في مواصلة احتلال الجزر الإماراتية، وبعضها توسعي استراتيجي في النفوذ، كما الحال في دعم حزب الله و"حماس"، وبعضها استراتيجي وسياسي وأمني كما الحال في النفوذ الإيراني في العراق، وبعضها ديني عقائدي كما الحال في محاولة التأثير في الشيعة العرب في المنطقة وتحويل ولائهم. كل هذه التعبيرات والتطلع نحو الخارج هو تمظهر لاندفاعات أيديولوجية تخيف الجوار العربي الرسمي، الذي يتضاعف خوفه بسبب مستويات من التلقي الشعبي أو على الأقل عدم الرفض الشعبي الجماعي للاندفاعات الأيديولوجية الإيرانية. ونعرف أن ذلك التقبل الشعبي قائم في معظمه على خلفية فشل العرب انفسهم وأنظمتهم في التعبير عن مصالح شعوبهم والدفاع عنها بما يدفع تلك الشعوب للتطلع نحو اطراف خارجية تمتلك إرادة اتخاذ مواقف قوية ضد التدخلات الخارجية وضد الغطرسة الإسرائيلية تحديداً، وهنا تبرز إيران وتركيا كدول جاذبة وذات مواقف مستقلة، مقارنة بمواقف معظم الدول العربية.
والجانب الآخر المتعلق باندفاعات إيران الأيديولوجية هو أن إيران نفسها، وخاصة النجادية الرسمية، لا تستشعر بضرورة كبح جماح نفسها، كما أن القوى الداخلية المعارضة والتي تريد للبلاد وسياستها التوقف عن تفكير تصدير الثورة بأصله القديم أو أشكاله المتجددة هي نفسها مكبوحة ومقيدة. معنى ذلك ان قيام علاقات وصيغ تعاون إقليمي وروابط جوار عربية - إيرانية، وبعيدا عن التفكير الرغبوي، تفتقد إلى الشروط الأساسية البنيوية. وظروف وطبيعة السياسة الإيرانية الحالية، وغياب إدراكها لمخاطر أيديولوجيا التوسع المسيحاني، وضعف القوى المحلية التي قد تعي ضرورة صوغ منظومة إقليمية تكبح الاندفاعات المؤدلجة، تدفع نحو اتجاهات تعاونية، كل ذلك يضعف من احتمالات تطور صيغ تعاون إقليمي سياسي بين العرب وإيران، وهو وضع لا يبشر بخيرعلى وجه العموم.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية تحمي التنوع الاسلامي من نفسه
- شلومو ساند وتقويض خرافة الشعب اليهودي
- إسلام غل واردوغان واسلاميونا العرب
- -حماس- في غزة: -طالبان- أم أردوغان
- التراجع الإنتخابي للاسلاميين ينضجهم ويخدم مجتمعاتهم


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - العرب وإيران النجادية: غياب أسس الشراكة