أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ظاهرة الأسماء المستعارة














المزيد.....

ظاهرة الأسماء المستعارة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 21:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظاهرة الأسماء المستعارة في العمل الإعلامي ليست بالجديدة. في كل البلدان هناك من يختفي خلف أسماء بديلة لتلافي إشكالات قد يخلقها استعمال الاسم الحقيقي, وربما تكون النساء في مقدمة من إضطر إلى هذه الممارسة إتقاء لغضب اجتماعي أو عائلي قد يتسبب به العمل في الصحافة أو التعبير الصريح عن الأفكار. في العراق ثمة ما يميز هذه الظاهرة عنها في البلدان الأخرى, هناك أولا انتشار هذه الظاهرة وتخطيها لحالة الاستثناء, من ناحية العدد يمكن القول إن عدد من يلجأ إلى استعمال هذه الممارسة قد تجاوز بكثير عدد الذين يستعملون أسماؤهم الصريحة.
ليس من الصعوبة إيجاد تفسير سريع وسهل ومقنع لهذه الظاهرة. ففي العقود الأخيرة وخاصة تلك التي تتضمن الفترة التي حكم فيها صدام والتي تلتها, لم يعد ممكنا لأصحاب الأقلام والأفكار أن يعبروا عن آراءهم بالحد الأدنى للصراحة دون أن يتعرضوا شخصيا للمخاطر أو يتسببوا لعائلاتهم بالأذى. إن عائلات عراقية كثيرة كانت قد وضعت تحت المراقبة والمتابعة لمجرد وجود ابن لها أو قريب خارج العراق حتى لو لم يكن لذلك الشخص نشاط معاد للسلطة, واحتوت استمارات المتابعة التي كان على العائلات العراقية أن تقدمها دوريا للسلطة على تعهد أن تكون المعلومات صحيحة, وجرى تذييل تلك الاستمارات بملاحظات تؤكد على أن أي معلومة غير صحيحة ستعرض صاحبها لعقوبة الإعدام. وفي بلد كانت العقوبة فيه تبدأ من الإعدام وخاصة حينما يتعلق الأمر بالسياسة لا يمكن اعتبار ذلك التذييل أمرا غريبا.
وبينما نجح صدام لأن يحكم جمهوريته من خلال حالة الخوف التي زرعها داخل كل نفس عراقية ومن خلال خطط أمنية مدروسة وهادفة فإن المرحلة التي تلت سقوطه لم تشهد إلا لأيام معدودات حالة الخروج من أوضاع التردي تلك, إذ سرعان ما عاد الخوف من الإرهابيين ومن الميليشيات المؤيدة للسلطة أيضا لكي يخيم بظله على الحياة في العراق, وبدلا من أن يكون هناك خوف مركزي معرف وواضح من خلال جمهورية خوف واحدة أصبح للخوف في العراق جمهورياته المتعددة, ولم يعد العراقي قادر على أن يميز قاتله ولا حتى السبب الذي يقتل من أجله.

في جمهورية الخوف تلك, وفي جمهوريات الخوف التي تلتها, لم يعد صعبا معرفة الأسباب الحقيقية لانتشار ظاهرة الأسماء المستعارة, ففي حين يمكن اعتبار اللجوء إلى هذه الممارسة في البلدان الأخرى حالة استثنائية فإن تحول الاستثناء إلى قاعدة في الحالة العراقية سوف يكشف من جانب آخر على عمق حالة التردي التي وصل إليها العراق, ونرى إن انتشار ظاهرة الأسماء المستعارة بات يتناسب تناسبا طرديا مع حجم انتشار حالة الخوف في المجتمع, وإذا كان ذلك صحيحا فقد بات بالإمكان الحكم على إن العراق قد حصل على شرف أن يكون جمهورية الخوف الأولى في العالم.



إن النسبة العظمى من الكتاب الذين يستعملون أسماؤهم الصريحة يعيشون الآن خارج العراق, أما أولئك الذين يعيشون داخله فهم مشاريع موت يومي, وليس غريبا إن العراق بات يحتل المرتبة الأولى في عدد الشهداء المغدورين من الكتاب والإعلاميين, ولذلك فإن كل من يعش الآن في العراق ملتزما بأمانة الكلمة وأخلاقيتها هو بطل من طراز خاص.
مع النوع الأول من الكتاب الذين يعيشون خارج العراق ويكتبون بأسمائهم الصريحة, وأنا منهم, فإن التحرر من الخوف لا يلغي الالتزام بأخلاقية الكلمة ولا يعني الانفلات من منظومة القيم الأخلاقية التي تتحكم بالقول والكلمة المكتوبة, وإلا لحق, على صاحب الفعلة, القول - من آمن العقاب أساء الأدب –.
على عكس ذلك يجب أن يكون التحرر من الخوف طريقا لاستعادة التوازن النفسي وليس طريقا لاختلال أخلاقي جديد. بذات المعنى لن يكون من الخطأ اتهام من يفعل ذلك بالجبن والانحراف, كما سيكون صحيحا القول إن وجود الكاتب خارج دائرة الخوف هو فرصة امتحان ثمينة لأخلاقيته وشجاعته التي تبدأ من خلال صدق الكلمة والتأكد من اليقين وإلا لحق عليه القول أيضا - إذا خلا الجبان بأرض .. طلب الطعن وحده والنزالا.
إن نفس الأحكام تنطبق دون أدنى شك على أصحاب أسماء المستعارة, فإذ يكون استعمال الاسم المستعار وسيلة مشروعة للتحرر من الخوف فإنه يجب أن لا يكون وسيلة للتحرر من الإخلاق, وإن طريقة استعمال الشخص لإسمه المستعار عند التعامل مع قضية أو مع حالة أو مع شخص آخر ستكون كافية تماما للتعرف على حقيقة ذلك الشخص النفسية والأخلاقية وعلى درجة وعيه والتزاماته السلوكية.
إن اشد الحالات انحرافا أخلاقيا هي حالة ذلك الشخص المتستر خلف أسم مستعار حينما يهاجم شخصا آخرا وهو يظن إن بقاءه غير معرف الاسم والهوية سيكفل له مساحة واسعة من التجريح على طريقة من أمن العقاب, وعلى شخص كهذا أن يتساءل ماذا سيحدث لو إن أسمه الصريح قد أنكشف, حينها سيكون غبيا لو إنه لم يتوقع لجوء الشخص الذي هاجمه دون وجه حق للحصول على حقوقه بالطرق الأخلاقية والقانونية. وحني دون ذلك أو قبله عليه أن يقف قليلا ليتأكد من صدق اتهاماته قبل أن يطلقها جزافا ومن استعداده لتحمل تداعيات الموقف فيما لو أنكشف أسمه, حينها فقط سيكون ممكنا الظن بأنه ليس جبانا أو مريضا بعلة نفسية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية العراقية.. وهل ممكنا أن تبيض الديكة
- الدلتا العراقية السياسية... على أبواب أن تغرق
- العراق أفضل بدون حكومة
- الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد
- مقالة بين مقالتين.. عن الشيوعيين والبعثيين وهل هم أبناء رحم ...
- الشيوعيون والبعثيون.. هل هم أبناء رحم أيديولوجي واحد
- محاولة نظرية لفهم تاريخية القتال البعثي الشيوعي وذلك الذي قد ...
- الحزب الأيديولوجي... نزول إلى الأعلى
- أمريكا.. هل هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين
- بإمكان الوطنية العراقية أن تنتظر قليلا
- العلمانية.. إنقاذ الدين من رجالاته السياسيين
- من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!
- ثقافة اليشماغ... حول رسالة معد فياض إلى مام جلال..
- الديمقراطية وأخطار المثقفين
- الإسلام السياسي أقصر الطرق لتقسيم العراق
- هل تخلى المالكي عن ناخبيه
- الشعب على حق ولو كان على خطأ
- لو ظهر عبدا لكريم قاسم الآن لسانده ( السنة ) وقاتله ( الشيعة ...
- القلم.. قدس الله سره, والكاتب.. حفظه الله ورعاه
- ليس هناك حل للعراق سوى أن تديره شركة أجنبية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ظاهرة الأسماء المستعارة