أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - المشترك بين لينين وستالين والاسلام















المزيد.....

المشترك بين لينين وستالين والاسلام


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قطعت الماركسية وتطبيقاتها الامبريالية الطريق علي النمو الطبيعي لمجتمعات كثيرة ومن بينها بعضا من مجتمعات الشرق الاوسط. فالمانيا والاتحاد الاوروبي لازالا يعانيان من التخلف السياسي والاقتصادي للهياكلهما الاجتماعية في المانيا الشرقية وباقي الدول التي وقعت كغنيمة حرب بعد الحرب العالمية الثانية. فرغم ان معظم اوطان الشرق الاوسط لم تكن وغالبا لن تكون، جاهزة للدخول الي مجتمعات القانون والمساواه والانتاج والسوق بشكل تنافسي حر الا ان بعضها كمصر او العراق كانتا ضمن المرشحتين للدخول في هذا الطريق المتطور بتراتبية تتفق ونمو قوي العمل والانتاج مع إمكانية تملكها للعلوم الحديثة.

فالمجتمعات التي يتحكم بها الاسلام وعروبته او يروج حكامها للاسلام هي مجتمعات لا تخدم الراسمالية بمعناها العلمي والتاريخي والقانوني والحقوقي انما تخدم سوق الاستهلاك دون مساهمة في الانتاج وتخدم عالم الفساد والمافيا وتجارة السلاح والافيون وكل ما له علاقة بالتزاوج الابدي بين العنف والمقدس مع الجهل والاستبداد. يردد الجميع من الادبيات الماركسية القول الشهير: الدين افيون الشعوب، الا ان ما ساد في الكتلة الاشتراكية بقيادة زعماء الثورات والانقلابات كان به بشاعة وفسادا لا يقل عن مجتمعات الاديان، حيث تحولت قرارات اللجان المركزية للبروليتاريا الي اقوال مقدسة وايات بينات يفتتح بها المؤتمرات. ولو سبقوا تقدمتها بالاستعاذة من الشياطين ثم بالبسملة لعجزنا عن التفرقة بينهم وبين اي مجتمع شرق اوسطي مسلم متخلف يرفل في جهالة القبلية والدين.

جاء تقديس الافراد من أمثال لينين وستالين بكل العنف الذي مورس في زمانيهما باعتبارهما سلفا صالحا يطلب من الشعب الوقوف طوابير طويلة لالقاء نظرة علي جثثهم الطاهرة بعد تحنيطهم وعرضهم في صناديق معقمة لعل الـ "با" والـ "كا" الفرعونيتين يعودا يوما اليهما للبعث عند قيام الساعة. كان هذا مقبولا من المصريين القدماء بعد الخروج من اقدم العصور الحجرية. لكن كيف تنتقل هذه الافكار الي القوي الثورية التي هي خلاصة، بل ونهاية للتاريخ بسياده البروليتاريا كجنة موعوده وانتهاءا الي مشاعية يضخ فيها الفرد عملا ثم ياخذ حاجتة دون استغلال، فذلك سؤال لم يجب احد عليه الا بان من وضعوا افكار ماركس عن المجتمع الراسمالي موضع التنفيذ لم يكونوا باكثر من حالمين او مخدرين بافكار تدعي العلمية وبكونها فوق الطبيعة الانسانية.

الماركسية هي انجاز راسمالي – أي انجاز مادي - خرجت من رحم الراسمالية ولم تخرج من مجتمعات متخلفة بعيده عن التطور الطبيعي لهياكل الانتاج وقواها. فصحيح تماما ان البشر دائما كانوا مولعين بفطرة العدل، لكن لجهلهم المعرفي بشروطه فان المساواه المفقودة والتي هي اهم من العدل بل هي الاساس لقيام العدل ظلت بعيده عن البشر. وإذا تاملنا المجتمعات الدينية وعلي راسها الاسلام فاننا نجد التخبط الشديد بين هذين المفهومين قائما فيما بين النصوص والتطبيقات. ولن نتطرق الي مسالة التمييز والعلو او الاستعلاء فيما بين المؤمن والكافر فتلك آفة المجتمعات الدينية الا انه لم يبقي لهذه المجتمعات الا هذا الهراء لان العمل لم يكن مطروحا انما اشياء اخري مرزولة تعرضنا لها في المقال الاسبق اما في المجتمع الاشتراكي الذي قفز بثورة شعبية فان قادته الذين ركبوا موجه الديالكتيك تبريرا لوصولهم الي السلطة اصبحوا اكبر اعداء الديالكتيك بزرعم دكتاتورية البروليتاريا. فلم يعد هناك اختبار للعدل او امتحان لمساواه. الصورة المسطحة هذه والتي تنضح بتناقضات منطقية نجدها الان مكررة في خطاب السلفية الوهابية حيث يبدأون الحديث عن الحق والعدل وينتهون بانهم هم الوحيدون اصحاب الحق والعدل. فهل هناك سرقة ونهب لعرق وجهد التاريخ باكثر من هذا؟

لكن السؤال الكثر احراجا للفكر الشمولي عامة بغض النظر عن مصادرة السماوية او من قاع المجتمعات، ما علاقة العقلانية بالايديولوجيا؟ فالراسمالية التي تشكلت علي اساس العمل مع الفرن الثامن عشر كانت تنظيرا عقلانيا وتطبيقا مباشرا لما اكتشفته العلوم الطبيعية مؤسسة علي المنهج العقلي عند مفكري تلك الفترة. فإذا كانت عناصر الطبيعة لها تشكيل مادي يؤدي الي بناء متماسك حسب تصورات ديكارت ونيوتن وبوانكارييه مع استخدام للمنهج التجريبي عند هيوم فان كل العناصر الفاعلة في عملية الانتاج يمكنها ايضا الدخول في منظومة متماسكة تسمح بضخ ناتج يفوق الشكل الاسبق حيث كان الارتباط فقط بالارض والمطر او الانهار ووسائل الانبات البدائية فيما يسمي النظام الاقطاعي. فإذا كان المنهج الماركسي الديالكتيكي يؤدي الي تطور اعلي فإن اول قواعد الجدل التي تناسها المراكسة والمتمركسون تكمن في جدل الضرورة والحرية. الضرورة هي ما تفرضه الطبيعة والحرية هي ما ينشده البشر.
كتاب صادر من دار Vintage Book عنوانه "الضرورة والحرية" يرصد فيه مؤلفة الجدل منذ تاريخ الخلية الاولي مرورا بكيفية تشكيل الزعنفة واختلافها فيما بين الدلفين وسمكة الرنجة حيث تشكل الطبيعة عاملا ضمن العوامل الفاعلة في ديالكتيك البيولوجيا ثم ينتقل بتدرج الي الموضع الرئيسي وهو مجتمع الصناعة والتمدد الراسمالي وينهي اطروحته متسائلا ومستنكرا صدق الانبياء الجدد ثم يختم بباب "العلم والاخلاق".

بالقطع لم تكن الضرورة التي ساقها الفكر الديالكتيكي هي ذاتها الضرورة التي الصقت بستالين او عبد الناصر او صدام حسين. فالضرورة في الاولي مكون اساسي من شروط الديالكتيك، اما الضرورة الثانية فهو ما اخترعه التحريفيون والمضللين وشرازمة وحثالة المجتمعات لخلق نبي هنا وزعيم هناك. كان الموروث من الاستبداد والدكتاتورية هما المحركين لخلق تلك الضرورة المضحكة. لم يسال المتاسلمون انفسهم ما الذي الجأ الله لان يرسل انبياء وما الضرورة التي اجبرته علي ذلك. وهي ذاتها الضرورة المفتعلة التي استخدمها القوميون والتحريفيون من المراكسة لخلق ضرورة تجعلهم علي كرسي العرش في المجتمعات الدكتاتورية بغض النظر لصالح من يحكمون والتي علي اساسها اصبح ستالين نبيا ولينين من الذين تم اصطفائهم.

كان الفكر الاشتراكي طوال القرن الماضي يرهن نفسه الي نظرية الديالكتيك لكن عندما يبدأ التموضع في الواقع فاننا نجد التنكر لكل شئ وللاسف فإن ما اسسه نبي الاسلام كان اكثر ثباتا وقدرة علي الاستمرار!!!! فكلاهما كانا يرصدان حقيقة ما يحدث لكن الاسلام كان اكثر صدقا مع نفسه حيث جعل النظرية كلها من فوق الطبيعة وخارجها، والتجربة والمعمل هو البشر والناس. اما عند منظري دكتاتورية البروليتاريا فقد لعبوا علي الحبال بجعل النظرية ذات نصفين احدهما فوق الطبيعة اي من خارج البيئة المشكلة للديالكتيك لانها تبغي انهاء الديالكتيك بدكتاتورية واحده لا شريك لها. والثانية من صلب الواقع باستبعاد كل العناصر وحصرها في دكتاتورية البروليتاريا كمعطي اولي اخرت الشياطين (حق الملكية) وصوله الي سدرة المنتهي. بهذا اصبح الفكر الاشتراكي نقيض العلم؟

فتكريس اللينية والستالينية باعتبارهما سنة وقرآنا كدين مقدس يسد الطريق أمام أي فرص للتقدم تماما مثلما فعل الاسلام باصحابه فاصبح كل من يتبناه ضحيته. فتعطيل الديالكتيك هو جهل بالماركسية التي هي منجز فكري وعقلي من منجزات الراسمالية. هكذا عاد بنا المراكسة الي نقطة الصفر في البناء العقلي المنطقي الفلسفي عندما تم تعريف الاشياء حيث لا يكون الشيء هو ذاته في اللحظة التالية. فالزمان والمكان عناصر ديالكتيكية من عناصر الطبيعة. لا يجوز القفز عليها بتثبيت لحظة والتمركز في مكان نفخر باننا احتجزناه لاقامة جنة ستالين الاشتراكية يتوقف فيها الجدل كما يتوقف التاريخ. انها جنة نظرية كلها تقديس بعكس ما يقول المتمركسين بعدم القداسة وانهم ضد الدين. بهذا اصبح زعماء البروليتاريا وليس البروليتاريا يسبحون بديالكتيك لا وجود له مثلما يسبح الاسلاميون بما ليس موجودا ايضا. فهل من غرابة إذن ان ينتقل مراكسة كثيرين من امثال د. محمد عمارة وعادل حسين ومحجوب عمر الذي اسلم حتي يحصل علي رخصة شرعية في الاستبداد ومن بلاد العرب منير شفيق وغيرهم كثيرين قاسمهم المشترك هو الدكتاتورية ولا علاقة بينهم وبين الديالكتيك او الطبيعة. لو فحصنا توجههم لوجناه عروبيا قوميا كلهم يقولون بالامة ويزعمون ان هناك امة واحده مثلما يقول الاسلام وعبد الناصر وصدام. ذهب عبد الناصر وصدام وبقي الاسلام وبقيت اللينينية الستالينية في صورتها الدكتاتورية لسبب واحد انهما افكارا اقرب الي الميتافيزيقيا منها الي الواقع.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إما الليبرالية وإما مالاخوليا العروبة
- صديقي العزيز
- العرب بين الاساطير والعقلانية
- حوار مع د. طارق حجي
- أهل السنة أهل المشاكل
- جاء بمجلة الايكونومست
- ويسألونك عن الروح
- البديهيات التي لم تكن كذلك
- عَمَّ يَتَسَاءلُونَ
- الكفيل من سوءات العرب
- تشريح المجتمع هو فضح لنصوصه
- في ذكري عيد عمال مصر
- هل الصدق من قيم الاسلام؟
- نجاسة الطائفية في الجامعة
- رد علي عبد المنعم سعيد
- القطيعة مع اهل الهولوكوست
- مكاسبنا الانترنتية
- نظامنا في القرن الجديد
- ذَلِك عبد الناصر ... أنا تؤفكون
- ثقافة ال -تحت-


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - المشترك بين لينين وستالين والاسلام