أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الطيب آيت حمودة - و بنوأمية ..هم عرابوا الفكر الشعوبي .















المزيد.....



و بنوأمية ..هم عرابوا الفكر الشعوبي .


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 20:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وأنا أتابع مجريات العدوان الاسرائلي السافر على قطاع غزة ،في مطلع هذا العام برا وبحرا وجوا ،ضد ألأبرياء والعزل من مواطني غزة الجريحة المستغيثة،والتي نادى أبناؤها : وامحمداه ، واسلاماه، وامعتصماه، ولا أحد رد على استغاثتهم ، لامن العرب، ولا من المسلمين ،وبقينا متفرجين على المباشر ،مترصدين تطوراته عبر القنوات الفضائية العالمية ، منتظرين ردا من دولنا وزعمائنا وبضغط من مجتماعاتنا عبر المسيرات الحاشدة ،والجمعيات الضاغطة ،والمقالات المحفزة عبر وسائل الاعلام، المرئية والمسموعة ، والخطب الرنانة على لسان زعماء الاحزاب والنوادي ، وما شابه ذلك ، الا أن موقف الحكومات بقي حاله ، ساكنا متخاذلا متجردا من كل عاطفة تجاه المستغيثين ، الذين ذاقوا الأمرين على يد الصهاينة ، وبالرغم من حالات التضامن التي أبداها البعض بزعامة الأتراك بأردوغانه، في حملة تضامنية ناجحة ألبت العالم ضد إسرائيل المتغطرسة ، وما سيلحقة من حملات أخرى بزعامات جديدة فارسية أو غربية ، وحتى أمريكية ؟؟ إلا العرب فهم بلا حراك ،كأن المبادرات لا وجود لها في قاموسهم التعاملي مع قضايانا المصيرية . .
وتساءلت في قرارة نفسي ما هذا الخذلان؟ لماذا هذ التشتت في أمتنا الاسلامية؟ لماذا هذ الخسران المبين ؟ واهتديت الى التاريخ استرشدة علني أجد سببا لهذ التناحر والتنافر بين المسلمين الذين اصبحوا قطعانا ينقادون ولا يقودون، ينفعلون ولا يفعلون ،يتأثرون ولا يؤثرون ، شعارهم الانبطاح والانحسار والخذلان ،بعد أن كانوا الشمس الساطعة على الغرب ، وعدت الى بدايات الاسلام ، وبزوغ فجره لكي استشف ما يجيب عن اسئلتي، ويشبع فضولي واكتشفت حسب رأيي المتواضع أن التشتت والتشرذم والتناحر والاختلاف، الذي يعاني منه المسلمون حاليا زرعته الأيادي الآثمة في جسد الأمة، و هو فكرة الشعوبية التي ولدت في رحم أعراب بني أمية ،الذين تواروثوها وعلموها عن قصد وجهل للشعوب الاسلامية الاخرى وتحققت بذلك مقولة الحاضر غرس الماضي..
وأساحول أن اظهر في هذا المبحث نظرة الاسلام للعنصرية القبلية ، وهل كان بنو أمية طرفا في تعزيزها وارسال فتنتها، أم أنهم كانوا وارعين منسجمين في سياستهم مع غيرهم من الشعوب، تطبيعا واحتراما لتعاليم الاسلام السمحة ،كما أوضحها القران الكريم، والسنة النبوية الصحيحة ، كما سأتناول مظاهر الشعوبية وتأثيراتها في المجتمع ونتائجها ماضيا وحاضر ومستقبلا..

**معنى الشعوبية :

يتضح معنى الشعوبية في التاريخ بالصراع الجنسي بين شعبين يختلفان في العرق ، ويتحدان في الدين ، وكانت البلاد الاسلامية مسرحا لها منذ بداية حكم بني أمية ،وهي ثمرة العصبية القبلية، والشعوبية شعوبيتان ، شعوبية العرب بقيادة الأمويين ، وتعرف اصطلاحا بالعروبية ، وشعوبية الموالي بقيادة الفرس ومن واكبهم من زنج وترك وسلاجقة وشراكسة وبربر وقبط في العصور الموالية للحكم الأموي ، والثانية هي نتاج للأولى . ووظف كل فريق إرثه الحضاري، ومجده القديم ،مرتكزا على النصوص والأدلة الشرعية التي استحدثت عن طريق الكذابين في رواية الحديث ، وما أكثرهم في هذا العصر[1] ، والتي تطورت بدورها الى العنصرية المقيتة في زماننا الحاضر.

**نظرة الاٍسلام للعصبة والتعصب:

ظهر الاسلام وجاء بتعاليم تعد ثورة تغييرية في شتى المجالات ، فكانت معالجة الاسلام للعصبية القبلية مدعاة للتحابب والمساواة في الحقوق بين المسلمين جميعا ، بمختلف ألوانهم ومشاربهم وأعراقهم، وأصبح معيار (الاسلام والايمان) هو المحك الوحيد للتمايز والتفاضل بين المسلمين مصداقا لقول رب العالمين:
يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا،اٍن اكرمكم عند الله أتقاكم، اٍن الله عليم خبير) مكن سورة الحجرات .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما فتح فلسطين : :
.( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله )

وقال الرسول الأعظم : وليس لعربي فضل على أعجمي الا بالتقوى(العقدالفريد)
وقوله ( بعثت اٍلى الأحمر والأسود)(كتاب فخر السودان للجاحظ )،وقوله (ليس منا من دعا الى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية ). وسئل يوما ( من أكرم الناس ؟ قال: أتقاهم) وقال الرسول الأمين أيضا ( ألا اٍ ن ربكم واحد ، وأباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر اٍلا بالتقوى ).( ليست العربية منكم بأب ولا أم ، ولكن من تكلم العربية فهو عربي).
كذلك قال : (من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه).
إن مبدأ المساواة يحدد مفهوم الإنسان (ويمثل بالتالي حجر الزاوية الذي يرتكز عليه بناء النظام الاجتماعي ، وهذا الشعور خاص بالإسلام ، إذ لم يسبق أبدا لدين ، أو لأيديولوجية أن أكداه من قبل بهذه القوة) .

**عروبية بني أمية :

كان الأجدر بحكام بني أمية وساساتها أن يحكموا بما أنزل الله ، وهم أقدر على ذلك لما حباهم الله من ملك شاسع وأمة تكاثر فيها العجم ، ليسهموا في تكوين دولة اٍسلامية ميزانها العدل والمساواة بين كافة المسلمين بمختلف نحلهم ومشاربهم ، خاصة وأنهم يحكمون شعوبا عهدهم بالاسلام قريب، وارتدادهم قائم اٍ ذ اكانت القدوة لاتستوفي شروطها، لأن ا لشعوب مولعة بمعرفة مدى التطابق بين القول والفعل، كما فعله الخلفاء الراشدون، وخاصة عمربن الخطاب الذي جسدت أيام خلافته معاني الاٍخاء والتكاثف، ونصرة المظلوم ،وقصته مع المواطن القبطي المظلوم من قبل أحد أبناء عمر بن العاص الذي كان واليا على مصر معلوم ، وقوله ( متى استعبدتم الناس ، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) وسار الخليفة علي بن ابي طالب على نفس النهج وذاك ما تبينه مراسلاته للولاة ،وما ذلك اٍلا نفحات عطرة من مسك الاٍخاء الاسلامي المجسد في دنيا الواقع ،وقد تنبه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز المرواني المكنى بالخليفة الراشدي الخامس اٍلى أخطاء سابقيه فخالفهم أساليب التعامل مع الرعية . غير أن ذلك لم يكن ليستمر ، لأنه غير مسطر في أجندة الدولة الرسمية، فراحت تطبق سياسة أخرى تتنافى في نهجها مع القيم المرسخة في عهد رسول الله وخلفائه الراشدين من بعده .والمنصف لهم يدرك بأنهم تحملوا عبء الفتوحات ،وكانت لهم الرياسة والحظوة، وجاهدوا في سبيل اٍعلاء كلمته ، وكونوا دولة مترامية الأطراف، وكانت الغلبية العددية لصالحهم ، ثم فقدوها بسبب ازدياد عددالموالي نتيجة الفتح . غير أن ذلك لم يشفع لهم الأخطاء التي وقعوا فيها جراء تعاملهم مع أهالى البلدان المفتوحة (الموالي )والتي اتسمت بالآتي :

1.-احتكارهم للمناصب ووظائف الدولة دون غيرهم من المسلمين الأعاجم ، واستثنوا طائفة الدهاقين وهم أمراء بعض الولايات الأثرياء وكبار الاقطاعيين عملا بقاعدة ( والشريف من كل قوم ،نسيب الشريف من كل قوم ) كما أشار الى ذلك ابن قتيبة في كتاب العرب والرد على الشعوبية . واتخذوا جواسيس ومفوضين فأثروا على حساب الطبقات الفقيرة. .
2-(.....أما القضاء فكانت القاعدة أنه لايصلح اٍلا لعربي) الكامل للمبرد الجزء الأول .ص297)
3–(...لا يؤم بالكوفة اٍلاعربي ) (العقد الفريد.ص75.)
4–احتقار الموالي وازدرائهم ومعهم غالبية جمهورالعرب لأن الناس على دين ملوكهم كما يشاع . وأطلقوا على من كانت أمه من غيرالعرب لفظة هجين .
5– كان العربي يفخر بأنه ابن حرة ، ويعد ذلك في نظر المجتمع العربي مفخرة من المفاخر ، ويعير ابن الفارسية بنسبه كأنه نقيصة من النقائص - من كتاب الأغاني –
6- دية المولى في المدينة نصف دية العربي(الأغاني ج. 2ص167).
7– كان العرب يحتقرون الأعاجم ويسمونهم (العلوج ) وقد شاع بينهم اطلاق أ سماء الحقارة مثل :عبد –و رقيق- على الموالي .(تاريخ الطبري ج7ص148و149).
8– يجبر الموالي على المشاركة في الحرب راجلين ،وكانوا يقعدون بأحط الأماكن وأسوئها في الاجتماعات ، ويمنعون من دخول مساجد العرب ، ٍاذ كانت لهم مساجد خاصة بهم، ويتجنب العرب الاختلاط بهم اعتقادا منهم بانهم أرفع منهم أخلاقا وأنسابا ، وعندما كثر الموالي في الأمصار أمر الحجاج بردهم اٍلى قراهم ، فخرجو ا وجعلوا يبكون وينادون : يامحمداه ، يامحمداه، فجعل قراء أهل البصرة يخرجون اٍليهم مقنعين ويبكون (تاريخ الطبري ج8 ص35).

ورغم ماقيل في معاملة أعراب بني امية للموالي ، اٍلا أنه من الانصاف القول بأن هناك من الأتقياء العرب الذين عاملوا الموالي برفق وٍاشفاق .
وظف العروبيون الأمويون بدأ من سيطرتهم على السلطة ، أساليب الدهاء السياسي ،( وهم أهل نفوذ ودراية موروثة تعود الى فترة ما قبل الاسلام ) ،وعرف عهدهم تنافسا شديدا على مستوى التصارع بالنصوص نتيجة اتساع الفتوحات وازدياد عدد الموالي ، ولا شك في أن هذا التصارع خلق جوا من التوتر والبحث عن مستندات للهجوم احيانا وللدفاع أخرى ، لهذا تكاثرت الأحاديث الموضوعة المعالجة لقضية الغلبة والتغليب للعصبيات المكونة للنسيج الاجتماعي للدولةالاسلامية ، فقد أحصى أحدالباحثين الجزائريين(خالد كبير علال /مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الاسلامي وتدوينه ) أكثر من 350 كذابا ،كان جلهم متخصصا في الحديث النبوي الشريف ، تجاوزت مفترياتهم الخمسمائة ألف حديث مكذوبة ، بسبب الخلافات السياسية والمذهبية والعصبية القبلية التي عصفت بالمسلمين في فترة صدر الاسلام، وهذا مادفع الحافظ شعبة بن الحجاج الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة اٍلى القول :
(ما أعلم أحدا فتش الحديث تفتيشي ، وقفت على ثلاثة أرباعه كذب .)
*-الشيعة الرافضة وضعت من فضائل على بن أبي طالب، وأهل البيت نحو ثلاث مائة ألف حديث.
*- الاٍمام البخاري دون في صحيحه نحو أربعة الآف حديث غير مكرر ، اختارها من مجموع ستمائة ألف حديث .
*السجستاني اختار 5274حديثا دونها في سننه ، من مجموع 500 ألف حديث . وبهذا يتضح بأن التاريخ الاٍسلامي مليء برويات الكذابين ، وانتبه علماء الحديث اٍلى ذلك ، وركزوا على صحة الاٍسناد وأهملواالمتون حسب راي المحققين المعاصرين . لذا يجب نقدها وتحقيقها وفق منهج علمي شامل يجمع بين نقد الاسناد والمتن ،مع نشر الوعي لتخطي السقوط في مبتغيات الكذابين .
اعتمد العروبيون في عهد بني أمية ،(الذي يعد ربيع العصبية العربية )، وبعدها في تصارعهم مع الموالي( الأعاجم) على سلاحين السياسة، والنصوص ، اٍما أنها لتمجيد عنصر العرب ،أو لاٍظهار دونية الموالي ،بمختلف أصولهم العرقية،وهي أحاديث موضوعة لأنها لا تطابق القرآن ،ولا يقبلها العقل والمنطق ، وأسوق بعضا منها :
*أخرج ابن قدامة المقدسي ، بسنده من حديث عبد الله بن عمر أن النبي قال: (...من أحب العرب فبحبي أحبَّهم ، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) .
*-خرَّج أبن أبي بكر الزرعي بسنده من حديث ابن عباس عن رسول الله مكذوباً مرفوعاً (أَحبوا العرب لثلاث : لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي ) .
* ورد من رواية أبي هريرة أن النبي قال (إن الله اختار العرب...) . وبلفظ مقارب أورده ابن حجر بصيغة(..ثم اختار من بني آدم العرب ..) .
* في حديث طويل تفرد به خارجة ٌبن مصعب ، نُسب للنبي أنه قال( إن الله تعالى أوحى إليَّ ألا أخرج في سرية إلا وعن يميني رجل من العرب ، فإن لم يكن فمن الموالي ، فإن لم يكن فالناس فئام لاخير فيهم، ياسلمان ليس لك أن تنكح نساءهم ولاتأمرهم ، إنما أنتم الوزراء وهم الأئمة) .
* ونسب للنبي أنه قال (...فأحبوا العرب بكل قلوبكم ).
* ورد من رواية سيدنا علي مكذوبا عليه عن النبي عليه السلام أنه قال (خير الناس العرب ...) .

**إهانة بعض الأعراق غير العربية:

وُضعت كثير من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلوات الله عليه وسلامه ، وحمِّلت إهانات وانتقاصات لبعض الأعراق غير العربية ، في مضمار الخصومة العروبية الشعوبية . أهم تلك النصوص ما يلي:
1- كُذب على النبي أنه قال: (دعوني من السودان إنما الأسود لبطنه وفرجه).
2- وورد كذلك (الزنجي إذا شبع زنا ، وإذا جاع سرق) .
3- وروي : (شر الرقيق الزنج) .
4- وروي : (إياكم والزنج ؛ فإنه خلق مشوه) .
5- ومن روايةابن مسعود مرفوعاً (اتركوا الترك ما تركوكم) .
من الطبيعي اذن أن يتكاثر الأعداء على هذه الدولةالطاغية المتجبرة ، ويكثر المتربصون بها ، من خوارج ، وعلويين، وزبيريين ، وغيرهم من العرب المسلمين، وغير العرب المسلمين من الموالي الفرس والترك والسلاجقة والبربر والزنج ... الذين ألفوا طائفة كبيرة لايستهان بها ، اشتبهت آلامهم، وآمالهم . ويعقدون الأماني على زوال حكمهم ، وكانت الجرأة تتخطى الأماني الى الفعل والتنفيذ ، فلا غرو اٍذن ان تقوم الثورات والفتن وتتوالي المؤامرات في السر والعلن . الى أن تزعم الثورة بنو العباس .

**شعوبية الموالي :

اتجه الموالي بعد اء قصائهم من المناصب والريوع الى الاهتمام بالثقافة والعلوم الأداب ، تنفيسا لهم ، ورغبة في التفوق والبروز ، وكان بعضهم ينشد الانتساب للعرب لنيل الجاه والحظوة والمكانة ، ومما يبين اغتياظ العروبيين من ثقافة الموالي ونبوغهم ذلك مالوحظ عن تضايق الخليفة عبد الملك بن مروان حين سأل الزهري ، في الخبر التالي الذي يرويه الزهري نفسه حيث ذكر أنه قدم إلى عبد الملك فقال له : من أين قدمت يازهري ؟ قلت : من مكة . قال : فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت : عطاء بن أبي رباح .قال : فمِن العرب أم من الموالي ؟ . قلت: من الموالي. قال : وبم سادهم ؟ قلت : بالديانة والرواية . قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا . قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس ابن كيسان. قال عبد الملك : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : من الموالي . قال : وبم سادهم ؟ قلت : بما سادهم به عطاء ؟ قال عبد الملك : فمن يسود أهل مصر ؟ قال الزهري : يزيد بن أبي حبيب، من الموالي . قال: فمن يسود أهل الشام؟ قلت : مكحول . قال عبد الملك : فمن العرب أم من الموالي ؟قلت من الموالي ، عبد نوبيٌ اعتقته امرأة من هذيل . قال عبد الملك : فمن يسود أهل الجزيرة ؟قلت : ميمون بن مهران من الموالي ، قال: فمن يسود أهل خراسان ؟قلت: الضحاك بن مزاحم من الموالي .قال: فمن يسودأهل البصرة قلت الحسن بن أبي الحسن ، من الموالي . قال عبد الملك –وقد غضب – ويلك ، فمن يسودأهل الكوفة ؟ قلت إبراهيم النخعي . قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : بل من العرب . فقال عبد الملك: فرّجت عني ، والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها .
ونبغ منهم العديد في تخصصات شتى منهم البخاري ، الليث بن سعد ، أبو حنيفة النعمان ،عبد الله بن المبارك، ابن الرومي ، بشار بن برد ، أبو حامد الغزالي ، الفارابي ،ابن سينا ..... والقائمة طويلة .
وسعى الوضاعون ، مسعى العروبيين ، ووضعوا العديد من النصوص تكبر من شأن الموالي ، وتحط من قيمة العرب ، في رد فعل نوعي أمام افراط العروبيين في اعلاء قيمة الجنس العربي، ونورد على سبيل المثال النصوص التالية:
1- ورد مكذوباً من رواية سيدنا ابن عباس أن النبي قال : (اتخذوا السودان ؛ فإن فيهم ثلاثة من سادات أهل الجنة : لقمان الحكيم ، والنجاشي ، وبلال ).
2- عن ابن عمر مرفوع ومكذوباً ورد ((من أدخل بيته حبشياً أو حبشية أدخل الله بيته بركة).
3- روي عن الإمام الصادق ( الشجاعة في أهل خراسان ، والباه، في أهل بربر ، والسخاء والحسد في العرب ) .
4- وعن الصادق أيضاً (لو أنزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم ؛ فهذه فضيلة العجم).

**ومن أمثلة الشعوبيين الذين سعوا الى مقاومة عروبية العرب نذكر :

قول أبو نواس :
لاتأخذ عن الأعراب لهواً ولاعيشاً فعيشهم جديب‏
فهذا العيش لاخيم البوادي وها العيش لا اللبن الحليب‏
فأين البدو من ايوان كسرى وأين من الميادين الزروب‏
.. وقد كان هو وثلة من ندائمه خارجون للخمارة بنية السمر وشرب الخمر ، وإذا بهم في الطريق ...تقام صلاة العشاء ، فقال أحدهم :دعونا نصلي ومن ثم نذهب لقصدنا .. فرد عليه أبونواس قائلا" :
دع المساجد للعباد تدخلها _ وأذهب بنا إالى الخمار يسقينا
ما قال ربك ويل للذين سكرو_ بل قال ربك ويل للمصلين .

وقول بشار بن برد كبير الزنادقة والشعوبيين:
إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدمَ فتبينوا يا معشر الفجارِ
النارُ عنصـــرهُ وآدم طينةٌ والطين لا يسمو سمو النارِِ
الأرضُ مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ والنارُ معبودةٌ منذ كانت النار

ويقول أحد شعرائهم ساخرا من الحياة في بلاد العرب:
بلاد نبتها عشر وطلح == واكثر صيدها ضبع وذيب
ولا تاخذ من الاعراب لهوا == ولا عيشا فعيشتهم جديب
دع الالبان يشربها رجال == رقيق العيش بينهم غريب.
ويقول الآخر ساخرا من افتخار العرب بانسابهم:
اذا ما تميمي أتاك مفاخرا _ فقل عدّ عن ذا كيف اكلك للضب .
ويقول الثاني:
مالي عقلي وهمتي حسبي == ماانا مولى وما انا عربي
اذا انتمى منتم الى احد === فاني منتم الى ادبي
ويقول الآخر :
اذا افتخروا بقيس أو تميم === أبي الاسلام لاأبا لي سواه
ومما قاله الشعوبيون ما قاله اسماعيل بن يسار يخاطب امرأة عربية:
واسألي إن جهلت عنا وعنكم، كيف لنا في سالف الأحقاب*** ذ نربي بناتنا، وتدسون ، سفاحاً بناتكم في التراب
**الكثيراً من مؤلفات الشعوبية أو التي تناولت الرد عليهم اندثر أكثرها ولم يصل منها إلا القليل.
ومن الردود التي وصلتنا على الشعوبية بعض كتابات الجاحظ وأبو حيان التوحيدي. وقد تضمنت الدفاع عن العرب من دون الإساءة إلى الشعوب الأخرى، والكاتبان كانا أقرب إلى الثقافة الفكرية منها إلى المزاج الأدبي، وقد كتب الجاحظ رسالة في تفضيل السودان على البيضان وألف ابن الجوزي والسيوطي رسائل مماثلة منها «رفع شأن الحبشان» وبرغم أن التوراة يفسر انحطاط السود عندما يتحدث عن حام بن نوح لكن ابن خلدون يفند هذه الفكرة ويرفضها ولاننسى أنه في مواجهة الشعوبية وجدت أيضاً العصبية العربية ليعبر عنها بعض الشعراء كالمتنبي، ونقول أخيراً إن الشعوبية مقيدة بزمانها فقد انتهت مع العصور الإسلامية ولم يبق الآن شعوبيون، كما لم يبق معتزلة أو بابكية، والعصبيات الآن لها بواعث حديثة مختلفة عن بواعث الشعوبية ، لأنها من نتاج مرحلة تاريخية مختلفة.
ومجمل القول أن عروبية بني أمية كانت مادية ومعنوية ، أي بالاهانة والزجر ، والحرمان من الحقوق الطبيعية التي منحها الله للبشر ، أما شعوبية الموالى فكانت في غالبهاترتكز على الفكر الناقد للأوضاع ، بأسلوب تهكمي و لاذع يضرب بقوة شهامة وعصبية العروبيين ، ثم انتقلوا الى الفعل بمشاركتهم في القضاء على الدولة الطاغية في نظرهم وتأسيس الدولة العباسية التي كانت سيطرتهم فيها فعلا وسلوكا .
ومن خلال تتبع هذا العرض يتضح أن الفكر العروبي كان ارثا للأعراب قبل الاسلام ، توارثوه، وعززوه ، حفاظا على عصبيتهم القبلية ، التي طوعوها لاٍخضاع المسلمين غير العرب ، ووظفوا لذلك مفتريات عقدية ,وأخرى فعلية تجلت في الاٍقصاء المبكر للأعاجم في الجوانب السياسية والعسكرية أوضحنا أمثلة عنها ، مستغلين ما حققوه من توسع وفتح ، وكثرة عددهم ، الاأن ذلك لم يستمر بسبب ازدياد المسلمين غير العرب ، الذين تحولوا الا ناقمين ومعارضين .
وما الشعوبية الا نتاج حتمي لظاهرة العروبية التي سبقتها ، وبالتالي يمكن القول أن الأمويين هم أول من أسس النعرة العنصرية في عالمنا الاسلامي ، رغم ردع الاسلام لها ومقتها ومحاربتها ، الى أن العرب مازالوا مصرين على الحنث العظيم .وأرى من العدل والانصاف أن يكون العرب كعنصر بشري ، داخل خيمة الأمة الاسلامية،لا أمة اسلامية داخل خيمة العروبة ، لأن خيمة الاسلام أرحب ، ولأن العالم الاسلامي يتكون من عناصر بشرية مختلفة في ألوانها واصولها ، ففيهم ألأبيض، والأسمر والأحمر ، وفيهم الصيني والهندي والكردي ، والبنغالي ، والتركي ، والسنغالي ، والأمازيغي، والألماني ، والقائمة طويلة ، ولكل شعب من هذه الأمة أصولها العرقية ، ولغاتها الأصلية ، فلا يعقل أن نصبغ الجميع بصبغة واحدة هي العروبة ؟ وفي عهد رسولنا الأعظم حافظ بلال على حبشيته ، وسلمان على فارسيته ، وصهيب على روميته ، فنجعل لكل الأطياف حقوقا في ظل الاخاء الاسلامي الرحب ، فالتركي مسلم ، واسلامه لم يمنعه من لغته التركية ولا من أصوله العرقية التي يعتزبها مثل العرب ، ونفس الشيء يقال عن بلاد المغرب الاسلامي ، فأهله امازيغ بامتياز ، حرموا من لغتهم الأم الأمازيغية ، وأجبروا على تعلم لغة أقوام أخرى ، واذا تعلموا العربية ، وتعربوا لسانا فان ذلك لا ينسيهم جذورهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل : (ليست العربية لأحدكم من أب ولا أم .............. )
والفكر العروبي طارد للتنوع الثقافي والاتني ، لأن الشعوب لها مرجعيتها الفكرية والسياسية ، وكثير من المسلمين حافظوا على هويتهم الأصلية من ارث تاريخي ، وحضارة ، ولغة وكانوا مسلمين بامتياز ،لم تمنعهم لغتهم ولا أصولهم من مشاركة المسلمين العقيدة السمحة التي وصل نورها الى مختلف اصقاع العالم بأسلوب الاقناع والمثل الأعلى .
العصبية القبلية أصابها الأفول لحين من الدهر، ثم استفاقت من غيبوبتها تحت وقع الاستعمار الحديث الذي غذاها من باب فرق تسد ، لهذا اجد نفسي ملزما بالحديث عن العنصرية العربية في القر ن العشرين.
ويتجلى من خلال هذا العرض مدى التطور الذي حدث في عقلية المسلمين عموما والعرب خصوصا ، بحيث تطور السجال الذي كان مبنيا على التعصب العربي ، وارتقى الى صراع مزدوج ببين العروبيين والشعوبيين عرف اصصلاحا بالشعوبية ، ثم الى العنصرية الاقليمية الضيقة التي تعرف في عصرنا بالدول القطريةأ والقومية أي ( القومية العربية ) بأبعد معانيها . والقوميات الاسلامية الأخرى المناهضة لها من فارسية وتركية و باكستانية ...... غير ان الفارسية هي اكثرالشعوبية قسوة في مقارعة ومناهضة الفكر العروبي ، وهي منتجات ضمنية وفعلية يجنيها العالم الاسلامي في مختلف الجبهات والأصعدة ..

**العروبية والشعوبية في القرن العشرين :

عرف نشوء القوميات في أوربا زخما كبيرا ،خلال العصور الحديثة ، ونشأت دول قومية، حققت انتصارات ظرفية كانت قدوة في التنظير للعرب المشارقة ، وحلما طالما راودهم في بناء دولة قومية أسوة بغيرهم من الأقوام خاصة المانيا التي كانت نموذجا يحتدى به في هذا الميدان ،ولو على حساب أكبر دولة اسلامية آنذك وهي الدولة العثمانية . ونفس الاتجاه سار عليه الفرس في مقارعتهم للمد العثماني في الشرق .
وأهم المنطلقات التي شجعت العروبيين على بعث هذه النزعة العصبية وكأن التاريخ يعيد نفسه لكن بأساليب جديدة :
Øانشاء حزب تركي قومي في اطار مايسمى بالحركة الطورانية مناويء للخلافة العثمانية ، ويهدف الى تكوين دولة للشعب التركي على اساس قومي .
Øاستلهام فكرة القومية من التجربة الألمانية القائلة بوجود قومية ثقافية ، الا أن العروبيين لم يتحقق لهم ذلك الا ما بعد الحرب الكونية الأولى، بفضل السند الديني والفكري الذي أمده محمد عبده،وجمال الدين الأفغاني ، اللذان دعا الى حكم عربي مستقل ذاتيا عن الخلافة العثمانية ،من أجل احياء الاسلام الذي أصابه الركود.
Øاستغل الأنجليز الفرصة وتنفذوا داخل عرب الجزيرة بفضل حنكة لورانس العرب الذي ساعد على نشر الفكر القومي والامداد بالسلاح لاقامة دولة عربية، ويعد هذا الضابط الإنجليزي لورانس الذي استغفل العرب المسلمين ولبس ملابسهم وقاد -وهو الإنجليزي النصراني- ما سُمي زورًا بالثورة العربية الكبرى وجعلهم يقاتلون إخوانهم المسلمين في الخلافة الإسلامية العثمانية وهو ما يدل على قمة خبث هذا الرجل وقمة خيبة من اتبعه من العرب حتى أطلقوا عليه اسم لورانس العرب، وقد كتب في مذكراته ما يدل على صناعته للفكر القومي العربي حيث قال: "وأخذت طول الطريق أفكر في سوريا وفي الحج وأتساءل: هل تتغلب القومية ذات يوم على النزعة الدينية (يقصد الإسلام)؟ وهل يغلب الاعتقاد الوطني الاعتقاد الديني؟ وبمعنى أوضح: هل تحل المثل العليا السياسية مكان الوحي والإلهام (القرآن والسنة)، وتستبدل سوريا مثلها الأعلى الديني بمثلها الأعلى الوطني؟ هذا ما كان يجول بخاطري طوال الطريق" هكذا كانت سوريا في المخطط الصليبي، ولم يتأخر لورانس في تنفيذ مخططه على الأرض، فقد كان خبيرًا بكيفية التحايل على العرب، وبدأ يغرس الفكر القومي بديلاً عن الإسلام عند العرب وقد سمى مذكراته (أعمدة الحكمة السبعة) ومن اللافت أن قوات الاحتلال البريطاني في العراق الآن تنصح جنودها بقراءة مذكراته للاستفادة منها في التعامل مع العرب!؟
Øكما أمكن العثور على مفاهيم القومية العربية في كتابات بعض المفكرين المسيحيين الذين طمحوا الى الاستقلال بدعوى تفوقهم الثقافي والعرقي على العثمانيين الذين الحقوا بالبلاد الخراب والدمار . وعلى راسهم ،ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث العربي القائل في كتابه (سبيل البعث) ما يفضح عداءه للإسلام كدين مهيمن يجب الانقياد له وحده إذ قال: "إن الأمة العربية تفصح عن نفسها بأشكال متنوعة في تشريع حمورابي، وتارة في الشعر الجاهلي، وتارة بدين محمد (!!) وأخرى بعصر المأمون".
Øزيادة عن السند الفكري الذي أمده ساطع الحصري للقضية ، والذي يعد احد المنظرين الكبار للقومية العربية. وكانت غالبية السكان غير مستعدة للانفصال عن الدولة العثمانية ، وما النداءات الاصلاحية الا من اجل تحسين وضعها لمجابهة الخطر الغربي المعزز بتكنولوجية سلاحية لم تتوفر للعثمانيين بعد.
الثورة العربية بزعامة الحسين بن علي شريف مكة :
تعد هذه الثورة التي أعقبت هزيمة دول المحور ،الشرارة الأولى المؤججة لحركة القومية العربية ، وان كانت في ظاهرها تبدو وكانها تمردا اسلاميا من أجل المحافظة على الاسلام ، لكنها بايادي عربية
بعد رفض العثمانيين منح الاستقلال الذاتي وملكية وراثية لشريف مكة ، وساعدت احداث فلسطين بين سنوات 1936/1939 على تحفيز المد العروبي في الشرق الأوسط .
- استطاعت الأنظمة التي احتضنت فكرة القومية العربية في كل من- سوريا ومصر والعراق ثم ليبيا عن طريق الاستبداد والقهر والاستيلاء على أجهزة الإعلام وتعميق الجهل بالإسلام ومحاربة الدعاة المصلحين- أن تسلب المسلمين أصحاب الدين الحق والأرض والسيادة، بل والأكثرية العددية تمكنت من أن تسلبهم حقهم في السيادة على أرضهم بعقيدتهم الإسلامية لصالح الأفكار الوثنية كالقومية والوطنية وكان لافتًا دفاع النصارى والدروز وغيرهم من الأقليات عن القومية العربية بكل ما يستطيعون، في الوقت الذي لم يتنازلوا فيه عن عصبياتهم الطائفية المضادة للإسلام والمسلمين مرة واحدة. فتنكروا لتعا ليم الاسلام ، وهمشوا اللغات الأصلية ، وفرقوا بين الأمةالتي أصبحت متناحرة متصارعة لغايات واهداف ذاتية ، وظهرت الأفكار المضادة للقومية العربية على لسان أساطينها ، ( أو ما يسمى الشعوبية الجديدة ) تجلت في أحمد لطفي السيد ومن سار في نهجه ، أمثال عبد العزيز فهمي ، علي عبد الرزاق ، أحمد أمين ، وطه حسين الذي قال : (هذه الحضارة الاسلامية الرائعة ، لم يأت بها المسلمون من بلاد العرب ، وانما اتو ببعضها من هذه البلاد - ويقصد مصر – وببعضها الآخر من مجوس الفرس ، ومن نصارى الروم ...).
ونفس المنحى سار عليه المفكر السوري صاحب صدمة الحداثة ، ساخرا من قيم التراث والدين والأدب والشعر .
وبذلك أصبح مسلم اليوم يعيش ازمة فقدان الشعور بالانتماء بسبب العولمة ، والعالمية والأنظمة المستبدة ، وأصبح في غياهب اللامنتمي خاصة الملتزم منهم ، فهو يحمل جنسيتين ، جنسية الوطن الذي يعيش فيه ، وجنسية الاسلام الذي يعتنقه ، فانحصرت دائرة الوطنية وماتت ، وانحصرت دائرة القومية حتى انمحت ، فلم يبقى الا الاسلام، . ومفهوم الوطنية عندنامتنوع قد يكون بقعة ارض نسكنها أو حاكم عميل نصفق له ، نحن وطنيون وحدود وطننا هي الأرض التي نسكنها، وأمة الاسلام التي نحمل جنسيتها في قلوبنا وليس في جيوبنا .

**نتائج النزعة العروبية والشعوبية والعبرالمستخلصة منهما :

يمكن تدوين جملة من الاستنتاجات طفت منذرة بهدم الذات الاسلامية ومقوماتها أمام طغيان الغرب الذي سعى ويسعى بكل ما أوتي من قوة لتجسيد شعوبية الأديان والثقافات، ولكن بسلاح أكثر فتكا ودمارا ، وهو الشيء الذي يحدث فعليا في غزة فلسطين والعراق ، ودارفور والصومال ، والبقية تأتي لا محالة اّذا استمر المسلمون في التناحر والاختلاف ، وما فشل القمم العربية المتوالية الا البرهان الساطع على الهوان الذي أصاب الأمة .Øالنزوع القومي أمر طبيعي في البشرية ، (حب الانتساب) ،والأقوام من خلق الله سبحانه وتعالى ومن آياته اختلاف الألسن والألوان والأقوام ، ، فالقوم هو المادةالخامة التي تصنع الحضارة وتعمر بها الأرض ، اذا اهتدوا الى عقيدة تنظم لهم التعارف والتعاون ، وتنبذ لهم التعصب والتمايز والتنابز بسبب الجنس أو العرق . وميزان الكرامة في الاسلام ليس الانتساب للعرق والجنس ،واٍنما هو التقوى والعمل الصالح ، وتشرف الأقوام بمقدار عطائها وانتاجها الذي يعود على الأمة جميعها بالنفع والرخاء .

Ø اٍن بعث العروبية والشعوبية من مرقدها ، يبعث على التمزق والتشرذم ، وهو واقع نعيشه اليوم ماثلا في الصراع السياسي والفكري والاستعلاء الطائفي . وهو مدعاة للشعوب المنضوية تحت خيمة العروبة بالمطالبة بحقوقها اللغوية والقومية ، لأن انتسابها شكلي فرضته الأنظمة الاستبدادية القائمة والمتشبعة بالفكر العروبي المستلهم من يقظة القومية العربية في عهد جمال عبد الناصر في بدايات منتصف القرن العشرين .


Ø لم يصدر لحدالآن اتفاق يرضي الجميع بشأن البلدان التي يشملها تعريف القومية العربية ، ماهي البلاد التي تنظوي تحت التعريف ؟ وما هو الانسان الذي يشمله ؟ وهل فعلا بلاد الشام ومصر وشمال افريقيا بلاد عربية ، أم أنها تعربت بالاسلام ، وهو أمر دفع سكان هذه البلاد الى نزوع قومي مضاد أشد،فهم لا يرون الا القومية الفنيقية في الشام ، والفرعونية بمصر ، والأمازيغية في شمال افريقيا .

Øلا شك أن القومية العربية كانت ردفعل على النزعة الطورانية ، وتلك كانت غفلة ، وعدم تبصر للمستقبل ، فاذا كان العرب قد تعلموا العصبيةالقومية من تركيا ، فان أقواما أخرى اقتبسوها عن العرب ، وحولها سلاحا مدمرا للذات والملة .

Øسعى القوميون العرب الى تعطيل كل وحدة تنبني على غير العروبة ، فاعترضوا بشدة على فكرة الجامعة الاسلامية ، في بداية القرن العشرين ، وأسسوا الجامعة العربية بديلا لها ،والتي كانت من صنع بريطاني خالص ، هذه الجامعة لم تستطع انجاز شيء ،سوى تقزيم القضية الفلسطينية بجعلها قضية عرب ، وليس قضية مسلمين ، وأصبح الجهاد فيها ليس في سبيل الله بقدر ماهو سبيل العروبة .

Øظهور مفاهيم جديدة في الساحة ، فأصبح العدو الأجنبي بديلا للعدو الكافر،و أعداء العروبة بديلا لأعداء الاسلام ، وذلك برهان على ان القوميين العرب لاتهمهم قضايا المسلمين في افغانستان ، وكشمير والشيشان ، والصومال ، ولم ينصروا مسلمي البوسنة والهرسك أيام محنتهم وحربهم مع صربيا ، فهم ادن منعزلون تماما عن قضايا الاسلام والمسلمين ، كما أن السلبية التي أظهروها خلال فترة العدوان الاسرائلي على غزة (يناير 2009) أثبتت فشل الجامعة العروبية فشلا ذريعا ، (حماس تدافع باسم الاسلام ، أكثر مما هو باسم العروبة) وكان موقف الطيب رجب أردوغان سليل محمد الفاتح العثماني أكثر جرأة و نصرة للقضايا العربية ؟ من العرب انفسهم .

**الخلاصة :

العالم الاسلامي يضم في تعداده ما يقارب المليار ونصف من البشر، من أجناس وألوان وشعوب مختلفة ، ويتكلمون لغات عديدة ، والعرب (جزء صغير من هذا التكوين) ، لهم الفضل في أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان منهم ، ولهم كل الفضل في نشر دعوة الاسلام وايصالها الى جزء كبير من عالمنا الاسلامي اليوم ، غير أننا لا ننكر ايضا جهود غيرهم من المسلمين في التضحية بأرواحهم وأموالهم من أجل نصرة الاسلام ،عبر حقب التاريخ المتتالية ، زيادة على ما قدموه من خدمة جليلة للحضارة الاسلامية في شتى مناحي الحياة ، والأمثلة التاريخية خير شاهدعلى ذلك ، لذا لايجب ان لا يزايد أحدا على غيره من المسلمين ، ويكفينا فخرا أننا من أمة واحدة بعقيدة واحدة ، وبآمال مستقبلية واحدة هي انهاء الغطرسة الصهونية ، على فلسطين المغتصبة التي مازالت جرحا داميا في جسد كل مسلم أينما كان في هذا العالم الفسيح.

المراجع :------------------------

[1]( راجع خالد كبير علال ،مدرسةالكذابين في رواية التاريخ الاسلامي وتدوينه ، دار البلاغ ، الجزائر 2003).



#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الخصي البيولوجي ، إلى الخصي المعنوي .
- الأمازيغي آكسل الشهيد ( كسيلة ) جهاد وطن ؟ أم جهاد دين ؟ ( 2 ...
- الأمازيغي إكسل الشهيد ( كسيلة ) جهاد لوطن ؟ أم جهاد لدين ؟ ( ...
- الأمة الأمازيغية ... بين الاستحواذ والإستقلال ؟!
- كلام .... في الوطن والوطنية ..؟؟!
- من أفعال بني أمية في الأندلس ( عصر الإمارة).
- الفركوفونية والعروبية ، صراع افتراضي لوأد الأمازيغية .
- أحمد عصيد و العلوي ، أو صراع العقل والعاطفة
- فرنسا....و( الخارجون عن القانون )
- حول شعوبية الأمس واليوم .
- الآثار بين كارثتي النهب والإهمال .
- محنة الأمازيغ في الأندلس ( عصر الولاة ).
- هوية الأمازيغ بين الأصالة والإغتراب .
- الأمازيغ والجبروت الأموي .
- التسونامي الإلكتروني .. بين المطاوعة والتطويع.
- الأمازيغ الذين تربعوا على عرش الفراعنة ؟، وقهروا اليهود ؟.
- الإديولوجية القاتلة في شمال افريقيا.
- جدل حول تسمية / المغرب العر بي؟ أم بلاد تمازغا ؟
- يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد، صراع عقيدة أم صراع منفعة ؟
- الإسلام... دين وحدة أم فرقة ؟


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الطيب آيت حمودة - و بنوأمية ..هم عرابوا الفكر الشعوبي .