أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - إسرائيل والتطبيع الرياضي














المزيد.....

إسرائيل والتطبيع الرياضي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 11:04
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يدر بخلدي أن أتابع يوماً التلفزيون الإسرائيلي، أو أحرك الطبق اللاقط على قمر إسرائيل، لكني وجدت نفسي، وبكل أسف وخيبة وحسرة، مدفوعاً دفعاً لذلك. فقد فوجئت حين قال لي محدثي وأنا أبحث عن حل لمعضلة متابعة مباريات كأس العالم بعد أن احتكرت هذه المتعة، ولم أترك أحداً من قراصنة فك التشفير إلا واستشرته كي نقنص تلك المتعة كما كان يفعل أجدادنا العرب العظام، أقول فوجئت حين قال لي بأن إسرائيل تنقل المباريات على القمر الإسرائيلي وهي مفتوحة وما عليك إلا أن تحرك الطبق اللاقط باتجاه القمر الإسرائيلي. وهكذا أستمتع الآن وأنا في الريف اللاذقاني الساحر الأخضر بمتابعة مباريات كأس العالم من دون أن أدفع "نكلة" واحدة للصوص العرب الكبار ومصاصي الدماء.

وبذا باتت إسرائيل تدخل اليوم، وبكل أسف وضاربة بعرض الحائط بأطنان من قرارات ومحاولات ما يسمى بالمقاطعة العربية، وبفعل عبقرية وذكاء الأنظمة العربية وما شاء الله عليها، كل بيت من بيوت العرب تقريباً، وذلك من خلال نقلها المفتوح والمباشر لمباريات كأس العالم، وترنو عيون عشرات الملايين من شباب العرب وصغارهم، ويا عيني عليهم، إلى الشاشات الإسرائيلية بحثاً عن متعة رياضية افتقدوها في شاشاتهم التي يقال عنها بأنها وطنية. ولا ندري لماذا لم تبادر ما تسمى بجامعة الدول العربية مثلاً، التي تعتبر نفسها مع أنظمتها وصية على رقاب هذه الشعوب، بمحاولة كسر احتكار نقل مباريات كأس العالم، ولكي تقول لمن يسمون بالجماهير العربية، بـأنها موجودة وتمثل العرب وشبابهم وتسعى من أجل سعادتهم وتقديم الخدمات لهم.

تحاول إسرائيل جاهدة الدخول التطبيع وبشتى السبل، وتخصص الميزانيات الضخمة لذلك، وتجند الكثير من الأقلام والأبواق الإعلامية للترويج لها، وقد أتتها مناسبة كأس العالم على طبق من ذهب كي تلج منه إلى بيوت العرب قبل أن تلج إلى قلوب شبابهم، وصغارهم وعرفت كيف تستغل مناسبة رياضية لتحقيق شيء من التطبيع الرياضي، لاسيما بعد تضعضع صورتها عالمياً جراء قرصنتها لأسطول الحرية.

لكن لا ندري ما هو السر في بقاء الأنظمة العربية بعيداً عن هذا المجال، وترك المجال وإعطاء الفرصة لإسرائيل كي تسيد وتميد، وتسرح وتمرح في الفضاء الإعلامي ولمدة شهر تقريباً دون أن تأتي هذه الأنظمة بأية حركة؟ ولماذا لا تحاول أن تقتحم مجال الرياضة من أوسع أبوابه، وتقدم أي نوع من الترفيه، حتى الرياضي، لشعوبها، وتتركها نهباً، وعرضة للمؤسسات والتروستات الاحتكارية التي لا ترحمهم، وتمص دماءهم، وتبتزهم قبل أن تقدم لهم أية خدمة.

بالمقابل هل نرى أي نظام عربي، ومهما كان وديعاً، وطيباً، ومتسامحاً مع إسرائيل يدخل إلى البيوت الإسرائيلية كما تدخل هي اليوم إلى البيوت العربية، بل هل تسمح هي له بذلك؟ ألا تعتبر الحروب والحملات الإعلامية والنفسية جزءاً من أية حروب ومواجهات عسكرية، بل ربما تكون العامل في حسم الحرب؟ ألا تعتبر هذه الحركة الإسرائيلية خطوة تطبيعية ذكية ومتقدمة تدخل بها قلوب الشباب وصغار العرب قبل أن تدخل بيوتهم، وتصبح بالنسبة لهم "طاقة فرج" في الوقت الذي تغلق الأنظمة العربية، وخاصة الثرية هذه المتعة في وجوههم وتحاربهم بـ"لقمة" عيشهم الرياضية ومتعتهم الوحيدة هذه الأيام وتبخل وتضن عليهم رغم ثرائها الأسطوري بمجرد نقل لمباريات رياضية، فمن سيصدقهم بعد ذلك حين يتكلمون عن رسالتهم الحضارية، وعن كرمهم العربي الحاتمي الطائي، وعن سعيهم لرفاه من يسمونه بالمواطن العربي؟ ألا يمثل هذا الاحتكار، وبتلك الطريقة الشايلوكية المبتذلة، قمة الجشع والطمع والرغبة في الاستئثار والمتاجرة حتى بفرح الأطفال الصغار والشباب؟

لقد تعرضت إسرائيل في الفترة الأخيرة لهزة إعلامية كبيرة جراء قرصنتها لأسطول الحرية ما شوه من صورتها أكثر مما هي مشوهة، وربما تكون قد خرجت من باب هذه المواجهة بكثير من الخسائر الفادحة، لكن يبدو أنها عادة اليوم من النافذة الرياضية التي عرفت كيف تستغلها بمهنية إعلامية عالية لا تتوفر كثيراً للأنظمة العربية، التي لا تأبه عادة للرأي العام، ولا تعطي للشعوب أية أهمية، ولا تهمها سمعتها على أي صعيد من الأصعدة.

مهما كان موقفنا من إسرائيل كدولة معتدية ووحشية وباغية، ندين كل سياساتها التوسعية والعدوانية والإجرامية بحق شعوب المنطقة، لكن هذه الخطوة، تعتبر محض عملية تطبيع رياضي قسرية ساهمت فيها عن قصد أو جهل أنظمة العربان، تستحق التوقف عندها ودراسة أبعادها وتداعياتها على مجمل ما يسمى بالمقاطعة العربية وهل هي ممكنة في ضوء هذا الانفتاح العولمي الفضائي والإعلامي، لكنها في النهاية تؤكد على حقيقة خالدة، وتكشف مجدداً على تجاهل وتنكر واحتقار أنظمة الإفقار والإذلال والإفلاس الحضاري الشامل لأبسط حقوق شعوبها ومواطنيها وتطلعاتهم وأحلامهم البسيطة والمشروعة.

وإذا كان هناك فشل إسرائيلي واضح على صعيد التطبيع السياسي، فهناك ولا شك حقول وفضاءات أخرى للتطبيع، عرفت إسرائيل كيف تستغلها، ومنها الرياضي وها هو أمامكم، ويبدو أن إسرائيل قد نجت فيه على الأقل في جذب عقول وعيون وقلوب شباب العرب، باتجاه "القمر الإسرائيلي".

وكل مونديال وأنظمة طويلي العمر بألف خير.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا بخت هنود الخليج
- لماذا لا يقاطع العرب كأس العالم؟
- هل نرى يهودياً عربياً زعيماً لحزب قومي عربي؟
- تعقيب على مقال الوطن القومي للمسيحيين
- أطالب بوطن قومي للمسيحيين العرب
- المرضعات: وعلاوة إرضاع الكبير
- خرافة المفكر العربي
- عولمة رياضية
- الجهاد الإسلامي بين الأنموذج الأردوغاني والأنموذج البن لادني
- نعم لإرضاع الهندي الفقير
- العرب والسطو على التاريخ
- أيهما أهم الأخلاق أم الأفكار؟
- الأساطير الدينية تحت الاختبار: إنتاج أول خلية حية والإنسان ا ...
- هل يعتذر البدو الغزاة ويدفعون تعويضات لضحاياهم؟
- من أين ستأتي الخليجيات باللبن الكافي لإرضاع هنود الخليج؟
- متى ينسحب البدو العرب الغزاة كما انسحبوا من إسبانيا؟
- هل يمازحنا فضيلة الشيخ القرضاوي؟
- زحف المغول الثقافي: هل يقضي المهاجرون على الحضارة الأوروبية؟
- اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين فقط!!
- هل كان لدى البدو حمّامات في الصحراء؟


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - إسرائيل والتطبيع الرياضي