أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا















المزيد.....

مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 924 - 2004 / 8 / 13 - 10:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


أكثرنا سمع عن المحاكمة العلنية لرموز الإصلاح، الأستاذ عبدالله الحامد، والأستاذ متروك الفالح، والأستاذ علي الدميني (الاثنين 9 أغسطس 2004 م) وكيف أن المتهمين لم يُبلّغوا عن موعد المحكمة إلاّ قبلها بقليل. إضافةً إلى أن المحاكمة لم تغطّها وسائل الإعلام المحلية رغم "علانية" المحاكمة وقد حضرها الكثير من المهتمّين بالقضية.
من يطّلع على لائحة الدعوى المقدّمة من هيئة التحقيق والادعاء العام والمطالبة بتجريم الإصلاحيين والحكم عليهم بمعاقبة شديدة "تلائم خطورة ما أقدموا عليه" يُصاب بمغص وربما يتقيأ لتفاهة هذه التهم ومخالفتها لأبسط حقوق المواطنة، ولما فيها من تعدّيات لا يُفترض كتابتها في لائحة الدعوى. إضافةً إلى أن القاضي الشيخ أحمد بن خنين، كما هو متوقع، لا يعلم شيئاً عن الحقوق الإنسانية ولا يستطيع مناقشة هذه المواضيع من الناحية الدينية ولا من الناحية السياسية مع أستاذة لهم باع طويل في مجال الحقوق الإنسانية التي كفلها الشرع؛ ولهذا حاول قدر الإمكان التملص من النقاش مع الأساتذة وإسكاتهم بشكل غير مناسب.
أول ما يلاحظ المتابع هو غياب وسائل الإعلام عن المحاكمة، حيث تم منعها من نشر تفاصيل المحاكمة، وهو أول ما يتعارض مع الشفافية والعلنية، بل وما زاد الأمر سوءاً هو اعتقال رجال المباحث لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية الصحافي المصري علي خليل بسبب تدوينه لملاحظات أثناء المحاكمة، ولربما لسبب تحدّثه مع الأستاذ متروك الفالح قبل المحاكمة. من المهم الإشارة إلى أن الصحافة السعودية لم تذكر شيئاً عن المحاكمة إلاّ بضع كلمات مقتضبة وكأن الموضوع لا يهمّها من قريب أو بعيد، مما يعطي انطباعاً سيئاً عن "المحاكمة العلنية"، ويؤكد بأن وزارة الداخلية قد طبخت الموضوع بوجود محاكمة أو بدونها.
ما أن بدأت المحاكمة حتى رفض القاضي ترافع الأساتذة عبدالله الناصري، وعبدالعزيز الوهيبي وسليمان الرشودي، استناداً - كما قال القاضي - لأوامر من وزير العدل، وربما السبب يرجع لتوقيعهم مع آخرين (130 شخصاً من جميع أطياف المجتمع) بتاريخ 21 مارس 2004 م على بيان تضامني مع القيادات الإصلاحية. السؤال هنا من خوّل وزير العدل أن يمنع هؤلاء من الترافع دفاعاً عن المتهمين؟ هل هناك نص قانوني يعطي صلاحية لوزير العدل في نظام المرافعات الذي نشرته وزارة العدل على موقعها يعطي صلاحية للوزير بمنع محامي من الدفاع عن موكله؟
أماّ عن التهم الموجهة للإصلاحيين فهي "إصدار بيانات وعرائض والسعي للحصول على توقيع أكبر عدد ممكن" كتهمة أولى، وهي حقاً مهزلة لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر، إلاّ بالتهم الأخرى التي تبعتها. نحن هنا نتكلم عن بلاد تطبق الشريعة الإسلامية تمنع تقديم العرائض لولي الأمر، مع أن "مجلس ولي الأمر" مفتوح باستمرار لاستقبال عرائض المواطنين كما نراهم على التلفزيون فهذه أعلى مراتب الديمقراطية السعودية، فمتى كانت العرائض تهمة؟ وهل هذه التهمة قبل تقديمهم لعرائض سابقة لولي العهد أم بعدها؟ فلم نسمع أن ولي العهد أنبهم على تقديمهم تلك العرائض، بل وافقهم عليها، والشيعة أيضاً قدّموا عريضة لولي العهد وقّعها المئات من المثقفين والأكاديميين، فهل هذه جريمة أخرى لمن وقّع على العريضة؟
من ضمن التهم الأخرى هي عقد الاجتماعات والمنتديات التشكيك بنهج ولي الأمر وإثارة الفتن وتبرير العنف والإرهاب والتشكيك في استقلالية القضاء الخ من التهم المضحكة، فهي فعلاً تجربة جديدة للقضاء السعودي حتى يظهر بشكله الحقيقي المخجل والمضحك، مقارنةً بما يجب أن يكون عليه القضاء المستقل والقاضي الذي لم يدرس قانون أصلاً وحتى لو أراد فلا يوجد قانون لدراسته. أما الأدلة فهي أكثر إثارة وأولها اعترافاتهم المدونة في محاضر التحقيق، وحيث أن التحقيق تم في غياب المحامي (كما حدث للأستاذ الدميني)، يعني أن التحقيق في حد ذاته مخالف لقوانين وزارة العدل، وهذا يطعن في محاضر التحقيق من أولها. أماّ الأستاذ الحامد والفالح رفضا الحديث بدون محامي في التحقيق ولمدة شهرين، حتى رضخت وزارة الداخلية وتم التحقيق في وجود المحامي أخيراً.
إعداد العرائض اعتبره المدعي العام دليلاً، ولا أدري كيف تم ذلك، فالعرائض تمت بموافقة ولي الأمر، وهذا يعطيها الطابع القانوني، ولأنها تمت في العلن ولم يعترض عليها ولي الأمر في حينه، بل إلى الآن لم يعترض ولي العهد علناً على العرائض المقدمة. يأتي الدليل الآخر بسبب نقاش على الإنترنت وتحدث الأستاذ عبدالله الحامد إلى قناة فضائية. الأخطر في الموضوع والمضحك هو استخدام دليل مقلوب وهو إدانة الأستاذ الحامد حيث تم سجنه ثلاث مرات ومنعه من السفر بأمر من وزير الداخلية، والإدانة بأنه لم يلتزم بما تعهّد به بتاريخ 26/10/1420 هـ وانتماء الأستاذ علي الدميني قبل 22 سنة إلى لما يسمى الحزب الشيوعي في السعودية حيث تم إيقافه حين ذلك.
إن استخدام "دليل" السجن والمنع من السفر بأمر من وزارة الداخلية لهو إدانة للقضاء ولوزارة الداخلية معاً، حيث قامت وزارة الداخلية باعتقال الأستاذ الحامد دون الرجوع للقضاء وسجنه دون محاكمة، وإجباره على التوقيع على تعهد يعتبر لاغي حيث لم تتوفر له فرصة عادلة فلا محاكمة تمت ولم يتوفر له محامي أثناء التحقيق. كذلك ما حدث هو إدانة لوزير الداخلية حيث خالف الشرع باعتقال الأستاذ الحامد ومنعه من السفر، فالمنع من السفر يجب أن يتم على حيثيات القضية المتهم بها وتحت بند موجود في القانون الذي لم يوجد ولا يوجد، ولأن القضية لم تصل إلى القضاء، وهذا دليل على تداخل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، فوزارة الداخلية تشرّع وتُقاضي وتُنفّذ الحكم، فلا داعي إذا لوزارة العدل ولا القاضي ولا المحاكمة من أصلها. المنع من السفر مخالف لحقوق الإنسان والحقوق المدنية إلا في حالة وجود قضية على المتهم وهناك خوف ما من هروب المتهم إلى خارج البلاد. نحن نعلم بأن الكثير من المواطنين يتم منعهم من السفر بأمر من وزير الداخلية أو مساعده دون قضية ومحاكمة، ولا يتحرك القاضي للنظر في قضية اعتقال إلاّ إذا عُرِضت عليه القضية من قبل وزارة الداخلية، مما يعني أن المتهمين يمكن أن يقضوا سنوات عمرهم في السجون تحت التعذيب دون محاكمة، والبعض يموت ويختفي نهائيا وهذا حاصل بالفعل، وهذا خلل كبير في النظام القضائي الذي لا يجبر وزارة الداخلية على الإعلان عن أي شخص يتم اعتقاله ليخضع لمحاكمة عادلة خلال فترة قصيرة.
إن ربط ما قام به الإصلاحيون بالإرهاب أيضاً تهمة يجب أن تُوجّه إلى الحكومة بمؤسساتها المختلفة التي ساندت التيار المتطرف وأغدقت عليه الأموال وطبعت كتبه ونشرتها في المدارس والمساجد، ووفرت له الدعم الإعلامي ونفخت فيه حتى أصبح إخطبوطا يفجّر هنا ويقتل هناك ويكفّر ويدعو لقتل المختلف؛ هذا التيار هو من كفّر الحكومة والمواطنين المسلمين في كتبه التي طبعتها الحكومة بأموال الوطن. والآن بدل أن تعترف الحكومة بأخطاء الماضي، تراها تضع اللوم على الإصلاحيين الذي حاولوا في الماضي كما حاولوا الآن أن يساعدوا الحكومة في الإبحار إلى بر الأمان، لكن دون فائدة. الحكومة لازالت مستمرة في منهجها المعاند والرافض للإصلاحات وهذا يضع الوطن كله على حافة الهاوية.
إن من حسنات المحاكمة الكرتونية المضحكة هي أنها بينت هشاشة الوضع القانوني الذي تستند عليه هذه التهم "التافهة" على أقل تقدير، فهي أبعد ما تكون حتى في الدول الشيوعية السابقة، فكيف بدولة تستمد قوانينها من "الدين الإسلامي" تريد أن تغلق الباب حتى من تقديم ورقة لولي الأمر. كذلك مطالبة الإدعاء بتطبيق العقوبة الشديدة وكأن الإصلاحيين قاموا بتفجير مبنى المرور أو مجمع سكني راح ضحيته المئات أو سحلوا جثث الأبرياء في الشوارع، أو قطعوا رؤوس آخرين، هذه المطالبة تدفع بالمزيد من الناس إلى التطرف حيث كممت الحكومة الأفواه ومنعت تقديم ورقة لولي الأمر، فلم يبق سوى لغة العنف، وهذا مكمن الخطر. بيان الإدّعاء في مطالبته بتطبيق عقوبة شديدة لا يسندها قانون، فالعقوبة الشديدة ماذا تعني؟ واستناداً إلى أي مادة في قانون العقوبات، وبتاريخ، وتحت أي تهمة أصلاً؟ وحتى لو أراد القاضي تطبيق عقوبة معينة، فلا يوجد قانون مدني مكتوب يستند إليه سوى بعض الكلمات الإنشائية الجوفاء. هذه المحاكمة بيّنت ضعف النظام القضائي من حيث عدم وجود دستور مكتوب يستند عليه القاضي وتداخل السلطات الثلاث ببعضها البعض، وضحالة فكر القاضي أصلاً في مجال موضوع القضية. من حضر المحاكمة خلص إلى نتيجة بأنه كان من الأفضل الإفراج عن الإصلاحيين أو طبخ المحاكمة في الظلام بدل المحاكمة العلنية الفضيحة، فهي بلوى، وإذا بُليتم فاستتروا.



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبول الطالبات الشيعيات في الكليات الصحية: الخطوة التالية الم ...
- قناة الجزيرة: لماذا في بغداد وليس دارفور؟
- القيد للمجرمين والحرية لأستاذنا الدميني
- شهيد الواجب في الرياض، وقتيلٌ في بغداد !!
- السنافي يسأل عن حقوق الإنسان وعاداتنا وخصوصية غرف النوم
- الإصلاح في السعودية: لا تتفاءلوا - - تُحبَطوا!!
- نكافح الفقر أم التسوّل؟
- الأقباط في مصر والشيعة في السعودية: تشابه في الاضطهاد
- كيف لا يشعر الشيعة بالاضطهاد في وطنهم؟
- من يضحي بحياته ليعيش آل سعود؟
- المرأة في عصر الإسلام وفي عصر آل سعود
- خذوني إلى أرض الأمل
- انتهاكات حقوق الأجانب في السعودية: في انتظار فجرٍ جديد
- تعالوا نفجّر ونقتل ونسحل الجثث الآدمية
- الطائفية ضد الشيعة في السعودية: جريمة حكومية منظمة
- ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم
- شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين
- الهروب في زمن الإرهاب
- أعداء الإنسانية: قراءة في فكر الندوة العالمية للشباب الإسلام ...
- انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية بوابة الإرهاب


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا