أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - بين هايزنبرج وعمارة















المزيد.....

بين هايزنبرج وعمارة


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5 - 09:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كانت الفلسفة هي النبع الذي تنطلق منه اسئلة المعرفة فان الامر في الاسلام مختلف تمام. صحيح ان العرب في جاهليتهم سألوا محمدا عن الحيض والاهلة وعن طعام اهل الجنة. لكن تلك اسئلة، وسؤال الفلسفة شئ آخر. وإذا ما قارنا الاجابات فان الفجوة الهائلة بينهما اعمق ولا قرار لها.
وتبقي المشكلة الاعم عندما ارتكن كل من رهن نفسه الي فكر عربي كحل لمشكلات العقل لدي الناطقين بالعربية في انهم بنوا معارفهم علي تلك الاجابات البسيطة والسهلة في القرآن، بينما ظلت الاسئلة تنهمر لمن رهن نفسه للفلسفة ولحب المعرفة فزادته الاسئلة اجابات لا تنتهي وحققت له اشباعات كان الجميع في حاجة اليها، بل وفتحت الطريق اما اسئلة جديدة لمزيد من رفاهية الواقع ولنشاط العقل في آن واحد.

فكم ردد المسلمون القول الشهير في الحديث " انتم اعلم بشؤون دنياكم" لكن هذا المخرج من مأزق السؤال الجاهلي الموجه لنبي الامة لم يكن كاقيا ابدا لتوجيه العقل العربي او الاسلامي لينحو الي الفلسفة بل بالعكس فقد لجا الي المزيد من اجترار ما يعرفه من خبرات طالما السؤال هو اصلا عن مطلب حياتي كغذاء او كساء. الم يكن السؤال بصدد تمر النخيل وكيفية زيادته. فالاسئلة الواردة كلها في زمن النبوة وموجهة الي صاحب الرسالة لم تكن اسئلة وجودية او حتي فكرية أو فلسفية انما كانت تجارية نفعية بحثا عن مخرج لمازق مؤقت. ولا يجوز اعتبارها مرجعا او مقدمة لبحث اعمق.

يقول هايزنبرج وما ادراك ما هايزنبرج، "ان الطبيعة لا تشرح نفسها عبر قوانينها بالعلوم الطبيعية من تلقاء ذاتها علينا، إنما بقدر ما نطرحه عليها من اسئلة صحيحة. فهي علي استعداد لاستغبائك واخفاء حقيقتها لو اننا تغابينا عليها وسخرنا منها بسؤالها بسذاجة او بجهل أو بلؤم وفساد نية. وهذا ما فات ديكارت وما جعله يقيم فواصل حادة بين الذات المتسائلة والطبيعة المتجاوبة".
فما بالنا والاسئلة الاسلامية التي يحلو لرجل درس الفلسفة وعلمها لتلاميذه كاادكتور حسن حنفي حيث يكرر دائما آية القرآن " ويسالونك عن ... " كحجة للمسلمين لامتطاء صهوة المعرفة. لكنه لم يحاول كفيلسوف إيجاد سبب كل هذا الجهل الذي يسود عالم العرب والمسلمين، ربما لانه مسلم يخاف من نفي ثقافته لو انه عرضها لجهاز التساؤل المعرفي. هو يعلم ان اسئلة المسلمين منذ النبوة وحتي الان خضعت لارضاء النزوات وليس لارضاء العقل، ومثالها الاكثر وضوحا هو السؤال عن المحيض، بمعني بحثهم لايجاد مخرج لاستمرار الاجماع في هذه الفترة حيث كان الموروث التوراتي اليهودي ما نعا لهم.
الطبيعة إذن لا تتحدث الصدق الا مع من صدقها فنحن والطبيعة في ديالوج واحد، ومن النزاهة والحكمة والخلق ايضا ان نجادلها بالتي هي اصدق وليس بالتي هي اطمع او اخس واجبن. فضل ديكارت إذن أنه كان سباقا في النزوع الي النزاهة في محاولته إعادة فحص ما رسخ في داخل عقل الانسانية دون ادراك منه انه في وحدة معها مثلما ادرك هايزنبرج ذاك فيما بعد.
وعندما امتنع الفكر الاسلامي عن التساؤل بعقلانية في قضايا الوجود والمعرفة بسبب حجم الارهاب الاسلامي ضمن نصوصه قرآنا وسنة فان كل القضايا التي دارت فيها عقول المسلمين لم تراوح اساطير الجنة والنار وهل النار افضل من الطين مما منع ابليس من السجود، كما لو ان وجود الحياه علي الارض كان مرهونا بعصيان امر في زمن لا محل له من تاريخ الكون. لكن الاغرب ان تاتي الاجابات المفترض انها ذات مصدر الهي بحتمية يقينية لا تقرها فلسفة هيزنبرج. فعندما يقول الفقية او الشيخ او حتي القرآن نفسه بان "الله اعلم" فان الرصيد المعرفي وادواته المفكرة تصبح كلها هباءا ولا طائل منها رغم التاكيد بان ما يتحدثون فيه هو المعلوم بالضرورة. فليس هناك إهانة للعقل المسلم باكثر من هذا ومن اعادة تكرار المحاولة بترديد نفس الايات واسترجاع نفس الفقه دون تقدم ولو بخطوة واحدة. إنهم يؤكدون اليقينية ويروجون للشك لكنهم يطلبون الانصياع للنصوص التي لم تجب بيقينية لان الله أعلم!!!!
فكما يهين العقل الاسلامي الوجود والواقعن يهين الواقع العقل الاسلامي شر اهانة عندما نجد ان كل شئ متطور ومتغير ويفرز لغة ودلالات والفاظا تختلف عن عصور الماضي بينما المسلم يجتر نفس الالفاظ التي هي وليدة واقع الجزيرة في زمن الجهالة العربية. فهل يدرك العقل العربي المسلم ان لغة المخاصمة والشتم والسب للوجود الارضي والنبذ الدائم له في مقابل السعي نحو الابدية يجعل العقل نابذا للوجود كارها لفهمه وبالتالي التصالح معه للاستفاده من امكانياته. بل ان المخاصمة التي امتدت الي حد الكراهية في القرآن لاقوام كاليهود والكفار والمشركين وغيرهم اصبح معها مستعصيا التعامل مع من يملك المعرفة حرصا علي الحواجز التي تحمي النقاء والطهارة من الكفر والدنس. بمعني ان نصوص الاسلام ذاتها اصبحت حاجزا عاليا او اخدودا ضخما يمنع حتي البشر من التواصل.
فكمية العجز عن الاجابة الصحيحة لاسئلة سهلة وبسيطة في الفكر الديني عامة والاسلامي خاصة شكلت حالة من الشلل للعقل المسلم وصادرت قدراته الابداعية وجعلت وصاية النبي وصحابته رغم تواضع المعرفة الشديد في الفكر الاسلامي كانا سببا لتخلف المسلمين. فما اكثر الذين ياتون بالبرهان علي اي قضية من اقوال اهل السلف، حيث يفتح الفقية كتابا اصفر الورق ليستخرج منه برهانا علي نظريات العلم الحديثة ويدحضون بها ايضا نظريات التطور وعلم النفس والسلوكيات ويرجعون كل شئ الي محرك خارجي يستجيب وفقط لمن اقام الصلاة وآتي الزكاة وصام رمضان وحج البيت. متناسين ان كل من لم يفعل هذه الامور هم المالكون لكل انواع العلوم والمعارف وبدون سلف صالح.
وتصل اهانة العقل المسلم لنفسه بان يشكك في قدرة الهه علي الحفاظ علي كتبه التي يؤمن بانها مرسلة من الذات العلية، ولان المعرفة وحق التساؤل غائب فانه يكرر نفس اقوال تلك الكتب لكن بلغة عربية، كما لو ان الحكمة او العلم والمعرفة لها اساس لغوي في اصلها. فسطوة النقاء والطهارة غلبت علي نزاهة العقل والفكر بالدفاع عن القرآن كنسخة محفوظة وعن التوراة والإنجيل كنصوص تم التلاعب بها او انها تعرضت للتحريف والإضافة والتبديل والحذف دون اي دليل رغم ترديدهم لكل ما اتي في هذه الكتب!!!! وهو امر يعود الي قدر كبير من الحط – كما اسلفنا - من شان الاقوام والشعوب الغير عربية او كانت لها لغات مختلفة لان العربية باتت لغة الله وملائكته في السماء.
يقول د. محمد عمارة الماركسي سابقا والاصولي حاليا في معرض تبريره مسؤولية البشر عن افعالهم بان الله فقط يعلم بكل شئ في الكون وبافعالنا ونوايانا وما توسوس به نفوسنا، دون أن يتداخل شيء على شيء؟!
فالرجل رغم كبر سنه يخون ماركسيته القديمة ويمرر الاستهبال الجاهلي الذي اعتمده الاسلام، دون ان يسال سؤالا معرفيا وفلسفيا في كيفية نشوء هذه المعرفة والعلم والتي يمكن لطفل صغير ان يجيب عليها بانه خالق كل شئ وبالتالي فهو عليم بما سيحدث. لكنه آثر الهروب من الاجابة السهلة الي اقوال اهل السلف في دوامة علم الكلام بانه يعلم الكليات وليس الجزئيات ورد البعض عليهم بانه يعلم الكل دون استثناء مستشهدا بالغزالي وابن رشد في وقت واحد رغم تناقض نتائج فكرهم. واحال التساؤل الاصلي للقضية الي الوثنيين في محاولته اقامة حاجز او خندق بين العقول المؤمنة والغير مؤمنة حرصا علي ايمان الجهلاء. ويعود الرجل لمزيد من الخطرفة ليقول:
"ولذلك فنحن عندما نفكر في صفاته ـ كخالق ـ لا نقيسها على صفات الإنسان ـ المخلوق ـ فهو سبحانه رحيم والإنسان قد يكون رحيما. لكن فارقا بين الرحمة المطلقة الكلية الشاملة وبين رحمة الإنسان النسبية الجزئية.. والله عالم ، والإنسان قد يكون عالمًا، لكن فارقا بين علم الله الكلى والمطلق والمحيط، والذي لم يسبقه جهل، والذي هو -أي العلم الإلهي- سبب في وجود للموجودات، وبين علم الإنسان، النسبي والجزئي، والذي سبقه جهل، والذي هو ثمرة للموجودات، وليس سببًا لوجودها.. ولذلك كان فوق كل ذي علم عليم.. أى فوق كل ذي علم إنسان - نسبى وجزئي وسبقه جهل، وصادر عن الموجودات فوقه عليم هو الله سبحانه وتعالى - صاحب العلم الكلى والمطلق والمحيط- والذي علمه سبب لوجود الموجودات، وليس صادراً عنها"
فهل من دجل فلسفي باكثر من هذا حيث يكون الكلي المحيط بالجزئي والحاوي له بل المدبر لامره والقيوم علي فعله والحافظ لوجوده بكل الاليات الجزئية مبرءا وخاليا من الدنس والخطأ المحلي النسبي.
فهايزنبرج اليهودي الذي لم يعطي اهتماما لكتاب محرف او دين باطل وضعنا امام اشكالية عدم اليقين من اي شئ واثبت الدكتور عمارة المؤمن صحة نظريته.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلف وبلاهة الفكر
- الكنيسة إحدي مؤسسات القمع التاريخية
- المشترك بين لينين وستالين والاسلام
- إما الليبرالية وإما مالاخوليا العروبة
- صديقي العزيز
- العرب بين الاساطير والعقلانية
- حوار مع د. طارق حجي
- أهل السنة أهل المشاكل
- جاء بمجلة الايكونومست
- ويسألونك عن الروح
- البديهيات التي لم تكن كذلك
- عَمَّ يَتَسَاءلُونَ
- الكفيل من سوءات العرب
- تشريح المجتمع هو فضح لنصوصه
- في ذكري عيد عمال مصر
- هل الصدق من قيم الاسلام؟
- نجاسة الطائفية في الجامعة
- رد علي عبد المنعم سعيد
- القطيعة مع اهل الهولوكوست
- مكاسبنا الانترنتية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - بين هايزنبرج وعمارة