أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - التاريخ الفلسطيني بالمقلوب















المزيد.....

التاريخ الفلسطيني بالمقلوب


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 15:13
المحور: كتابات ساخرة
    


إن قدرنا جعلنا نحيا مخضرمين بين قرنين وعصرين، عصر تأسيس الحركة الوطنية الفلسطينية ، وعصر المأساة الفلسطينية الراهنة ،وقد دفعنا قدرنا أن نشهد انتكاسة الحركة الوطنية الفلسطينية، بحيث أصبحت تسير بالمقلوب!
من يتابع الأحداث الفلسطينية الجارية، يصاب بالدهشة والاستغراب مما آلت إليه هذه الحركة، ويُصاب أيضا بالإحباط عندما يقارن بين بدايات الحركة الوطنية ، وواقعها الحالي، لا لاختلافها في الرؤى والمفاهيم فقط، بل لانقلابها على مرتكزاتها الرئيسة.
وهذا الانقلاب الغريب العجيب لم يكن تكتيكا، ولا مسايرة للألفية الثالثة ومقتضيات حالها،ولا هو ناجم عن استخلاصات العبر من التاريخ، بل هو (تراجعٌ) محض غير مُبرر!
ومن الأمثلة على ذلك أن الفلسطينيين في بداية ستينيات القرن الماضي، أدركوا بأن المثل القائل( ما حكّ جلدَك غيرُ ظفرك) كان هو المثلَ الصحيح الذي ينطبق على نضالهم العادل، فلذلك قرروا أن يتولوا بأنفسهم مشروع التحرر الوطني، ليس كمقاولين من الباطن لحساب دول أخرى، وحركات أخرى، وتمكنوا من إعادة صياغة مُثُلهم ومبادئهم (فلسطينيا)وفق مقتضيات الحكمة السابقة، ومطلوبات العصر الذي يعيشون فيه.
فشرعوا – على الرغم من أنهم كانوا يعيشون في المنافي- في صياغة المبادئ الفلسطينية النضالية، وكانت تتلخص في ضمان التعددية السياسية، والتمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية، بمختلف الطرق والوسائل، وتحريم الدم الفلسطيني، والانفتاح والتثقيف والتوعية وظلوا يثيرون إعجاب العالم طوال أكثر من نصف قرن، لدرجة أن أحزابا عالمية كثيرة كانت تضع أحزابنا الفلسطينية في قائمة الأحزاب الرائدة في العالم، فلا غرابة عندما كنا نشاهد كثيرين من أعضاء الأحزاب العالمية يتتلمذون على يد النضال الفلسطيني، ويمارسون النضال ممارسة عملية تطوعا!
ويكاد المجتمع الفلسطيني أن يكون هو الوحيد الذي تتعدد فيه الأعراق والأجناس والديانات، ويعيش الجميع في وئام وانسجام يثير دهشة العالم وإعجابه، على الرغم من ضائقة الاحتلال، وكان هذا الوئام مبعث فخر فلسطيني نضالي، ولم تستمر هذه السمة طويلا ، عندما قامت بعض الجماعات وفق نظريتي (السير بالمقلوب) بالاعتداء على بعض أماكن الكنائس والمكتبات العامة.
ولم تكن في تلك الفترة راياتُ الأحزاب الصغيرة، تعلو علم فلسطين الكبير، كما يحدث اليوم بالمقلوب أيضا!
واستطاع المناضلون الفلسطينيون في تلك الحقبة سحب ورقة فلسطين من الجيب العربي والدولي ، وتولي مسؤولية النضال الفلسطيني، وسُجل هذا الأمر في ستينيات القرن الماضي كأروع إنجازات النضال الفلسطيني!
وها هم ورثة النضال الفلسطيني أنفسهم يعيدون اليوم ورقة فلسطين إلى الجيوب العربية من جديد بحججٍ شتى!
إذن فنحن نسير بالمقلوب!
وليتنا اكتفينا بأن نعيد قضيتنا إلى جيوب إخوتنا العرب كقضية نضالية حقوقية مشتركة، بل أعدناها للعرب ملوثة بنقائصنا وعار اقتتالنا على المناصب والسلطات !
وفي إطار سيرنا الحثيث والسريع بالمقلوب أيضا ، قرَّرنا إعادة قضيتنا كلها إلى أدراج العالم ومحفوظاته، فصرنا نرى بأن قضيتنا هي قضية عالمية، وما نحن سوى آلات في تُرس القضايا العالمية العديدة، ولم تعد قضيتنا هي قضية فلسطين،الشعب المشرد من أرضه الساكن بجوارها، بل هي أزمة شرق أوسطية!
وعدنا من جديد نسير بالمقلوب، نطالب العالم بقرار التقسيم، وبقرارات الأمم المتحدة الأخرى التي رفضناها بسبق الإصرار والترصُّد مثل 194 181 242 338 ، وظللنا نبرر رفضنا لها باستخدام الشعارات الأيدلوجية السياسية، وبسيف الخطابة البلاغية العربية المستمدة من القاموس المحيط، ولسان العرب!
وعدنا مرة أخرى نسير بالمقلوب!
ولكي ندلل على ما سبق، فإن حركة فتح التي انضمت إلى منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968 اشترطتْ عند انضمامها للمنظمة أنها تمثل فلسطين، ولا تمثل (المنظمة) التي أنشأتها الجامعة العربية عام 1964، لأنها وفق إطار الجامعة، تكون منظمة قومية عربية، تنعكس عليها الصراعات والخلافات العربية، واشترطت فتح أن تبقى مستقلة وسرية!!
وفي ضوء ما سبق أجرت فتح تعديلا على ميثاق منظمة التحرير الذي ظل معمولا به منذ تأسيس المنظمة 1964 ، فقد كانت كل الوثائق تضع العنوان التالي للميثاق الفلسطيني وهو " الميثاق القومي الفلسطيني" ، فتم تغيير (القومي) إلى (الوطني) ، فأصبح الاسم الجديد:
" الميثاق الوطني الفلسطيني"
وهذا بالطبع يدخل ضمن حالة سيرنا بالمقلوب !
ومن حركاتنا العكسية، أننا بدأنا بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية كمقدمة لتأسيس (دولة فلسطين) ، وما إن أسسنا سلطة وكيانا أسميناه دولة فلسطين عام 1994 عقب اتفاق أوسلو وأصدرنا باسمها جوازات سفر حمراء للصفوة، وخضراء لباقي الرعية، وأسسنا المجلس التشريعي ، ثم فُتحت شهياتنا للوزارات، وشرعنا في إشباع شبقنا الشديد للمناصب الوزارية والوظيفية، وأنشأنا ضريحا لمنظمة التحرير، نزوره كلما ألمت بنا الكوارث فقط!
وما إن وصلنا إلى درجة الإشباع ، أو كما تسمى بالدارجة (الجفص) ، ولم نتمكن من تحقيق أقل طموحاتنا، وأدنى حقوقنا ، حتى أدركنا بأننا كنا نسير بالمقلوب!
فعدنا أدراجنا وأنكرنا هذه الدولة ومؤسساتها وعدنا إلى فتح تابوت مومياء (منظمة التحرير الفلسطينية) ننفض غبار الزمن عن ملفاتها ، ثم شرعنا ننفخ في جسدها المحنط باعتبارها هي الأساس وهي المرشد والموجه، وميثاقها الثاوي معها هو خير منقذ ومعين، وأن شفاءنا من كل أمراضنا المزمنة، ومن الأرواح الشريرة التي سكنت الجسد الفلسطيني، لا يتأتي إلا بإشعال بخور المنظمة في أجوائنا!
وهكذا عدنا نسير بالمقلوب!
ومن أحدث تقاليع سيرنا بالمقلوب، أننا بدأنا التفاوض مع إسرائيل ، عبر الوسطاء في بداية تسعينيات القرن الماضي، ثم فاوضناها وجها لوجه، وعلى طاولة واحدة خلال أكثر من عقدين، وجلسنا مع المفاوضين الإسرائيليين، وأكلنا من مائدة واحدة، وتبادلنا الوثائق والمستندات يدا بيد، وها نحن نعتزم أن نلقن إسرائيل درسا لن تنساه، وذلك بأن نفرض عليها إرادتنا ونفاوضها (من وراء حجاب) !!
أيضا ... بالمقلوب !
إلى متى سيستمر هذا السير (الحثيث) بالمقلوب، ومتى سنضع نهاية له وفق مقولة الأديب سعدي يوسف:
نحن ننحدر إلى القاع، ولكن أليس لهذا القاع من قرار؟



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا يا إسرائيل
- دعوة اليهود للهجرة من فلسطين
- ألفية القدم، لا القلم
- الإعلام يغتال أطفال فلسطين
- شخصيات إسرائيلية تصف إسرائيل
- إسرائيل تغرق في البحر 1/6/2010
- لقاء حصري مع برنارد لويس 30/5/2010
- صحافة التطريز
- معلمو حل الاختبارات
- إسرائيل تشبه كوريا الشمالية
- لفتة دعم لشومسكي
- من يوميات منكوب
- قصة أبي البدع
- المطارد غولدستون
- غنيسات فلسطينية
- نسل فكري مشوه
- كيس الطحين في فلسطين
- مرض زوجة الابن
- تهنئة فلسطينية بعيد البيسح
- قهقهوا من فضلكم


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - التاريخ الفلسطيني بالمقلوب