|
الذاكرة المتلاشية
كريم الثوري
الحوار المتمدن-العدد: 3042 - 2010 / 6 / 23 - 08:31
المحور:
الادب والفن
الذاكرة المتلاشية Faded memory ثلاث لوحات لمريم الفارسية لوحة الحضور مريام عرفيني بنفسك ؟ قادتني لحانة مُحاذية، كانت الموسيقى تصدح بِالحان المهاجرين ،لامست شفتيها رشفة واين تاريخي مُعتق ، مسحت مسرح الرقص بنظرة عارفة ، إرتجفت بقشعريرة جسدها ، إنسابت ربطة عنقها طواعية حتى استقرت بين مقص اصابعها ، نشَطَتْهاَ بيديها ، فتلتها على وركها النحيل بمغزل خيزرانها ، كانت تسير الهوينا مستندة على اطراف اصابع قدميها ، كادت تُحلق ، فقد انتفضت كملسوعة ،تموسق جسدها الفارع ، حلقت باجنحة الموسيقى ، متخطية جاذبية النظرات، رقصت ، رقصت ، رقصت ، حتى تلاشى المسرح بصمته المُطبق ، سَمعْتُ صوت إبرة سقطت على الارض، فيما إنسلّت رؤوس الصبايا مطأطئات ، مُستقَر الأرض، اتحد الغناء بالرقص بالتصفيق ، على أنغام مقطوعة فارسية إبتدعتها من موسيقى حركاتها المتناغمة بعفوية المتمرس، فذاب الحضور مسحورا ،غير مُصدق... كُنت واحدا منهم ، غير مُصدق ، في حجرها مساءاً. لوحة التوحد مريام أريني تفردك ؟ كانت الساعة قد اقتربت من محفل التتويج ، حتى توقف رعاشها مبهورا، مُخلياً لخدرها يُهدهد إرتعاش الكون الغافي ، يقطرُ مُحلى اصفهاني ناعس كحرير مشهد ، امتزج السيل بالساقية ،فترطب ما كان صائما يترقب الصحن ، وراح يفتش عن أسماك لابطة في عتمة الليل ، على ضوء فانوس علاء الدين والمصباح، مبهورا بموسيقى العرفان ، دون خدش أو وجل. كانت لرموشها سهام لا تخطئ معجونة من إمتزاج كل الوان الطيف الشمسي ، فليس لعينها صبغة اللون ، تتبدل كلما أشارت ، كحرباء جسدها، وكنت أُلبي النداء منسابا بتلوينها ، مآخوذا بخدر لذيذ لا يُقاوم ، اقتربت رموشها في مسيرتحدّ ٍ، اقتربت اكثر ، فارتبك حصاري بزاوية اعرفها ،ومازالت تقترب ، تقترب ، حتى تلاشت المسافة ، سقطت من السرير ، اجهشت بتنهيدة أعادت لي الحياة ، بنشاط مَن إستجمع ولم يحصد ، قائلة : هذا هو الفرق ياملاكي بين جنس فارس الحُر وجنس العرب المُكبل؟ ! لوحة الخسران مريام كيف هو عناد الفرس؟ اثثّتْ صومعتي على اوجه الطريقة التقليدية ، بحداثة أوربية ، عبأته بالحب الاسطوري ،حررتني من ابجديتي الغبية ، مررتني بدورات إستحالة ، كرهت معها كل تاريخي الشخصي ، رحت انظرها بعيون ، حافظ ، سعدي ، وصدر الدين الشيرازي ، كانت مقامات عمر الخيام محفل التتويج ، مهووسا أُنقب بتاريخ فارس ، حتى اضمحلت بلمح البصر، تلك الغلاظة سيئة الفهم، صرت اهتف دون إرادتي : يالجمال فارس ، يالجمال فارس ، يالجمالك ...من فارس ، وقبل رحيلها الأبدي اهدتني لوحة باهضة التكاليف، جلبتها معها من شيراز ، كان يوم ميلادي ، غابت يومين ضوئيين ،اختفت ثم عادت بها ، وعلى طريقة الجدات . اخرجت مُغلفها بنفائس البخور ، بعد إنتهاء حفل الوداع ، وما كنت اعرف ، فما اوجسني قلبي ، اقتربت مني وقبلتني حتى التحقنا بعالم العناق ، نهضت منتصبة وتركتني كلوحتها المُعلقة، شاخصا بوجه الصدى : قالت : وداعا ساذهب ، لا تتغير ياهذا ، لم افلح بتغييرك ، ما كل هذا التصحر ، تشققاتك ابتلعت مياه المحيطات دفعة واحدة، ومازالت فاغرة فاها ؟! عجزت بالفكاهة ، عن كسرِ حواجز مُنغلقاتك وبالدعابة عن تحطيم مُكعبات صمتك وبالمكر حتى تخطيت سحر العجم لا احتمل الخسارة ، قبالة إنهيار رصيدك فمثلي لا يخطىء ، وأنت العثرات عودي يافعٌ ، وأنت الرياح العاتية رقصي يرتبك موسيقاي تهفت غنائي يتكلس ما بت اعرف من أنا من أنت بحق السماء أيُها الإعرابي ...؟! كريم الثوري الذاكرة المتلاشية / لوحة تشكيلية إيرانية نفيسة مازلت معلقة على جدار الذكريات...
#كريم_الثوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نيوتن والتفاحة
-
عند نصب الجندي المجهول
-
المُتأخِّر وطنٌ... المُتَقَدِّم شَتات
-
قراءة نقدية
-
صياما في حضرة السرو
-
سردشت يعشق اميرة البياض
-
المهاجر والكلب
-
عيعووووووووو
-
حوار مع صدفة
-
محجر الاعدام
-
حوارية الذئب الأجرد
-
أس الشخص الثالث
-
مئة إمرأة قُبلة رجل
-
تقديم لديوان: السواد... يا لونيَ المفضّل.. ! للشاعر كريم الث
...
-
مصلى في مقر الحزب الشيوعي العراقي
-
وهم معرفة
-
حكايتي مع كمبيوتري القديم
-
اصبعي منقع بالورثة 2
-
حوار مع كلب عراقي 2
-
اصبعي منقع بالوراثة
المزيد.....
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|