أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحق فيكري الكوش - الدلالة الاسمية لكوش في جميع دول العالم : لبنان و المغرب خصوصا















المزيد.....


الدلالة الاسمية لكوش في جميع دول العالم : لبنان و المغرب خصوصا


عبدالحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 00:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


-في اللغة العربية : كوش(1) حسب معجم لسان العرب في مادة كوش لا يوجد تفسير لهذا اللفظ، جاء في التهذيب: كاشَ جارِيتَه يَكُوشُها كَوْشاً إِذا مسَحَها، وكاشَ الفحلُ طَرُوقَتَه كَوْشاً طرَقَها. ابن الأَعرابي: كاشَ يَكُوشُ كَوْشاً إِذا فَزِعَ فَزَعاً شديداً.
و استعماله بهاته الصيغة، ناذر الحدوث و الاستعمال و التوظيف، وأما كوش (–Kouchأو Kuch) ك"اسم علم" أو لقب أو كنية فهود دخيل لغة أهل المغرب و على لغة أهل العرب، و لعل جذوره تعود الى لغة أخرى، أو مجموعة لغات، فأصبحت خصائصه مشتركة بينها جميعها. و إن كان استعمال كوش كمصدر يشتم منه تأثير اسم العلم هذا في استعمالاته القليلة في المجتمعات العربية، فكوش ليس إلا اسم أحد أبناء حام بن نوح أول من ظهر فيه سواد البشرة(2).و اسم "كوش" ورد في نص قديم يرجع إلى العام الثامن عشر من حكم سنوستر الأول بالنطق "كاس"على رأس قائمة من البلاد الواقعة في مناطق النوبة الحالية منها واوات وشعات (صاي) وشميك(سمت)(3)

-في اللغة الدارجة المغربية و اللهجة الأمازيغية :و في اللغة الدارجة المغربية، نجد "كوش"مستعملة بصيغ مختلفة و معان و دلالات مختلفة، و قد تلتبس في استعمالها و الفعل الفرنسي"Coucher" ، الذي تسرب الى الدارجة و استخرجت منه مجموعة مفردات وعموما فكوش أو كوشة هي مصطلحات تستوطن الأفرنة وأماكن صنع الفحم، الكوشة: موقد الحمام. وعربيها «الأتون». وتستعمل الكوشة عند عامة مصر والمغرب خاصة لأتون الآجر، وهو بيت يطبخ فيه الآجر(4). و أيضا في أمكن صناعة الجير . وبالنسبة للهجة الأمازيغية فكوش هي: حرم الإله، حمى الإله. » أو تعني " الله" و أكوش كان هو الإله العظيم لوثنيي الأمازيغ قبل إسلامهم.(5) و الكوشة هو الفرن وهو من النوع الكبير الحجم ويستعمل لصناعة الخبز، وأيضاً يطلق على فرن صناعة الجبس، و الذي له اسم أخر هو ( اوفرنو )، والذي صار ينطق في العربية بالفرن، و في اللغة الإيطالية ب forno والى جانب النوع الصغير من الأفران ويسمى (اوفّين) وهذا النوع يستعمل في المنازل(.(6) و فرن الكوشة يُشيد بالقرب من مقلع الحجارة وهي ذات شكل دائري له فتحتان إحداهما في الأسفل وهي مكان الموقد ويستخرج منه الجبس بعد الحرق، والفتحة الثانية تكون كبيرة في أعلى الكوشة وهي مفتوحة للهواء مباشرة (7). ومن المسلم به أن من ارتبط بهاته الأفرنة و هاته الصناعات العريقة و التاريخية وهي صناعة الجير و الجبس و تسخين الحمامات التقليدية و الأفرنة، أن يرتبط به اسم الكوش و الكٌوّاش ، تماما كأي حرفة أخرى، و أن ينتشر و انتقال الشخص بل ويمكنه إن يشمل حتى أبناء من مارسها، وقد تشمل المكان، لتتحول الى تاريخ ، وهذا واحد من أسباب شيوعها، في المغرب خصوصا و في لغته الدارجة على الأخص، وتبقى لها أسباب أخرى، لكنها قليلة و تشكل استثناء لا قاعدة.
في اللغة الدارجة كوش هو اسم علم أو اسم مكان، ولا يستعمل كفعل في الدارجة المغربية إلا ناذرا، فنقول " كوش" -بتشديد الواو- في الشيء بأسنانه، أي أمسكه بأسنانه بقوة وغيره من الاستعمالات القليلة المعدودة على رؤوس الأصابع و الأقلام.
و أما كوشة فهي الأكثر استعمالا و الأكثر حضورا في أفرنه صناعة الخبز التقليدية، ومناجم صنع الجير و الحمامات و الأماكن التي لها ارتباط بالنار، و الكوشة أيضا : تُستعمل لتذويب المادّة الخام، وهي عبارة عن قطعة من الخشب الصلب يُحيط بها غلاف حديديّ، يوضع الفحم المُشتعل بداخلها و توضع عليها آنية بها حبوب الفضّة(8).

- الدلالة الاسمية لكوش في مجموعة من لغات العالم (9) : يوجد هذا الاسم في كثير من لغات العالم و تطرح للباحث إشكالا تاريخيا و اسميا، وكلما تم تداول الكلمة، تبادر الى الذهن مباشرة امتداد "كوش" التاريخي العريق في موطنها بلاد السودان دون غيرها من التجمعات الإثنية لحوض البحر الأبيض المتوسط، (مثلما في عموم أوربا و الولايات المتحدة الأمريكية أيضا ...) ولا اختلاف في نطقها وكتابتها ( El kouch, El kuch…)فهل الآمر يتعلق بتوافق اسمي عن طريق الصدفة" ؟ أم توافق تاريخي؟ أم توافق اثني عرقي؟ أم أنها مجموعات لجذر مشترك؟ أم هو التأثير الثقافي المتبادل والهجرات المتعددة بفعل الحروب والمجاعات والعوامل السياسية وغيرها من العوامل أدت الى اختلاط أمشاج التاريخ ؟ وكان له الأثر في ترسب الكلمة في مجموعة من المجتمعات بفعل هذا التأثير؟ أم لا هذا و لا ذاك؟ ليس من شك في أن أصل المفردة وجذرها مشترك بين جميع اللغات المتوفرة و الدخيلة عليها، مع استثناءات قليلة- كما أسلفنا، لكن يستحيل أن تكون لوحدة دلالتها الاسمية نفس الوحدة لدلالتها التاريخية.
كوش لفظة بسيطة ولا يوجد بها تعقيد لفظي لذا نتوقع أن تطلق على أماكن كثيرة وعلى أقوام وعائلات مختلفة ولنقوم ببحث علمي( بالنسبة للمغرب) علينا أن نحصره في اللغة الأمازيغية والأسبانية والبرتغالية . هذه المناطق التي نتوقع - ولا نجزم - أن الكلمة قد جاءت منها بحكم قربها من بلاد المغرب"(10). وإن نحن عرجنا على أمكنة حضورها ،فسنجدها في مصر والسودان والشرق الأوسط والهند وتركيا. ومن باب الاستئناس نجد أن معانيها متنوعة، فقد وردت كلمة كوش في التوراة ويراد بالكوشي :الحبشي(11) وكوش: أسود و فريد له على بلاد الحبشة(12) ، كوش كلمة فرعونية معناها " سرق الشيء جميعه (13) "-"كوش"اسم قبطي معناه أخذ لنفسه(14) -اسم كوش معناها باللغة الفارسية (فارس) (15). كما نجد كوش قد يرمز الى الظلمة و الجهالة و ظلمتها (16) ، وكوش معناها العدد السادس في الحساب عند قبائل الفرسان (17)- الكوش في لبنان معناها عند اللبنانيين العقاب الطائر(18) وكوش في اللغة العبرية تعني أسود (19)، واسم "كوش" ورد في نص قديم يرجع إلى العام الثامن عشر من حكم سنوستر الأول بالنطق "كاس"على رأس قائمة من البلاد الواقعة في مناطق النوبة الحالية منها واوات وشعات (صاي) وشميك(سمت) (20).

-الدلالة العرقية تخلط تاريخ تجمعات بجذور مختلفة يؤرقها سؤال الهوية : إن كوش في مجمل معانيها، لا تخرج عن الأرض، ثم تحصنت داخل أسوارها العبرية الموغلة في العرقية، والتقادم العرقي للعبرانيين، أي سواد اللون والظلمة و الجهالة . والمعاني البسيطة كلها تختفي، كلما تحدثنا عن وحدة بشرية تسمت الكوش، ويعتمد الباحث التفسير الوحيد و الجاهز وهو سواد اللون، وأنها مهما تعددت استعمالاتها فهي تبق كوش المرتبطة بالسودان وجزء من أهلها، وهو تفسير عرقي خطير لا نحبذه، بل حتى في استعمالاتها القدحية فيها لمز وارتباط بالكوشي السوداني أو بكل إنسان أسود اللون، مادامت العامة في عصرها لا تميز بين النوبي الكوشي و الزنجي من عموم إفريقيا .
بالنسبة للباحث في علم الأنساب والتاريخ، تبقى الدلالة العرقية، هي السمة الغالبة في توظيفه بالنسبة له وتفسيرها، للتخلص السريع من تدقيق البحث، أو يسقط في الشرك العبري للكلمة، ليتطاول بها على التاريخ، فيلبس كلمة الكوش ثوبها العرقي إن تاريخيا وإن حضاريا وإن صوفيا محليا، فالجاهز هو الدلالة العرقية أي سواد البشرة و اللون، وهذا التوظيف مصدره قديم تسرب من الذهنية العبرية التي تنعت كل ذي بشرة سوداء ب"العبد" منذ ظهور سواد اللون في احد أبناء نوح، ولازال اليوم يوظف هذا المصطلح ضد الفلاشا القادمين من إثيوبيا (20).
التوظيف العرقي ذاته لاسم كوش يجتره أيضا الباحث في التاريخ العربي والمغربي، فكلما اضطر لتبرير دلالاته الاسمية، سقط مباشرة في التوظيف العبري للاسم و اجتر نفس الدلالة وأسقطها بكل سهولة على المترجم له، خاصة بالنسبة لصلحاء مغاربة ومشاهير و أعلام، و نحن ملزمون بفهم السياق التاريخي لكلمة كوش، ولا يجب تحت أي مسوغ توظيف الدلالة العرقية له للتنصل من مهمة تدقيق مدلول الكلمة لو لفظ "كوش" قد يكون مقرونا بأرض أو بمهنة أو ما غير ذلك (21) .
الكلمة بسيطة، ومشتقاتها في اللهجات المحلية العربية كثيرة، ولا ادري لما يغيب عن ذهن الباحث تلك المشتقات التي ليست بالضرورة تتفق و المعيار العبري العرقي الجاهز في تفسيره للكلمة.

-في السودان : الدلالة الاسمية لكوش تستفز كبار الباحثين في هذا لغويا و تاريخيا، وهو من "الأسماء الهامة التي لها دلالة من ظاهر المعنى اللفظي على الهوية العرقية" ، كما يرد ذكره في بعض النصوص بالنطق "كاش" و"كوش". كذلك عرفت مناطق الشمال السوداني لدى العبرانيين والآشوريين والفرس وفي التوراة بأرض كوش (22). وقد اختلف الباحثون في تحديد أرض كوش . فذهب (شامبليون) إلى أنها تعني أرض أثيوبيا .بينما يرى (بروقش) أنها هي أرض النحسو الذين ينتمي أصحابها إلى أصل زنجي. أما (يونكر) فبشير إلى أنها أرض المجموعة الثالثة الواقعة بين الشلال الأول والثاني . وأما (اركل) فيرجح أن تكون أرض كوش هي الأرض المطابقة للمناطق التي قامت عليها حضارة كرمة(23) ونلاحظ أن لفظ " كوش" ومشتقاته "كاس" و"كاش" و "كاسو" كان يطلق على أرض معينة اختلف الباحثون في تحديدها . إلا أن اللفظ "كوش" دائما ما كان مرتبطاً ومقروناً بلفظ الأرض. وارتباط الاسم بالأرض لا يعني بالضرورة دلالة على طبيعة السكان ولونيتهم العرقية. ومن هذه الزاوية ، لا تختلف "كوش" عن المفردات الأخرى التي ارتبطت بالأرض مثل أرض الأقواس وارض تاتسي وأرض يام التي وردت جميعها في النصوص المصرية القديمة . كما لا تختلف عن مدلول أرض أثيوبيا التي حدد بها (مانتيون) هوية الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر والسودان والتي تعني الأرض المبهمة التي أشار إليها أيضا (هيرودت) في كتابه " التاريخ" عند حديثه عن الملك النبتي كاشتا(24) .
وفي ذلك يقول ابن الأثير أنه لما تفرق ولد حام في الأرض استقرت بقية منهم بالسواحل من النوبه والحبشة والزنج (25) أما المسعودي فيقول : أن "أبناء كوش بن كنعان ساروا نحو المغرب حتى قطعوا نيل مصر ، ثم افترقوا فسارت طائفة ميمنة بين المشرق والمغرب وهم النوبه والبجه والزنج ، وسار فريق منهم نحو المغرب وهم أنواع كثيرة نحو الزغاوه والكانم وفركه وغانه وغبر ذلك من أنواع السودان(26). وربما اتخذ ابن الأثير والمسعودي لون البشرة معياراً سلاليا ًلتحديد هوية الأجناس البشرية . هذا المعيار الذي ليس في محله حسب التفسير العلمي لتباين الألوان. (27) ولا يتفق معه ابن خلدون الذي يرى أن "تعميم القول في أهل جهة معينة بأنهم من ولد فلان لما شملهم من نحلة أو لون إنما من الأغاليط التي أوقع فيها الغفلة عن طبائع الأكوان والجهات (28).
إن اسم كوش بهذا المفهوم، لا علاقة له بأهل المغرب، و نجزم في هذا الشأن، انه مجرد تشابه لغوي، و إن كان اسم "كوش" مادة خام مستوردة من هذا البلد، وهناك مشتقات لهذا الاسم، لكن جميع العناصر تجعله " مشتركا وظيفيا" لهوية حضارية و تاريخية وصوفية مبنية على عنصر العرق، فيسقط معناه اللفظي العرقي في بلده الأصل على مدلوله في أي بلد آخر ، و نفس الشيء في الإجابة عن معنى كوش في "المغرب"، خصوصا ونحن أمام مجموعة صلحاء سنسرد أسمائهم، تلقبوا أو حملوا من الأسماء "كوش".

- العالم العربي: هناك عائلات تحمل اسم الكوش في شبه الجزيرة العربية (29)، وفي الكويت وغيرها ولا يمكننا أن نمتلك الجواب حول حملها للقب الكوش، بدون زيارات ميدانية، وطبيعي أن يكون لها امتداد في المغرب، ونحن نقصد العصور الوسطى والحروب الصليبية وفترة سقوط الأندلس والحج و غيرها من العوامل التي تدل على أن احتفاظهم بكنية أو اسم كوش له جذور مشتركة مع أهل المغرب، أما بالنسبة لتداول كلمة كوش تفسيرها تاريخيا، فهو يتداخل مع التاريخ العبري، وهذا التداخل ليس بريئا، و إنما لتبرير وجود عبري قديم في المنطقة (30) .

-لبنان:- الكوش من الأسر البيروتية الإسلاميّة، تعود بجذورها إلى شبه الجزيرة العربيّة، ومن ثم إلى المغرب العربي، وما تزال هذه الأسرة منتشرة حتى اليوم في المغرب، أسهمت في الرباط والدفاع عن بيروت منذ العصور الوسطى، وتميّز أفرادها بالجرأة والإقدام والتربية والتعليم والتجارة، برز منهم : المربي عزت الكوش، والمربي منير الكوش، والسيد عبد الرحمن الكوش، والسيد مختار الكوش، والدكتور نور الدين الكوش وسواهم الكثير.
كوش لغة أحد أجداد آل الكوش منذ عهود ساحقة في الزمن تعود إلى سام بن نوح. واستخدمت في العهد العُثماني على أنها نوع من أنواع الطيور مثل : قراقوش، قراقيره، قرانوح. وقرة تعني أسود أما كوش ونوح فهي نوع من الطيور، أما قراقيره فهو النافخ في أنبوب لصنع الزجاج....(31)
لقد ذهب الباحثون في جذور عائلة الكوش في لبنان الى الحل السهل و الجاهز والمتوفر دون التعمق أكثر في حركة الهجرة بين الشرق و المغرب، فإذا كان للكوش في تركيا علاقة بالأندلس و بالأسر الأندلسية (32)، وان كانت عائلات مغربية كثيرة تتوزع في لبنان، و إن كانت الخصائص مشتركة بين الكوشيين في المغرب و نظرائهم في لبنان فلا نستبعد فرضية وجود علاقة بينهما، و نكاد نجزم في هذا الأمر، خصوصا ا ذا عثرنا على علم كوشي اسمه "سيدي الكوش " عاش في القرن السادس الهجري تقريبا، و لا نعثر على ذرية له ودفن بمدينة خنيفرة قرب ضريح مولاي بوعزة(33)، بينما نعثر على ذرية كوشيين عاشوا في القرن العاشر الهجري، بمعنى أين سابقوهم و أمامنا أربعة قرون كاملة ؟ ولقد استقرت مجموعة اسر مغربية في لبنان من بينها "الكوش"، واستشهد بعض من أفرادها دفاعا عن بيروت (34)، وأرجح فرضية وجود مجموعة هجرات متعددة نحو هذا البلد، لعل أبرزها كان سنة 794 هجرية الموافق ل 1390 ميلادية ورابطوا بزاوية اسمها "زاوية المغاربة: "وكان الشيخ محمد المغربي مقيماً فيها وقد بنى فوقها سنة 1308هجرية- 1890م المكان الذي خصص للطريقة السعدية وشيخها ومريديها للقيام بالأذكار والأوراد، وكان موقع هذه الزاوية مقابل جامع السرايا في باطن بيروت قرب سوق سرسق وقد هدمت في الحرب العالمية الأولى بداعي توسيع الطرق. وقد سميت الزاوية بهذا الاسم بسبب تجمع المغاربة القادمين من المغرب العربي فيها، ومن بين هذه الأسر المغربية التي استقرت في بيروت عائلات: الهبري، المجذوب، طيارة، فتح الله، الشيخ الغندور، القصار، شاكر، الداعوت، التنير، البربير، فيمنه، جلول، الصغير، العريس، العريّسي، إدريس، الأنسي، الكوش ، فتوح، زنتوت، خرما، شقير، ديه، سوبره، عيتاني، ابو النصر اليافي، سنو، يموت، حمود، وسواها من الأسر البيروتية ذات الأصول المغربية، وكان الشيخ محمد اديب بن محمد محرم البيروتي يقوم بتلاوة القرآن الكريم في هذه الزاوية في القرن التاسع عشر".(35)
هجرة الأدارسة على وجه الخصوص الى لبنان والشام، كانت له مبرراته، ولو أحصينا الأسر المغربية من الأدارسة فقط، لدهشنا من هذا الحضور المتميز(36)، ومن حجم هاته الهجرة، في وقت لم تكن فيه من خيارات ممكنة بعد سقوط الأندلس -خاصة- غير وجهة الشرق، و عائلة الكوش في المغرب هي امتداد لعائلة الكوش في لبنان، و نقصد السلالات المرتبطة بالشيخ الشيخ عبد الله الكوش(37)، وهي امتداد تاريخي لهاته العائلة هناك، فالخصائص مشتركة، و جميع العناصر مشتركة من كاريزما و ميولات، و فيزيولوجيا واهتمامات اجتماعية و ثقافية و اقتصادية و غيرها من القواسم المشتركة التي تجعلها نسخا طبق الأصل.
و قد قمت بتوجيه رسائل الى أفراد هاته العائلة الى الوقوف عند مجموعة من الحقائق التي تزكي ما ذهبنا إليه في وجود جذور مشتركة بين هتين الأسرتين، كما أن هناك بحوث انتعشت بعد سلسلة مقالات لنا، تذهب الى أن "مواسم الحج والعمرة، والرحلة في طلب العلم والجهاد، من العوامل الرئيسية التي دعت المغاربة والأندلسيين للتوجه إلى بيروت وبلاد الشام، وذلك منذ القرن الأول للهجرة النبويّة الشريفة، السابع الميلادي، وقد أدى التفاعل والتمازج بين الشوام من جهة والمغاربة والأندلسيين من جهة ثانية إلى بروز شعب موحد الخصائص عبر مئات السنين، وشهدت بلاد الشام استمرار الموجات المغربية والأندلسية في العصور الوسطى لا سيما في فترة الحروب الصليبية حيث ساهم المغاربة إسهاماً واضحاً في ميادين الجهاد والرباط دفاعاً عن بيروت وبلاد الشام، كما شهدت بلاد الشام ومصر هجرات متوالية بعد سقوط الأندلس بين الإسبان عام 1492 م"(36). ومن بين تلك الأسر والقبائل المغربية ذات الأصول العربيّة والتي توطنت بيروت على سبيل المثال لا الحصر : الأبيض - إدريس - الأنسي (السجعان) - تنير -بدر - برغوت نسبة لقبائل برغوطة في الرباط، توطنت في بيروت والقلمون -بكداش العدو نسبة لعدوة المغرب، وبكداش نسبة للطريقة البكتاشية – و الكوش..." وغيرها من الأسر و العائلات اللبنانية و الشامية التي لا يمكن فصلها عن نظيرتها في المغرب و المغرب العربي بصفة عامة.

-في أنحاء العالم :كما في فلسطين (38) و الولايات المتحدة (39) و الهند(40) و تركيا(41) ، و غيرها، هناك تجمعات كوشية، حامية و سامية، و بما أن البحث التاريخي مازال خصبا في هذا المجال، و كما أسلفنا فالكلمة بسيطة جدا، لكنها قوية الحضور وغريبة التسرب، و أنها قد تكون إنتاجا محليا للغة أو لهجة و تتوافق صدفة مع نظيرتها في المجتمع الآخر، و انه لا داعي للخلط في هذا الشأن، بين الكلمة و رواجها محليا ورواجها وطنيا و رواجها دوليا. ويمكن ملاحظة هذا التشابه في أن لها دلالة اسمية وثنية قديمة متشابهة لدى بعض الشعوب، تجسدت في آلهة العراق (42) وفي اله الأمازيغ (43). وليس بالضرورة أن يكون لهما معا ارتباط ما، وجذر لغوي مشترك، وقد تفسر على أنها من دلالة اسمية منبعها احد فروع أنبياء إسرائيل(44) ، أو الى حضارة بائدة من الحضارات(45) أو للدلالة على سواد اللون بالنسبة لشخص (46) أو كناية على كل شيء شديد السواد (47) وقد تلتصق من خلال امتهان حرفة دون أن يكون لها أي علاقة بعرقه.

-في المغرب الدلالة الصوفية العريقة لاسم كوش : هو اسم علم ولقب تسرب في فترة تاريخية من فترات المغرب، وسبق دخول الإسلام الى أرض المغرب، دخل ودخول الإثنية الكوشية أو النوبة من السودان الى المغرب، و انتقل الى المغرب بعد حكم المرابطين للسودان، ومعلوم أن يوسف بن تاشفين، حكم هذا البلد، فاعتنق كثير منهم الإسلام، و بدأ تجار بلاد البربر حينئذ يذهبون الى هاته البلاد ليتجروا فيها حتى تعلموا لغاتهم "(48) . سبق أن " خرج المرابطون من مراكش قاصدين أواسط افريقية، وظهر أبو بكر بن عمرو من أعوان الملك سني علي، وهو بربري الأصل وشيد مملكة السونغاي في غانة سنة 480هـ -1087م وهؤلاء السونغاي هم من الجنس النوبي رحلوا من مصر العليا عند الفتح العربي، وكانت لهم دولة لم تبدأ بالانحطاط إلا في زمن فتح المنصور السعدي (سلطان مراكش للسودان).ومد أبو بكر رواق سلطانه إلى أبعد من زاوية النيجر، وجميع البلاد المعروفة بساحل الذهب والداهومي وبلاد نيجريا إلى بحيرة تشاد، وكانت هذه السلطنة تنقسم إلى أربع ممالك وكانت قاعدتها جنة.
لكن الدلالة الاسمية لكوش – المتجادل حولها- ستنتقل الى صلحاء مغاربة ش مشهورين، غير تلك الدخيلة، و لا نملك اجابة مقنعة لما صارت اسم علم، دون أن تنسلخ عن مدلولها الاسمي العرقي، وإن لم يرتبط مطلقا بالمترجم لهم موضوع بحثنا من هذا الجانب، في أن سواد اللون سبب شهرتهم و سبب التصاقها بهم، ولا يكاد يخلو إقليم أو جهة من حضور هاته الكلمة الواسعة الانتشار لكنه أتى من مجموعة مصادر مختلفة ولو أن منبعه اللغوي ، مشابه لكوش العريقة، وليس بالضرورة أنه الاسم نفسه.
الكوش هنا، ترتبط بشيوخ أغلبهم من رجال القرن العاشر الهجري، وأطلق كوش على مجموعة أولياء و صلحاء هاته الفترة، الى درجة الإبهام .كما أننا بحثنا ميدانيا في خريطة انتشارها، ففوجئنا أنه ثمة ذكر كلمة كوش، توجد زاوية أو ضريح، أو أشرف مروا من هناك، ونقصد كوش ومشتقها لغويا "كوشة "-(49) ،ولعل النشاط الاقتصادي الأهم للزوايا في المغرب كان هو هاته الكوشات(50)، ولا ندري سرا كيف طفت على سطح ذلك العصر، ولما استخدمت بإفراط في ملازمة الأولياء، وعن صلات القرابة بين هؤلاء الصلحاء والعلماء والأولياء والفقهاء الكوشيين.
الكوش تحولت دلالته الاسمية الى ما يشبه أشبه بعلامة سياسية لعصر امتحان الزوايا ومضايقة العلماء ونفيهم و تشريدهم، فكلما حضرت لفظة الكوش، حضر معها العصر ذاك، و حضر معها اسم الشيخ الولي الكامل سيدي عبدالله الكوش وحضرت معها أسماء الزوايا الممتحنة و لائحة العلماء الذين ذهبوا ضحية مواقفهم.
القرن التاسع والعاشر الحادي عشر، هو العصر الذي توفرت فيه بعض المعلومات التاريخية التي تذكر بعض الأعلام ممن لقبوا بالكوش، وكأنها علامة نبوغ و صلاح وولاية، وكثير من صلحاء وعلماء وفقهاء تلك الفترة، حملوا من الألقاب "كوش"، و كانت أيضا أسماء لبعضهم، كسيدي الكوش(51) دفين الجديدة وسيدي الكوش دفين فاس(52)، وسيدي علال الكوش دفين جماعة اولاد حمدان بالجديدة(53)، وسيدي عبدالله الكوش دفين فاس(54) و اثنين يحملان نفس الاسم هما أيضا دفينا مدينة فاس (55) وسيدي علي الكوش دفين مدينة الصويرة (56)، ومحمد الكوش دفين العرائش (57)، وسيدي مبارك عبابو الكوش(58) ، ستليهم طبقة أخرى في القرن الحادي و الثاني عشر ومنهم الزهراء الكوش(58) وسيدي عبدالله بن علي الكوش دفين ثلاثاء بوجدرة بآسفي(59)، وسيدي علي الكوش دفين تارودانت(60)، و سيدي الكوش دفين هسكورة بوارزازات(61)، وسيدي احمد بن عبدالله بن مسعود الكوش وكيل الشيخ أبي عمرو و الزاوية البوعمرية على إطعام الطعام، و الذي فتح زاويته كما نرجح ذلك بثلاثاء سيدي عيسى، على أن هناك من ينسبه الى العربي بن عبدالله بن مسعود الكوش، و يلقبه بومديان نسبة الى احد أبنائه (62) وهناك ايضا أبو القاسم الكوش الدرعي التفنوتي صاحب أول وقف على تدريس الشاطبية بفاس. وغيرهم ممن لم نتمكن من الإحاطة بأماكن تواجدهم، على أن الأمر يحتاج لزيارات ميدانية، لغياب ذكرهم في المراجع التاريخية. ولعل الخصائص المشتركة بين هؤلاء جميعا ، الرباط والزاوية بما لها من مفاهيم ( الاطعام وتدريس العلوم الشرعية والسيرة النبوية و تحفيظ الصبيان القرآن الكريم، والزهد و الكرم، والجهاد ضد النفس وضد الاحتلال، والشجاعة في حمل الرسالة، ونذرة المعلومات التاريخية) .



#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح العالمي و مساهمته في بناء الإنسان
- إلى مواطنة لبنانية تخليدا لذكرى 26 مايو وانسحاب إسرائيل من ا ...
- تركيا أو - جحا- الشرق الأوسط
- الثورة الناعمة : محاولات قزحية لبناء وفهم الإنسان العربي-2-
- الثورة الناعمة : محاولات قزحية لبناء وفهم الإنسان العربي-1-
- رسالة 8 مارس من كاتب مغربي الى مواطنة جزائرية - تخليدا للحصا ...
- غياب الحرية السياسية مشكلة العالم العربي
- الأضرحة و القبور والسلطة و الإنسان المقهور
- المثقف و الحداثة ومؤسة الزاوية
- بعد تنظيفه لخطايا سيده الأبيض - أوباما يكافئ بجائزة نوبل-


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحق فيكري الكوش - الدلالة الاسمية لكوش في جميع دول العالم : لبنان و المغرب خصوصا