أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - فلسفة الدروع التكريمية














المزيد.....

فلسفة الدروع التكريمية


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 22:29
المحور: الادب والفن
    


من‮ ‬يظنّ‮ ‬أن ظاهرة توزيع الدروع التكريمية للأفراد المتميزين،‮ ‬والمنظمات المدنية،‮ ‬وربما المؤسسات الرسمية التي شاعت في أيامنا،‮ ‬عملية ساذجة، ومغالطة، وغير ذات أهمية،‮ ‬بعد كثرة شيوعها إلى حدّ‮ ‬يتطلب من المسؤولين التفكير بإنشاء جهة رسمية تشرف على إنتاجها باعتبارها حالة استثمارية جديدة تدرّ‮ ‬من الأرباح المضمونة ما‮ ‬يفتح اللهاة لكثرة ما‮ ‬يُنتج منها،‮ ‬ويُهدى للرائح والغادي،‮ ‬ويوفر مورداً‮ ‬لا بأس به لميزانيتنا المتأرجحة بسبب البذخ الماشي‮ ‬على أساس‮ (‬كله من جيب الخليفة‮)، سيما وأن إنتاجها صناعيا خفف الكلفة التي كانت ستكون من حصة الصفافير الذين كسدت بضاعتهم وتقلصت إبداعاتهم بعد أن حاصرتها المنتجات السريعة ذات النظافة والجمال الصناعي الذي لم يكن يتوفر للصفارين، وإن كان أثمن.

أقول؛ إنّ‮ ‬من‮ ‬يظن أن ذلك‮ ‬يأتي‮ ‬اعتباطاً‮ ‬ووفق مزاج المانح لهذه الدروع؛‮ ‬غلطان‮ !‬

ذلك لأن للمانح فلسفة خافية علينا،‮ ‬نحن الذين نحسن النوايا،‮ ‬ونظن أن للدرع الممنوح مكانة رفيعة تفتح مغاليق الأمور، وتهيء للممنوح سمعة وجدوى،‮ ‬شأنها شأن الأوسمة ذات المزايا العملية،‮ ‬وننسى أنها،‮ ‬في‮ ‬الواقع‮ ‬ستركن إلى جانب‮ (‬خردوات‮) ‬البيت،‮ ‬يأكلها الصدأ والغبار،‮ ‬وستذهب،‮ ‬كما أتت،‮ ‬دون ضجيج ولا اعتبار؛ بل ربما كانت موضع استخفاف ونقد لاذع من متصيدي‮ ‬الخطايا وكاشفي‮ ‬النوايا الذين‮ ‬يوجهون سهامهم ورماحهم إلى مانحي‮ ‬هذه الصحون المعدنية العديمة القيمة‮.‬

إذن؛ فالحكمة في‮ ‬هذه الدروع ليس الإعتراف بفضل حامليها،‮ ‬وإنما اتّقاءاً‮ ‬لسيوف النقد اللاذع التي‮ ‬تتطلب دروعاً‮ ‬لصدّها،‮ والتوقي من آثارها، ‬درءاً‮ ‬للفضائح‮، واتّقاءاً لما يذكر بها ويثير المشاكل بشأنها؛ وإلا لكانت سيوفاً مثلما يتبادله الملوك والرؤساء.

فالدرع،‮ ‬بعد؛‮ ‬نصف الهزيمة التي‮ ‬نسميها‮ (‬دفاعاً‮)‬،‮ ‬وكان الأحرى أن تكون‮ (‬هجوماً‮)‬،‮ ‬ولو بسيوف من قصب،‮ ‬على ما نستحيي‮ ‬منه من ممارسات وعلاقات ودناآت كانت مطمورة وانكشفت،‮ ‬واستحقّت بأن نتوقاها بالدروع‮.‬

والمضحك في‮ ‬الأمر أن أكثر من‮ ‬يُكرّم بالدرع ليس من ذوي‮ ‬العضلات والمبارزات واستعراض الشجاعة،‮ ‬بل ربما كان‮ ‬يحرجهم بعض الشيء لأنهم من طينة وادعة لا تتعاطى الهجوم والدفاع في‮ ‬غير مجال الفكر والتأمل،‮ ‬ولذلك فهم‮ ‬يركنون هذه الدروع في‮ ‬مواقع لا تراها العين في‮ ‬بيوتهم،‮ ‬فتّهمَل وتصدأ‮.‬
فكلها لصدّ‮ ‬رماح النقد والإستخفاف بالشخص المدرّع على مبدأ (إدفعها بقصبة).

تصوروا أن درعاً‮ ‬تكريميةً‮ ‬من هذا النوع الفارغ‮ ‬من أي‮ ‬معنى،‮ ‬تُمنح لزها حديد أو رفعة الچادرجي‮ ‬أو محمد مكية‮. ‬أو مظفّر النواب أو سعدي‮ ‬يوسف أو شيركو بيكس أو فرحان باقر أو‮ ‬يوسف العاني‮ ‬أو كاظم الساهر أو ناهدة الرماح،‮ ‬أو سواهم ممن‮ ‬يمنحون الدرع قيمة ليست فيها،‮ ‬ولا‮ ‬يجدون لها محلاً‮ ‬في‮ ‬رفوف مكتباتهم‮ ‬يتكافأ بها جمالياً‮ ‬ودلالياً‮.‬

‮ ‬ولا أدلّ‮ ‬على ذلك من كثرة‮ (‬الدروع‮) ‬التي‮ ‬توزّع على المكرّمين في‮ ‬ميادين انشغالاتهم،‮ ‬اعترافاً‮ ‬من المسؤولين بكون ما‮ ‬يمنحونه من هذه الدروع سيكون موضع نكتة‮ ‬يتداولونها في‮ ‬مجالس لهوهم وتبادل مداعباتهم على‮ (‬الايميلات‮) ‬التي‮ ‬يقضون أمامها أكثر مما‮ ‬يقضون في‮ ‬دوامهم الرسمي‮. ‬ولعلمهم بكثرة سهام النقد التي‮ ‬ستتناولهم،‮ ‬فهم‮ ‬يوزعون تلك الدروع إتّقاء ذلك‮.‬

والحق أن كثيراً‮ ‬من المدرعين جديرون فعلاً‮ ‬بالتكريم،‮ ‬ولكن ليس بهذه الطريقة البائسة،‮ ‬وهناك أكثر من وسيلة‮ ‬غيرها تبعث على الإعتزاز والحفاوة؛ وعلى المسؤولين البحث عن مبتكرات ذات قيمة‮، من قبيل تدوين إنجازات المكرمين على أقراص توزع بين الناس مجانا، مع حفظ الحقوق الفنية والقانونية للمكرمين، والمكافأة المجزية لهم.

الدروع‮... ‬الدروع‮.. ‬
فالنقاد المشاكسون على الباب،‮ والمكرمون أرفع قدراً من أن يعاملوا بهذه السذاجة؛ ‬والوقاية خير من العلاج‮ !‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناظم رمزي آخر سلالة الفن الموسوعي
- غزة نموذج عربي للنفاق السياسي
- غرفة سمير الكاتب (رواية)
- الباء تتدخل في مصائرنا
- شؤون تنحتُ‮ ‬في‮ ‬القلب
- نحو المربد السابع
- غداً موعدنا مع الغد
- الصگار في حوار مع جريدة المدى
- برمكيات
- البرد وعلي الشرقي والإنتخابات
- إحماض قبل الإنتخابات
- ايمان صبيح والوعي الرياضي
- قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬ ...
- سيدات محافظة واسط
- سامي‮ ‬عبد الحميد‮ ‬ لا‮ ̷ ...
- خذ قصيدتك وامش ١
- إنا لله وإنا لهذا العراق
- مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
- نعمة الملل
- آفاق الكتابة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - فلسفة الدروع التكريمية