أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سعيد عبود - الأناركية والدارونية














المزيد.....

الأناركية والدارونية


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 22:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رغم كل ما كتب عن الأناركية، فإن الكثيرين مازالوا يصفونها بالخيالية، رغم أنها تعتمد فى ممارستها لتغيير العالم على ما يسمى بالفعل المباشر، وهو بناء علاقات لا سلطوية وتعاونية فى قلب المجتمع القديم، وعلى هامشه،أو الحفاظ عليها والإكثار منها إذا كانت موجودة، آملين أن يصبح لذلك النوع من العلاقات السيادة الاجتماعية يوما ما، بعيدا عن أى شكل من أشكال الهندسة الاجتماعية، أو انتظار ليوم القيامة الثورية، وهم فى هذا يجسدون أفكارهم، الآن فى عالم الواقع، وليس فى عالم الخيال والشعارات والمهاترات النظرية،بالانخراط فيما هو عملى وفعال وممكن بدلا من الانغماس فى الاستعراض السياسى الذى يساعد على تثبيت الواقع لا تغييره، وإعادة إنتاج العلاقات القائمة لا تغييرها.
الأناركيون يتمسكون بالنظرة المادية للعالم التى هى نفسها نظرة العلم الطبيعى للعالم، فكما فى الطبيعة الحية، تحدث تغيرات مختلفة فى الجينات الوراثية، تؤدى لتغير فى صفات الكائنات الحية، مما يؤدى لتنوعها بمرور الوقت، وفى النهاية تبقى الكائنات الصالحة للبقاء، وتنقرض الكائنات غير الصالحة للبقاء. مما يؤدى لتطور الكائنات الحية، وهى العملية المسماة بالانتخاب الطبيعى، التى يقلدها الإنسان فيما يسمى بالانتخاب الصناعى، والتى تؤدى لوجود سلالات نباتية وحيوانية جديدة، لها صفات مرغوب فيها استهدفها البشر مسبقا، و لم تكن موجودة من قبل.
توجد علاقات تنافسية وصراعية بين الكائنات الحية من أجل البقاء، سواء بين أفراد الجنس الواحد أو بين الأجناس المختلفة، إلا أنها ليست العلاقات الوحيدة فى الطبيعة الحية، كما يستند فى ذلك أنصار الدارونية الاجتماعية، فالطبيعة الحية تمتلئ بجانب أشكال الصراع والتنافس بنماذج للعلاقات التعاونية والتكافلية سواء بين أفراد النوع الواحد، أو بين أفراد من نوعين مختلفين، وسواء كانت هذه أو تلك، فإن الدافع وراءها هو تحقيق مصلحة حيوية مشتركة لكلا الطرفين، هى البقاء، لا أى قيم أو مثل أو صور أو خيال مثل تلك التى يخلقها البشر، و لا توجد خارج عقولهم.
فى العلاقات ما بين أفراد من نوع واحد أو بين أفراد من نوعين، يوجد تنوع أيضا فى العلاقات ما بين علاقات سلطوية وعلاقات لا سلطوية، فإذ كانت بنية قطيع قرود الشمبانزى تقوم على أسس سلطوية وهرمية بين أفراده، فإن أشقائهم من أفراد قرود البونوبولو تقوم العلاقات فيما بينهم على أسس لا سلطوية ومساواتية.
فى أى مجتمع بشرى أيضا، يدخل البشر فى علاقات اجتماعية مختلفة، بعضها تعاونى وبعضها تنافسى، بعضها سلطوى وبعضها لاسلطوى، وما يحكم بقاء علاقات اجتماعية فى مجتمع ما، وانقراض علاقات اجتماعية أخرى، هو مدى صلاحيتها للبقاء، و هو مدى كفاءتها فى تلبية احتياجات البشر المادية وغير المادية، وهى عملية خاضعة فى جانب منها للانتخاب الطبيعى عبر التاريخ البشرى كله، فهكذا تسيدت العلاقات الرأسمالية منحية جانبا العلاقات ما قبلها، وفى جانب آخر هناك الانتخاب صناعى الذى يؤدى لتسيد نوع من العلاقات، وتهميش علاقات أخرى، ونموذجه التعاونيات اللاسلطوية القائمة بالفعل، والتى يناضل الأناركيون لتوسعها.
وفقا لهذا الفهم المادى للواقع الاجتماعى، وانطلاقا منه، يمارس الأناركيون ما يمكن أن نسميه بالانتخاب الصناعى للعلاقات الاجتماعية، بهدف زيادة العلاقات التعاونية واللاسلطوية فى المجتمعات البشرية، وتقليص العلاقات التنافسية والسلطوية، وهى عملية نضالية يومية طويلة الأمد، هدفها النهائى على المستوى الجماعى لكل البشر ولكل العلاقات فيما بينهم قد يتحقق فى المستقبل البعيد، أما أهدافها المرحلية، فتم تحققها لبعض الأفراد والجماعات، وعلى مستوى بعض العلاقات، عندما يسعون هم إليها فى حياتهم القصيرة، وهى عملية تحدث فعلا فى الواقع دون أى ضجيج استعراضى أو أحلام خيالية.
السر وراء تفضيل الأناركيين للعلاقات التعاونية واللاسلطوية التى يسعون لسيادتها اجتماعيا هو أنها أكثر كفاءة فى تحقيق احتياجات البشر المادية و غير المادية، و هى الأكثر تحقيقا لسعادتهم، وذلك على عكس العلاقات التنافسية والسلطوية فيما بين البشر الأقل كفاءة فى تحقيق احتياجات البشر المادية و غير المادية، والمسببة لمعظم آلامهم.
النظرة المادية للعالم لا تأخذ بخرافة الطبيعة الثابتة و النهائية للبشر، فالبشر ككل كائنات الطبيعة الحية وغير الحية، متغيرون ومتطورون، وأن الهدف من وراء تغيرهم وتطورهم هو البقاء الذى لا يكون سوى للأصلح منهم، وهم ككل الكائنات الحية لا يبقى منهم إلا المتكيفون مع ظروفهم الخارجية المختلفة، فمن الطبيعى أن لا يتكيف مع العلاقات التنافسية والسلطوية إلا المهيئون لذلك، ومن ثم تصبح فرصهم فى البقاء أكثر، إلا أنهم بالانخراط فى علاقات تعاونية و لا سلطوية فأنهم لابد من أن يتكيفوا معها، و إلا سوف يكون مصيرهم الانقراض.



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبيان رأى عن اللاسلطوية
- المول وثقافة الاستهلاك
- ‎‎تقدم علمى تأخر فكرى (9) السببية بين العقل الخرافى والعقل ا ...
- تقدم علمى .. تأخر فكرى(8) احتقار العلم وتقديس الخرافة
- تقدم علمى تأخر فكرى(7) عدم اليقين
- تقدم علمى ..تأخر فكرى(6) هل نحن حقا مجرد موجات
- تقدم علمى تأخر فكرى (5) أوهام تستند على أوهام
- تقدم علمى ..تأخر فكرى (4) الدجل بعلم الفلك
- تقدم علمى .. تأخر فكرى (4) أسلمة ومسحنة وهودنة العلم
- تقدم علمى تأخر فكرى .. (3) أنيس منصور ومصطفى محمود
- تقدم علمى ..تأخر فكرى (2)جهل مع فيض المعرفة اللامتناهى
- تقدم علمى.. تأخر فكرى (1)إستخدام العلم لإثبات الخرافة
- رحلة الكون عبر الزمان(32) جهاز الاشارات الثانى أو اللغة أو ا ...
- رحلة الكون عبر الزمان(31) الانعكاس النفسى عند الكائنات الحيه
- رحلة الكون عبر الزمان(30) الاحساس فى الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(29) الأدلة العلمية على تطور الكائنات ا ...
- رحلة الكون عبر الزمان(28) تطور الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(27) الوراثة والهندسة الوراثية
- رحلة الكون عبر الزمان(26) التكاثر فى الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(25) الانقسام الخلوي


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سعيد عبود - الأناركية والدارونية