أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - جواد البشيتي - اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!














المزيد.....

اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 15:27
المحور: عالم الرياضة
    




لستُ من عشَّاقها ولو عشقها (حتى الجنون) معذَّبو الأرض جميعاً، والذين إنْ أرادوا شيئاً يَرْمُز إليهم في "المونديال"، ولجهة معاناتهم وألمهم ووجعهم وشقائهم وبؤسهم، فلن يجدوا خيراً من الكرة نفسها، تَضْرِبها وتتقاذفها أقدام اللاعبين، صغاراً وكباراً، لا حَوْل لها ولا حيلة، لا رأي لها ولا أقْدام.

لستُ من عشَّاقها؛ لأنَّني عاشِقٌ لكل "صراع حقيقي"؛ وهل فيها من أوجه ومعاني "الصراع الحقيقي" ما يستأهل العشق؟!

إنَّها صراعٌ مداره "كرة"، وأداته "قدم"؛ و"الرأس" نفسه أصبح فيها "قَدَمٌ ثالثة"، تُضْرَب بها الكرة!

ولكن هذا الذي قلتُ في هجائها لا ينال من قوَّة الحقيقة الاجتماعية والتاريخية الكامنة في لعبة كرة القدم، فهي لعبة فيها من الضرورات الاجتماعية والتاريخية ما يجعلها واجبة الوجود.

كرة القدم هي لعبة استحدثها واخترعها الفقراء المعدمون قبل أن يسطو عليها الأغنياء، ويُحْكِم رأس المال قبضته عليها، ويكتشف فيها مَصْدَراً جديداً لربحٍ فاحش، وسبباً وجيهاً لشملها بـ "الخصخصة"، ولـ "تسليع" كل ما يمتُّ إليها بصلة.

ولقد استحدثوها واخترعوها لعجزهم عن لَعِب شبيهتها الأرستقراطية، فالنبلاء كانوا، في لعبتهم، يضربون الكرة بعصيٍّ طويلة، وهم يمتطون الجياد.

إنَّها لعبة، فيها وبها، يلبِّي الفقراء حاجات نفسية ما كان لها أن تنمو فيهم، وتقوى وتشتد، لولا معاناتهم في عالمهم الواقعي الحقيقي، فهي عالَمٌ افتراضي وهمي، يحقِّق فيه المعذَّبون في الأرض ما يُعْجِزهم فقرهم وضعفهم عن تحقيقه في العالم الواقعي الحقيقي.

بها يَقُون أنفسهم، ويَقُون معذِّبيهم، شرور الكبت، فالانفراج خير من الانفجار؛ وخوض صراعٍ ضدَّ "عدوٍّ وهمي" خير من خوضه ضدَّ العدو الواقعي الحقيقي، وتكسير الصحون والكؤوس خير من تكسير القيود، والدموع الرياضية، فرحاً أو حزناً، هي خير علاج لحبس واحتباس الدموع السياسية، والعيش الأبدي في "وادي الدموع" يستلزم تزيينه بكثير من ورود الوهم.

كل ما تحرِّمه عليكَ السياسة وأسيادها وأربابها يصبح حلالاً عليك في تلك الرياضة، فأنتَ في الملعب الرياضي فحسب "صانع أحداث"، و"بطل"، و"قائد"، و"نجم"، و"شهير"، تسحر "الشعب" ببيان قدميك، تتعلَّم، وتُعلِّم غيرك، أهمية وضرورة "الجماعية"، و"التعاون"، روحاً وعملاً وأداءً، وكيف تكون، ويجب أن تكون، العلاقة بين "الأنانية" و"الغيرية"، بين "الفرد" و"الجماعة"، بين "البطل" و"الجمهور"، كما تتعلَّم، وتُعلِّم غيرك، أنَّ "الهدف" ما عاد ممكناً أن يتحقَّق (أو يُسجَّل) إلاَّ بأيدي (أو أقدام) أناس يؤمنون بمبدأ "الفرد من أجل الكل، والكل من أجل الفرد".

أمَّا إذا كنت من "شعب الملاعب"، منتمياً إلى "الشارع الرياضي الحلال"، وليس إلى "الشارع السياسي الحرام"، فإنَّ لكَ الحق في التجمُّع (مع الآلاف، وعشرات الآلاف، من أشباهك) والاحتشاد والهتاف..

إنَّها رياضة؛ ولكنَّها ليست رياضة فحسب، ولو كَرِه أرسطو وعشَّاق منطقه؛ وهل من رياضة تشبه السياسة أكثر من رياضة كرة القدم؟!

كرة القدم التي تخلو من السياسة، أي التي يهبط فيها منسوب السياسة كثيراً، إنَّما تشبه وجبة بلا توابل، قد تكون صحِّية، ولكنَّها لن تكون شهية، فالرياضة غير المشحونة بالسياسة، أو بشيء منها، تَفْقِد كثيراً من جاذبيتها وحيويتها.

أمَّا التسييس الأسوأ للعبة كرة القدم فهو الذي عرفته تلك الرياضة في عالمنا العربي؛ وكلُّكم تَذْكرون ذلك الحدث الرياضي في السودان، أي مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر، فإنََّ مصالح سياسية فئوية ضيِّقة سعت في إلباسه لبوس الحدث التاريخي، وكأنَّ شحن نفوس الملايين من المصريين والجزائريين بعصبية تافهة حمقاء كريهة وبغيضة، انطلاقاً من تلك اللعبة الرياضية، يمكن أن يُكْسِب ذوي تلك المصالح "وزناً شعبياً"، يَعْجَزون عن اكتسابه من العلاقة الواقعية بينهم وبين شعوبهم.

ولقد عَرَفَت "السياسة" الكامنة في تلك "الرياضة" كيف تُلْبِس لعبة كرة القدم لبوس الحدث التاريخي العظيم، وكيف تستعير له من "الماضي"، ومن "الأموات"، الأسماء والشعارات القتالية، واللغة، والأزياء؛ فـ "الفراعنة" و"الفرعونية" و"داحس" و"الغبراء"، و"موتى آخرين"، حضروا إلى "الملعب"، وكأنَّ "مقاصِد الحاضر الحقيقية والواقعية"، أي مقاصِد "اللاعبين السياسيين" وليس "اللاعبين الرياضيين"، لا تُخْدَم على خير وجه إلاَّ بهذا الماضي المُسْتعار.

وغنيٌ عن البيان أنَّ الحاجة إلى الأوهام، وإلى ما تُنْتِجه من عصبيات تافهة حقيرة، لا يحتاج إليها إلاَّ كل من يحتاج إلى خداع نفسه، وإلى أنْ يخفي عن نفسه، وعن غيره، المحتوى الحقيقي للصراع، ويبقي حماسته على مقربة من الدرجة العليا للتراجيديا التاريخية العظيمة.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب إسرائيلية على -النموذج التركي-!
- إلاَّ أسطوانة الغاز!
- ما هو -الزمن-؟
- إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!
- تصحيحاً ل -الخطأ- الذي ارتكبه العرب..!
- إنَّها أسوأ صيغ الاعتراف بإسرائيل!
- أزمة -المواطَنة-.. عربياً!
- -أسطول نجاد- بعد -أسطول أردوغان-!
- -النفاق-.. سياسة عربية!
- ظاهرة أردوغان
- هل نجرؤ على الانتصار؟!
- معبر رفح.. تُغْلِقه مصر فتَعْبُر تركيا!
- امتزاج -الأحمر- ب -الأزرق-!
- جماهير -إعلامية فضائية-!
- الشرق الأوسط الخالي من السلاح النووي!
- -الانتخاب- و-التزوير- صنوان!
- قانون لانتخابات نيابية -أخلاقية-!
- القانون الانتخابي الجديد في الأردن.. هل يأتي ب -برلمان قديم- ...
- هذا الاستئساد الأثيوبي!
- نتنياهو -رجل الحقيقة-!


المزيد.....




- المرشح الأول لخلافة كلوب في ليفربول.. دوري واحد في 6 مواسم
- برشلونة يغير موقفه بشأن تشافي
- شاهد.. الرئيس الفرنسي ماكرون يسقط لاعبا بسبب مراوغته و-كوبري ...
- حفل ببجي موبايل العربية يُشعل الأجواء ويحتفي بإنجازات أبطال ...
- هدف -غريب- لإيفرتون في مرمى ليفربول.. هكذا دخلت الكرة الشباك ...
- شاهد: فوز صبي في بطولة انتحال شخصية النورس الأوروبية
- الأحلام تتبدد.. ليفربول يتعرض لهزيمة ثقيلة أمام جاره اللدود ...
- كاف يعتبر اتحاد العاصمة خاسرا أمام نهضة بركان بسبب -القمصان ...
- إيفرتون يصعق ليفربول ويوجه ضربة قاتلة لسعيه للفوز بالبريميرل ...
- الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - جواد البشيتي - اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!