أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احميدة عياشي - أوهام شوار الشهية














المزيد.....

أوهام شوار الشهية


احميدة عياشي

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


كنت في مكتبي عندما دخل علي الزميل والكاتب الخير شوار، وأهداني دون مقدمات، مولوده الجديد المعنون الأوهام الشهية، نظرات في مشاهد ثقافية شكرته لأنني كنت غارقا في إعداد مقالتي الكروية••
وبعد أن انتهيت، تصفحت الكتاب الصادر عن منشورات ألفا، ضمن سلسلة سيتل، وقررت أن أحمله معي إلى البيت إلى جانب، كتابين، هما، الوصايا المخدوعة لميلان كونديرا و الحشاشون لبرنارد لويس، دخلت المنزل باكرا، ثم دخلت الصالة، ووضعت أمام الطاولة الصغيرة عناوين أخرى كانت على المكتب من بينها إدريس لعلي الحمامي الذي قام بترجمته أخيرا المترجم الفذ يحياتن•• استلقيت على السرير ووضعت موسيقى هادئة، وشرعت في قراءة الأوهام الشهية من الصفحة الأولى إلى غاية الانتهاء منه، وهو في الحقيقة من الحجم الصغير، وكانت صفحاته التي ضمت مقالات شوار التأملية والنقدية ذات الأسلوب الراقي والممتع حوالي 119 صفحة•• ومنذ اللحظة الأولى يحاصرك الخير شوار بلعبة تتأرجح بين ما هو حقيقي وما هو طيفي• أين تكمن الحقيقة، حقيقة الأشياء في نسبيتها أو في منطقيتها؟ في تاريخيتها أو في تحولاتها الخادعة؟! في لحظتها المشعة أم في لحظتها القاتمة المشعشة بالظلال•• تبدو المواضيع متنوعة ومتزاحمة ومسائلة لذاكرة الراهن التاريخ ولراهنية الراهن، لكن في جوهرها هي عبارة عن سؤال واحد، متشعب يجيد لعبته ما بين عالم الظاهر وعالم الباطن•• وهذا السؤال هو الشك في كل ما يبدو حقيقي، لأن كل ما هو حقيقي قد ينطوي على كل ما هو وهمي، الجدار الذي يفصل بين سؤال الحقيقة وسؤال الوهم هو جدار شفاف، متلاشي ومضلل•• كل ما هو وهمي هو حقيقي وكل ما هو حقيقي هو وهمي، كل واحد منهما هو امتداد للآخر والعكس صحيح•• ويبدأ شوار الحفر في لعبة الحكي ولذته الأولى المرتبطة بلحظة الطفولة، ولحظة الطفولة هنا هي أيضا لحظة الزمن البدائي، الزمن البسيط، الزمن القروي الخالي من عقد التكنولوجيا وسطوة الميديا المرئية والسمعية، ليقول لنا شوار، أنه كان زمن الحكاية التي تشكلك، تشكل وعيك لكن تشكل أيضا إنسانيتك ومستقبلك الإنساني، إنه عهد ما قبل سطوة وسلطة التلفزيون، ثم يقودنا شوار إلى لحظته الحميمية المشكاكة فيما تدعيه القواميس، واللغات والأسماء الميتة من سلط وتسلط بحيث تجعل من الأموات هم الحكام الحقيقيين الذين يقودون الأحياء، يتميز نقده لها بالسخرية الخفية، ويطرح علينا من خلال مساءلته لحظة ميلاد الإبداعية التي لا تأتي إلا ضمن قانونها الخاص الذي يتجاوز إرادة المؤلف ذاته•• ويعطي أمثلة على ذلك، غارسيا ماركيز عندما كتب مائة عام من العزلة، وإيكون في اسم الوردة ونيوتن في تفاحته وأرخميدس مع حمامه•• وفي مقالة مدار الحلزون يجعل من نيتشه مطرقته ليهشم بها رأس دعاة النمطية وسلطة الأحادية، ليذهب بعيدا بمطرقة نيتشه من أجل تهشيم كل تلك الثقافة الخادعة والمتسلطة والمتسربلة بإيديولوجيا الكلمات الرسمية من مثل الرعاية السامية، وبالرغم أن الخير شوار كشف في هذا الكتاب عن قارئ ذكي، وواسع الإطلاع وفي حساسية نقدية مليئة بالسخرية والفكاهة التي طالما نفتقدها لدى الكثير من أدبائنا ونقادنا إلا أنه لم يكن استعراضيا ولا متبجحا، بل حافظ أن يكون صوته خفيا، أشبه بالبياض الذي دافع عن جلالته، وأقرب إلى الصمت الخلاق، المبدع، الذي يثير في نفسك شيئا كالهدوء يتحول إلى التفكير معه والتفكير ضد من يكون معه، أي ضد نفسك، وضده وذلك من أجل أن تكون قارئا خلاقا، مبدعا، وقارئا غير تابع ومتلقي وسلبي•• كتاب، أنصح بحب، كل من لا يحب الخير شوار أن يقرأه، فإنه سيكشف شوار لمن لم يكن لديه الوقت، ليعرفه•• إنه شوار القارئ، شوار الحفار بصمت وإبداع••



#احميدة_عياشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الحرب أم حرب التاريخ
- الصقر ينتظر
- الحكومة والثورة . . صراع علي القوة
- الرجال والنظام
- غواية الثورة
- بومدين وكاتب ياسين- الثورة واليوتوبيا -
- بومدين -محاولة اقتراب من الصورة -
- يااهل مصر -نحن لا نكرهكم- وانتم ؟


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احميدة عياشي - أوهام شوار الشهية