أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسن العمراوي - الإشتراكي الموحد التحضير للمؤتمر الثالث مشروع ارضيات ج3















المزيد.....


الإشتراكي الموحد التحضير للمؤتمر الثالث مشروع ارضيات ج3


حسن العمراوي

الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 21:52
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


مؤتمر المهام الثلاث
1) إعادة الاعتبار المتبادل
2) تجاوز منطق تقاسم النفوذ من طرف قادة التيارات
3) إعادة بناء التصور والتنظيم ومنطق التحالفات وشروط المشاركة في الانتخابات
I
من أصعب القضايا أمام التعبير القضايا الحزبية في بلادنا. فالأحزاب تتلقى اليوم الضربات النقدية من كل جانب.
ومن غير المعقول أن يتسرع في نقد العمل الحزبي من كرس حياته كلية للعمل الحزبي. فسيفهم أنه ركب موجة النقد السهلة. وسيفهم أنه ضعف أمام يأس شخصي ومسح التوابع في العمل الحزبي. وسيفهم أنه بقي "غشيما" في التعامل المسؤول في القضايا الحزبية رغم أنه من الناحية العمرية أصبح "قديما" (56عاما).
إن المرارة التي تسبق كل مرة معنوياتي تجاه العمل الحزبي ليست لا عابرة ولا متضخمة. لأن الحرص على الموضوعية أضخم منها وأكثر عمقا في ثوابت الأخلاق التي ربطت الممارسة الشخصية بالعمل الحزبي تصورا وتطبيقا.
والمرارة تلك، لا تعني أبدا أنني أرى نفسي محاطا بالشياطين. ولا أقدر الآخرين سوى من الزوايا الإيجابية. لكن المرارة تتأسس على خلاصات أعمق بصدد الهزالة التي تركتها الحركة الوطنية للأجيال التي نشأت في الاستقلال وفي خضم معارك التحديث والدمقرطة، بكثير من الجهد، وقليل من المردودية.
إن النقد الذي مارسه اليسار السبعيني للتركة التي وجدناها بين أيدينا، بناء عن هزالة مكاسب الاستقلال نفسه، يجد اليوم مصداقيته في الانتقال من الهزالة إلى هزالة الهزالة.
لقد كرس اليساريون انتقائية العمل السياسي الذي انتقده المهدي بنبركة كونه بقي في منتصف المقتضيات المبدئية الثلاثة: التلكؤ في الموقف السياسي. والتلكؤ في الموقع الجماهيري. والتلكؤ في المبدأ الايديولوجي. فبقينا أنصاف سلفيين/أنصاف حداثيين في اختيارنا الايديولوجي اليساري الاشتراكي. وبقينا أنصاف مناضلين/أنصاف مواطنين في التطبيق الفعلي لانتمائنا الحزبي. وبقينا أنصاف هواة/أنصاف محترفين في فهم وممارسة السياسة.
ولأننا نجد أنفسنا وصلنا إلى هزالة الهزالة، فالأمر لا يتعلق بمسؤولية أفراد. بل ماكينتنا التنظيمية لم تستفيد من نظر سياسي ثاقب يُفعـِّل التميز اليساري الجذري عن باقي المدارس السياسية الحزبية في مجتمعنا بآليات ديمقراطية تشتغل في الحزب وفي المنظمات الجماهيرية القريبة من الحزب تنقش ملامح العمل الديمقراطي بلا تراجع ولا تذبذب. بل، نحن جزء من ورثة شجرة الحركة الوطنية مطبوعين بدمغة المغربي الذي يشتغل على مهل. بينما ادعينا تبني الفكري الثوري العاصف.
لا أدعي العدمية المطلقة في هذا الباب. بل أعتبر اليسار مدرسة في الدمقرطة عندما كانت معنويات مناضليه مرتفعة وعالية التكوين الايديولوجي ومترفعة عن التسلق في الهرم التنظيمي وعن التحكم في المؤسسات اليسارية. والطينة الغالبة التي ميزت تيارات اليسار في فتراته الصحية هي النزوع إلى الديمقراطية الداخلية حد الفوضوية والهلامية البدائية. لكن الانهيار الكبير لجبال الثلج السيبرية السوفياتية وما تبعه من انخفاض في العملة اليسارية في سوق القيم الايديولوجية، انضاف من حول طوقه الضغط الممارس من طرف الدولة في منتصف التسعينات بسبب الموقف من الدستور المعدل 1996. وتضاعف الضغط لما انحازت المدارس السياسية في مجملها لفائدة موقف الدولة.
ضغط الأزمة اخترق الذوات والعلاقة بين التيارات بل بين الحلقات الضيقة. وسرعان ما تحولت المواهب الفردية الجميلة إلى أوهام قيادية متضخمة. كرست بلا شعور تفاعل الضغط الخارجي مع سلبيات الاحتكاكات الداخلية وتبنت ميكانزمات غريبة عن اليسار.
وقد ضاق حيز الفعل والتأثير على فصائل اليسار لما انخرط الاتحاد الاشتراكي في العمل الحكومي بكيفية وحدت اليسار في داخله ومن حوله بصدد الموقف من اختلال شروط المشاركة في الحكومة نهاية التسعينات. فتعمم الموقف التنظيمي كون عمل المجموعات اليسارية منفردة سيؤدي بها إلى الموت في عزلة. وكان ذلك متزامنا مع التناقض بل والفرز الحاصل سنة 2002.
وقع الانقلاب على الكتلة الديمقراطية (بيان الاتحاد مع تجمع الاحرار وتنسيق الاستقلال مع العدالة والتنمية كرد فعل) ثم ردت الدولة بالانقلاب مباشرة على المنهجية الديمقراطية (تعيين وزير أول من خارج الحزب الفائز الأول في الانتخابات). وانتهت حكومة التناوب التوافقي ولم نتقدم نحو حكومة التناوب الديمقراطي. بل تقهقرنا نحو تجربة المخزن في الستينات وفتحت باب أرض الله الواسعة أمام اليوسفي نفسه ليعود إلى منفاه الاختياري.
داخل اليسار، بقدر التجمع الواسع للخبرات والأرصدة النضالية داخل حزب اليسار الموحد، بقدر تضخم الزعامات. وانقلب مطلب الدمقرطة إلى توافقات حلقية مغلقة. وعزّت الميكانزمات الديمقراطية وكرس تقاسم النفوذ – طريقا للقيادة- بدل الدمقرطة اليسارية البديلة. ثم أتت الانتخابات لتكسر العزم الوحدوي الأول في عموده الفقري. فانقلب التوحيد إلى مشاحنات وأصبح الحزب ماكينة لإنتاج أشكال متنوعة من اليأس. ولم يتكرس التوحيد الرباعي سوى داخل المواقع التنظيمية القيادية.
لم ينبثق التوحيد الثاني مع الوفاء عن تجديد في الهياكل التنظيمية بل كرس تقاسم النفوذ على الصعيد القيادي. ولم يتحقق التوحيد في المناطق. بحيث لم يلتحق من الوفاء من حيث الأطر المعروفة سوى النزر القليل الذي انكفأ من جديد أو التحق بالاتحاد الاشتراكي بعد حين. ومن التنظيمات اليسارية السابقة بقي المنكفئون منكفئين.
ونفس المنظومة الذهنية التي تقاسمت النفوذ داخل اليسار ثم الحزب الاشتراكي الموحد، تبين أنها أصبحت ظاهرة في مجمل اليسار الماركسي والاشتراكي سواء بسواء. وأصبحنا أمام توالد الحزب الاشتراكي والحزب العمالي مع مآسي التفكك النقابي أكثر وأكثر.
وبإقبال حزب الطليعة على المشاركة في الانتخابات، لم يتولد أي نقاش فكري لمعالجة انبثاق المجتمع المدني بآلياته وامتداداته المحلية والدولية. ولا تجاوز النقاش السياسي سقف ما اعترض به الاتحاد الاشتراكي على الدولة عندما أفرز كعادته مصطلحا غطى الظرفية السياسية كلها= الاخلال بالمنهجية الديمقراطية.
وكأن اليسار على يسار الاتحاد الاشتراكي أصابته المينوبوز والانتروبوز معا= في السياسة والفكر. فلما اختارت الدولة اقتحام الحقل المؤسساتي بحزب النظام، كان التساقط سابقا للاستقطاب السهل. لأن الاسمنت الفكري والسياسي بقي متروكا مثل أكياس مهملة تتشقق محتوياتها الملاطية من فرط أشعة الشمس الحارقة وما ولدته من جفاف فكري وجفاء سياسي.
ومقابل تقاسم نفوذ المواقع القيادية نزلت المعنويات إلى درجة قياسية في البرودة التنظيمية. مما ولد موقف "المشاركة المخففة" عند الأغلب الأعم من المنتمين للاشتراكي الموحد. قيادة وقواعد. وكاد اليسار والانتماء إليه يتقلص في حدود التمظهر بنمط العيش المعلمن. في حدود القدرة الشرائية والاستهلاكية.
مقابل هذا الانحسار، هناك الحركات الأمازيغية والنسائية والجمعوية التنموية تتسع وتنتشر. ليكتفي الحزبيون منها بالنقد الانعزالي الانطوائي بصبغة محافظة، أفرزت الهوة بين يسار الألفين وبين احتياطه الحتمي في حلته الجديدة المعولمة. فكما عجز اليسار عن خلق دينامية معنوية للحم أطره ورص الصفوف السياسية من حوله، عجز عن تجديد الصلات مع أشكال الحضور الجمعوي في القضايا المجتمعية المشتركة مع الفئات العلمانية والليبرالية.
هذا العجز في صلب الحاضنة الاجتماعية ذات صلات القربى مع اليسار، تركه عاجزا عن المبادرة في خوض النقاش مع الضفة الايديولوجية الأخرى حيث معارضة العصر في المجتمع: الحركة الأصولية المواصلة الخطوات للاندماج في النظام السياسي على طريقتها. وقد كان من المقرف ترك مثقف منتم لليسار أعزلا أمام التهديدات التي توصل بها نتيجة دأبه على مقارعة الثقافة الدينية في عقر فكرها وفي ساحاتها التظيمية والسياسية (سعيد لكحل).
وبالقدر الذي تتعجب الطبقة السياسية من قدرة مناضلي اليسار فرادى على المساهمة في المقارعة الفكرية والسجالية والجمعوية والتأطيرية المهنية في فئات عديدة في النصف الأسفل والأوسط من الهرم الاجتماعي، بقدر الغرابة التي تترك تلك المقارعة متحولة إلى مجرد نقاش صالوني يائس لا يبتعد عن "المقارعة"، بعدما تفشل الأطر الحزبية في رفع مستوى النقاش الفردي إلى مستوى خلق الحدث السياسي. والواقع يؤكد أن بالإمكان خلق الحدث الحزبي (تضامن المكتب السياسي مع الرفيق الساسي) بل المؤسساتي (موقف المجلس العلمي الأعلى مباشرة حول الفتاوي على صفحات الإعلام). بينما نعجز ويصيبنا الوهن عن خلق سلسلة من الإرباكات للمسؤولين وكأن لنا معهم صفقة سياسية مفيدة للمجتمع: حالة السكوت عما تفوه به وزير الأوقاف في حق الرفيق بنسعيد لم يكن بسيطا. لكن "الدكاكة" مرت على سمعة مناضل مثل بنسعيد. وكأن ليس له جهة ينتمي إليها.
إن كل هذا لا ينسي أحدا القيم السياسية المضافة العظيمة التي حققها اليسار سنة 2002 وسنة 2005. لكن القدرة على تدبير مضاعفات التجميع كانت ضعيفة. مما أفرز لدى الوسط اليساري نفسه انكسارا معنويا، سواء بحدة (لحظات الانتخابات) أو عبر اليأس البطيئ.
II
إن الحصيلة بالمحتوى الموصوف أعلاه أعادت إنتاج الجسيم الحزبي في شكل حلقات عبارة عن جزر معزولة بعضها عن بعض. ناهيكم عن التقوقع الفردي بسبب الانخراط في العالم الافتراضي عن طريق شبكة الانترنت.
ومن مهام التقييم/مهام التحضير، التفكير في الطرق الايجابية لإعادة ربط الصلات بين الحلقات المعزولة. سواء ذات المنشأ التنظيمي السابق عن التوحيد. أو الفئات المنعزلة بسبب التفكك التظيمي. كذلك الفئات المهنية والأكاديمية والجمعوية والنقابية. فالمهمة التقويمية الآن هي إعادة الاعتبار المتبادل. قصد استعادة روح الوحدة الحزبية أولا لكي تتصرف الروح النقدية التقويمية ثانيا وفق لباقة المناضلين وتواضع القياديين وتواصل المواطنين الذين فضلوا أن يضيفوا لهمومهم الشخصية هموم الحزب لتقوية المجتمع المنظم في مواجهة أساليب التفكيك والتناحر المسيء للسياسيين كما أصبح دارجا عند العموم كصورة من صور الوصولية السياسوية عند المتحزبين.
إن استعادة روح الوحدة الحزبية ليست مطلبا إخوانيا أخلاقيا محافظا. لكنه يستجيب لكل أنواع النبل والحكمة والعقلانية في السياسة نفسها. مما سيساعد تحضير الحزب لمؤتمره وهو يتعاطى مع القضايا الذاتية طريقا نمر عبره بالضرورة للتعاطي المنتج والصاحي مع القضايا السياسية المطروحة على الدولة والمجتمع. أي لا يمكننا الخروج من حالة الشرود السياسي ومسببات شرود أذهان المناضلين ما زالت عالقة بالبال عند كل فرد منا على حدة.
وهو تمرين رياضي نضالي فردي يعيدنا إلى أخلاق الجماعة المناضلة المؤطرة في حزب سياسي يدعي المسؤولية عن القضايا الكبرى.
III
ما هي القضايا الكبرى إذن؟
أولاها القضية الترابية التي تهدد الدولة نفسها كتركيز عن الكيان السياسي للمجتمع برمته. وهنا ما زلنا نتعامل مع موضوعة الحكم الذاتي والجهوية برد الفعل السياسوي المتشنج البعيد عن العمق الجيوسياسي للقضية.
ثانيا قضية الدولة نفسها، والتي يهيمن عليها تحالف طبقي يتلاعب بمصالح الجميع دولة ومجتمعا. وارتباطا بالموضوعة السابقة، لا نملك منظرين مواكبين للمراجعات السارية المفعول في أوربا بصدد الدولة الوطنية، وما سبقها من الحروب الدينية (عندهم الكاثوليك والبرتستانت، وعندنا السنة والشيعة) وما لحقها من أشكال العلمانية: العلمانية المؤمنة في التجربة الأمريكية والعلمانية الملحدة السوفياتية والعلمانية المناهضة للدين في الثورة الفرنسية). وقد نجد أمامنا تجربة النخبة الماليزية التي وجدت نفسها بعد انتصار الفييتنام (1975) أمام مهام الدمقرطة. وكانت القضية الإثنية أولى ما ينتصب أمام الدمقرطة. بحيث كانت الإدارة تلبي مطامح النخبة الصينية المسيطرة على المال والأعمال. فارتأى الجزء "المالوي" ( AUTOCTONES MALAIS)، وهو المستفيد من مستقبل الدمقرطة أن يميز بين المصالح الكبرى للصينيين الماليزيين، وبين المصالح العليا لماليزيا والتي تقتضي إعادة فتح أوراش اقتصادية توسع دائرة المال والأعمال، بكيفية مفيدة للكبار الصينيين وللمتطلعين للاقلاع في المناطق المالوية. وبداخل أعيد توسيع السوق الداخلي ورفعت مستويات التصنيع. لكن الدمقرطة السياسية التي أدارت هذا التوسيع والرفع، جاءت بنخبة وطنية مخلصة لكن مثقفة في ميادين الاقتصاد وذات مصداقية في ميادين الإصلاح الإداري والتعليمي. وأصبح التوظيف بناء على معايير الكفاءة بحيث ارتبطت التعيينات بالمؤهلات المعرفية والمهنية في دولة القانون.
ثالثا قضية الشكل الملكي للدولة والذي يستغل من طرف أكثر الانتهازيين صفاقة للتمترس وراء المنافع الطبقية والفئوية تحت دريعة الانتماء لمشروع الملك، وهي الصيغة الجديدة للمدرسة الانتهازية لادريس البصري الذي ربط مسلسل تسلطه على قطاعات السلطة باسم الدفاع عن الملكية. فمن المفيد أن يبلور الحزب نظرية الفصل بين المؤسسة الملكية التي تحظى بالإجماع وبين النظام المخزني الذي ولى عهده خصوصا بعد الوضع الخاص من حول الاتحاد الأوربي.
رابعا قضية النظام المخزني. مما يقتضي الفصل المنهجي للمؤسسة الملكية ذات السمعة الإيجابية عن النظام السياسي الاقتصادي الاجتماعي الذي يتلخص في المخزنة والاحتكار وريع المواقع واستعمال ديمقراطية الواجهة وتبضيع الحداثة قصد بيع المنتوج الطبقي للخارج. والسياسة الخارجية للمغرب لم تعد تحتمل من حيث المصالح العليا أية صورة من صور النظام المخزني المشخصن. بل تقتضي فصل المواقع الوراثية الثراتية عن مواقع السلطة التي يجب أن يحكمها منطق وميكانزم التجديد وفق صناديق الاقتراع. ومنطق وميكانزم تقاسم السلطة في المركز وبين المركز والجهات.
خامسا استيعاب الوضع العالمي لتفكيك أقاويل الضغوط الخارجية. وردها في وجه التقنوقراط والبيروقراط الذين يتبجحون بكونهم أدرى بما يطلبه العالم من المغرب في مختلف مجالات السياسات العمومية، الخارجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. بينما تمتد سياسة الطبقات المنتفعة من النظام المخزني مع حلفاء في الغرب من اليمين ومن اليسار الذي يهمه جمع أصوات الناخبين في بلده أكثر من أي ادعاء آخر. وهنا لابد من الاعتراف بكون رفاقنا المشتغلين في ميادين عديدة أدرى بأهداف الألفية وبأساليب القوى الأجنبية العاملة في الحقول التنموية والجمعوية وفي مختلف ما كان يطلق عليه التعاون الدولي. كما يتفوق رفاقنا الأكاديميون في متابعة القضايا السياسية والقطاعية بل والاستراتيجية من زاوية تتبع ما ينتجه رواد مراكز الأبحاث والدراسات في الغرب وفي المنطقة المتوسطية والعربية. مما يعنيه أن على المؤتمر أن يعيد الاعتبار للطاقات التي يتوفر عليها في مختلف التخصصات والتي لها من القدرة على إعادة فرز استراتيجيات متجددة يسارية في مستوى الرد على التحديات العولمية.
سادسا المنظور للمغرب الكبير/المغرب العربي، والذي يشبه فيما يقف في وجهه من تناحر مغربي جزائري مشابه للعداء الفرنسي الألماني قبل اتفاقية روما (1957)، المؤسسة للاتحاد الأوربي. إننا إذا لم نفهم المنطق الداخلي للنخبة الجزائرية ذات الطموح النابليوني الهيمني والجذر اليعقوبي المركزي وما يترتب عن ذهنية من هذا النوع، فلن نستطيع الحوار مع تلك النخبة. ولو تثقفنا بما يكفي في تاريخ أوربا المؤثر في العقلية الجزائرية الحالية، فلن نتبين صلتنا تجاه جيراننا وسنستمر في العجز عن تمثل ما يريدون. إن السباق الجزائري مع المغرب لكسب محيطها في دول الساحل باسم الحرب على الإرهاب هناك، يبين كم تتغلغل الصورة النابليونية العسكريتارية في مراكز القرار الاستراتيجي الجزائري. وعلينا التكيف مع الطموحات الجزائرية عبر تقاسم قطاعات الاقتصاد والسياسة تجاه العالم.
سابعا متابعة الأطراف المعتبرة بل والمستهدفة من قبل الغرب ضمن "الحرب على الإرهاب". وذلك قصد عدم التورط في نهج الأشكال المخففة من الحروب الأهلية الثقافية والنقابية والسياسية ضد أشكال اليمين الجديد المتمثل في الحركة الأصولية. والحال أن حالة تركيا المشابهة للتماس الجغرافي للمغرب مع الغرب، تجعل الغرب يتجه نحونا ونحو تركيا بنفس الاستراتيجيات. وذلك لتأمين حدوده الجغرافية المباشرة من الفلتات الأمنية. فيتخذ بصددنا سياسات طويلة النفس. تتقاسم فيها قوى منظمة الحلف الأطلسي المهام. ومن جملة التوجهات الاستراتيجية المحددة من طرف الغرب تجاه مجتمعنا مهمة تليين السلوك تجاه الأصوليين عندنا قصد تقوية التيار المعتدل لديهم. وبالتالي التهيئة لمشاركتهم في ما سماه وزير الأوقاف السابق "الحكومة الملتحية" السابقة عن تقلد "الحكومة الإسلامية" مقاليد الحكم بواسطة العنف. وفي هذا الأمر نحن غافلون عن هذا المحور في ثقافتنا السياسية. ونعيد إنتاج بعض ملامح الاستئصالية تجاه المعتدلين.
ثامنا صياغة التحالفات الحزبية بكفاءة غير ممكنة إذا لم نمتلك رؤى واضحة في القضايا الكبرى السابقة. ولا يمكن التمكن من الرؤى الواضحة عبر التحليلات الهاوية المشتتة هنا وهناك. فأطر الحزب في المؤسسات المنتخبة (البرلمان والجماعات المنتخبة) وفي مؤسسات المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والمدني، وكذا أكاديميو الحزب، هم النواة المنتجة للتصورات المتكاملة عن القضايا الكبرى. مما يمكن الهيئات الحزبية من التوفر على نواة صناع الأفكار (ثينك/ثانك) مقابل ما تتوفر عليه الدولة من مراكز أبحاث ودراسات. والندية في التحالفات متوقفة على حصة الحزب من مجاميع العقل السياسي في المغرب. بالإضافة إلى قوة خلق الحدث السياسي والنقابي والاجتماعي والحقوقي.
في غياب إنتاج الأفكار الاستراتيجية الكبرى، ستبقى تحالفاتنا بئيسة كما أعطت التجربة الانتخابية في التحالف الثلاثي الذي أضاع من الحزب رمزه المضيء، فلم تصل الرسالة حتى للمناضلين داخل التحالف بل داخل الحزب نفسه، فكيف نراكم مع المواطنين تراكم الالتفاف من حول تحالف تصارع قياديوه على الدوائر وألزموا مناضليه في الهوامش بدكتاتورية الانضباط للتحالف الذي لم يتلق فيه المناضون في الأقاصي أي درسي من حيث مدونة السلوك بالالتزام الذي سنه القياديون أنفسهم في التحالف بأنفسهم.
تاسعا إن العملية الانتخابية لا تتسع لحزبنا. والنظام لا يزيد عن كونه يلزم بها المسيسين لتوقيع حسن السيرة والمشاركة الإسمية. بينما يرفع الحواجز تلو الحواجز باسم تجميع الأقطاب. ما دام ضيق الصدر بصدد عدد الأحزاب. في حين تتسع المملكة الاسبانية لمئة حزب. وبالتالي، علينا التفكير مليا في المشاركة المقبلة إذا لم يتم إصلاح النظام الانتخابي لما يخدم جدية مشاركتنا. اللهم إذا كان من يخطط بيننا للمشاركة هو نفسه لا يهتم بتبعات المشاركة الشخصية عبر الترشح. أما إذا كان الفعل السياسي يمر عبر التطبيق الفعلي لبرنامج الحزب كفرض عين وليس فرض كفاية، فلا يعقل أن يحس مناضلو الحزب بوقوفهم عالة على البيت الانتخابي للمخزن. تهمنا المشاركة. لكن المشاركة الجدية. أما العبث فقد ضاق المناضلون بثقله ما قبل الانتخابات وما بعدها.
عاشرا لكل ما سبق ذكره، يقتضي التوجه عند التقويم الجزئي على اعتبار التوجه المتبنى منذ 2005 صائبا. أو يقتضي المراجعة الشاملة على خلفية إعادة التأسيس للخط العام في مختلف النقط التسع السابقة. فالتوجه نحو إعادة التأسيس خير من الاستمرار في العبث.
IV
إذا كنا على يسار الاتحاد الاشتراكي، فليس لأننا بكيفية تقليدية نتحالف مع الطليعة والمؤتمر. ولكن لأن فكرنا السياسي مسؤول عن تمثيل السقف السياسي لنضال يسار الحداثيين والديمقراطيين.
ولأننا نفهم كتلة يسار الحداثيين والديمقراطيين في المجتمع ضمن النصف الأسفل من الهرم الاجتماعي. وضمن النصف الأسفل من الهرم الاجتماعي الذي يتشكل من مختلف الطبقات الاجتماعية، يجب أن نتبين تمثيليتنا للفئات السفلى من الطبقة المتوسطة.
مما يعني أن على الحزب مهام تكوين قياديين ليس فقط من الطبقة المتوسطة: الأطباء، المحامون، المهندسون، الجامعيون، المنعشون. بل من بين الفئات المصنفة من طرف الأمم المتحدة كونها تعاني من التهميش والإقصاء والفقر. ومن حسن الحظ أن العمل الجمعوي ومختلف مكونات ما يصطلح عليه بالمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، يتوفر على خريجي كليات اللغات والعلوم ومهن الاقتصاد والإدارة والعدالة والقطاعات الاقتصادية.
فإذا تبنى الحزب ورقة نقدية بصدد التحالفات الحزبية السابقة واعتبر نفسه معني أولا بالفئات المهمشة الجديدة منذ سيادة العولمة، فسوف تعتبر شرائح واسعة من الشباب (ما بين 18 و30سنة) أنهم معنيين بالانخراط في الحزب. مما سيطعم الحزب بطاقات مجتمعية حديثة. تعاني من مشاكل الاقتصاد الجديد القائم على التكنولوجيات الجديدة وعلى المضاربات المالية وعلى العلاقات ما فوق وما تحت الدولة.
وهذا الاستشراف الجديد لما استحدث في المجتمع من فئات تخرجها ماكينة الليبرالية المعولمة يوميا من الحقل الاقتصادي الاجتماعي، من طرف الحزب، سيساعده من جانب آخر على التمعن العميق في المكونات التاريخية للجهات. مما سيفرز لدينا الوعي المفارق ما بين ثلاثة أنواع من المناطق: المناطق المندمجة في التجربة العامة للدولة (محور طنجة/فاس مكناس/الدار البيضاء الجديدة) والمناطق المقصية عقابا من طرف الدولة (1956-1999=الريف نموذجا) والمناطق التي أفرزت رأيا انفصاليا كحل لنسيانها واقعة تحت الاستعمار(الصحراء نموذجا) من طرف دولة الحسن الثاني التي انشغلت بأمجاد السلطة وبالقضاء على المعارضات وبالتقرب من الغرب وبتمديد عمر الأسرة الحاكمة بأساليب القمع



#حسن_العمراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشتراكي الموحد التحضير للمؤتمر الثالث مشروع ارضية ج4
- الإشتراكي الموحد : التحضير للمؤتمر الثالث مشاريع أرضيات 1
- الإشتراكي الموحد الإستعداد للمؤتمر الثالث مشروع ارضية ج5
- دفاعا عن الممانعة... دفاعا عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
- أي مستقبل للعمل التطوعي في ظل العولمة؟؟؟؟
- وثيقة مرجعية للحزب الإشتراكي الموحد حول الإصلاحات الدستورية
- في التعريف بتيار الخيار اليساري الديمقراطي القاعدي
- هل يحق للسياسي في السياق المغربي أن يتكلم اصالة عن نفسه ونيا ...
- الموارد الطبيعية بالمغرب : اي مستقبل ينتظرها؟؟؟؟؟؟
- من أجل مواجهة ثقافة النسيان : مقاومة ايت عطا للاحتلال الفرنس ...
- هل تستخلص الامبريالية الامريكية العبرة من درس الحرب العالمية ...
- من اجل مواجهة ثقافة النسيان : محمد بنعيسى ايت الجيد نموذجا ( ...
- معلمة تاريخية مهددة بالسقوط : فهل من مرمم؟؟؟؟؟؟


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسن العمراوي - الإشتراكي الموحد التحضير للمؤتمر الثالث مشروع ارضيات ج3