أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - رحلة العمر6 (قصة قصيرة)















المزيد.....

رحلة العمر6 (قصة قصيرة)


زياد صيدم

الحوار المتمدن-العدد: 3042 - 2010 / 6 / 23 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


ح6 (قبل الأخيرة)

وصلا القصر الذي يقيم فيه زعيم الرهط بناء على استدعائه العاجل.. جلسا صامتين بعد تحيته، وانتظرا ما سيفصح لهما من أمره...

الزعيم: شاءت أقدارنا في المملكة أن ننتظر زمنا آخر قادما، أملا في تحسين نسلنا، والصفات الوراثية لأجيالنا القادمة ..لقد طلبتكما على عجالة لأطلعكما على نتيجة الفحص في عدم توافق الجينات بينكما.. وان كانت زوجتك من أصول آدمية .. حيث أفاد طبيبنا المختص باستحالة حدوث الحمل، بناء على هذا التقرير الذي بين يدي الآن .. مبديا أسفه وحزنه الشديدين.. لكنه كان كمن يؤمن بالأقدار، فبدا متزنا هادئا في حديثه لهما..وخيم الحزن على مستشاريه المتواجدين من حوله ..
هو: صمت وعبس وجهه، وألجمته المفاجأة.. بكت زوجته الحورية ..فشد على يدها، ربت على ظهرها، ورمقها بنظرات عطف وحنان، قبل أن يستأذنا بالخروج .. اتبع الزعيم حديثة قائلا: قبل أن أذن لكما.. سأكرر على مسامعك، بأنك ضيفنا معززا، مكرما، حتى تنفذ فترة سنواتك المتبقية في ضيافتنا، بعدها لك الاختيار ..وما أن انتهى من آخر كلماته، حتى أشار لهما بإمكانية المغادرة .

بمضي فترة السنتين المتبقيتين على وجوده بينهما..كان قد تعلم أشياء كثيرة .. لم تقتصر على اكتسابه لقدرات خارقة فحسب! وإنما استطاع أن يعرف عن قرب، كثير من أصول الحُكم، والمعاملة، وقوانين التكافل والتآخي السائدة بين أفراد الرهط أنفسهم من ناحية، وبين القيادة والرعية من ناحية أخرى.. كما تعلم أسس ومبادئ متعددة.. لو علم سكان سطح الأرض بها لعاشوا في أحسن حال.. هكذا كتب في إحدى ملاحظاته، ضمن مذكراته الحافلة، التي أيقن بأنها كنز حقيقي ؟ لم يخطر على باله أبدا، أن تكون ضمن كنوز باطن الأرض، التي حلم بها قبل بداية رحلته.
هو: يجيء ويغدو إلى حوريته في آخر أيامه في المملكة، حزينا مكفهر الوجه.. التفت إليها، ضمها بعطف وحنان، لم يتمالك نفسه، فأجهش بالبكاء قبل أن يعلمها بقراره النهائي بالعودة إلى سطح الأرض..مضيفا بان أسرته تنتظره على أحر من الجمر.. وهناك شعبه الأكثر احتياجا بما تعلمه و اكتنزه من كنوز حقيقية.. تمثلت في القيم والسلوكيات الجديدة الأكثر أمنا، وسعادة، وتقدما، وعدالة، وتسامحا..إلى جانب الكنوز المادية التي سيحملها إليهم...
حوريته: استسلمت لقدرها.. تفهمت قراره وما أراد.. أعطت له الأمان.. وحرية الاختيار.. فانهمرت دموعها بسخاء كأنها سيل من مطر .. لم ير في حياته مثلها !حتى أغرقت الأرض من تحت قدميها.. وبللت ثيابها الحريرية الشفافة، فبدا جسدها ناصع البياض يشع ضياء ونورا ...
هو: في الأيام الأخيرة القليلة المتبقية له.. بدأ يفكر في مشكلة أساسية تواجهه الآن ؟ تتمثل في كيفية العودة ؟ ومركبته التي استمرت عاما كاملا في الغوص في باطن الأرض، حتى وصلت إلى هنا، قد فقدت كثير من أهليتها، واستهلكت معظم آلاتها، فلن تكون قادرة على العودة أبدا.. فأرسل إلى مرافقه، يطالبه بنقله على وجه السرعة، لزيارة مركبته العالقة هناك في السقف الصخري الشاسع، المهول،فاصطحبه إليها.. دخلها متفحصا وخاصة شفرات الحفار الضخمة، ومعدات القياس، وهيكلها الخارجي، وأقسامها الداخلية بعناية فائقة..ثم سجل تقريرا بذلك.. قام بدراسته على وجه السرعة، وأعد لائحة طلبات؟ لإصلاحها وإعادة صيانتها وتأهيلها لرحلة العودة..هكذا كان يفكر في قراره ،قبل أن يتراجع؟ مستخفا بما فكر به ويتيقن بأنه من بني البشر، وآدمي ما يزال !!

طلب مقابلة الزعيم على عجالة .. امتثل بين يديه مرتبكا حائرا .. كان يحمل ملفا بين يديه ..طالبا المساعدة في إصلاح مركبته ليتسنى له العودة.. فما كان من الزعيم إلا أن انفجر ضاحكا! وشاركه مستشاريه جميعا في الضحك.. وتعالت أصواتهم، وهمهمات المستشارين ؟ .. إنها المرة الأولى التي يرى الزعيم ومستشاريه على هذه الصورة؟.. فوقع في حيرة من أمره، وأحس بضحالة سؤاله وتفاهة طلبه.. فخجل والتزم الصمت.. منتظرا تفسيرا عما يحدث! ...

الزعيم: ضيفنا الكريم..من زمن طويل لم نضحك هكذا من أعماق قلوبنا.. لم نشء الاستهزاء منك، أو السخرية من حديثك المنطقي، من زاوية تفكيرك العلمي كبشر آدمي ..لكننا نستغرب عليك، عدم إدراكك لقدراتنا الخارقة.. وإمكانياتنا الكبيرة، حتى بعد مضى خمسة أعوام لك بيننا، لهذا فقد استهجنا طلبك.. فبدا لنا ساذجا، يقلل من قدرنا دون ان تدرى او انك تناسيت من نكون نحن سكان باطن الأرض؟
هو: ابتسم .. ثم افجر ضاحكا.. يضرب كفا بكف.. يقدم الأعذار عن سذاجة ألمت به، في لحظات غلب عليه تفكيره بأهل سطح الأرض ..فقال: غاب عنى حقا أيها الزعيم الحكيم والطيب..في لجة من أفكاري الآدمية المتواضعة جدا .. فماذا تقترحون؟ فانا رهن حكمتك وقرارك الراجح..
الزعيم: سينقلك مرافقك الذي عيناه حارسا أمينا عليك.. حيث أدى مهمته على أكمل وجه.. و سيوصلك إلى باب بيتك بساعة زمن فقط !!
هو: بهت.. جحظت عيناه.. لكنه ابتسم فرحا، منتشيا بما سمعه، خفق قلبه حتى كادت ضرباته أن تُسمع.. فخر على ركبتيه، يشكر الزعيم والجميع.. على حفاوة الإقامة، والتكريم، وعلى هذه الخدمة الجليلة التي لا تقدر بثمن...

هو: في اليوم الموعود.. حضر الزعيم إلى بيته بكل تواضع، ومعه ثلة من المستشارين، ووجهاء الرهط..احتراما له ولزوجته الحورية.. ليقيموا له مراسم وداع رسمية.. ثم أوصى مرافقه به خيرا .. وأمره بإيصاله إلى باب منزله على سطح الأرض.. كان الموقف عصيبا عليه .. تحشرج صوته متأثرا ..التفت إلى حوريته ودموع الوداع تنهمر.. رمقها بنظرات حزن وألم على الفراق.. لكنه ابتسم لها ؟! والى الجميع مرسلا قبلاته.. كان ينثرها بكفي يديه، ملوحا بإشارة السلام بيديه.. بينما حمله مرافقه على ظهره.. والبسه ثيابا غريبة عجيبة.. حتى اختفى جسده كليا، ولم يعد يظهر من جسمه شيئا ..فقد غطته من رأسه حتى أخمص قدميه.. وانطلق به بلمح البصر...

مر وقت قصير.. لم يزد عن ساعة زمن.. وإذ بمرافقه يفتح عليه سترته الخاصة.. يفرك عينيه، يتأمل ما حوله.. يصرخ عاليا: أنا على سطح الأرض..يشير بسبابته: ذاك بيتي ! هذه شوارع القرية! يتحسس جسده.. يطمأن على نفسه.. ينظر إلى مرافقه، يجده مبتسما ! لكن في عينيه حزن شديد!.. يحدثه: حانت ساعة الفراق يا صديقي.. لن استطيع المكوث طويلا معك.. احتضنه ..شد على يديه.. بكى دموعا صادقة.. شاركه البكاء .. لقد كان صديقه الصدوق، وحارسه الأمين، ومنقذه بداية ونهاية.. وبمجرد أن ترك عناقه، حتى اختفى من أمام نظره...

سارع في خطواته باتجاه بيته..لمحه بعض من أهل القرية.. بدءوا في التهليل والصياح عبر الأزقة والطرقات الترابية، وأمام ديوان المختار بأعلى أصواتهم: عاد بشار يا أهل القرية..عاد بشار يا مختار.. خرجت الجموع عن بكرة أبيها.. شيبها وشبابها ، نسائها وبناتها ..يهرعون باتجاه بيته.. بينما هو كان يقرع الباب بطرقات قوية متتالية.. غير مصدق ما رأى ويرى ...
من يدق الباب ؟ يا رب استر، يا رب استر..ماذا حدث ؟ كان صوت زوجته من خلف الباب.. أنا يا حليمة..افتحي..أنا بشار يا حليمة.. لقد عدت سالما غانما قبل لحظات..
حليمة: بشار.. بشار زوجي !.. بشار زوجي..ااه .. ثم سمع من خلف الباب قبل أن يُفتح.. ارتطام جسدها بالأرض مغشيا عليها.. فقد أغمى عليها من هول المفاجأة..

يتبع في - الحلقة الأخيرة- .
إلى اللقاء.



#زياد_صيدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرولوا إلى قاهرة المعز 3 - النداء الأخير-
- رحلة العمر5 (قصة قصيرة)
- الجرائم الصهيونية والفيتو الأمريكي إلى متى؟
- رحلة العمر 4 (قصة قصيرة)
- رحلة العمر 3 (قصة قصيرة)
- رحلة العمر 2 ( قصة قصيرة )
- مستر تريمال وأنفاق الجحيم؟.
- رحلة العمر 1 ( قصة قصيرة )
- صديق الأسرة ! (قصة قصيرة )
- حظوظ عرجاء !! (ق .ق. ج)
- س. ص ! (قصة قصيرة)*
- غزة.. دخان يا كييفي الدخان
- ومضات غزلية (ق. ق.ج)
- حكايات من طوكر!(ق.ق.ج)
- ابتسامات ما بعد الموت ! (قصة قصيرة)
- لحى.. ولكن! ( ق. ق. ج )
- صخب الموانئ 12 (الأخيرة).
- صخب الموانئ 11
- رهان مع الشيطان 3.
- ثرثرة فلسطينية قبل القمة العربية


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - رحلة العمر6 (قصة قصيرة)