أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ساسي سفيان - الثقافة التي نرجوها - سعيا لبناء مشروع ثقافي حضاري -















المزيد.....



الثقافة التي نرجوها - سعيا لبناء مشروع ثقافي حضاري -


ساسي سفيان

الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 19:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الثقافة التي نرجوها
" سعيا لبناء مشروع ثقافي حضاري "

ساسي سفيان
أستاذ مساعد بجامعة الطارف ـ الجزائر
[email protected]

قد نشر في : مجلة البدر ـ جامعة بشارـ الحجم 02 العدد 07 شهر جويلية سنة 2010 م صفحة 75ـ95


تقديم
يمكن اعتبار هذه المقالة ضمن سلسلة من المقالات كرستها لوضع سياسة و إستراتيجية وطنية لتكريس دور الثقافة المستمدة أصولها من المعرفة و العلم من أجل فهم الظواهر المعاصرة التي تحيط بنا من تغيرات في الأفكار والاهتمامات بين المجتمعات و استحداث مفاهيم تدل عن جوانب عصر جديد يرتكز على العلم والتكنولوجيا في بناء مفاهيمه و في تعامل الأفراد فيما بينهم أو الجماعات ، ومن هنا ترتكز الثقافة في بناءها ليس على الفن و التراث التقليدي الزخرفي الشكل و إنما على العلم و التقانة في توعية الأفراد وتنمية قدراتهم الفكرية، الثقافية والعلمية، ولو كان ذلك بشكل غير مباشر، حيث نجد أن الثقافة في خصائصها التغير والاستمرارية، و إذا تشبثنا في دعم الثقافة التي تؤطر وتهدف للحفاظ على الوضع في إطار بناء ثقافي يهدف إلى المتعة الفنية فإننا نحقق الأهداف التي وضعناها بدون أن تكون هذه الأهداف ذات مسعى ايجابي أما إذا كانت الثقافة التي نهدف إليها نابعة من العصرنة الابتكاري المدعومة بالفنون الحديثة و الغريبة في نفس الوقت من رقص وغناء، فسنحصل على جوانب ثقافية ذات أبعاد ممتدة و لكن بجوانب جد سلبية تسعى إلى تطوير ما لا يمكن الإفادة و الاستفادة منه ، و هذا الأمر لا يحتاج لدراسة لنفي تبنيه كمنهج ثقافي تنموي ، لذا يبقى علينا طرح السؤال ما هي الطريقة الأمثل في بناء مشروع ثقافي حضاري ؟ وما هي المؤسسات التي تساهم في صناعة ثقافة تقدمية ؟ و ما يمكن تقديمه من أجل الرقي بالحضارة انطلاقا من الإمكانات المتوفرة ؟

قبل البدء في طرح جوانب الموضوع سنقوم بتحديد مفهوم الثقافة كوسيلة محورية في بناء مشروع حضاري و باعتبارها المعبر الحقيقي عما وصل إليه الفرد من تقدم فكري، فمن خلالها يتم رسم المفاهيم و التصورات كما يتم تحديد القيم و السلوك لدى الأفراد والجماعات.
ارتبطت الثقافة بالوجود الإنساني ارتباطاً متلازماً تطور مع الحياة الإنسانية وفقاً لما يقدمه الفرد من إبداع و إنتاج في شتى المجالات، فالثقافة عند تايلور هي "المنظومة المعقدة والمتشابكة التي تتضمن اللغات والمعتقدات والمعارف والفنون والتعليمات والقوانين والدساتير والمعايير الخلقية و القيم و الأعراف و العادات و التقاليد الاجتماعية و المهارات التي يمتلكها أفراد مجتمع معين"، فالثقافة هي المحرك الأساس للفعل الإنساني، ومعيار الحضارة لدى الأمم ورقيّها مرتبط بتقدمها الثقافي بكل دلالات اللفظ و محتوياته، وهذا ما تشهد به المدنية المعاصرة فالأمم المتقدمة في عالمنا هي التي استطاعت أن تأخذ بتلابيب الثقافة في كافة جوانبها الإنسانية والعلمية وأن تحول وعيها الثقافي إلى فعل عام تتقدم به على غيرها ، على الرغم من الخلل الذي يلف بعض جوانب ثقافتها .
فالسيطرة العالمية المعاصرة على المجتمعات تعدى السيطرة العسكرية أو الاقتصادية فقط بل هي نسيج من السيطرة الثقافية، إذ أصبحت نمطية الحياة لدى بعض الشعوب صورة متكررة لشعوب أخرى في فعلها الثقافي على الرغم من أنها لم تخضع لاحتلالها العسكري أو لهيمنتها الاقتصادية .
كان عالم الاجتماع روبرت بيرستد أكثر وضوحاً حين عرّف الثقافة بأنها "هي كل ذلك الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه أو نقوم بعمله أو نتملكه كأعضاء في مجتمع".
و لعل علماءنا العرب و المسلمين سبقوا في دراسة ارتباط الثقافة بالمجتمع منذ عصور مضت يقف في مقدمة ركبهم مؤسس علم الاجتماع العلامة ابن خلدون مروراً بعدد كبير من علماء الاجتماع و لعل أبرزهم في السنوات الأخيرة المفكر الجزائري مالك بن نبي و عالم الاجتماع علي الوردي وغيرهم .
إن ارتباط الثقافة بالمجتمع ارتباط متلازم ، إذ لا يمكن أن نفهم مجتمعاً إلا بفهم ثقافته ، كما لا يمكن أن نفهم ثقافة أي مجتمع إلا بفهم المجتمع ذاته ، سوء كان ذلك في جوانبه الثابتة كالأديان و القيم الأخلاقية ، أم في جوانبه المتطورة و المتغيرة كالإبداع و الفن و الأدب و الإنتاج العلمي و غيرها من الأفعال الثقافية المتطورة و التي هي أسرع تغيّراً و مواكبةً للمرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع .
و إذا كانت الثقافة تتبوأ هذه المكانة في حياة الأمم والمجتمعات والأفراد ، فإن المؤسسات الاجتماعية الرسمية و الغير رسمية هما البوابتان اللتان تلج الثقافة من خلالهما إلى الفرد قبل المجتمع.
الانتقال إلى الاهتمام من الثقافة إلى الثقافات الفرعية :
يمكن القول انه بعد بروز الثقافة ككل شامل و تتكرر رؤية الثقافة ببعدها المجتمعي عند عدد كبير من علماء الاجتماع والتربية أمثال "لويس دوللو" و "كارل مانهايم" و "رايموند وليامز" صاحب كتاب "الثقافة و المجتمع ـ 1956" و "ماثيو أرنولد" صاحب كتاب "الثقافة و الفوضى" و "ف.ر.ليفيس" صاحب كتاب "الثقافة و البنية ـ 1933" و "دينيس تومبسون" و غيرهم من علماء الاجتماع و الباحثين تبين لنا أن الثقافة ككل مركب لها فروع ، إضافة لكونها شاملة اشمل كل ما هو مكتسب لدى الفرد بدءا بالشخصية وصولا إلى الدين فإنها تحويا كما هائلا من العمليات و الأبعاد لذا فقد أوجدت فروعا من الثقافة ـ و ذلك على غرار انقسام العلوم ـ يسعى كل فرع إلى الاهتمام بجوانب محدد من ثقافة الفرد في إطار المجتمع ، و من أهم هذه الأنواع الثقافة البيئية ، التربوية، الدينية ، التقانية وإلى غيرها من الفروع اللامتناهية و التي نشهد ظهورها إلى حد الآن، إلا أننا نجد جانبا تم التركيز عليه في الفترة الأخيرة ـ و ذلك منذ ظهور كتاب الثقافتان عند سنو ـ ألا و هو الثقافة العلمية.
تمتد الثقافة العلمية في مدى واسع يشمل جميع العلوم الطبيعية،الرياضية الاجتماعية ،النفسية، الإدارية ،الاقتصادية ،التقنية والصحية، ومن أجل تعزيز هذه الثقافة و ترسيخ مصطلحها لابد من توفر شروط من أهمها فهم واستيعاب نتائج العلوم، والتفكير العلمي، والأمانة العلمية، وتوثيق مصادر المعرفة العلمية، و إتباع منهج للمقارنة بين العلمي وما يختلف عنه، ومواكبة ما يستجد من نظريات ونتائج علمية بالاستعانة بالحس العلمي والمنطق والنقد ، فأول شرط ضروري أن يترافق الاطلاع على مخرجات العلوم مع فهم لها وما تدل عليه من معان وتطبيقات، وهذا يعني أن استخدام تلك المخرجات بفهم سطحي وبشكل مغاير ولأغراض أخرى لا ينسجم مع مصطلح الثقافة العلمية؛ بل إنه يشوّه رسالة العلوم على اختلافها، وكذلك فإن تأويل نتائج العلوم لتتوافق مع تفكير سائد أو لتبرير مواقف لها وضع غير علمي ومختلف يؤدي إلى نفس التشويه للثقافة العلمية ولما تقوم به العلوم من دور تنويري، كما يؤدي إلى طمس رسالتها الواعية، وفي الحياة العامة نلاحظ تداولا اجتماعيا لعناصر ومحتويات الثقافة العلمية بشكل لا يتفق مع مخرجات ونتائج العلوم، ولا يحقق شروط ترسيخ المصطلح، وأيضًا لا يعبّر عن مغزى تلك الثقافة ومعانيها.
ظهور مفهوم الثقافة العلمية
شهدت البشرية ثلاث ثورات كبرى كانت بمثابة مراحل فاصلة و مؤثرة في حياة الفرد و تاريخ البشرية ، فقد انتقل الإنسان من العصر البدائي ، عصر القنص و الالتقاط ، إلى العصر الصناعي الذي بلغ به الإنسان أوج مجده و تقدمه و رفاهيته ، ثم اكتشف الإنسان الزراعة و انتقل من مرحلة الجمع و الالتقاط البدائية إلى حياة الاستقرار و الوفرة و رغد العيش ، و قد ارتبطت هذه المرحلة من حياة البشر بتزايد الكم المعرفي لدى الإنسان و معرفته كيفية وتوظيف الأدوات التي ابتكرها ، و الحيوانات التي استأنسها ، و تمهيد الأرض و تسويتها وإعدادها للزراعة ، أما المرحلة الثانية التي كانت بمثابة قفزة كبرى في تاريخ حياة البشرية فهي الثورة الصناعية التي بدأت مع اكتشاف المحرك البخاري و ما ترتب على ذلك من اكتشافات متتالية ، و قد كان المؤرخون المعنيون بتاريخ مراحل التقدم البشري و تقسيمه إلى عصور مختلفة قد انتهوا بهذه العصور إلى عصر العلم و التقانة الذي يمثل الثورة الثالثة ، فها هم إلا محدثون يتحدثون منذ سنوات قليلة عن دخول البشرية عصرا جديدا هو عصر المعلوماتية أو عصر التقانية ،وهذا العصر الجديد إنما يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعرفة، ذل كأن المعلومات المتاحة لدى الإنسان دائمة التراكم و النمو كما أن قصة التطور البشر بذاتها ما هي إلا نتاج لهذا التراكم المعرفي، إذ أن المعرفة ذاتها عديمة الجدوى ما لم توظف في ترقية الإنسان و رفاهيته ،ذلكّ أن العلاقة بين العلم والتقانة تماثل علاقة الشجرة بجذورها، فالعلم هو الشجرة وجذورها البحث العلمي ، و ثمارها هي النظرية و القانون ، أما تحويل هذه الثمار إلى منافع للأفراد فهذه هي التقانة و لا يمكن فصل الشجرة عن جذورها ، فالتقانة إذن هي مجموعة المعارف و المهارات التي تمكن من إنتاج سلعة معينة أو خدمة ما.
و في عصر توظيف المعرفة لن يقاس التمايز الطبقي والاجتماعي بين الأفراد على أساس المنصب أو الثورة و المال أو الأصل الاجتماعي، بل سيقاس على أساس المعرفة و الثقافة ومندى قدرة الفرد على توظيف المعرفة معارفه و ثقافته في الارتقاء بنفسه و بمجتمعه ن و في عصر المعلومات أيضا لن يقاس تقدم الدول و ارتفاع مستوى دخل سكانها على أساس إجمالي إنتاجها القومي فحسب، بل سيكون هنالك معيار أخر جديد هو إجمالي إنتاجها المعرفي القومي. إذا أن المعرفة أو بالأحرى توظيفها، سيكون بمثابة ثروة القرن الحادي و العشرين، قرن إنتاج وتوظيف المعرفة في مجال البحث العلمي ونشر الثقافة العلمية و التقانية.
واقع عملية نشر الثقافة العلمية في الدول العربية:
يقترح التقرير التنمية البشرية 2002 لتجاوز هذه الفجوة والتخطيط للمستقبل اتخاذ العديد من الإجراءات لعل ما يعنينا منها في هذا السياق ما يرتبط بالاستثمار في البحث والتطوير العلمي فيشير التقرير في طياته إلى عدة عناصر منها أن الاستثمار يبدأ في المعرفة بوضع برنامج واضح للاستثمار في مجال العلوم والثقافة والبحث والتطوير. و لا بد من زيادة حصة البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي من مستواها المتواضع والذي يقل عن 0.5% لتصبح 2 % في نهاية العقد الحالي.
و يذكر التقرير كذلك أن للمنطقة العربية تاريخ علمي عظيم وقد عاصرت العديد من النظريات التي تعد الآن أصل العلوم الغربية. و للأسف نجد اليوم أن الكم الكبير من النجاح العربي في مجال العلوم والتقنية يأتي من المليون عربي ذوي الكفاءة العالية الذين يعملون في الدول الصناعية، في وقت أصبح إسهام العلماء العرب وأساتذة الجامعات والمفكرين المقيمين في العالم العربي محدوداً جداً.
و نجد في الواقع أن هنالك إذا أمكن القول مؤسسات و هيئات اجتماعية تقوم بممارسة عملية نشر الثقافة العلمية في الدول العربية بصفة عامة و بالجزائر بصفة خاصة ويمكننا تصنيف هذه المؤسسات في التصنيف الأتي:
المؤسسات الاجتماعية:
إن من مؤسسات المجتمع المؤثرة ثقافياً المراكز والأندية الثقافية والأدبية والجمعيات الاجتماعية التي تنتشر في بعض الأقطار، إذ تشكل هذه المراكز والأندية مصدراً تثقيفياً لعامة أبناء المجتمع ولطلبة وطالبات المؤسسات التربوية والتعليمية من خلال البرامج الثقافية والأدبية كالمحاضرات والندوات والمؤتمرات وكذا نشر الكتب والدوريات والمجلات وغيرها من البرامج التي تُقدم وتم تنفيذها سواء كان ذلك في ذات المركز أو النادي أو الجمعية، أو يتم تقديمها في المؤسسات وفق برامج مشتركة بينهما .
لقد أصبح للمؤسسات المجتمعية دور كبير في الثقافة التربوية وأصبح من الضرورة أن يتكامل ما تقدمه هذه المؤسسات مع ما تقدمه المؤسسات التربوية و التعليمية .
إن طلاب المؤسسات التعليمية و طالباتها يأتون إليها و هم محملون بكثير من القيم الثقافية التي تلقوها من مؤسسات المجتمع و مكوناته المتعددة ، و تستمر معهم هذه القيم في مرحلة دراستهم ، بل تزداد رسوخاً من خلال تأكيد الدراسة على هذه القيم أو أنها تتعرض للتهذيب و التوجيه من خلال ما يتلقاه الطلاب و الطالبات على يد أساتذتهم و في مؤسستهم التعليمية و التربوية .
و لعل أبرز مؤسسات المجتمع تأثيراً في الثقافة ، هي المؤسسات الدينية كالمساجد و المراكز الدعوية و هيئات الإفتاء و وزارات الشؤون الإسلامية و غيرها من المؤسسات الدينية التي ترسم إطاراً محدداً لكثير من التصورات و الثقافات التي يتلقاها الطلاب و الطالبات ، و يمتد تأثيرها إلى كافة أطياف المجتمع ، و لقد توسع هذا الدور و أصبح مصدراً ثقافياً مهماً خاصةً في جوانب معرفة الأحكام الشرعية ككثير من أمور العبادات و المعاملات و الحياة و تزكية النفس و تهذيبها ، و لبيان مواقف الإسلام من القضايا العامة أو للرد على الشبهات و التحديات التي تواجه المسلمين أو لغيرها من مكونات الثقافة العامة للفرد . و قد تزايد دور هذه المؤسسات في السنوات الأخيرة من خلال استخدام وسائل جديدة كالأشرطة المسجلة أو أشرطة الكمبيوتر المدمجة (C.D) أو الكتيبات الصغيرة أو استخدام شبكة الإنترنت بل استخدام الرسائل الهاتفية القصيرة .
إن كثيراً من الطلاب و الطالبات يبنون آراءهم و يتخذون مواقفهم من خلال التأثير الثقافي لهذه الوسائل مما يعني أهميته دورها في رسم السلوك و القيم لدى هؤلاء الطلاب و الطالبات ، خاصة و أن هذه المؤسسات تحظى بالرضا و القبول لدى متلقي رسالتها الثقافية لارتباطها بالمشروعية الدينية المعتمدة على النصوص و الأدلة الشرعية .
الأسرة : إن الاهتمام بالأسرة يعني الاهتمام بكل مجتمع ، فإذا أنشئت هذه الأسرة على أسس وقواعد ثابتة راسخة من القيم و الفضائل فإنها بذلك تبني المجتمعات بلبنات قوية متماسكة لا تؤثر فيها عواصف الزمن و لا متغيرات الأحداث . أما إذا أهملت الأسرة دورها في التربية و التقويم فإن أفراداً في المجتمع يتخرجون من هذه الأسرة لا يمكن أن يساهموا في بنائها بل يكونون عوامل هدم و تخريب و لا يمكن أن تنشأ المجتمعات بمثل هذه العناصر الهزيلة .
و قد اهتمت الشعوب و الأمم بتكوين الأسرة على قواعد ثابتة حتى تستطيع أن تربي أجيالاً قوية ، ولعل أهم أدوار الأسرة في تكوين الثقافة التربوية يبرز في الاهتمام بالجانب الأخلاقي و السلوكي و في تعليم الأبناء الفضائل و المبادئ الخلقية الرفيعة و إرشادهم إلى السلوك المستقيم ، و هي من أهم الواجبات التي يمكن أن تقوم بها الأسرة فهي التي تستطيع أن تترجم المعاني الخلقية إلى أفعال و سلوك بممارستها لهذه الأفعال أمام الأبناء فيكتسبون منها ذلك و لا يمكن لأي مؤسسة أو فئة أو محضن تربوي أن يقوم بدور الأسرة ، و إذا حدث ذلك فإنما هو خلل في الأدوار لا بد من معالجته . و لعل أبرز جوانب التربية الخلقية هو القدوة من خلال الوالدين ، حيث أنهما يعتبران النموذج و القدوة أمام الأبناء .
كما يبرز دور الأسرة في الاهتمام بالسلوك الاجتماعي حيث يعيش الأبناء في مجموعة بشرية معينة و عليهم أن يتعرفوا على هذه البيئة حتى يستطيعوا أن يعيشوا معها و يتجاوبوا مع ما تطلبه منهم و يستطيعوا أن يأخذوا منها ما يحتاجون إليه ، و لذلك لا بد للأبناء من سلوك اجتماعي يتعاملون به مع الآخرين ، و هذا السلوك إنما يأتي بصورة رئيسية من الأسرة التي تدربهم و تعلمهم على ذلك .
و تأتي تنمية الجانب الثقافي كدور آخر للأسرة ، فهو جانب مهم في حياة الإنسان الذي يراد له أن يكون إنساناً سوياً ، و بالتالي لا بد له من ثقافة و معرفة يتلقاها في صغره حتى يكبر عليها و ينشأ محباً لها عاملاً بها .
فمن خلال الأسرة تتكون القيم و المفاهيم الثقافية الأولى للفرد و يستمد منها معرفته الثقافية بدءاً من معاني المفردات و الكلمات إلى الحكم على الأشياء بالصواب و الخطأ.
و لعل أهم الأدوار الثقافية للأسرة مراقبة ما يقدَّم للأبناء من خلال وسائل الإعلام ، فالأسرة لا تستطيع أن تمنع ما يقدَّم في هذه الأجهزة إلا أنها تستطيع أن تراقب ما يقدَّم لأبنائها من برامج إعلامية ، لأن في بعض هذه البرامج ثقافة و فكراً لا تتفق مع ما تهدف إليه الأسرة من التربية السليمة لأبنائها.
و الأسرة ـ كذلك ـ مرجع لثقافة الطلاب و الطالبات ، فما زال كثير منهم يلجأ إلى أسرته للتعرف على ما يحتاجه من ثقافة معينة أو معلومة جديدة خاصة إذا كانت هذه الأسرة تعنى بالثقافة .
إلا أن دور الأسرة بدأ يتراجع لصالح مؤثرات أخرى كوسائل الإعلام و المؤسسات المجتمعية ، فبسبب التحول الاجتماعي الذي طرأ على أطوار كثير من مكونات المجتمع و وحداته فقد أصبحت الأسرة مشدودة إلى مؤثرات كثيرة ، مثل طول ساعات العمل للوالدين أو أحدهما و الاهتمام بقضايا حياتية كتوفير مصادر الدخل و العلاقات الاجتماعية ، و اقتصار حجم الأسرة على الأسرة النووية بما لها من دور محدود ، و تراجع الدور الواسع و المؤثر للأسرة الممتدة ، و دخول عوامل مؤثرة جديدة داخل الأسرة و هي جهاز التلفزيون أو الكمبيوتر ، كل ذلك أثر على هذا الدور فأصبحت ساعات التواصل بين الأسرة محدودة أو قليلة ، و أصبح الأبناء يبحثون عن إجابة لتساؤلاتهم في أجهزة الإعلام كالإذاعة و التلفزيون و شبكة الاتصالات و شبكة المعلومات وغيرها من مصادر المعرفة ،
وقد أدى ذلك كله إلى إضعاف دور الأسرة في تكوين الثقافة التربوية للأبناء .
المؤسسات التربوية:
إذا كانت المؤسسات التربوية تهئ لطلابها و طالباتها الخطط و البرامج التعليمية و التدريبية لما لهذه الخطط و البرامج من أهمية في تحصيل الطلاب و الطالبات للمواد العلمية التي جاءوا لدراستها ، فإن هناك جانباً آخر لا يقل أهمية عن ذلك ، ألا و هي مصادر الثقافة التربوية لدى هؤلاء الطلاب و الطالبات ، إذ أن ما يقدم داخل قاعات الدرس و المختبرات و المعامل لا يمثل إلا جزءاً من عملية التربية التي يجب أن يتلقاها الطلاب و الطالبات ، و لعل أبرز مما تعنى به المؤسسات التربوية هو رفع المستوى الثقافي لطلابها و طالباتها من خلال توفير فرص التثقيف و إيجاد رؤية تثقيفية نقدية لديهم حتى يستطيعوا أن يتعاملوا مع المؤثرات الثقافية في المجتمع ، و ذلك من أصعب المهمات أمامها إذ أن تشكيل الرؤى الثقافية يتم قبل من خلال مؤثرات كثيرة ، و تأتي هذه الرؤى ـ في بعض الأحيان ـ محملة بكثير من المعوقات التي تحد من دور المؤسسة التربوية في تكوين التصورات والأفكار الثقافية لطلابها و طالباتها ، إذ يأتي هؤلاء و قد تأثروا بمؤثرات كثيرة لعل من أبرزها الأسرة و المدرسة و الأصدقاء و غيرهم .

المكتبات :ما زالت المكتبات بصفة عامة و المكتبات في المؤسسات التعليمية بصفة خاصة مصدراً أساسياً من مصادر الثقافة التربوية للطلاب و الطالبات ، فهي مصدر علمي يسند المقررات الدراسية و التدريبية حيث يجد فيه الطلاب و الطالبات مبتغاهم من المصادر و المراجع التي يحتاجونها لدعم دراستهم التخصصية أو أبحاثهم العلمية ، و تسعى المؤسسات التعليمية إلى أن تكون مكتباتها ملبية لاحتياج الباحثين فيها سواء كانوا أساتذة أم طلاباً ، و لذا فإنها تقوم بتطوير مكتباتها و رفدها بالدراسات و الأبحاث و الكتب الجديدة ، و قد يسرت وسائل التكنولوجيا سبل الاستفادة العلمية من المكتبات خاصة مع توفر الكتاب الإلكتروني أو المكتبة الإلكترونية التي لا تحتاج إلى انتقال مكاني أو ساعة زمنية محددة للاستفادة منها .
و إذا كانت المكتبة مصدراً علمياً أساسياً للطلاب و الطالبات فإنها مصدر ثقافي لهم كذلك إذ أنها تخرج من كونها مصدراً مسانداً للعملية التعليمية لتصبح مصدراً للثقافة من خلال ما تحتويه من كتب و مراجع و مصادر مختلفة إلى جانب احتوائها على المجلات العلمية و الصحف و البرامج السمعية و البصرية ، فهي بذلك جزء من دعم النشاط الثقافي العام و مصدر لثقافة الطلاب و الطالبات .
لكن المتتبع لدور المكتبات في المؤسسات التعليمية يجد أن الاستفادة منها كمصدر للثقافة ما زال محدوداً ، إذ ما زال طلاب و طالبات المؤسسات التعليمية يعتقدون أن دور المكتبة مقصور على توفير المراجع و المصادر العلمية و أن مصادرهم الثقافية لا مكان لها في هذه المكتبة ، و لعل مرجع ذلك إلى (تقليدية) الدور الذي تقوم به بعض المكتبات ، إذ يقتصر دورها على توفير الكتب دون القيام ببرامج و أنشطة تخرج بها من هذا الدور إلى الدور الثقافي العام بحيث تشجع الطلاب و الطالبات على الاستفادة منها و من برامجها ، و ترجع بعض الأسباب إلى الطلاب و الطالبات أنفسهم ، و من ذلك :
أ . عدم إدراك الطلاب و الطالبات للثقافة كمكوّن أساسي لحياتهم الشخصية ، إذ لا يتوقف دور الطالب أو الطالبة بعد تخرجه على المادة العلمية التي درسها ، بل يمارس دوراً واسعاً في الحياة يتطلب منه إحاطة شاملة بشؤونها ، و من لم يتسلح بالثقافة العامة و المعرفة إلى جانب التأهيل العلمي و التدريب فلن يستطيع أن يقوم بدوره في الحياة كما ينبغي .
ب . تراجع مكانة القراءة كمدخل للثقافة ، فكثير من الطلاب و الطالبات لا يقرءون إلا المقررات الدراسية أو ما يكلفهم به أساتذتهم من واجبات ، لكن القراءة و المطالعة كرغبة و هواية لم يعد لها ذلك الدور المهم على الرغم من توفر الوسائل المساعدة في ذلك .
إن كثيراً من الطلاب و الطالبات لديه الرغبة في القراءة لكنه لا يعرف كيف يبدأ و ماذا يقرأ و لا يعرف أساليب القراءة و كيفية الاستفادة مما قرأ ، إلى غير ذلك من المعوقات أمامه التي يحتاج معها إلى توجيه وإرشاد يمكنه من الاستفادة من المكتبة .
ج . غياب الاهتمام الثقافي العام و التثقيف الذاتي ، إذ أدى تطور الحياة السريع و تشتت الاهتمام في جوانب كثيرة من الحياة و انصراف الإنسان إلى الاهتمام بحياته و مصادر رزقه و ضياع كثير من الأوقات ، و غياب الاستعداد للعمل الثقافي و تراجع هذا العمل إلى العزوف عن الشأن الثقافي ـ بصفة عامة ـ لصالح مظاهر اجتماعية أخرى ،إن المراقب لحال طلاب و طالبات لا يجدهم يختلفون كثيراً عن واقع المجتمع الذي يعيشون فيه ، و هم في ذلك غير ملامين ، فهم نتاج مجتمعهم أو بيئتهم ، و قد تأثروا به و تعودوا على ما عودهم عليه ، و من هنا فإن الشكوى من ضعف المستوى الثقافي لكثير من للطلاب و الطالبات ليس إلا تعبيراً عن المستوى الثقافي العام .
وقد كشفت دراسة أخرى (حوّاس1999) حول المستوى الثقافي للطلاب ، نتائج مقلقة ،إذ أن معظم الطلاب لا يقرؤون الصحف المحلية مطلقاً ، في حين بلغ متوسط ساعات الجلوس أمام التلفاز 6 ساعات يومياً ، وكشفت الأسئلة التي تتعلق بالشخصيات العامة عن جهل الطلبة بأسماء شخصيات لها دور وطني بارز ، فمثلاً عرف الكثيرون المفكر التنويري عبد الرحمن الكواكبي على أنه صحافي مصري ، وسعد زغلول بأنه شاعر سوري والشاعر التشيلي ( بابلوينرودا ) بأنه أديب مغربي وهكذا . ولكن الأمر اختلف عند ما تعلق السؤال بمسألة تلفزيونية أو سينمائية ، إذ تم السؤال عن جنسية الممثلة الأمريكية " شارون ستون" وعن فلم "غريرة أساسية " كأشهر أفلامها إذ كانت أجوبة أكثر الطلاب صحيحة ، وأنحى الطلاب باللائمة على أساتذتهم في ذلك ، وعن مسؤوليتهم في أنهم يلقّنونهم معلومات غير صحيحة تدل على جهلهم بالحقائق التاريخية ، وأعطى أحدهم مثالاً بأستاذه الذي لا يعرف أن سورية استقلت عام 1946م !! وفي مصر تقدم لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري أكثر من ( 2000 ) من خريجي الجامعات للعمل مذيعين ومترجمين ومحررين ، ولم ينجح واحد منهم في الاختبار رغم أن الأسئلة كانت تدور حول المعلومات العامة فإن إجاباتهم حملت العجب العجاب منها أن انجلترا عاصمة بريطانيا ومنابع نهر النيل تبدأ من دلتا مصر والسد العالي أنشئ بعد حرب أكتوبر 1973 ، تركيا دولة عربية ونجيب محفوظ من رواد الواقعية في السينما المصرية!! ، أما في الكويت فالأمر لا يختلف كثيراً حيث أجرت صحفية الرأي العام الكويتية استطلاعاً على مجموعة من الشباب لقياس مستوى ثقافتهم فتبين أن لديهم معلومات جيدة عن الممثلين واللاعبين وعروض الأزياء والموضة ، وبسؤالهم عن كوفي عنان اعتبره59% من العينة حارس مرمى منتخب الكاميرون ، وبعضهم اعتبره منظراً شيوعياً ، بينما لم يتعرف على عمله الحقيقي كأمين عام للأمم المتحدة ( السابق ) سوى 23% ، أما روجيه غار ودي فأجاب 16% من أفراد العينة أنه لاعب في منتخب فرنسا 1998 م ، بينما لم يتعرف عليه سوى 23% من الشباب ، أما الشيخ أحمد ياسين زعيم حماس فقد اعتبرته الأغلبية أنه شقيق الممثل الكوميدي إسماعيل ياسين (17) .
ولا تختلف الصورة ـ كثيرـ في أي أو مؤسسة تعليميةعربية عما ورد في مثل هذه الاستبيانات .
جماعة الأصدقاء : يشكل الأصدقاء مصدراً للثقافة التربوية بالنسبة لزملائهم خاصة لأولئك الذين لا يجدون مصدراً للإجابة على تساؤلاتهم التربوية و الثقافية ، فقد أصبح "عالم" الأصدقاء بالنسبة لكثير من الفتيان و الفتيات موئلاً مهماً للإباحة لهم بمشكلاتهم ، و هو مهم ، خاصة و أنهم يجدون فيهم الثقة المناسبة و المقاربة في العمر و القدرة على التجاوب معهم دون تعنيف أو إساءة كما يحدث ـ أحياناً ـ من بعض الوالدين أو المعلمين ، و لذا يلجأ بعضهم إلى أصدقائهم للاستفادة من آرائهم و أفكارهم و حلولهم للمشكلات التي تواجههم ، خاصة أولئك الأصدقاء الذين يملكون قدراً من المعرفة يميزهم عن أقرانهم ، أو يملكون قدرات قيادية يستطيعون من خلالها قيادة زملائهم و أصدقائهم .
إن جماعة الأصدقاء تمارس ـ أحياناً ـ أدواراً تتجاوز دور المدرسة أو الأسرة ، يقول (وارنر) (Warner) و (لنت) (Lunt) : "إن العضو المراهق أو المراهقة في جماعة الأصدقاء ، قد يقف من أسرته موقف التحدي و يعارضها ، في سبيل المحافظة على كرامة رفاقه و احترامهم ، في حالة تعارض ميول الجماعتين" (18) .
و إذا كان الأصدقاء يشكلون مصدراً للثقافة التربوية فإن بعضهم ـ قد ـ يشكل مصدراً للانحراف خاصة تلك المجموعات التي تلتقي على القيام بأعمال منافية للأخلاق أو مخالفة للقانون ، مثل تعاطي المخدرات أو الانحرافات السلوكية أو جرائم السرقة أو حتى مشاجرات الطرق ، و من هنا تأتي أهمية و خطورة الثقافة التربوية التي يتلقاها الطلاب من أصدقائهم ، و لذا نجد التعاليم الإسلامية تحض على حسن اختيار الأصدقاء ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "مثل الجليس الصالح و جليس السوء كمثل حامل المسك و نافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك أو تشتري منه أو تجد منه ريحاً طيبة ، و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً نتنة" (19).
إن كثيراً من جماعات الأصدقاء تنشئ لها ثقافات خاصة و علاقات مقيدة ، إذ يكون تأثيرها أكبر من المؤثرات الأخرى ، لأن التفاعل داخلها يتم اختيارياً و بإرادة حرة عكس ما عليه التفاعل داخل الأسرة أو المدرسة الذي يكون متصفاً بالإلزام ، كما أن الاندماج داخل جماعة الأصدقاء يتم بحرية و سهولة ، و يستطيع الفرد داخلها أن يعبر عن ذاته و ميوله و انفعالاته بيسر و حرية ، بينما يتم ذلك داخل الأسرة و المدرسة تحت إشرافهما و في كثير من الأحيان بإجازتهما ، إضافة إلى أن جماعة الأصدقاء تشعر الفرد باستقلاليته الشخصية و قدرته على اختيار عناصر المجموعة ، و على الرغم من السلبيات التي قد تعتري جماعة الأصدقاء إلا أنها تسهم في الإثراء الثقافي و المعرفي لأعضائها إذا أحسن الواحد منهم اختيار المجموعة التي ينتمي إليها، أو كانت هناك قيم إيجابية مشتركة بين المجموعة .
و قد ساعدت وسائل الاتصال الحديثة من هواتف نقالة ذات قدرات تكنولوجية عالية و شبكات المعلومات و طرق الاتصال التكنولوجية من تعاظم دور الأصدقاء في التأثير الذي تقوم به مجموعاتهم ، و لعل المنتديات على شبكة الإنترنت تمثل نموذجاً لما يمكن أن تؤثر فيه وسائل الاتصال الحديثة من أدوار لمجموعات الأصدقاء ، ففي دراسة حول اتجاهات الشباب الخليجي نحو وسائل الإعلام الحمود و آخرون أجاب 35 % من العينة التي تم استقصاء آرائهم بأنهم يشاركون المنتديات على شبكة الإنترنت بصفة دائمة ، كما أجاب 25 % أنهم يتابعون ذلك أحياناً ، أي أن الذين يتابعون هذه المنتديات يبلغ 60 % من عدد المشاركين . و المتتبع لهذه المنتديات يجد أنها قد طورت علاقة الأصدقاء من علاقة مباشرة إلى علاقة واسعة ممتدة لا يمكن أن توضع لها حدود و لا يتوقف تأثيرها على مستوى معين أو فئة معينة ، بل يمكن أن تمتد إلى مساحات واسعة من التأثير ، و لا أدل على ذلك من أن 26% ممن تم استقصاء آرائهم في الدراسة السابقة أجابوا بنعم حين تم سؤالهم عن تأثير المنتديات في نشر ثقافة التفرقة الطائفية أو القبلية، كما أجاب 47% بـ أحياناً ، أي أن الذين يرون أن المنتديات تسهم في نشر هذه الثقافة هم 73% مما يشير إلى أهمية دراسة ظاهرة الصداقة الإلكترونية !!.
المؤسسة الإعلامية: و من أهمها:
وسائل الإعلام والاتصال : تعتبر وسائل الإعلام من أكثر وسائل التأثير في الرأي العام و تحديد اتجاهاته ، بل أصبحت هذه الوسائل مصدراً أساسياً للثقافة العامة لكافة فئات المجتمع ، فقد امتد تأثيرها إلى معظم أفراد المجتمع من خلال ما تقدمه من محتوى يحمل مضامين متعددة تلقى قبولاً لدى هذه الفئات ، فبين برامج موجهة للأطفال و الأسرة إلى برامج تعنى بالشأن السياسي و الاقتصادي و الرياضي والفني ، تتوزع المادة الإعلامية التي تبثها القنوات الفضائية بكل ما تحمله من مضامين ، بل بدأت بعض وسائل الإعلام في التحول إلى إعلام متخصص في مجال محدد ، فهناك قنوات فضائية مخصصة للأطفال و أخرى للأسرة و ثالثة للصحة رابعة للبيئة ، كما اتجهت قنوات أخرى للاهتمام بالثقافة سواء كان ذلك بتخصيص برامج ثقافية على خارطتها الإعلامية أو أن يكون محتوى القناة الفضائية ثقافياً بحتاً وجود أي برامج الأخرى ، و ما يقال في القنوات الفضائية يمكن أن يمتد إلى الإذاعة و الصحافة ، أما الإعلام التكنولوجي كشبكة الإنترنت والوسائط التكنولوجية فقد تجاوزت جميع الأدوار لتصبح أحدى مصادر الثقافة الإعلامية المهمة بما تتميز به من تجاوز لكافة العوائق سواء كان ذلك في الوقت الذي تبث فيه المادة الإعلامية أو مجالها الجغرافي أو مجالات رقابتها و منعها .
إن وسائل الإعلام التكنولوجية المعاصرة تشكل أهم التحديات أمام الثقافة ، فهي بين استجابة لمتطلبات هذه الوسائل و قدرة على الاستفادة منها ، و بين الحد من بعض آثارها السلبية التي لم تعد خافية على أحد ، ولذا فإن الثقافة الإعلامية تتم صياغتها من خلال عدد من الوسائل أبرزها:
يشكل البث الفضائي (التلفزيون و الإذاعة) أبرز مصادر الثقافة الإعلامية ، و تكمن خطورته في عدم القدرة على الحد من تأثيراته السلبية على الرغم من الجوانب الإيجابية التي لا يمكن إنكارها ، و التي تشكل مصدراً جيداً للثقافة الإعلامية ، لكن التأثيرات السلبية هي الغالبة على ما تقدمه القنوات الفضائية المرئية منها و المسموعة ، فمتابعة لكثير من القنوات الإذاعية و الفضائية يمكن أن يخرج منها المتابع بحصيلة وافرة من الآثار التي تخلفها المواد الإعلامية التي يتم بثها ، خاصة تلك المضامين التي تحملها المواد الإعلامية و تكون متناقضة مع المضامين التربوية التي يتلقاها الفرد من المجتمع ، علما بأن أكثر المتأثرين بهذه المواد الإعلامية هم جيل الشباب و خاصة الطلاب و الطالبات . فالمواد الإعلامية التي تقدمها القنوات الفضائية ترتبط بأساليب تشويق و جذب تفتقر إليه مصا ر الثقافة التربوية ، فالصورة و الصوت تترافقان ـ عادةً ـ مع مؤثرات تسيطر على إدراك المشاهد و وعيه ، و تبث إليه بصورة غير مدركة قيما و مفاهيم و نماذج للحياة يتلقاها المشاهد أو المستمع بحواسه ثم يختزلها في عقله الباطن لتتحول بعد ذلك إلى سلوك و عادات قد لا تتفق مع ما عليه المجتمع من قيم و أعراف .
لقد تطورت أدوات الإعلام السمعية و البصرية تطوراً واسعاً و سريعاً ليس على مستوى الإمكانيات المادية بل على مستوى المحتوى الإعلامي الذي تقدمه ، فمنذ دخل التلفزيون إلى حياة الإنسان على يد عالم الفيزياء الأمريكي (الروسي الأصل) فلاديمير كوزما زوريكين ، عام 1924 شهدت البشرية نقلة نوعية في مجال الاتصال ، ازدادت تطوراً مع التقدم العلمي الذي وصلت إليه البشرية في عصرنا الحاضر ، و ازداد بالمقابل تأثيرها على الفرد و الأسرة و المجتمع .
إن معظم الدراسات العلمية تشير إلى أن مدى تأثير وسائل الإعلام على تكوين ثقافة الفرد و سلوكه ، خاصة السلوكيات السلبية في حياة كثير من الشباب فقد جاء في إحدى المجلات :(أن الفضاء العربي ازدحم في وقت قصير نسبياً بنحو 140 قناة فضائية وتزايدت نسب مشاهدة الجمهور لهذه الفضائيات وتفيد إحدى الدراسات العلمية الحديثة أن نسبة 69 % من الجمهور العربي يشاهدون الفضائيات لمدة أربع ساعات يومياً وأن 31 % منهم يشاهدونها لمدة ثلاث ساعات يومياً و 34.5 % لمدة ساعتين و15 % لمدة ساعة واحدة يومياً على حين بلغت نسبة نمو مقتني أطباق البث 12 % سنوياً و 40 % من هذه الفضائيات تتبع الحكومات العربية والبقية تعتبر مستقلة ظاهرياً فقط ، وتمثل البرامج الإخبارية في هذه الفضائيات حوالي 5 % فقط .
وأكد استبيان أجرته مجلة (ولدي) على 57 من آباء والأمهات و65 من الأبناء في كل من ( الكويت والسعودية والإمارات ) أن :الأبناء من سن 3 أعوام إلى 18 عام يشاهدون " الفيديو كليب ، منهم 3’92. % من الأبناء يتابعون باستمرار " الفيديو كليب "و7.7 % فقط من العينة من لا تحرص على متابعتها وأن 39 % من الأبناء تعجبهم كلمات الأغنية و 31 % يشاهدونها لجمال المغني / المغنية والراقص والراقصة و 26 % منهم يجذبهم إخراج الأغنية وعلاقة المرأة بالرجل فيها و25 % يتابعها لما تحتويه من إثارة وتشويق .
و تأتي التأثيرات الثقافية على الشباب من انفتاح الفضاء أمام قنوات مختلفة منها ما يسهم إسهاماً إيجابياً ، و منها ما يؤدي إلى انحراف فكري و سلوكي لدى بعض الشباب ، و لم يعد من الممكن السيطرة على ما تبثه القنوات الفضائية العربية منها والدولية ، خاصة في ظل تراجع و ضعف القنوات الرسمية ، ففي استفتاء أجراه موقع (arab polls) للاستفتاءات العربية أشار 53,3% ممن تمّ استقصاء آرائهم أنهم لا يثقون في الصحافة و التلفزيون الحكومي في بلدانهم , كما أشار 20% فقط أنهم يثقون بها، بينما توزعت بقية النسبة تقسيمات أخرى ، و عند سؤالهم عن القنوات التي يتابعونها تبين أن معظمها قنوات غير حكومية ، مما يشير إلى أن ما يتلقاه شبابنا و من بينهم طلاب و طالبات المؤسسات التربوية من الثقافة ليس بيد المؤسسة الرسمية ـ في الغالب ـ و أن مكونات هذه الثقافة ليست ـ بالضرورة ـ هي المكونات الثقافية السائدة في المجتمع ، و هذا ما يفسر بعض مظاهر التقليد التي تنتشر بين طلابنا و طالباتنا ، فهي انعكاس لما يتلقونه من ثقافات متعددة ، و ليس هذا شأن شبابنا فقط ، فقد أصبحت الظاهرة عالمية ، و غير مقتصرة على مجتمع دون غيره ،
و تشير دراسة أخرى (البياتي 2006) إلى أن 21% من المشاهدين يشاهدون التلفزيون ساعة ، و 27,5% يشاهدونه لمدة ساعتين ، و 22,5% يشاهدونه لمدة ثلاث ساعات ، أما الذين تزيد مدة مشاهدتهم عن 3 ساعات فهم 29% ، أما نوعية البرامج المفضلة لدى الشباب فهي 4,5% البرامج الإخبارية و 4% التربوية و التعليمية و 9,5% المسرحيات و 10,5% الدينية و 14% الرياضية و 26% للأغاني والموسيقى و 8% للأفلام العاطفية و 11% لأفلام العنف و الجريمة و 4,5% للبرامج الثقافية و 8% لأفلام الرعب
أما عن دور التلفزيون في إضعاف العلاقات الأسرية فإن 57,5% أجابوا بأن التلفزيون يتسبب في ذلك ، كما أجاب 51% بأن التلفزيون أكثر تأثيراً في الشباب من الأسرة ، كما أجاب 66% بأن للتلفزيون تأثيرات سلبية على قيم و عادات الشباب .
و تشير دراسة الحمود و آخرون 2007 إلى إن 31% من شباب الخليج العربي يتابعون برامج تلفزيون الواقع أو التصوير الحي مثل برامج ستار أكاديمي و سوبر ستار و الوادي
و في دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم (اليونسكو) حول معدلات تعرض الأطفال العرب للتلفزيون إلى أن الطفل قبل أن يبلغ الثامنة العشرة يكون قد أمضى أمام شاشة التلفزيون 22,000 ساعة ، في حين يقضي 14,000 ساعة في قاعات المدرسة ، هذا إذا علمنا أن نسبة الذين يشاهدون التلفزيون ما بين سن الثامنة و الخامسة عشر بلغت 99,9 % و أن هؤلاء الأطفال يقضون جزءاً كبيراً في مشاهدة التلفزيون دون رفقة من أهلهم
و لعل أطرف الأرقام تشير إلى أن أطفال اليوم حين يبلغون عامهم السبعين يكونون قد قضوا سبعاً و عشرين سنة أمام شاشة التلفزيون.
و إذا كانت هذه الأرقام تشير إلى عظم الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية فإن تأثيرها يأتي مساوياً لهذا الدور، فقد نشرت إحدى الصحف(24) تقريراً حول تأثر عنف التلفزيون جاء فيه
" أجرى أحد المواقع الإلكترونية الكندية والمسمى ijp استطلاعا لآراء 100 شاب كندي يعيشون في مدن مختلفة من كيبيك وياسينت ولاحظت من خلال طرح عدة أسئلة ،الأسباب المولدة للعنف لدى الشباب والتأثير القوي للتلفزيون، كأحد العوامل التي تفرز العنف لدى الشباب. وكانت الأسئلة تنحصر في إطار التلفزيون وما ينتجه من أفلام تحرض على العنف وتبعث عليه فكان السؤال الأول على الشكل التالي: إذا كنت تحضر أفلام العنف ، هل هذا يجعلك تقوم بحركات عنيفة تقلد بها ما شاهدته عبر التلفزيون؟ وجاءت إجابات الشباب بنسبة 58% نعم و 42% لا. وكان الاستنتاج أن أفلام العنف تولد لدى الشباب غريزة التقليد، فيقلد بطل الفيلم بحركاته وبما يقوم به من أعمال عنيفة، وتدمير وقتل وحرق. أما السؤال الثاني فكان يتعلق بحالة العنف في العالم ، هل ما نشهده اليوم في العالم من أعمال عنف لدى الشباب سببه التلفزيون ؟ فأجاب 62% من الشباب بالإيجاب و38% منهم بالنفي، فتبين من الأجوبة أن الشباب يعترفون بالتأثير الجامح للتلفزيون علي. ولمعرفة ميول الشباب تجاه الأصناف المتعددة للأفلام كانت النسبة الكبرى لأفلام العنف دون غيرها من الأفلام حيث بلغت النسبة المئوية 42% يحبذون أفلام العنف في حين أن محبي الأفلام الكوميدية كانوا 6% وأفلام الحب كانت حصتها 26% ، وأفلام الرعب كان معجبوها يشكلون 26% من مجموع الشباب الذين أجرى عليهم الاستفتاء. وهذه النسب تدل على أن الشباب يفضلون أفلام العنف ، إذ بإمكاننا أن نجمع النسبة المئوية لأفلام العنف مع النسبة المئوية لأفلام الرعب فنحصل على 68% من الشباب الذين يفضلون مشاهدة أفلام العنف. و لعل من أهم الآثار التي تخلفها المواد الإعلامية المستقاة من القنوات الفضائية هو تأثيرها على الهوية ، إذ أن كثيراً مما تبثه هذه الفضائيات يأتي من الدول الأجنبية بكل ما تحمله من قيم و مفاهيم و أسلوب حياة ، بل إن كثيراً مما ينتج و يقدم محلياً إنما هو صورة مكررة و مشوهة لما تقدمه الفضائيات الأجنبية ، فهناك قنوات عربية لا تقدم إلا مواداً أجنبية بكل ما تحمله من تصورات و مفاهيم و قيم تختلف أو تتناقض في كثير من جوانبها مع مقومات الهوية التي يتبناها المتلقي للرسالة الإعلامية .
و إلى جانب هذا هناك التأثيرات السلوكية التي تخلفها القنوات الفضائية ، فقد أصبح لها تأثيرات سلبية كما تشير إلى ذلك الإحصائيات و الدراسات ، ففي دراسة البياتي 2006 أجاب 66% أنهم يرون أن للتلفزيون آثار سلبية على عادات و قيم الشباب ، كما أجاب 3 % أنه (التلفزيون) يؤدي إلى انتشار الجريمة ، و أجاب 14 % أنه يؤدي إلى الكسل و التراخي و 2 % إلى شيوع الرذيلة، و أجاب 22 % بأن التلفزيون يؤثر سلباً على المستوى الدراسي ، لكن 59 % أجابوا بأن التلفزيون يتسبب في كل تلك الآثار السلبية ، و في سؤال آخر أجاب 80 % إلى أنه يؤدي إلى شيوع الاستهلاك في حياة الفرد و الأسرة ، و في إجابة أخرى ذكر 26,5 % أن التلفزيون يشيع ظواهر الموضة و قص الشعر ، و أجاب 9,5 % أنهم يقلدون نجوم التمثيل و الأفلام و المسلسلات في سلوكهم ، و أجاب 8,5 % أنهم يتأثرون بالمفردات و الكلمات و الألفاظ السلبية من خلال التلفزيون، و قد أجاب 55,5 % بأنهم يعتقدون أن التلفزيون يؤدي إلى كل تلك الظواهر السلبية .
ومن التأثيرات السلبية الثقافية ـ التي تخلفها وسائل الإعلام ـ هو التأثير على اللغة العربية إذ تحولت هذه اللغة لدى بعض أبنائها إلى لغة هجينة خليط من لغات شتى حتى أصبح كثير من طلاب المؤسسات الجامعية و طالباتها لا يحسن التعبير باللغة العربية أو الكتابة بها
و قد شعرت كثير من الدول بخطورة التأثير الثقافي على لغتها و ثقافتها ، فهذه وزيرة الثقافة اليونانية السابقة ملينا ميركوري تشتكي من مداهمة الثقافة الأمريكية ، و في فرنسا صرح وزير الثقافة أنه خائف من وقوع الشعب الفرنسي ضحية الاستعمار الثقافي الأمريكي بل إن رئيس وزراء كندا الأسبق بيار ترودو يشتكي من تأثير الثقافة الأمريكية على الشعب الكندي علماً بأن كندا هي الأقرب ثقافياً إلى أمريكا بحكم الجوار الجغرافي .
و إذا كانت هذه هي الآثار السلبية للقنوات التلفزيونية الفضائية ، فإن الجانب الآخر يجب ألا يغيب عن أي باحث ، فلا شك أن للتلفزيون آثاراً إيجابية لعل من أبرزها دوره في زيادة مدركات المشاهد خاصة الأطفال أو الشباب حيث يتعرف هؤلاء على كم كبير من المعلومات و الأفكار و الآراء مما يوسع من إدراكهم ، فالفضائيات تقدم كثيراً من المعلومات التي يمكن الاستفادة منها بل استخدامها في العملية التربوية ، هذا إضافة إلى أن مشاهدة التلفزيون تزيد من قدرة الأطفال على التذكر و الاستيعاب و تنمي لديهم الخيال و الابتكار كما تسهم في بناء شخصيتهم من خلال إعطائهم حرية الاختيار و الرقابة ا لذاتية و تعزز لديهم الاستقلالية و القدرة على إبداء الرأي و الرغبة في الحوار من خلال محاكاة ما يقدم في التلفزيون .
أما تأثيره الإيجابي على المؤسسة التعليمية فإنه يختصر لها كثيراً مما تقدمه ، فالبرامج التعليمية والتربوية التي تقدمها بعض الفضائيات يمكن أن تكون مصدراً معرفياً جيداً للعاملين و المؤسسة التعليمية ، كما يمكن الاستفادة من المادة العلمية في العملية التعليمية و اعتبار بعض البرامج العلمية و التربوية مرجعاً مفيداً للأساتذة و الطلبة على السواء ، لكن ذلك كله مرتبط بحسن استخدام ما تقدمه الفضائيات ، و بحسن التوجيه لمتلقي الرسالة الإعلامية من الطلاب و الطالبات .
وسائل الإعلام المطبوعة : تمثل الصحافة أ و الإعلام الورقي أو الإعلام المقروء الضلع الثالث في مثلث مصادر الثقافة الإعلامية ، فمنذ اخترع جوتنبرغ عام (1436 ـ 1438هـ) المطبعة شهد العالم تحوّلاً واسعاً في هذا المجال ، إذ ازداد عدد المطبوعات و اتسع انتشارها و تكررت نسخها و توفرت لكل من يطلبها ، و قد عرف العرب المطبعة أول مرة عام 1734 م في لبنان ثم جاء نابليون بحملته الشهيرة حاملاً المطبعة معه إلى مصر عام 1798 م ، ثم انطلقت مسيرتها بعد ذلك في كافة البلاد العربية لتسهم في إيجاد نهضة ثقافية واسعة كان للإعلام نصيب فيها ، حيث انتشرت الصحف و المجلات في البلاد العربية و تطورت مع تطور الآلة حتى أصبحت صورة جديدة عما كانت عليه الصحافة عند بدايتها ، سواء كان ذلك من حيث المحتوى أم الشكل أم الأدوات المستخدمة في ذلك ، و الإعلام الورقي من صحافة ومجلات ، هي من أقل وسائل الثقافة الإعلامية تأثيراً على جيل الشباب و خاصة من كان منهم في المراحل التعليمية ، إذ أن اهتمامهم بالشأن العام الذي ـ هو محور ما تدور عليه الصحافة ـ قليل ، و لذا فإن اهتمامهم يتجه ـ غالباً ـ إلى الصحافة المجتمعية أو المرتبطة بالقضايا التي تهتم الشباب في هذه المرحلة من العمر مثل المجلات الاجتماعية و الفنية ـ و خاصة بالنسبة للفتيات ـ أو المجلات الرياضية ومجلات السيارات و الأجهزة الإلكترونية و غيرها ـ بالنسبة للفتيان ـ و هذا ما تشير إليه الدراسات المتخصصة ، ففي دراسة وطفة أشار إلى أن 20 % فقط من الشباب يقرؤون الصحف يوميا ، و 28 % يقرؤونها أكثر من مرة أسبوعياً ، و 14 % يقرؤونها شهرياً ، و31% يقرؤونها عرضياً ، أما 5,9 % فلم يبدوا رأيهم(31) .
و في دراسة أخرى لمحمود و آخرون 2007 فقد أشارت الدراسة أن 34% من شباب الخليج العربي يتابعون الصحف اليومية و 61 % يتابعونها أحياناً و 5% لا يتابعونها .
لكن النتيجة الأخرى تبين السبب في عدم متابعة الشباب للصحف اليومية ، إذ أجاب 5 % فقط ممن تم استقصاء آرائهم بأنهم يصدقون أو يؤمنون بما يقرؤونه في الصحيفة اليومية ، بينما أجاب 89 % بأنهم يصدقون ذلك أحياناً ، أما 6 % فإنهم لا يصدقون و لا يؤمنون بما في الصحف اليومية ، و هذه نتيجة تبين السبب في قلة إقبال الشباب ـ خاصة الطلاب و الطالبات ـ على متابعة الصحف اليومية ، كما يبين مدى تأثير ذلك على تكوين الثقافة الإعلامية لديهم .
تكنولوجيا الاتصالات : فتحت ثورة المعلومات عصراً جديداً للبشرية يقارن بعصر الثورة الصناعية التي غيرت كثيراً من أوجه النشاط الإنساني ، و جاءت ثورة المعلومات لفتح آفاق جديدة للمعرفة و الثقافة ، و أصبح الإنسان قادراً على التواصل مع الآخر دون حواجز أو موانع ، و تعددت مصادر المعرفة التي يمكن أن ترفع السوية الثقافية للمتعاملين معها ، و لعل أبرز وسائل الاتصال الحديثة تأثيراً في ذلك هي الوسائل التقنية كشبكة الإنترنت و البريد الإلكتروني e.mail و الرسائل الهاتفية النصية s.m.s. التي تجاوز دورها كوسيلة للاتصال إلى مصدر من مصادر الثقافة و المعرفة ، فشبكة الإنترنت أصبحت مصدراً مهماً للوصول إلى المعلومات سواء كانت معلومات متخصصة أم عامة ، وسواء كانت مقروءة أم مسموعة أم مرئية ، مع تيسير سرعة الوصول إلى المعلومة و سهولة الحصول عليها و تعدد هذه المعلومة ، و تزداد المادة المطروحة على شبكة الإنترنت يوماً بعد يوم فهناك اليوم ملايين الكتب و الدراسات و المقالات والأبحاث التي يمكن للإنسان الاستفادة منها بسهولة و يسر ، و تجاوز الإنسان بذلك الجهد الكبير الذي كان يبذله للحصول على هذه المعلومة في وقت واحد و مكان واحد .
و إذا كان هذا شأن شبكة الإنترنت بصفة عامة ، فإن استفادة الطلاب و الطالبات ـ بصفة خاصة ـ تأتي في مقدمة المستفيدين منها ، نظراً لحصولهم ـ في الغالب ـ على تأهيل و تدريب علمي يمكنهم من الاستفادة من هذه الشبكة بصورة جيدة و سهلة ، كما أن مهاراتهم التقنية أكبر من غيرهم ممن لم يتوفر لهم حظ التعرف على هذه التقنية ، و هذا ما نجده في الفرق بين طلاب المؤسسات التربوية و عامة الناس بل وبعض آبائهم في استخدام شبكة الإنترنت ، ففي دراسة حول استخدام الطلبة لشبكة الانترنت العاني 2006 أجاب 75.4 % أنهم يستخدمون الشبكة لمدة تتراوح لبن 1ـ2 ساعة ، بينما أجاب 17 % أنهم يستخدمونها مبين 3ـ ساعات ، وأجاب 3.8% أنهم يستخدمونها أكثر من 5 ساعات ، وفي دراسة أخرى الحمود وآخرون 2007 أجاب 26% أنهم يستخدمون شبكة الانترنت أقل من ساعة بينما أجاب 30 % أنهم يستخدمونها ما بين 1ـ2 ساعة ,أجاب 26% أنهم يستخدمونها مابين 2ـ4 ساعات ، أما الذين يستخدمونها أكثر من 4 ساعات فإن نسبتهم تبلغ 18 % و يلاحظ أن الذين يستخدمون شبكة الانترنت من الشباب لأكثر من ساعة تبلغ نسبتهم 74% مما يشير إلى أهمية ودور هذه الشبكة وتأثيرها في تكوين وعي الطلاب و الطالبات ، و قد ساعد على ذلك الانتشار الواسع لهذه الشبكة في الجامعات و المؤسسات و البيوت و المقاهي و الأماكن العامة بحيث لم يعد هناك معوق يقف دون استخدام هذه الوسيلة التي أصبحت مصدراً للتثقيف العلمي و السياسي والاجتماعي و الصحي و الاقتصادي و غيرها من صور الثقافة التي يحتاجها الإنسان في حياته.
و لعل من مميزات شبكة الإنترنت هو انفتاحها على ثقافات العالم و تنوع محتواها مما يفتح آفاقاً واسعةً أمام المتعامل معها.
و تزداد أهمية شبكة الإنترنت من خلال استخدامها وسيلة للاتصال عبر البريد الإلكتروني e.mail أو بوابات التواصل بين المستخدمين للشبكة ، و إذا كانت الشبكة الأم تضم معلومات لا يستطيع المتصفح لها تغيير المادة المعروضة أمامه ، فإن البريد الإلكتروني يحقق تلك الرغبة للتعامل معها من خلال ما يرسله من معلومات أو مواد علمية أو ثقافية عامة أو رسائل شخصية أو صور أو ملفات مسموعة أو مرئية أو غيرها من المواد ، و مما ساعد على ذلك أن مزايا استخدام البريد الإلكتروني سهلة و رخيصة ؛ فالمتعامل لن يضطر إلى مراعاة فروق التوقيت أو المسافات الجغرافية ، كما أن الاستخدام أقل تكلفةً و أقل جهداً ؛ فهي لا تحتاج إلى التعامل مع مكان معين أو شخص بعينه ، كما أن حجم ما يتم إرساله ليس محدوداً بل يمكن استخدام أعداد كثيرة من الرسائل و المعلومات لإرسالها وفقاً للطاقة الاستيعابية للبريد الإلكتروني ، و لقد أحدث البريد الإلكتروني ثورة في العملية التعليمية ، فقد أصبح وسيطاً بين الأساتذة و الطلاب و الطالبات حيث يمكن التواصل بينهم لإرسال الواجبات الدراسية أو التكليفات أو تقديم الأسئلة و تلقي الردود عليها ، أو حتى لاستخدام البريد الإلكتروني أو شبكة الإنترنت ـ بصفة عامة ـ للتواصل بين المجموعات خلال الدروس الإلكترونية أو الساعات المكتبية ، كما أن الشبكة يسّرت للطالب و الطالبة التسجيل في المساقات الدراسية لطلبة الجامعات أو تغييرها أو تقديم الامتحانات غير المباشرة و تلقي نتائج الامتحان أو غيرها من أشكال التواصل غير المباشر ، و إذا كان هذا شأن الطلاب و الطالبات فإن أعضاء هيئة التدريس أكثر استفادةً و ذلك في تواصلهم مع طلابهم أو مع الإدارات المختلفة في المؤسسة الجامعية أو التواصل مع زملائهم في الجامعات و المعاهد و المؤسسات المختلفة .
لقد أحدثت شبكة الإنترنت "نقلة مهمة في آليات التعليم و التعلم، فهي تعمل على توفير الخدمات التربوية بصورة أسرع و بتكلفة أقل، هذه المكاسب تعود إلى إعادة النظر في فلسفة العمل التربوي و مناهجه و آلياته، و العمل على دمج قواعد المعلومات التربوية و تكاملها. كما أنها تطور نظام الإدارة التربوية و المدرسية و تعمل على إيجاد علاقة جديدة بين العاملين في الحقل التربوي و بعضهم البعض من جانب، و بينهم و بين الشركاء التربويين و المستفيدين من الخدمات التربوية من جانب آخر.
و بفضل هذه الشبكة " فقد ظهرت اليوم بوادر نقل الثقافة من جيل إلى جيل آخر بدون استخدام الورق . و لدى البحث في الإنترنت يجد القارئ مواد كثيرة تحت عنوان صفوف بلا أوراق. وفي هذا الخصوص تشير كامبن إلى مثل هذا التطور التكنولوجي من حيث أن استخدام التكنولوجيا المتقدمة أوجد صفوفاً دون أوراق . فالمحاضرات تُلقى و الواجبات البيتية تُؤدّى، والامتحانات تجرى جميعاً على الآلة المبرمجة بدون استخدام الأوراق ، و يحصل الأساتذة على التغذية الراجعة المباشرة من الطلاب و يزودونهم بنتائجهم على الآلة المبرمجة مباشرة دون استخدام الأوراق . و هم يقتصدون في الكثير من الوقت الذي كان يصرف في تسجيل المحاضرة على الأوراق. كما أن المحاضرة يتم إعدادها باستخدام الباور بوينت (Power Point) على الآلة المبرمجة مع الكثير من الصور و الرسوم البيانية التي تثير الدافعية لدى الطلاب ، و التي تمكّن الطلاب من تركيز انتباههم دون مشتتات و دون الحاجة إلى صرف جهود من أجل تسجيل الملاحظات ، إذ يرسل المحاضر فحوى محاضرته إلى بريد الطلاب الإلكتروني. كما يحصل الذين لا يستطيعون الحضور إلى الدرس على كامل المحاضرة بوساطة الإنترنت. و لا تطلب بعض المدارس التي تطبق نظام التدريس بدون أوراق شراء الكتب الدراسية، وبدلاً من ذلك تقدم كل شيء على الإنترنت.
و بجانب ذلك يجمع بعض الأساتذة بين الصفوف التي دون أوراق و الطريقة الكلاسيكية التي تستخدم فيها الأوراق في أداو الامتحانات و الواجبات المنزلية فقط ، و تبرز جوانب إيجابية عديدة للصفوف التي بدون أوراق ، و يزداد اهتمام الطلاب و يصل إلى الذروة باستخدام التكنولوجيا المتقدمة ، و يحصل الطلاب على درجاتهم في الامتحانات و الواجبات المنزلية مباشرة دون أي تأخير ، و يوفر استخدام الآلة المبرمجة للأساتذة الوقت للانشغال بأمور أكثر أهمية ".
و إذا كانت هذه الاستخدامات تتم من خلال شبكة الإنترنت و البريد الإلكتروني فإن البريد الإلكتروني أصبح مصدراً للتثقيف العام بما يتلقاه الطلاب و الطالبات من رسائل متعددة المصادر ، فبين مقالة و رسالة و حكمة و موقع و خبر و معلومة صحية أو اجتماعية أو تربوية أو غيرها تتواصل الرسائل الإلكترونية مقدم خدمة تثقيفية واسعة على الرغم من الآثار السلبية التي يمكن أن تخلفها بعض الرسائل التي تصل على البريد الإلكتروني كالرسائل الإعلانية أو الرسائل الخادعة باسم الكسب السريع أو الثراء المالي ، أو الرسائل غير الأخلاقية أو الأخبار الكاذبة أو الإشاعات أو غيرها من الطرق السيئة لاستخدام هذه الوسيلة التقنية ،
فقد ذكر موقع عالم التقنية الإلكتروني نقلا التقارير التي نشرها مؤخراً موقع فيريس أن أكثر من 45 % من رسائل البريد الإلكتروني ما هي إلا عبارة عن رسائل دعائية ( spam ) يتم إرسالها إلى مستخدمي البريد الإلكتروني حول العالم دون استئذان. وتتسبب هذه الرسائل حسب الموقع بخسائر سنوية بمئات الملايين من الدولارات رغم كافة المحاولات للتصدي لها ووضع العقبات في طريق وصولها إلى صناديق البريد، والمشكلة الأكبر هي أن تلك الرسائل تصل أيضاً إلى الأطفال والكثير منها يضم محتوىً له ضرر كبير على الأطفال واليافعين ، في هذا الإطار قامت شركة (سيمانتك)العاملة في ميدان حماية البيانات بإجراء استطلاع للرأي بغية التعرف على مدى الأخطار التي تشكلها تلك الرسائل على الأطفال وموقف الأطفال من تلك الرسائل وكيفية التعامل معها. وقد أظهر الاستطلاع أن ما نسبته 80% من الأطفال الذين يستخدمون البريد الإلكتروني يستقبلون رسائل بريد إلكتروني دعائية كل يوم وبخاصة خلال فترات العطلة حيث يقضي الأطفال الكثير من الوقت في تصفح الإنترنت. وبعض تلك الرسائل تتضمن محتوىً لا ينبغي عليهم أن يطلعوا عليه، و شمل الاستطلاع 1000 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 7 و18 عاماً وتطرق لبعض المواضيع التي تتعلق بتجارب الأطفال مع الرسائل الدعائية وموقفهم من تلك الرسائل. وعندما سئل من شملهم الاستطلاع عن طبيعة الرسائل التي تصلهم، أشار 80 % منهم إلى أنهم يستقبلون رسائل تدعو للمشاركة بمسابقات وسحوبات معنونة بعناوين رنانة مثل اربح وحدة بلاي ستيشن2 أو اربح رحلة إلى هاواي مدفوعة التكاليف . و62% منهم يتلقون رسائل تتعلق ببناء علاقات الصداقة والدردشة عبر الإنترنت تحمل عناوين مثل تعرف على أجمل الفتيات عبر شبكة الإنترنت . أما 61% منهم فأشاروا إلى تلقيهم رسائل تروّج لبضائع وسلع تجارية و55% تلقوا رسائل دعائية لمنتجات التخسيس والحمية تحمل عناوين مثل تخلص من 15 باوند من وزنك خلال يومين فقط ، و 51% أيضاً تلقوا رسائل تروّج لمنتجات ومستحضرات دوائية كالفياغرا وغيرها. و47 % تلقوا رسائل تحمل وصلات إلى مواقع إباحية تضم صوراً وأفلاماً لا يجب أن يطّلعوا عليها ، والمشكلة تكمن في أن معظم الأطفال لا يتجاهلون تلك الرسائل ويفتحونها مدفوعين بالفضول الذي تحركه لديهم العناوين الرنانة لتلك الرسائل، فوفقاً للاستطلاع يقوم واحد من كل خمسة من هؤلاء الأطفال (ما يقارب 21 %) بفتح تلك الرسائل والقيام الكثير من هؤلاء الأطفال بالطبع ينزعجون من تلك الرسائل ولا يناقشون الموضوع مع أهاليهم، وقد أشار 51% من هؤلاء في الاستطلاع إلى أن هذه الرسائل تزعجهم، إلا أن 13% منهم أشاروا إلى أن مثل تلك الرسائل تثير فضولهم ويطلعون عليها، وحتى عندما يطلعون على محتوى تلك الرسائل فإن 38% منهم لا يطلعون أهاليهم على ذلك ،ومن ناحية أخرى أشار الاستطلاع المذكور إلى أن الكثير من الأطفال ليس لديهم فكرة وافية عن ماهية تلك الرسائل، كما أن واحد من كل ثلاثة لا يعلمون ما إذا كانت تلك الرسائل مفيدة لهم أم لا، وما إذا كان ينبغي عليهم فتحها أم لا. إضافة لذلك، هناك 22 % من المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى أن أهاليهم لم يناقشوا معهم مسألة البريد الإلكتروني أو أية تعليمات مرتبطة بتلك الرسائل فيما يتعلق بطرق التعامل مع الرسائل الدعائية غير المرغوبة.
و أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن معظم الأطفال يملكون عناوين بريد إلكتروني خاصة بهم، كما أن أكثر من 50 % منهم يتفقدون بريدهم الإلكتروني باستمرار دون أي رقابة من أهاليهم، حتى أن 76 % من هؤلاء يملكون أكثر من عنوان بريد إلكتروني واحد. وعندما سئل هؤلاء الأطفال الذين شاركوا في الاستطلاع عن عدد المرات التي يتفقدون فيها بريدهم أشار 72 % منهم إلى أنهم يتفقدونه عدة مرات كل يوم. و عند ما سئلوا عما إذا كانوا يتفقدونه بحضور أحد الوالدين، أشار أكثر من 30 % منهم إلى أنهم لا يولون ذلك أي اهتمام، كما أن 16 % منهم أعربوا عن عدم رغبتهم في إطلاع أهاليهم على الرسائل التي تصل إلى بريدهم الإلكتروني. ولما تم سؤالهم ما إذا كانوا يستأذنون أهاليهم عندما يريدون إعطاء عنوان بريدهم الإلكتروني لأحد الأصدقاء أو أحد مواقع الإنترنت فقد أجاب 46% منهم بـ لا .
الدراسة التي أجرتها ( سيمانتك ) أظهرت أن الأطفال يدخلون إلى الإنترنت بكثافة أكبر خلال أشهر الصيف بعد أن تغلق المدارس أبوابها. و عندما تم سؤالهم عن عدد الساعات التي يقضونها في تصفح الإنترنت، أشار 44 % منهم إلى أنهم يستخدمون الإنترنت لمدة ساعتين تقريباً كل يوم. أما الذين يستخدمون الإنترنت لأكثر من ساعتين في اليوم فوصلت نسبتهم إلى 23 %. وأشار 75% من هؤلاء الذين يقضون أكثر من ساعتين في اليوم في استخدام الإنترنت إلى أن معظم هذا الوقت يقضونه في قراءة وإرسال البريد الإلكتروني.
لكن أخطر التأثيرات على مستخدمي البريد الإلكتروني هي الرسائل والاستخدامات غير الأخلاقية، ففي تقرير أجري على طلاب المدارس في بريطانيا تبين أن واحداً على الأقل من كل 10 قد استخدم رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل الهاتفية النصية في التهكم على الآخرين. ويقول تقرير بثته إذاعةBBC - 5 إنه تصعب مواجهة أو منع الاستخدام المسيء لمثل تلك الوسائل الحديثة حتى على الآباء والجمعيات المهتمة وفي المدارس.
لكن هذه السلبيات و المخاطر لا يمكن أن تقف عائقاً دون الاستخدام الأمثل لشبكة الإنترنت و البريد الإلكتروني خاصة إذا خضعت هذه الشبكة لمراجعة و تنقية من الجهات المشرفة على تقديم الخدمة .
و من وسائل التثقيف العامة لدى طلاب المؤسسات التربوية و التعليمة و طالباتها، الرسائل الهاتفية النصية s.m.s. ، فقد وفرت هذه الخدمة الإلكترونية وسيلة سهلة و بسيطة للتواصل بين الناس ، و قد زاد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة كوسيلة تثقيفية أيضاً إذ تصل رسائل من مصادر عامة كالمؤسسات التعليمية و المؤسسات الحكومية و الشركات و غيرها معرّفة بنشاطها أو برامجها أو أخبارها ، كما تصل رسائل شخصية مباشرة كالرسائل التي يتبادلها الناس يوم الجمعة والمناسبات تحمل توجيهات دينية أو أدعية أو حث على أداء فريضة أو نهي عن سلوك سيء أو غير ذلك من الرسائل القصيرة التي أصبح لها تأثير واضح على متلقيها ، و قد تستعمل هذه الرسائل كذلك في المناسبات العامة أو الخاصة كالتهنئة بحلول شهر رمضان أو العيدين أو التهنئة بالمناسبات الخاصة كالزواج و النجاح و السفر و غيرها ، كما تتضمن بعض الرسائل تعريف بالأنشطة التي تقوم بها المؤسسات التعليمية كالمحاضرات العامة و الندوات و المؤتمرات وغيرها مما يشكل مصدراً تثقيفياً جديداً بدأ يلج إلى ساحة المؤسسات التعليمية ، كما يمكن الاستفادة تربويا من هذه الوسائل .
إن مهمة الثقافة العلمية ، في تقليص الفجوة بين العالمين الغربي و العربي ، بشكل عام تزداد إلا أن تلك الحقيقة أيضا تجعل مهمة نشر الثقافة العلمية الدول العربية أكثر ضرورة و إلحاحا في واقع الحياة المعاصرة لأن معايير تقدم و تطور المجتمعات مرتبطة بمدى استيعاب أفراد المجتمع للعلوم و التقنية، و استجاباتهم لها، و كفاءتهم في التفاعل معها على طريق تحقيق مواصفات المجتمع العلمي .
كيفية مواجهة المعوقات:
إن مواجهة معوقات نشر الثقافة العلمية و التقانية وأسلوب التنفيذ يعتبر نشر الثقافة العلمية في الجزائر وسيلة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ، واللحاق بالمجتمعات التي سبقتنا في التقدم، ولمشاركة الوطن العربي مشاركة فاعلة في التقدم الإنساني، بدلاً من أن يبقى مجرد مستهلك لنتائج العلم والتقانة دون أن يضيف جديداً إلى المعارف الإنسانية.
و تعتبر عملية نشر الثقافة العلمية في الوطن العربي وسيلة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ، واللحاق بالمجتمعات التي سبقتنا في التقدم، ولمشاركة الوطن العربي مشاركة فاعلة في التقدم الإنساني، بدلاً من أن يبقى مجرد مستهلك لنتائج العلم والتقانة دون أن يضيف جديداً إلى المعارف الإنسانية.، ولكي لا تكون هناك أمية علمية ثقافية في الجزائر يجب الاهتمام بتعليم العلوم في المدارس وفق منهجية علمية ثقافية تأخذ في الحسبان النقاط التالية :
أولاً: تحديد وتعبئة الموارد المادية والبشرية المتاحة.
ثانياً: تفعيل دور أجهزة الثقافة العامة ووسائل الإعلام في تنمية الفكر العلمي في المجتمع ، والاستفادة القصوى من وسائل الإعلام المرئية ، المسموعة و المكتوبة لنشر مبادئ العلوم وذلك بتقديمها بصور مبسطة وأسلوب علمي منمق ومنهجي تطبيقي يتناسب وأذواق وعقول أكبر شريحة من الأفراد الاهتمام بالمحاضرات والملتقيات العلمية كأسلوب جيدً لنشر الوعي العلمي وفتح باب النقاش والحوار في القضايا الفكرية والعلمية المعاصرة ، كما يجب الاستفادة المثلى من المعرض والندوات العلمية التي تعقد سنوياً ودورياً ، وذلك بعرض نشرات علمية وإيضاحية في مجالات ما يقدمه المعرض أو الندوة ، وتقديم برامج إيضاحية مبسطة وإعطاء أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم الفرصة لدخولها والمشاركة الفعلية فيها ـ حتى لو كانت متخصصة وتعقد في الجامعات ـ ويعد هذا الأسلوب من أحد الطرق المتميزة التي تساهم بجدية في عمليات محو الأمية العلمية كما يمكن فتح المجال لطلبة المدارس بزيارات ميدانية إلى المعارض المصاحبة للمنشآت الصناعية والتعليمية وغيرها ويجب حث الشركات العارضة على إحضار وتوزيع ملصقات ونماذج علمية وأيضاً بعض الأجهزة العلمية البسيطة والكتيبات لتوزيعها على الطلبة والمختصين ولا يتم تعليم العلوم ومحو الأمية الثقافية العلمية في المدارس بجميع مراحلها فقط بل يجب أن تستمر لتشمل كافة فئات المجتمع على اختلاف مستوياتهم التعليمية والفكرية من خلال عقد الندوات والملتقيات العلمية الخاصة والعامة وإجراء المقابلات باستخدام وسائل الإعلام و استغلالها استغلالاً جيداً لتقديم البرامج الهادفة التي تتعامل مع الإبداع العلمي والابتكارات الحديثة والتي تشجع المتتبع لها ـ سواء كان مستمع ،مشاهد أو قارئ ـ على الاعتماد على التفكير واستخراج المعلومات خصوصاً وأن معظم وسائل الإعلام أصبحت تبدي اهتمام متزايد بالبرامج والمسابقات الرياضية والترفيهية المختلفة فضلاً عن أنها تقدم المسابقات التي تتطلب من الفرد الاعتماد على الثقافة و المعرفة ، أو تقوم بتقديم مسابقات ميدانية في المدارس فيما بين التلاميذ تتعلق بما يدرس في المراحل التعليمية المختلفة وتنصب في صلب المناهج، وبين فئات طلابية مختارة من قبل إدارات المدرسة ، وتعتمد النتائج فيها على قدرة الحفظ عند التلاميذ .
ثالثاً: تحسين العلاقة بين العلم والدين.
رابعاً: نظم التربية والتعليم ودورها في نشر الثقافة العلمية وتنمية الفكر العلمي:وفي هذا الإطار ورد في تقرير اليونسكو سنة 1996 أن التربية في القرن الحادي والعشرين يجب بناءها على أربعة أسس هي:
1) التعلم لنكون:" و هو توجه أساسي يهدف إلى التنمية الشاملة لكل فرد على مستوى الروح والجسد ، و العقل ، و الوجدان و الخيال و الإبداع ، و كمقدمات الشخصية ، و ذلك لتفادي الأثر السالب لظاهرة التنميط السلوكي، للفرد كما يدعو إلى إتاحة كل الفرص الممكنة للأطفال والشباب للتجريب والاكتشاف الفني ،الجمالي ،العقلي، التقاني والاجتماعي وهو ما يقضي بمساعدتهم على فهم ذواتهم و تعرف الخيارات الفضلى المتوافرة لهم أمام مجتمعاتهم و تمليكهم الحس النقدي تجاه الثقافة التي ينتمون إليها"
2) التعلم للمعرفة: والمقصود به اكتساب المعارف و القدرة على إتقانها و تحويلها و صنعها واعتبار ذلك وسيلة و هدفا في ذات الوقت ، فتعلم المعرفة وسيلة لأن المعرفة تمكن من " العالم المحيط على الأقل بقدر ما يكون ذلك ضروريا للعيش حياة كريمة، ولتنمية قدراته (الفرد) المهنية ،و للاتصال بالآخرين. أما باعتباره غاية، فإن أساسه متعة الفهم و المعرفة و الاكتشاف".
3) التعلم للعمل:بمعنى تنمية القدرة لدى الشباب والعاملين على توظيف المعرفة والتقانة توظيفا علميا واكتساب الكفايات اللازمة.
4) التعلم للعيش معاً:و يتمثل في مشاركة الآخرين و التعاون معهم ويعتبر التعلم للعيش معا، من الرهانات الكبرى للتربية في عالم ينتشر فيه العنف و تتطور فيه وسائل التدمير الذاتي.
وحول تطوير البحث العلمي، أرى أ ن الغموض مازال يكتنف السياسة العامة للبحث العلمي مع غياب الإستراتيجية على المستوى القومي، التي ترتكز على الإمكانات المتوفرة، والاستفادة القصوى من أساليب العلم والتقانة، مع ضعف التنسيق البحثي بين المؤسسات البحثية، كما أرى أّننا لا نستطيع طرق جميع السبل في جميع الاختصاصات، فلا بد أن يجري الاتفاق على أولويات بحثية، أذكر منها، على سبيل المثال، التقانة الحيوية، وهندسة البرمجيات، والأمن المائي، والطاقات المتجددة والبديلة، وبحوث البيئة، والتنوع الحيوي، والعلوم العسكرية، والعلوم المحرمة على الدول النامية، والبحوث التربوية، والأمن الثقافي، والبحوث التي تتعلق بالإدارة، وهذا يتطلب توفير الأطر العلمية المختصة، والاهتمام بالبيئة المناسبة للبحث، والتنسيق بين المؤتمرات، والندوات، وحلقات البحث و ورشات العمل، وجميع الفعاليات المناسبة، على المستويين المحلي والعربي، كما يتطلب العناية بجودة البحث، وبالحاضنات التقانية، وحاضنة الأعمال، والإسراع في استكمال شبكات المعلومات القطرية. ولا بد لبلوغ الغاية في كل هذا من أن تكون هناك هيئة عليا للبحث العلمي محليًا وعربيًا، ُتعنى بالترشيد والتنسيق والتكامل، إضافة إلى وضع السياسات والاستراتيجيات.
وفي جانب توطين التقانة، أرى أنه لا بد من التوسع المكثف في تدريب الطاقات البشرية على مختلف فروع العلم والتقانة، وتوجيه الطاقات البشرية المدربة نحو فرص العمل في القطاعات العلمية الإنتاجية، وزيادة الدعم المالي للبحوث والتطوير التقني، كما يجب مشاركة الباحثين في التخطيط العلمي، مع تعزيز التواصل مع القطاعات المستفيدة من البحث، وإيقاف نزيف هجرة الأدمغة مع تشجيع عودة أبناء الوطن إلى أهلهم، بعد انتهاء تدربهم. ولا بد كذلك من سنِّ التشريعات الضرورية لتعزيز تنمية التقانة وحماية الملكية الفردية.
ومما يؤسف له أيضًا، عدم إدراك القيادة السياسية والعلمية والثقافية في بلادنا، للآثار السلبية، البالغة الخطورة، التي تنشأ عن إهمال اللغة العربية في بعض مراحل التعليم، واللجوء إلى غيرها بدعوى التواصل مع العالم، وكأن اهتمامنا بلغتنا يحجبنا عن إتقان غيرها من اللغات السائدة في العالم. ولقد أوصت مؤتمرات اليونسكو باستعمال اللغات الوطنية في مراحل التعليم المختلفة. ومما يفيد في هذا الاتجاه تنشيط ترجمة الكتب العلمية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية. لقد بات من الضروري إنشاء شبكة اتصال عربية حاسوبية تربط المراكز المعنية بشؤون الترجمة والمصطلح العلمي، وتوثيق الكتب المترجمة في الوطن العربي، بغية الحصول على المعلومات والبيانات المتصلة بشؤون الترجمة، وتهدف إلى تنسيق الأنشطة المتعلقة بالترجمة على المستويين العربي والعالمي. يشمل هذا التنسيق أمورًا عدة منها:
وهنا تظهر الحاجة الماسة إلى توجيه المدرسة العربية والتربية العربية لمساعدة التلميذ على استيعاب الثقافة العلمية و التقانية التي أصبحت عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية العربية. إن تحقيق هذا الهدف لا يمكن أن يتم في فراغ أو بدون ارتباط وتكامل مع أنساق اجتماعية وثقافية أخرى في حياة الإنسان العربي. وإلى جانب العمل التربوي الموجه إلى التلميذ في المدرسة، هناك ضرورة قصوى لخطة عمل عربية مشتركة وموجهة إلى الإنسان العربي البسيط والعادي، وعامة شرائح المجتمع والذين هم في حاجة إلى ثقافة علمية مبسطة ووعي ليس بمفهوم العلم والتقنية فقط، بل لبناء القدرة على استيعابها والتعامل معها، والعمل بمفاهيمها وأدواتها في مختلف المجالات والميادين الاجتماعية والاقتصادية. إن الواضح الآن أن الإنسان العربي سواء في حياته الشخصية أو المهنية، لا يزال غير قادر على التعامل أو العيش في "مجتمع المعرفة" أو "مجتمع العلم والتقنية" الذي بدأ ينمو ويتكون في الحياة العربية.
إعادة النظر في المدرسة العربية , وهذا يتطلب ما يلي:
 تحول أساليب التدريس والتعليم من الحفظ والتلقين والتذكر وتمجيد الماضي و بطولاته، إلى أساليب التعليم، التي تعتمد مناهج التحليل والتركيب والاستنتاج والتطبيق، والنظر إلى الظواهر مهما كانت في بيئة الطالب، نظرة علمية متكاملة. فلنفرض أن هناك درسًا في البيئة، فلا تدرس البيئة بأسلوب حفظ الحقائق عنها، وإنما تدرس كظاهرة أو منظومة من الظواهر والأنساق والمؤسسات المترابطة والمتفاعلة في الأسباب والنتائج، فمثل هذه الطريقة تحول عقل التلميذ من إدراك البيئة كظاهرة منطقية صورية في فراغ، إلى ظاهرة حية متشابكة متفاعلة متحركة في إطار منظومة أوسع، هي المحيط الاجتماعي والطبيعي.
 بإعادة النظر في المفاهيم التعليمية، وعندما نقول ذلك فإننا نعني صراحة إعادة بناء العقل العربي وتكوينه، وبالتالي تكوين مجتمع المعرفة على المدى الطويل، وهذا لن يتم ويتحقق فجأة، أو بين يوم وليلة، وإنما يتطلب فلسفة تربوية وتعليمية مختلفة عما هو سائد في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية، من أساليب الاستقبال والحفظ والتلقين واسترجاع المعلومات لغرض النجاح في الامتحانات، إلى شيء آخر هو إعادة صنع العقل العربي، ونقطة البداية هي الطفولة، والتعليم الأساسي، وإلى كل مراحل العمر. وحتى إن حاولنا في التعليم الجامعي، فلا يبني بيت أو قصر على جبال من الرمال، فأساس العلم والتقنية هو الطفولة.
 التأكيد على استحداث وتنمية بيئة ومناخ علمي في المدرسة ، ومنذ سنوات أو مستوى روضة الطفولة ، وترتب هذه البيئة العلمية بما يتناسب والعمر العقلي والزمني للتلميذ ، ومن شأن وجود مثل هذه البيئة العلمية ، لفت انتباه التلميذ ودفعه للتفكير في مكوناتها وعلاقاتها ببعضها بعضَا . ومن الأفضل أن تشكل هذه البيئة العلمية المدرسية أو المختبر، أساسًا لدروس علوم الحياة والطبيعة وعلوم المجتمع والتقنية المعاصرة .
 النشر الكامل للتعليم راقي النوعية مع ايلاء عناية خاصة لطرفي المتصل التعليمي ،و للتعلم المستمر مدى الحياة. تتضمن المقترحات التفصيلية في مجال إصلاح التعليم. إعطاء أولوية للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة ،و تعميم التعليم الأساسي للجميع ، مع إطالة أمده لعشرة صفوف على الأقل ، و استحداث نسق مؤسسي لتعليم الكبار ، مستمر مدى الحياة ، و ترقية جودة النوعية في جميع مراحل التعليم ، و إعطاء اهتمام خاص بالنهوض بالتعليم العالي ، و الالتزام بالتقييم المستقل و الدوري للنوعية في مراحل التعليم كافة.
 توطين العلم و بناء قدرة ذاتية في البحث و التطوير التقاني في جميع النشاطات المجتمعية من خلال تشجيع البحث الأساسي ، و إقامة نسق عربي للابتكار يتمركز قطريا و يتخلل النسيج المجتمعي بأجمعه ، مع استكماله و تعزيزه بامتدادات عربية و دولية قوية . و ينبغي الإسراع في تطبيق تقانات المعلومات والاتصالات في إطار من السياسات والحوافز التي تشجع على الوصول إلى المعلومات. و يمكن أن تكون اللغة العربية عنصرا قويا في كتلة إعلامية عربية تتنافس بصورة فعالة مع بقية العالم
 التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية و الاقتصادية العربية ن من خلال التوجه نحو تطوير الموارد القابلة للتجدد اعتمادا على القدرات التقانية و المعرفية الذاتية ، و تنويع البنى الاقتصادية و الأسواق ،كما يتطلب تطوير وجود أقوى في الاقتصاد المعرفة ن تعزيز نسق حوافز مجتمعي يعلي من شأن اكتساب المعرفة وتوظيفها في بناء التنمية الإنسانية بدلا من الوضع الراهن الذي تتمحور فيه القيم حول الامتلاك المادي ، والحظوة لدى مصدري القوة ، المال و السلطة.
 تأسي نموذج معرفي عربي عام، أصيل منفتح، و مستنير، يعتمد التوجهات الرئيسية التالية:
العودة إلى صحيح الدين و تخليصه من التوظيف المغرض و استعادة المؤسسات الدينية لاستقلالها عن السلطات السياسية و عن الحكومات و الدول وعن الحركات الدينية السياسية الراديكالية.
النهوض باللغة العربية من خلال إطلاق نشاط بحثي و معلوماتي جاد ، يعمل على تعريب المصطلحات العلمية و نحت ما يمكن اشتقاقه دون تقعر ، ووضع معاجم وظيفية متخصصة ، و أخرى ارصد المفردات المشتركة بين المحكيات و الفصحى يستعان بها في برامج الأطفال و المنشورات المكتوبة و الصوتية ،و لا بد أن يتزامن مع هذا الجهد عمل دءوب لتيسير اكتساب اللغة العربية السليمة من خلال مختلف قنوات التعلم النظامية وغير النظامية، و حركة تأليف مبتكر و إبداعي على مستوى الاعمار الأولى.
استحضار اضاءات التراث المعرفي العربي و إدماجها في لحمة النموذج المعرفي العربي بشكل يتجاوز التفاخر الأجوف إلى التمثل المتأصل لأسباب ازدهار المعرفة العربية في العقول و البنى المؤسسية العربية.
إثراء التنوع الثقافي داخل الأمة و دعمه و الاحتفاء به من خلال حماية كل بلد عربي لجميع الثقافات الفرعية التي يحملها أبناؤه ، بل و دعم فرص ازدهارها و تلاقحها بعضها مع بعض ، كما يتطلب ذلك التزام القيادات السياسية و الأخلاقية بالدعوة إلى التعددية و التسامح.
الانفتاح على الثقافات الإنسانية الأخرى من خلال حفز التعريب و الترجمة إلى اللغة العربية، و الاغتراف الذكي من الدوائر الحضارية غير العربية ،و تعظيم الاستفادة من المنظمات الإقليمية والدولية ، و العمل على إصلاح النظام العالمي من خلال تمتين التعاون العربي .
إن قلة سبل إنتاج المعرفة وركود عملية نموها يحكمان على البلدان التي تعانيهما ـ و الجزائر إحدى هذه الدول ـ بضعف القدرة الإنتاجية وتضاؤل فرص التنمية ، حتى أن فجوة المعرفة و ليس فجوة الدخل أصبحت تعد في نظر مؤسسة اقتصادية دولية كالبنك الدولي ، المحدد الرئيسي لمقدرات الدول في العالم الآن ، وجماع الرأي أن الفجوة في القدرة على إنتاج المعرفة بين البلدان النامية وتلك المتقدمة بعد أضخم من فجوة المعرفة . و على هذا يحق القول بأن المعرفة هي معيار الرقي الإنساني في الطور الحالي من تقدم البشرية.
ومن ناحية أخرى ، فإن البلدان التي تعاني من قصور واضح في اكتساب المعرفة أولى بأن تسعى لإقامة مجتمع المعرفة في المجتمعات التي يقل فيها اكتساب المعرفة في المجتمعات التي يقل فيها اكتساب المعرفة و تزداد ، ومن ثم فرص الاستفادة من معين المعرفة المتاح على الصعيد العالمي ، بعبارة أخرى ، في المنظور المقارن ، تعظم الحاجة إلى حفز اكتساب المعرفة،و يتعاظم العائد التنموي المتوقع عليه.
المعرفة تتكون المعرفة من البيانات و المعلومات والإرشادات و الأفكار، أو مجمل البنى الرمزية التي يحملها الإنسان أو يمتلكها المجتمع في سياق دلالي تاريخي محدد ،وتوجيه السلوك البشري فرديا ومؤسسيا ، في مجالات النشاط الإنساني كافة ، في إنتاج السلع و الخدمات و في نشاط المجتمع المدني و السياسة و في الحياة الخاصة.
مع التركيز على أن يعم بتعليم العلوم جميع فئات الطلبة، وأن تكون موافقة لأهداف وأغراض متطلبات التنمية وذلك من خلال إعداد طلبة المراحل الأساسية والثانوية إعداداً جيداً ليتمكنوا من خلق مجتمع علمي،والاهتمام بتعليم العلوم بأسلوب ومنهج علمي مبني على التعامل مع الأجهزة التقنية الحديثة من حيث تفكيكها وإعادة تركيبها، وإجراء التجارب والتفاعل مع خطوات البحث العلمي وتقصي الحقائق بدلاً من تدريسها من خلال قراءة كتب المقررات التي تحتوي على المادة العلمية في صورة جامدة، كما يجب التركيز على أهمية الزيارات الميدانية للمختبرات والمصانع، وفي هذا الخصوص تكون مساهمة القطاع الخاص مهمة وضرورية خاصة في تقديم بعض تجهيزات المختبرات والمعامل وإصدار الملصقات ووسائل الإيضاح وإجراء المسابقات التنافسية في مجالات العلوم والتقنية كما يجب الاهتمام بطرق الإيضاح وإجراء المسابقات التنافسية في مجالات العلوم والتقنية كما يجب الاهتمام بطرق الإيضاح وحث الطلاب على المراقبة وتشجيعهم على رصد ملاحظاتهم وفتح باب الحوار والنقاش العلمي بين الطالب و الأستاذ .
من كل ما سبق يتضح أن نجاح إستراتيجية نشر الثقافة العلمية يتطلب:
1- معالجة أهم معوقات نجاح الإستراتيجية.
2- أن تعيد المجتمعات العربية النظر في نظم التربية والتعليم و التنشئة.
3- حل مشكلة ضعف الأجيال الصاعدة في اللغة العربية.
4- بناء سياسة التربية والتعليم القومية في كل بلد عربي على أساس حق الفرد في التعليم المستمر.
خامساً: بناء القدرات البشرية في مجال نشر الثقافة العلمية، و تشجيع وحث أفراد المجتمع على الالتحاق بالجمعيات العلمية والثقافية التي تهتم بتوفير النشاطات الثقافية العلمية الترفيهية التعليمية الهادفة والأعمال اليدوية مثل الرسم النجارة والحياكة والنحت وجمع النباتات وعمل الخرائط والأجهزة والمجسمات العلمية وأيضاً رسم وسائل الإيضاح وإجراء التجارب العلمية في عمليات التوصيلات الكهربائية والتفاعلات الكيميائية ومراقبة النمو الزراعي والتركيز على استعمال أجهزة الحاسوب ويكون ذلك بتخصيص محفزات للطلبة لممارسة مثل هذه النشاطات .
وقد أعطى هذا الأسلوب نتائج جيدة خلال تطبيقه في مدارس غربية نموذجية فهناك من درسوا في تلك المدارس من أصبح منهم أصحاب ورش نجارة ومؤسسات تجارية كبرى ورسامون وشعراء ومتخصصون في المجالات السياسية والعسكرية والفنية وغير ذلك من المهن والوظائف التي تتلاءم واهتماماتهم وميولهم .
سادساً: آليات التنفيذ والمتابعة والتقويم.
وفيما يلي بعض النقاط الهامة التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند وضع الخطط والبرامج لتنفيذ الإستراتيجية:
1- نظراً للتكلفة العالية للوصول إلى أهداف التنمية العلمية المعقدة والمتداخلة، فإنه من الضروري أن تتضافر جهود الوطن العربي كله في تنفيذ الإستراتيجية.
2- من المهم أن تشارك مختلف فئات المجتمع المدني في تنفيذ الإستراتيجية.
3- من المهم أيضا في تنفيذ الإستراتيجية الاستعانة بالمنظمات الإقليمية.
4- المتابعة والتقويم.
سابعا: تأرجح القيم :تتأرجح القيم في الوطن العربي بين المعاصرة الماضية ونعاني من هوة ازدواجية في القيم بين الأجيال، وغياب الحوار بين فصائل الفكر المتصارعة، والانفصال الحاد بين ما يتم تلقينه داخل فصول الدراسة وما يجري في واقع الحياة ومن تشويه للقيم، وغياب لمبادئ الأخلاق في البيوت والشوارع والمكاتب والنوادي.
كل هذه معوقات لابد من مواجهتها بحسم إذا أردنا فعلاً تنفيذ إستراتيجية عملية مرنة لنشر الثقافة العلمية في بلداننا العربية.
ولذا فإن الثقافة العلمية في الجزائر ـ كونها إحدى الدول العربية ـ تحتاج إلى جهود مكثفة لكي تحتل مكانها المناسب في إطار الثقافة العامة السائدة، ولن يأتي ذلك إلا في وجود إستراتيجية وتخطيط واهتمام من جهات متعددة تشمل التعليم بكل مراحله، والإعلام بكل وسائله، والأنشطة العامة التي يتولاها القطاعان الخاص والعام بكل أشكالها.
وإلى جانب التركيز والاهتمام بالمدرسة والأسرة، فإن تدعيم وتعزيز الثقافة العلمية و التقانية يتطلب، في الوطن العربي وبحسب المعطيات الحالية، الاهتمام بإيجاد برامج وخطط، أو إستراتيجية، تهتم وتعالج ما يلي:
إيجاد خطة أو إستراتيجية عربية للعلم والتقانة، بما في ذلك نشر العقلية العلمية و التقانية في الأوساط الاجتماعية المختلفة. و هذه الخطة في ما نعتقد لابد أن تقام على ثلاثة أسس مترابطة، متفاعلة مع بعضها بعضا، وهي:
الأساس الأول: تشخيص وتقييم الواقع العلمي والثقافي العربي، بكل سلبياته وإيجابياته وتحدياته، دون مجاملة أو حديث الإنجازات. ومن ثم رسم سياسة ثقافية وتربوية تعالج النواقص، وتبني أساس العلم والتقنية للجيل الحاضر، وجيل المستقبل.
الأساس الثاني: إعادة النظر في مفهوم الخصوصية الثقافية، والهوية الثقافية العربية، وتحويلها من خصوصية صورية تراثية، إلى صورة فعلية دينامية حية تتفاعل مع الحاضر، وتتشكل ويعاد تشكيلها من داخل الممارسات الفعلية اليومية، ومن خلال العمل والمعاناة والابتعاد عن إدراك الخصوصية في شكل مجرد صحوة للماضي، أو صور وروايات الماضي. فالهوية الثقافية مصنوعة، ويعاد دائمًا صنعها عبر المكان والزمان إلى الأبد
الأساس الثالث: لخطة نشر العلم والتقانة في الوطن العربي، فهو بناء شبكة من المؤسسات العلمية و التقانية، التي تهتم بأبحاث التطوير والتطبيق والنشر والتداول، والمرتبطة بحاجات المجتمع العربي وظروفه ومعطياته الاقتصادية الاجتماعية، وعلاقاته الدولية. وتتبع هذه الشبكة شبكة أخرى من العلماء، والفرق العلمية في مختلف الجامعات وهيئات البحث العلمي، تعمل لإنتاج المعرفة العلمية، وتطبيقها بالتعاون والتنسيق مع الهيئات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية. وضمن مقدمة هذه الشبكة لابد من استحداث شبكة أو قاعدة معلومات علمية تخدم المجتمع، وتنشر المعرفة العلمية و التقانية للجميع، وبحسب المستويات التعليمية والثقافية والمهنية لمختلف شرائح المجتمع.
الخاتمة:
يؤكد علماء التربية العلمية و تعليم العلوم أن عملية نشر الثقافة العلمية عملية جامعة شاملة مستمرة تبدأ في سنوات التكوين المبكرة عبورا بالمراحل العمرية المختلفة و المؤسسات التعليمية التربوية و مرورا بمختلف التفاعلات الاجتماعية و الفكرية و الثقافية و استخداما لكل الوسائط المتعددة و المتجددة في عالم الإعلام و الاتصال . و من أهم العناصر التي ينبغي الاهتمام بها ضرورة تحقيق حق أدنى من الثقافة العلمية لدى قاعدة واسعة من الأفراد لتوليد دوافع ذاتية و رغبة تلقائية لمتابعة مصادر الثقافة العلمية و الاستفادة منها ، و ذلك لأننا لا نستطيع أن نطالب شخصا لا يعرف القراءة و الكتابة بالاهتمام بالكتاب و حضور معارضه و اختيار عناوينه و مؤلفيه ، فبدون توفير عموميات علمية تكون أساسا لبناء الثقافة العلمية فإن معظم الأنشطة الموجهة نحو نشر الثقافة العلمية و استقطاب الاهتمام بها تفقد الكثير من زخمها و تأثيرها . و من هنا تبرز أهمية القطبين: التعليم و الإعلام في تأمين الأرضية المعرفية اللازمة للقضاء على الأمية العلمية ، و تأسيس كيان علمي يتغلغل داخل نسيج الثقافة السائدة ، و يصبح جزءا مكملا و ضروريا لها في عصر الهيمنة العلمية و التقنية ، و هذا يبين الأهمية القصوى المرتبطة بتوفير نظام تربوي تعليمي متكامل يهتم بغرس التوجيهات العامة للتفاعل مع الثقافة العلمية ، و إدراك الآثار بعيدة المدى التي تحملها العلوم و التقنية للمجتمعات المعاصرة ، و من المؤكد أن هنالك وسائط مختلفة تقوم على نشر الثقافة العلمية ، و تعمق من تأثيراتها و تجعلها نمطا من أنماط الثقافة العامة و ضربا من ضروب التفاعلات اليومية المعتادة. وإذا كانت مؤسسات التعليم و الثقافة ووسائل الإعلام هي أبرز الوسائط ذات الفعالية المؤثرة والقادرة على تحويل المجتمعات إلى مجتمعات علمية نابضة بالفكر العلمي, ومتفاعلة مع معطياته, ومؤهلة نحو استفادة أمثل واستيعاب أكبر وشفافية لآفاق المجتمع العلمي
لا بد من الإشارة هنا إلى أن طبيعة الثقافة العلمية نفسها الموجهة إلى الأفراد تتأثر بامتداد الساحة العلمية والتطورات التقنية لتتفرع وفق تلك التشكيلات و الأنماط، و تتخذ سماتها ، فالتوعية الصحية و الإرشاد الزراعي و التوعية الغذائية والوعي البيئي، وكلها مواضيع للثقافة العلمية تعني بمجالات محددة، ونتيجة لارتباط هذه المجالات مباشرة بحياة الفرد اليومية و صحته فإنها حظيت منذ البداية باهتمام في المجتمعات المتقدمة ، كما أنها شهدت إقبالا عليها يتزايد مع نمو ميادينها وتحسن المستوى المعيشي لدى الأفراد إلى جانب ارتفاع الوعي لديهم, ولذلك نجد أن المؤسسات الاجتماعية هي أهم مصادر الثقافة.



المراجع:
ياسين خضر البياتي, التأثيرات الاجتماعية المحتملة للتلفزيون على الشباب, ص128
ونود أن نؤكد هنا أن الفهم الصحيح للدين لا يمكن أن يتعارض مع العلم، و إنما التعارض يبدأ عندما نجد بعض العلميين يناقشون قضايا علمية بمفاهيم دينية خاطئة أو العكس.
اليونسكو، التعلم ذلك الكنز المكنون، (باللغة العربية)، باريس، 1996، ص 78
المرجع السابق ص78
نفس المرجع ص 78
و على هذا فإن المعرفة قد تكون صريحة (مدونة أو مسجلة على صورة أو أخرى) أو ضمنية (في موجهات السلوك البشري التلقائية مثلا) كما أن إنتاج المعرفة لا يقتصر على الأشكال التقليدية للعلم و البحث العلمي بل تنتج المعرفة كذلك عن صنوف التعبير الفني و الأدبي و النشاط الإنتاجي في الثقافتين العامة و الشعبية .

وتضم المعرفة على سبيل المثال ، البنى الرمزية التي تمتلك عبر التعليم الرسمي و الدروس المستفادة من خبرات العمل و الحياة ،وتشمل الحقائق و القصص و الصور و موجهات السلوك البشري موثقة أو شفاهة أو ضمنية ،وتشتمل المعرفة المؤسساتية لمجتمع ما على التاريخ و الثقافة و التوجهات الإستراتيجية و الأشكال التنظيمية.
تقرير التنمية الإنسانية 2003 ، ص 43
تقرير التنمية الإنسانية 2003 ،ص 53
توصيات الملتقى الثقافي العلمي تحت عنوان (نحو إستراتيجية وطنية للثقافة العلمية) في المملكة العربية السعودية بتاريخ 4/4/1423، ص3

أنظر، جورج لارين، ( 2002 ) ، الإيديولوجيا والهوية الثقافية الحداثة وحضور العالم الثالث، الطبعة الأولى، ترجمة د. فريال .( حسن خليفة، القاهر، منشورات مكتبة مدبولي, ص 27
إضافة الى الاستفادة من المراجع الاتية:
 البياتي ، ياسر خضير ـ التأثيرات الاجتماعية المحتملة للتلفزيون على الشباب ـ مجلة شؤون اجتماعية ـ عدد90 ص133
 الحمود، مشاري وآخرون ـ اتجاهات الشباب الخليجي نحو وسائل الإعلام ـ منتدى التنمية الخليجي ـ 7 فبراير2007م
 العاني ،وجيهة ثابت ـ اهتمامات الشباب الثقافية المعاصرة ـ مؤتمر الأطفال والشباب في مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ـ التصدى لتحديات التعليم دبي 16-18 مايو 2005م ـ
 الرشدان ، عبد الله وجعنيني ، نعيم ـ المدخل إلى التربية و التعليم ص 286



#ساسي_سفيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث الأكاديمي منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم ...
- البحث الأكاديمي منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم ...
- لبحث الأكاديمي منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم ا ...
- منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم الاجتماعية و الإ ...
- منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم الاجتماعية و الإ ...
- منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم الاجتماعية والإن ...
- أهداف نشر الثقافة العلمية:
- البحث العلمي
- مناهج البحث العلمي
- الدراسات العلمية الأكاديمية
- مفهوم العلم
- مفهوم البحث العلمي
- البحوث الأكاديمية تقليد رسمي
- خصائص الأسلوب العلمي
- قراءة في فعاليات المؤتمر الإقليمي
- تاريخ نشوء الحركات الشبابية و الطلابية
- المنهج النقدي في استخدام الأسلوب العلمي
- مقومات نهضة إنسانية
- وعي المرأة العربية المعاصرة
- :دراسات عربية في علم الاجتماع الأسري حول المرأة


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ساسي سفيان - الثقافة التي نرجوها - سعيا لبناء مشروع ثقافي حضاري -