أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مأمون شحادة - أميركا وخطر النزول عن القمة














المزيد.....

أميركا وخطر النزول عن القمة


مأمون شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 3052 - 2010 / 7 / 3 - 23:54
المحور: المجتمع المدني
    


ما إن بدت بوادر انهيار الاتحاد السوفييتي، حتى أخذ الكاتب والباحث الأميركي فرنسيس فوكوياما في إطلاق قاعدته التاريخية بمنهج معاصر، معلناً نهاية التاريخ، ومجسّداً من خلالها انهزام جميع التيارات والأيديولوجيات، من قومية، واثنية، ودينية واشتراكية... وغيرها أمام الرأسمالية الأميركية، معتبراً إياها الأنموذج الأوحد لقيادة العالم، لكن ألا يشكل هذا الأنموذج نقيضاً لنفسه، فيما يعتريه من تغيّرات اجتماعية اجتاحت المجتمع الأميركي؟ خصوصاً بعد الاعتراف الصريح من فوكوياما مطلع الألفية الثالثة عن تراجع «نهاية التاريخ» أمام التعصب الأيديولوجي العالمي، والاستفحال «الميتافيزيقي» الذي أخذ يؤثر في الولايات المتحدة بعد ضربات 11 سبتمبر تحت ما يسمى بـ«الرابطة الدينية» في مواجهة الطرف الآخر.
فجوهر الصراع السوفييتي والأميركي ارتكز على قانون وضعي بشري، أدخل المجتمع في دائرة رسمت معالم الصراع الأيديولوجي، كل يريد إقصاء الآخر، ليكون الأنموذج الذي يقتدى به، فوجه الشبه بين الاثنين تغييب لعنصر الدين من تلك الأيديولوجيات.
لكن الدائرة الايديولوجية اختلفت عما كانت عليه سابقاً، فعدوّ الأمس ليس كعدو اليوم، حيث إن تنظيم القاعدة يختلف ايديولوجيا عن العدو السابق (الاشتراكية)، ما يعني أن الشاذ يفند القاعدة، والفارق بين الطرفين هو الدين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو هل سيلجأ المجتمع الأميركي إلى استعمال ايديولوجيا ميتافيزيقية لمواجهة الايديولوجيا الدينية لتنظيم القاعدة؟
على ما يبدو أن هذا ما سيحدث، وفقا لاختلاف الايديولوجيا، فقد أشار هنتنغتون «محذّراً من تآكل الهوية الأميركية وأساسها الأنغلو- بروتستانتي، وما يتهددها من انقسام لغوي وثقافي، يضع أميركا في مواجهة الإسلام، فقد استطاع بن لادن تحديد هوية أميركا بأنها مسيحية صليبية»، وكـ«سؤال» آخر، ما هي كيفيات وحيثيات وأينيات هذا التآكل؟ وما هو العنصر الذي لم يتطرق إليه هنتنغتون كإشارة الى هذا التآكل؟
إن المجتمع الأميركي يحاول جاهداً استخدام مضادات ايديولوجية لمجابهة تلك الايديولوجيا الجديدة، ما يعني أن هذا المجتمع يسعى الى إيجاد آليات جديدة، في إشارة الى استخدام العامل الديني. فقد تبين هذا بعد ضربات 11 سبتمبر، إثر سياسة بوش العقيمة في إدارة الصراع، التي أدت الى صبغ السياسة بالدين، على الرغم من تراجع بوش «قولاً» إنها حرب صليبية، تاركاً الباب مشرعاً لدخول شوائب فكرية دينية تتغلغل في المجتمع، على الرغم من هذا التراجع.
كل ذلك تمخض بانحناء فكري تجاه حالة ضبابية إنجيلية لمقابلة تلك الايديولوجيا، وتمت ترجمتها فعلا على أرض الواقع، فالملفات السرية التي قدّمها رامسفيلد عن الحرب الى بوش، ظهرت معنونة بنصوص إنجيلية من رسالة بولص الى أهل افسس (13-6)، وذكرت العديد من التقارير أن شركة «تريجيكوت» الأميركية، (إحدى الشركات المنتجة للسلاح)، أخذت تكتب على أسلحتها آيات وأرقاما إنجيلية لبثّ العزيمة بين صفوف الجيش. إضافة الى ذلك، فإن كثيرا من الجنود الأميركيين يحملون من ضمن عتادهم الحربي إنجيلاً لكي يحفظهم الرب، حتى أن المعونات التي كانت ترسل إلى العراق وأفغانستان مزخرفة أغلفتها بنصوص إنجيلية...الى غير ذلك من مظاهر التدين.
من المعروف أن الرابطة التي يلتقي عليها المجتمع الأميركي هي الرابطة المدنية، المبنية على العقد الاجتماعي ما بين الولايات الأميركية، والمبنية على المواطنة، وفق بند يترأس الدستور بـ«فصل الدين عن الدولة»، لتجتمع عليها كل الهويات، تحت بند دستوري يسمى بالمواطنة.
كل ذلك يضعنا أمام سؤال جوهري، ما هو مستقبل الولايات المتحدة الأميركية بتدرجها الديني وفق الهيام الأنغلو- بروتستانتي؟ وما هو مستقبل الرابطة المدنية في ظل استفحال الرابطة الدينية؟
إن المجتمع الأميركي بتكويناته المزجية يفتقد عنصر القومية في تشكُّل رابطته المدنية، حيث إن عقده الاجتماعي مبنيّ على كثير من اللغات والثقافات، بعكس المجتمعات كافة التي تمتلك مفهوماً قومياً ترتبط من خلاله بمفهوم الأمة الواحدة التي لها هوية جمعية تجمع بين أفرادها روابط خاصة، وفق وحدة تكوينية تضم اللغة والثقافة والمصالح المشتركة والتاريخ والمصير المشترك الواحد، بشرط أن يتم توظيف عنصر القومية كعامل اتصال ما بين الشعب والحكومة، لصهر ذلك العامل ليتحول شيئاً فشيئاً إلى رابطة جمعية تجمع أبناء المجتمع الواحد على ثقافة سياسية واحدة، ليكون الناتج مرجعية بيولوجية تسير على طريق الانتماء الطوعي لبناء الرابطة المدنية.
فالقومية عامل مساند للرابطة المدنية وإن تشكّلت، لأنها تمثّل الجسر الواصل ما بين الماضي والحاضر، فالحال الأميركية المبنية على الرابطة المدنية تفتقد عنصري القومية والتاريخ، وها هي تتعرض للإجهاض من قبل الرابطة الدينية، لأن الحال الأميركية لا تحتمل مثل تلك الرابطة، لأنها تؤدي إلى إحياء اللغات والثقافات المتراكمة تحت الرابطة المدنية، حيث إن الحالة المزجية لمدنيتهم لا تحتوي على رابطة جمعية بيولوجية تضم اللغة والثقافة المشتركة، بل تضم العديد من اللغات والثقافات الدفينة، ما يعني أن رابطتهم أُبرمت على عامل «المصالح المشتركة» فقط، دون اللغة والثقافة، مثل أي شركة من الشركات، ليظهر، ومن تحت غطاء تلك الرابطة انقسامات، وتشظيات، وانشطارات اجتماعية تقود الى حروب داخلية، ودويلات قطرية إن سيطرت الرابطة الدينية على الرابطة المدنية، فلا سبيل أمام الولايات المتحدة الأميركية (حكومة وشعباً) إلا التمسك برابطتها المدنية، وإلا فإنها ستتآكل مستقبلاً إن سيطر الفكر الديني عليها.



#مأمون_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقليد وهلاك الجسم دون بلوغه
- ما يجب ان تعرفه تركيا
- الجيش والبوصلة السياسية ل«أردوغان»
- أسطول الحرية ... ضحكة الخوف ورقصة الموت
- أسئلة وقراءات في قضية اغتيال المبحوح
- الجابري والرحيل في زمن الاسئلة
- صحيفة -أوان- ... تساؤلات حول الاغلاق ؟!؟
- الاسير رزق صلاح*: بطل في زمن النسيان
- هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة اقليمية وعالمية ؟!؟
- السياسة و جدلية اللون البرتقالي
- الى قمة سِرت .. من يعلق الجرس !!
- في نعي الثقافة الرياضية
- اسرائيل .. بين اسطورة المسادا وتعاليم جابوتنسكي
- عنواني الكرة الارضية
- تركيا : الى أين.. ؟!
- البريسترويكا الروسية الجديدة بمفهوم بوتين
- محمد عابد الجابري* : نظرة فاحصة في اشكاليات الفكر العربي
- الإحصاء الفلسطيني مدرسة للنقاء الوظيفي
- القومية العربية : بين التأزم والتأويل
- للانقسام عناوين اخرى


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مأمون شحادة - أميركا وخطر النزول عن القمة